|
من مذكرات بندقية كلاشينكوف ( إهداء إلى ذلك الشهيد )
|
لو تكلمتْ البندقية ، أو كتبتْ ، لكان هذا النزيف :
***
يوم آخر محفوف برائحة الموت والبارود .. طيلة هذا اليوم لم أتوقف عن إطلاق زخات الرصاص حتى أحسست أن كامل هيكلي المعدني على وشك الانفجار، وشعرت بأن أصبع المقاتل الذي يضغط على الزناد قد أصابه الوهن وصار ينزلق من حين لآخر بعد أن أصابه البلل جرّاء العرق .. كم أعشق رائحة البارود المتبقي على فوهتي وبقايا الدخان تتلوى مبتعدة كأنها لا تحب أن تكون شاهدة على صنائع جسدها المنطلق. فرِغ آخر مشط من أمشاط الذخيرة، فأنسحب المقاتل وتراجع للخلف متقهقرا عن موقعه في المقدمة .. ولكنني لا زلت أسمع لعلعة الرصاص المنهمر من الاتجاهين، وصيحات المتقاتلين تـنبعث من بين غبار المعركة ومن بين تأوهات هذه الأرواح المزهوقة وأنين الجرحى .. وضعني المقاتل على أرض عشبية بللها المطر ورغم الحرارة التي تسري في كل أنحائي فقد أحسست براحة وانتعاش .. فتحسَّرتُ على بلدي التي خرجتُ من صلب مصانعها، وتمنيت أن أرجع لبرودة قبو ذاك المصنع وضجيج آلاته ..
|
|
|
|
|
|