|
Re: نهر الحياة: تأملات سودانية (1).. (Re: Kabar)
|
(3) حكومة الحر و حكومة الظل:
و نحن على اعتاب خواتيم السنة المنصرمة ، تناولت اخبار السودان فكرة قامت بها مجموعة من الشباب و الشابات من اهل السودان ، و هي فكرة حكومة الظل ، و الفكرة على غرابتها الإ انها لم تخلو من طرافة ، و الطرافة التي نراها الآن هي حالة الإحباط في اوساط الشباب السوداني ، الذي بلغ به اليأس ان يتناسى اهم القيم التي تنادي بالتغيير و هي قيمة الديموقراطية و التداول السلمي للسلطة عبر مشاركة سياسية من قبل جميع افراد الشعب السوداني. و لقد نقد الفكرة البعض نقدا جوهريا بان الأمر لا يعدو استبدال حكومة ديكتاتورية بحكومة ديكتاتورية اخرى..!
غاب على هؤلاء الشباب ان جوهر فكرة حكومة الظل ، حينما ابتدعت في بريطانيا مهد الديموقراطية التي طبقناها ابتسارا في ماضينا السوداني ، انها تقوم على الإنتخاب من قبل الشعب ، بمعنى اخر مشروعية التفويض محفوظة عبر اليات واضحة و معروفة ، و افرادها يتم انتخابهم او انتخاب احزابهم للتمثيل في هيئة تشريعية معروفة. و مثل هذا التفويض هو الذي يمنح اهل حكومة الظل الحق في دخول أي مؤسسة حكومية ، مراجعة أي سياسة حكومية ، مناقشة البرامج التي تطرحها الحكومة ، و تقديم بدأئل لكل شئ تم نقده و تبيان مساوئه . مثل هذه الأمور لم تنطبق على حكومة ظلنا ، فهي لم تملك التفويض الكافي من الشعب السوداني ، و بالتالي لو وجدت طريق لسياسات الحكومة أو مؤسساتها فهذا يتم كعطية من حكومة الحر ، و تلك حكومة ان اعطت احد شئ فهذا يعني أن في الأمر اٍن و اخواتها..!!! بيد ان الفكرة قد تكون احدثت بعض الأثر الذي لا يريد اهل السودان رؤيته الآن و تدبره ، فلقد كانت الرسالة واضحة و ذات ابعاد مهمة ، سواءا في جانب المعارضة أو في جانب الحكومة ..
فمن الفوائد: اولا: فكرة اعلان حكومة ظل بتفاصيل افرادها و مناصبهم ، هذا فعل يعني ان السودان بلغ مرحلة الإفلاس السياسي الكامل ، و ان ادواتنا في التغيير و الحكومة اصبحت غير مواكبة لتطلعاتنا ، و فكرة حكومة الظل (معها ايضا فكرة قائمة المحاميين المهنيين في انتخابات المحاميين الأخيرة) تذكرني بفكرة الحياد في الجامعات السودانية في سنوات مضت ، فظهرت حركة الحياد استجابة لتطلعات الطلاب ، وفي نفس الوقت لفت نظر للقوى السياسية بانها اصبحت بعيدة عن نبض جماهير الحركة الطلابية ، و نجحت الحركة لسنوات ثم ذابت فيما بعد (خصوصا بعد اختراق الأحزاب لها). فحكومة الظل تعني ان السودان اصبح مفلسا في ادوات التغيير ، و ان الأدوات اصبحت بعيدة عن تطلعات الجماهير ، سواءا كانت ادوات عمل مسلح أو ادوات احزاب سياسية و منظمات مجتمع مدني. فاصبحنا في الحالة الصفرية ، و هي حال ايجابية ، و لكن الخوف ان ننحدر اكثر فنصبح في الحالة السلبية.
ثانيا: مجرد اعلان فكرة حكومة الظل بالكيفية التي تمت ، الجهة الوحيدة التي تعاملت مع الأمر بجدية هي الحكومة ، و تحديدا الحركة الإسلامية ، فتلك جهات تأخذ الأمور بجدية اكثر مما يتصور اهل السودان . اعلنت حكومة الظل ، فماذا فعلت الحكومة السودانية و حركتها الإسلامية؟ خرجت مؤسسة الرئاسة بتصريحات تفيد بأن عهد التمكين قد ولى و انه قانون المصارين البيضاء أو غيرها قد ولى ، و ان الأمر عاد لأهل السودان. مثل هذا التصريح يعني ان حكومة الحر تعتقد ا ن اهل حكومة الظل لهم مشكلة حقيقية ، و بالتالي تنظر اليهم انهم شباب ربما يعاني العطالة أو شباب طموح يريد أن يشارك في بناء وطنه و لكن محروم بسبب تعنت حكومة الحر ، فكانت الإستجابة الأولية أن نقول لهم نعم نعرف انكم موجودون. لم يتوقف الأمر هناك في مسالة التشغيل و فرص العمل ، و انما خرجت الحركة الإسلامية بتصريحات في مؤتمرها في الفاشر باعترافها بالجهوية و القبيلة كأمور مضرة و انها ليست من الإسلام في شئ و ان الحركة ستحارب هذه الأمور من اجل تصحيح الأوضاع ، في نفس الوقت ، عادت مؤسسة الرئاسة تتحدث عن أن الحوار هو السبيل الأسلم لحل قضايا السودان العالقة..كل هذه الأمور حدثت لمجرد اعلان حكومة ظل سودانية ، و هذه هي طاقات الإنسان السوداني الذي لا يهتم بها كثيرا.. فلقد خرج غازي صلاح الدين و تحدث و تحدث و لم يحدث شئ ، و كون الطيب زين العابدين حزبه أو حركته و لم يحدث شئ وقبلهما خرج حملة السلاح و طرقعت الذخيرة و لم يحدث شئ يذكر، و لكن خرجت حكومة الظل ، فتحدثت الرئاسة و الحركة الإسلامية ، و هذا هو الفرق..
ثالثا: و المعارضة ايضا كان لها نصيبها من الإهتمام بالأمر ، فلقد خرجت تصريحات من بعض الأحزاب (حزب الأمة ، الحزب الشيوعي) تحدد موقفها من انتخابات 2015 و انها لن تشارك فيها . فحزب الأمة ، بالرغم من اعلاناته المتكررة بعدم المشاركة يعود ليشارك (و لو رمزيا) ، و لكن هذه المرة شعر ان البساط سينسحب من تحت اقدامه و ان عضويته سوف تتسرب نحو افق اخر..!!
و بالرغم من اننا في السودان ، لازلن حبيسين لفكرة الأيدولوجيات الكبيرة و ان الفعل السياسي الفعال لا يأتي الإ من قبل منظومة منظمة ، الإ انه ان الآوان ان نغير مثل هذه العقلية ، فالتغيير قد يأتي من جهات لم تكن في الحسبان . بالطبع لا نريد أن نكبر رأس حكومة الظل ، و لكننا نريد أن نقول اليأس لن يفضي الى التغيير ، و انما ارادة التغيير هي التي يمكن ان تبدع ادواتها الخاصة الفعالة..!!
كبر
|
|
![Yahoo](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif) ![URL](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif) ![Edit](https://sudaneseonline.com/db/icon_edit.gif)
|
|
|
|
|
|
|