ود السِّرِّية ...

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-25-2024, 05:17 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2014م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-16-2014, 11:49 AM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22552

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
ود السِّرِّية ...

    ( ود السرية لو بقى مدير أفندية ما بَدِّيهو البِنيَّة ) ...
    قالها والد ( رابحة ) لعمي .. عندما وقفتُ أسترق السمع للحديث الدائر بينهما في شأن خطبتي لها.
    ثلاث كلمات كُنّ يقفن في مقدمة تفكيري لفترة طويلة ، هُن ( السرية وأفندية والبنية )، ثم انزاحت كلمتان وأسقطتهما عمدا من قاموس دهشتي ، لتبقى ( البنية ) محور تفكيري وحياتي، بل ومستقبلي.
    لم أعد أمتعِض أو أركن للغضب من مقولات على هذه الشاكلة لأسباب تقف ثابتة في دواخلي وتجعلني أشفق على قائلها.
    لطالما طلبتُ من عمي أن يشرح لي لماذا أمي أصلاً ( سِرِّيِّة ) و عن مغزى الكلمة و عن الفرق بيني و بين بقية إخوتي من أبي.
    اكتشفت لأول مرة أن مراوغة عمي وتهربه من الإجابة تترجمان سريان هذه الكلمة بين الناس سريان الدم في شرايينهم وسكناها بينهم ...
    خيبة أملي كانت مضاعفة ...
    لا تهمني مقولة والدها في شيء ... و لكن ضياع ( رابحة ) مني تعني لي الكثير ...
    والدتي كانت تختلس النظر إلى وجهي بين الفينة والأخرى و هي تقلي حبات البن وأنا أراقب الشرر يتطاير من على الفحم الذي يحتضنه ( الكانون )... والطقطقة المتقطعة تجعلني أجْفَل لتنتشلني من بئرٍ سحيقة مترعة بالهواجس.
    تخيلتُ للحظات بأنني و هذا ( الكانون ) نتلاقى عند نقطة واحدة ...
    فهو يضم بين أركانه قسْراً جمرات تحرق جوانبه و تتلاشى طبقات معدنه بمرور الأيام .. صندوق من الصفيح جيد الصنع وجميل الشكل و لكن مصيره مرهون بأيام معدودة ...بينما الفحم يتدفق في زخات لا تنتهي ... لا يهمه مصيره ..
    و أنا أحمل أسما يرقد نسبه على صفحات الورق فقط .. بينما يقف لفظ ( ود السرية ) لينحت أخدوداً بيني و بين ( رابحة ) وعالمها ، أخدوداً عميقاً ولكنني غير وجِل من اجتيازه ..
    ما لا يعرفه عمي ووالد ( رابـحة ) و كل الأسـرة بأفرادها من أمهاتهم ( المعلنات ) منهن و ( السريات ) هو أنني أحمل بين طيات روحي إيماناً راسخاً بإنسانيتي ...
    وقناعة متينة الأركان بأنني هو ( أنا ) ... أبن هذه التربة التي أمشي عليها ...
    أتنفس هواءاً تتنفسه ( رابحة ) وأراقب نفس النجوم التي نناجيها و نبث شكوانا إليها سوياً ...
    وتتلون أحلامنا بنفس الألوان ونحكيها بلغة إجترحْناها من سيرتنا... و درب مستقبلنا رصفْناه شبراً شبراً ..
    ما لا يعرفونه جميعاً ... هو أنني رغم الهدوء الذي يكسو وجهي و يلف حديثي و يُغَلف طباعي .. إلا أنني لا أتنازل عن قناعاتي أبداً.. دونها روحي ... بل أعتقد جازماً بأنه لا ضرورة للحياة إنْ تنازلتُ عنها أو تحركتُ عنها قيْد أنملة ...
    للأسف لم يعرفوا هذا ... تعاملوا معي طوال حياتي بحذرٍ كنتُ أقف حائراً حياله ...
    و ها قد زالت الآن هذه الطبقة الهشة التي كانت تضع الغشاوة على عيني والتي جعلتني أرى ( رابحة ) أكثر وضوحاً ... و كأنها تقف أعلى تلة وضح النهار تلوح لي بأن أقدِم.... فلا عاصم لها من حياة يرسمونها لنا إلا على متْن سفينتنا و عبر لجة نعلم كيف نمخر عبابها و كيف نتفادى أمواجها و رياحها العاتية و كيف نرسو بها على بر الأمان ...
    عندما أخبرتها بما قاله والدها ... جاءني ردها دون تردد ليزيدني تمسكاً بتلك المبادئ التي طالما اتكأتُ عليها ... فانغرستْ روحي تماماً في طين تلك الكوامن التي كانت تعتلج في دواخلي كبذرة تنتظر مواسم نموها وتطاولها على الأرض... وتشبثْتُ أكثر من ذي قبل بذاتي واعتراني زهْو جارف بكينونتي.
    والدتي ... و التي إليها لا زلتُ مربوطاً بحبل سري من نوع آخر ... تعرف ما يجول بخاطري بمجرد النظر في عيني ..
    فقالت لي و هي تحدق في وجهي : ناوي على شنو يا جنا؟
    عدم إجابة سؤالها ... زادها قلقاً ...
    فقالت و هي تقترب مني كأنها تريد أن تستشف دواخلي : أوعك يا حشاى تسوي شيتاً يجيب العيب و يرقد لينا طول العُمُر مَسَبّة ...
    صمتي المطبق ... جعلها تدمع قبل أن تنفجر باكية و هي تحتضنني وجسدها يهتز انفعالا ..
    رغم هذا ... لم تطاوعني نفسي على النطق بكلمة ... فما بدواخلي في تلك اللحظة كان يساوي كل حياتي منذ مولدي و حتى هذه اللحظة التي آلمتْني وزلْزلتْ كياني... و لكن دموعي التي انزلقتْ لتبلل كتفها و أنا أدس وجهها بين أحضاني و أُقبل رأسها .. جعلتْها تهدأ قليلاً .. رغم أن بعض القلق لا يزال يرقد في عينيها ...
    صديقي و رفيق دربي ( عبد القادر ) القانوني الضليع ... هو الوحيد الذي كان مُطَلعاً على أسراري ...
    كعادته وقف بجانبي يشد من أزري ... يقدم لي النصح .. و يوجهني بحنكته وحكمته.
    لذا حاصرْته أمي بأسئلتها ... و لكنه كان صندوقاً متيناً من الأسرار ... يكتفي بإيماءة من رأسه تقف بين الـ ( لا ) و الـ ( نعم ) ...
    و عملاً بنصيحة صديقي ... أوْحيتُ للجميع بأنني قد صرفتُ النظر عن الأمر ...
    لتنام الأسرة ثم تصحو على زوبعة لم يألفوها ...
    إعصار مُنْقضٌ على حين غرة ...
    عاصفة هوجاء اكتسحتْ مقتلعة شوائب كثيرة ... وأخذتْ طبقة سميكة من غبارٍ طال رقاده هنا و هناك .. ريحٌ كرياح الخماسين أو كقطعة من ذهب خام تطالها يد التجمير وكقطرات من المطر تجلو صفحة أوراق شجرةٍ طال انتظارها للخريف.
    بعد عام من زواجي من ( رابحة ) ... فإن قصة هروبها معي لا زالت تزلزل أركان أسرتنا وأسرتها ... يمضغ الناس سيرتنا ليل نهار ...
    راسلني ( عبد القادر ) ... قال أن والدتي تتأرْجح بين غرابة الواقع الذي كسرْتُ به سطح بركة ساكنة و بين فرحتها الدفينة بأنني حققتُ ما أصبو إليه متخطياً الكثير من الأشواك ...
    قال أنها تجامل الكل في تعنيفي و لومي ، ثم تنْفرِد ( بعبد القادر ) و تقول له هامسة و مبتسمة في زهو : الجنا دة الخالق الناطق أخوي ( كريم الدين ) الله يرحمو .. قلبو أعمى ... كان بيقُص أتَر الدبايب و يكاتِلا في جُحُرا.

    صبَّ الكل جام غضبهم على ( عبد القادر ) ... و لكنه بابتسامته الهادئة التي ترقد على طرف فمه ... كان يتقبل سيل الشتائم واللعنات و هو في قرارة نفسه سعيد أيما سعادة بأنني منعتق من ربقة أسْرٍ كالحة السواد و مُنْفلِتٌ من فوهة بركان قبل انفجاره و تطايُر شظاياه.
                  

العنوان الكاتب Date
ود السِّرِّية ... ابو جهينة02-16-14, 11:49 AM
  Re: ود السِّرِّية ... ابو جهينة02-16-14, 12:06 PM
    Re: ود السِّرِّية ... بدرالدين بابكر مصطفى02-16-14, 12:39 PM
      Re: ود السِّرِّية ... ابو جهينة02-16-14, 01:01 PM
  Re: ود السِّرِّية ... ismeil abbas02-16-14, 12:24 PM
    Reلا: ود السِّرِّية ... ابو جهينة02-16-14, 08:48 PM
  Re: ود السِّرِّية ... walid taha02-16-14, 12:26 PM
    Re: ود السِّرِّية ... عبد الحميد البرنس02-16-14, 12:35 PM
      Re: ود السِّرِّية ... محمد حامد02-16-14, 01:44 PM
        Re: ود السِّرِّية ... Ahmed Alim02-16-14, 02:08 PM
          Re: ود السِّرِّية ... ابو جهينة02-18-14, 10:48 AM
        Re: ود السِّرِّية ... ابو جهينة02-17-14, 06:49 PM
      Re: ود السِّرِّية ... ابو جهينة02-17-14, 11:03 AM
    Re: ود السِّرِّية ... ابو جهينة02-17-14, 08:14 AM
      Re: ود السِّرِّية ... محمد على طه الملك02-17-14, 09:07 AM
        Re: ود السِّرِّية ... ود الباوقة02-17-14, 09:20 AM
          Re: ود السِّرِّية ... علي الكرار هاشم02-17-14, 10:16 AM
            Re: ود السِّرِّية ... ابو جهينة02-18-14, 10:58 AM
          Re: ود السِّرِّية ... ابو جهينة02-18-14, 10:54 AM
        Re: ود السِّرِّية ... Yasir Elsharif02-17-14, 11:12 AM
        Re: ود السِّرِّية ... ابو جهينة02-18-14, 10:52 AM
          Re: ود السِّرِّية ... ابو جهينة02-18-14, 11:16 AM
  Re: ود السِّرِّية ... عبدالرحمن الخليفة02-17-14, 10:25 AM
    Re: ود السِّرِّية ... Yasir Elsharif02-17-14, 11:41 AM
      Re: ود السِّرِّية ... بدرالدين الطائف02-17-14, 07:57 PM
        Re: ود السِّرِّية ... ابو جهينة02-18-14, 11:30 AM
    Re: ود السِّرِّية ... ابو جهينة02-18-14, 11:24 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de