|
Re: غربة / منال حمدالنيل/ يا للفقد (Re: عبدالحفيظ ابوسن)
|
ونحن نحاول أن نقتص بضع سويعات عائلية من اليوم" الممحوق" هنا لسرعة الإيقاع وكثر المشغوليات...مسكونون نحن بسودانيتنا...متكئة أنا علي الكنبة بالصالون اتكاءة والدتي أو جدتي ذاتها في عنقريبها الهباب تحت ظل راكوبتها الباردة ذات صيف حارق...تناولت اطراف حديث بالتلفون وإيا واحدة من صديقاتي الكوستاويات.. والتي تدرس صباحا وتعمل ليلا ..عن تعب الناس هنا..وإنزلق بنا الحديث إلي كيف ان صديقة لنا ثالثة يلاحقها زوجها ثلاثة أيام ليناقش معها شأنا عائليا مهما...لإختلاف ساعات عملهما...وأضطر في آخر الأمر ان يطرحه لها بالشارع بينما يتبادلان قيادة العربة...هو عائد وهي ذاهبة...وانتهينا لكم هم مساكين أولاد هذه البلاد..فهم لايسعدون ببسمة امهاتهم تمسح عنهم عناء يوم طويل حين يفدون الي البيت..فلا (يا ولد غير هدومك ولا ياولد امشي استحمى ولا يابت سرحي شعرك) يفتقدون التحليق حول الكانون في الليالي الباردة يأكلون مايقدمه حنان والداتهم..والدات لايصرعهن التعب..يتجولن ليلا لتغطية المكشوف وتهدئة الملتاع... وأنا بإتكاءتي هذه بعد ان "ضربنا" التقلية والعصيدة..اشاهد فيلما مثيرا لم أجد غيره...فضلت ان اكافيء به نفسي إثر مذاكرة جادة... بينما آثر زوجي ان يضطلع علي إيميلاته قبل عودته الي العمل..فإذا بالباب يطرق..اردت التأكد من ان المطروق هو بابنا قبل ان اؤكد ذلك لأحمد...دلفت نحوالنافذة لأري عبر الشيش علي أتعرف علي عربية الوافدين.. وبالي مع الفيلم...لمحت فرقة من البوليس جوار عربة أحمد..فغرت فاهي...ظننت للوهلة الأولي ان الأمر اختلط عليي وان ما رايت ما هو إلا مشهد من الفيلم...دعكت عيني وأنا ارد لأحمد هلعة ان البوليس يحلق حول عربته.. بوليس ???...وأتم لبسه بعتبة الباب...ماذا يريد منا البوليس ???وركضت انا نحو الدولاب ...ولم أجد شيئا بالبيت كله يصلح للإرتداء...فجررت في الآخر توبا... لم أره منذ حوالي ألف عام... وكأن "جر" التوب مرتبط بالمصائب وعظائم الأمور فلم نري امهاتنا او جداتنا يجررن جينزا مثلا... المهم اني حين وصلتهم وانا ارتقط وجدت احمد يضحك..guess what ?? كانت هذه الفرقة قد اتت لإنقاذ القطة الموضوعة بالزجاج الخلفي لعربية أحمد والتي ظنت إحدي المارات انها حقيقية فأبلغت البوليس...الذي ظن بدوره ان القطة ربما قد دخلت دون علم أحمد فجاءوا لإنقاذها ووجدتهم يتمتمون it looks so real. حين تعرضت في العام المنصرم لفقد جنين في شهره الرابع أدهشتنا انسانية هؤلاء الناس وتفانيهم.. فقد اعتزر لنا كل الإستاف اطباء وممرضين مبدين اسفهم وتضامنهم.. ورغم ان احمد كان معي في جميع المراحل ..إلا الا احد طلب منه ان يفعل لي شيئا... وعولج يومها جاري مكسورالأنف دون يسأل هل لديه ضمان صحي...وقد تابعت بال CNN كيف حوكمت شركة الضمان الصحي التي حاولت التحلحل من احدي عميلاتها المصابة بالسرطان لإرتفاع كلفة العلاج... وخرجت لها المحكمة بملايين اضافية..وكيف حوكمت ايضا شركة الطيران التي لم يتوفر لها اوكسجينا كافيا.. احتاجته احدي الراكبات قبل ان تتوفي..وتدور هذه الأيام حكاية سنترال الطواريء911 الذي لسبب ما.. لم يبلغ الشرطة فماتت المتصلة قبل ان يصلها احد.. اعجبتني فكرة المحاسبة هذه وأنا الوافدة من بلاد "حيث ضحك القدر" فالأخطاء التي تكلف كثيرا تجعل الناس اكثر حرصا..
|
|
![Edit](https://sudaneseonline.com/db/icon_edit.gif)
|
|
|
|
|
|
|