السجن والغرامة على الجاني.. القضية ضرب طفل معاق في مسجد الوهابية بتمبول.. صور

Quote: ((كان يطلب من الأولاد في الأسرة أن يقوموا بغسل ملابسهم وترتيب فراشهم بأنفسهم، وأن لا يسندوا تلك المهمة إلى البنات، ومن المتعارف عليه في السودان أن هذا العمل من اختصاص البنات في الأسرة، وكانت تلك بداية "التحرير" والشعور بالمساواة بصورة عملية... وعندما أنشأ المجتمع الجمهوري اهتم بتعليم كل من كانت في سن التعليم ولم تعلمها أسرتها، بل أدخل بعضهن المدارس وهن في سن متقدمة، وكن يحكين عن الحرج الذي كُن يقابلنه وهن يدرسن مع طالبات يصغرنهن سنا..)) وكتبت في موضع سابق من الكتاب:(( 1955 ـ 1956 وما بعدها في هذا العام أحضر [الأستاذ محمود] كل الأسرة من رفاعة إلى الخرطوم حيث استقرت في منزل بحي الملازمين بأمدرمان، وبدأ في إدخال البعض في المدارس مرحلة الأساس، وبعد فترة ظهر أنه يحتاج إلى منزل أكبر فقد كان العدد كبيراً.. فاستأجر منزل أوسع في بيت المال وهو من أقدم أحياء مدينة أمدرمان فتحولت الأسرة من حي الملازمين إلى بيت المال.. [....] بالرغم من مشغولياته الكثيرة إلا أنه كان يعطينا أطول وقت من زمنه، كان برنامجنا اليومي يبدأ معه، فهو محور حياتنا، كنا نحس أن ليس له عمل غيرنا، وكان يشعرنا بذلك، يبدأ يومه بتناول الشاي معه ثم الخروج إلى المدارس، وبعد العودة من المدارس ننتظر عودته من العمل وأحياناً نقابله أمام باب المنزل الخارجي، ثم نجتمع حوله لتناول وجبة الغداء. قد يخرج في المساء إلى مكتبه أو إلى أي أعمال أخرى وينتظره بعضنا إلى وجبة العشاء، كنا نتناول معه الوجبات على هذا النحو، إلا في أحيان قليلة عندما يكون هناك بعض الضيوف غير المعتادين. كان يحب دائماً أن يتناول الأطفال وجباتهم قبل الكبار، وبصورة أكثر انتظاما.. وكان في بعض الأحيان لا يخرج في المساء، وفي مثل هذه الأمسيات يستذكر معنا الدروس، ويهتم كثيرا بمتابعة تحصيلنا في المدارس، أذكر عندما كنا في مراحل الأساس من التعليم كان يحضر لنا كتب الأطفال، فقد قرأت كل سلسلة محمد سعيد العريان، وكامل كيلاني، وكان يخلق بيننا جواً من المنافسة ويمنح جائزة لأول من يكمل الكتاب، وأسرع من يقوم بتلخيصه كتابة. وأذكر أنني قد قمت بتلخيص "ساندرلا"، و "كتكت المدهش".. كان يهتم بتقوية اللغة والتعبير العربي الصحيح بأن يطلب من الواحد منا أن يقرأ له الصحف اليومية، وكثيرا ما كنت أقرأها له، ويتابعني بتصحيح أخطائي، وكان هذا الجهد أقوى مما يقدم لنا في المدارس.. وفي مرحلة الأساس كانت لنا جريدة حائطية أسبوعية في المنزل إسمها "المستقبل"، يكتب فيها جميع الأطفال، وتعلق في الصالون، وكنت رئيسة تحريرها، وتلك كانت أكبر وسيلة للمساعدة على تجويد اللغة والتعبير، وبعد إكمال الثانوي العالي كنت أكتب له بعض الخطابات التي يريد إرسالها لمن يكاتبونه، ولا يرسلها إلا بعد مراجعتها.. إلى جانب هذا الاهتمام كان يحفزنا إلى إحراز المزيد من التقدم بتقديم الهدايا عند التفوق.. أذكر عندما اجتزت الامتحان إلى مرحلة الثانوي أهدى لي ساعة وشمعداناً أنيقاً وقد كانت تلك فرحة عظيمة ورغبة في المزيد من التفوق.. في تلك السنوات عندما يكون موجوداً في الخرطوم كان يصحبنا إلى السينما، وكان يتحين الأفلام الجيدة والهادفة، كما كان يأخذنا إلى حديقة المقرن حيث كنا نقضي كثيرا من الأمسيات هناك. أيضا كان يأخذنا في العطلات وأيام الجمع إلى حديقة الحيوان، 1959 ـ 1969 (رعاية الأسرة):ـ بالرغم من مسئوليات الأستاذ محمود الكثيرة كما ذكرت إلا أنه كان يولي أمر أسرته الكبيرة المكونة من زوجته وابنتيه وأبناء أخيه مختار محمد طه، كل العناية.. ثم أبناء أخ له من أبيه مقيم برفاعة، قام بتعليمهم ورعايتهم حتى تم توظيفهم.. 1964 (الرحيل إلى مدينة الثورة بأمدرمان):ـ في هذا العام اكتمل تشييد منزله في مدينة الثورة بأمدرمان المنزل رقم 242 الحارة الأولى، الذي تبلغ مساحته 300 متر مربع فقط، تحصل عليه عن طريق خطة إسكانية عامة كانت قد طرحتها حكومة الفريق إبراهيم عبود، ضمن برامجها لحل مشكلة الإسكان... [..] استغرق تشييد ذلك المنزل المتواضع مدة خمسة أعوام وذلك لعدم توفر المال اللازم في وقت واحد، ولقلة تواجد الأستاذ المنتظم في الخرطوم لاشتغاله في المشاريع الزراعية بكوستي، وانشغاله بأمر الدعوة من نشاط صحفي وإلقاء المحاضرات والتأليف، إلى جانب مشغولياته الأخرى الكثيرة. كان كلما يتقدم البناء ويأتي الخريف ويتلف بعضه، ويعد تكسير ذلك الجزء التالف، ثم يواصل بناء المنزل ويقف لقلة المال من جديد، وهكذا...