|
Re: والله مُـشـتـاقـيـن،،، كـتـابـة مُـبـاشـرة مـن الـقـلـب لـلـقـلـب ... (Re: معاوية المدير)
|
Quote: ونحن منتظر، بس يا معاوية ما تقعد تفلقنا حبة حبة زي ما قاعد يعمل معانا عبد العزيز عثمان دا، في بوست الـ 50 عام غياب... سمح؟ |
راني يا صاحب، لم يتبقى غير أيام علي حزم الأمتعة وشد الزوامل لتبدأ رحلة الخبب بين السموات والأرض، والتسكع في صالآت المطارات نحسب الدقائق والثواني حتي ننيخ ركابنا علي أبواب الوطن الحبيب. أهديك بعض كتابة من بوست قديم: في غمرة قلة الصبر على صروف الدهر ونوائبه لا تضيق بنا البلآد ولكنّ اخلاق الرجال تضيق، فتجتاح عواصف الملل سُفُن الهروب من الوطن، فنساهم ويسقط سهمنا فنكون من المدحضين فيُلقى بنا في عرض البحر ليعبث بنا الموج ويبتلعنا حوت الظلمات. وبعد ان يجوب بنا البحار يلفظنا بالعراء علي شواطئ الغربة حيث لا ظل ولو من شجرة يقطين. حتى الطيف يهرب من جحيم الغربة. اطياف الأشياء الجميلة في ارض الوطن نحاول دوماً ان نستحضرها ونستدرجها إلى زخم الغربة، لكنها تأبى. هاهو الطيف الجميل يأبى ويستعصي ويرفض ان يطاوعني ويستجيب لي. يمتنع حتى عن تطييب خاطري ومواساتي، ليحلّق بعيداً عني راحلاً عبر المدى إلي أرض الوطن الحبيب. ليس ذلك فحسب، بل النوم رفض ان يهدهد الجفون ويداعبها وابدى ليّ الجفوة، منكراً طريقه إلي نفسي المتعبة، فأصبحت أسهر الليالي قابعاً في كهف الظلمات استجدي الطيف بكل الوسائل والحِيل عله يطيّب خاطري. ما زلت اركض خلف الطيف في دهاليز الغربة وانادي عليه عله يستجيب لي ويقف ليأخذني معه. ليس هنالك شئ يجبرني علي المكوث بعده في ديار الغربة. ارجوك ايها الطيف الجميل إنتظر وخذني معك إلي هناك حيث ديار الأهل ومجالس الطيبين. سوقني معاك. نفسي اقدل فوق ترتار البحر، اكرف ريحة الدُعاش، واقعد فوق الرمال. احادث القمرا واغازل النجوم في فضاءات السماء الصافية. إستمتع بالنوم في الحوش. في الصباح يوقظني غناء العصافير وتنعشني رائحة عبير الليمون. انزّل مُصلآية جدي من المُسمار المدقوق في الحيطة. مُصلآية مضفورة بسعف صُوّر بلدنا ومطرزة بالجنبات بخيوط الشعر السوداء. اصلي واحمد الله واشرب شاي الصباح مع الزينين الطيبين. ارجوك ان تقيف ايها الطيف كي اصطحبك إلي ديار الأحباب الآن. لا تطلب مني ان انتظرك حتي الغد، فالإنتظار علي ارصفة الغربة يبعث في النفس الملل، ومصيري ومصيرك في طي المجهول، وربما لا تجمع بيننا المصاير، وتباعد بيني وبينك صروف الدهر. لا مجال للإنتظار، فقد إشتعلت روحي شوقاً إلي سرابات الماقات وحيضان البرسيم وإنسياب المياه في الجداول. إشتقت لناس حِلتنا، للماتهن في ساعات الفرح والكره. لقعدة جبنة عصرية وونسة تفيض رِقة وحِنيّة. اقيف يا طيف اسمع غُناي المسافر مع امواج ظلمة الليل، واسهر معاي تحت ظلآله المترآمية في مساحات نفسي علك تخفف ولو القليل من احزانها، فقد كاد صبري ان ينفد بعد ان إستهلكته سنين الغربة. كن سميري ايها الطيف في غربتي حتي احكي لك عن جور الزمان الذي ابعدني عن ديار الأهل. ابعدني عن بيوت الطين التي وسعت كلّ شي في قريتنا. وسعت الأهل والطير والدواب، وحتي الدنانين إتخذت من شقيقها سكن. لقد رماني عذاب الغربة بسهامه فأصابت نياط قلبي وجعلتني أتحسر علي سنين العمر الذي مضى في غمرة بُعدي عن ديار الأهل والأحباب. بُستان العمر الذي كانت تتفتح فيه زهور الآمال وتغرد فيه عصافير الأماني العذبة وتنهمر منه شلآلآت المستقبل النضير، اصبح اليوم يعاني من وهد هجير الغربة ولفح سمومها. لقد جفّت منابع الأماني واصبحت خاوية في داخل النفس التي ما عادت تحلم وتتمنى، بل ما عادت تورق في جنباتها أشجار الأحلآم الجميلة. اصبحت كالمجنون اهذي بما يبدو وكأنه ضرب من الغناء للسامعين. كلما تمر الثواني في ديار الغربة يتناقص بستان العمر الذي أصبح خاوي علي عروشه، حيث ذبلت فيه الورود وشاخت الأشجار، فأصبحت وحيداً في محيط الغربة هائماً في طرقاتها نازل ومرّة سادر في دروبها الموحشة، بعد ان كنت مندلي وسادر بين الجداول والتقانت والسرابات. بين أشجار النخيل والمنقة والبرتكان يداعبني اريج نسآم البحر ويؤانسني ضوء القمر علي الروابي في ليالي قريتنا الجميلة. اصبحت لا ادري ما مصيري ايها الطيف؟ وليس لدي ادنى تفسير لما اصابني! غير انني قد حفيت قدمآي من التسكع في متاهات الغربة واطلقت العنان لقريحتي لتتفنن في نظم الأشعار التي تلعن الغربة وتفيض كلماتها حسرة علي فراق البلد، بل تذوب احرفها لوعة وإشتياق وتحنان إليها. لقد اصبحت ادور حول نفسي ساهماً تائهاً مقطوع راسي، حاير، اذوب شوقاً للقاء الأحباب والخِلآن، اشتهي الإتكآءة في حضن البلد حتي يرتاح الفؤاد من وعثاء السفر والتسكع في فيافي ووهاد بلاد الغربة. إنني أحلم بغمدة تحت ضليل رآكوبة حتي انعم بنسمة نهارية تسبح في حرآية القايلة حاملة معها اغاني الزرازير واريج الجناين. استحلفك بأحزاني ايها الطيف ان لا تقسو عليَّ، وعشان خاتر قليبي الممكون المُعذّب المُعنى الذي يتفطر ويذوب شوقاً للبلد والأهل، وعشاني خاترني وتمهل في الرحيل ولو للحظات قليلة...
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
والله مُـشـتـاقـيـن،،، كـتـابـة مُـبـاشـرة مـن الـقـلـب لـلـقـلـب ... | معاوية المدير | 12-28-13, 12:42 PM |
Re: والله مُـشـتـاقـيـن،،، كـتـابـة مُـبـاشـرة مـن الـقـلـب لـلـقـلـب ... | معاوية المدير | 12-28-13, 12:57 PM |
Re: والله مُـشـتـاقـيـن،،، كـتـابـة مُـبـاشـرة مـن الـقـلـب لـلـقـلـب ... | معاوية المدير | 12-28-13, 02:14 PM |
Re: والله مُـشـتـاقـيـن،،، كـتـابـة مُـبـاشـرة مـن الـقـلـب لـلـقـلـب ... | عبدالعزيز عثمان | 12-28-13, 08:53 PM |
Re: والله مُـشـتـاقـيـن،،، كـتـابـة مُـبـاشـرة مـن الـقـلـب لـلـقـلـب ... | rani | 12-28-13, 09:49 PM |
Re: والله مُـشـتـاقـيـن،،، كـتـابـة مُـبـاشـرة مـن الـقـلـب لـلـقـلـب ... | معاوية المدير | 12-30-13, 10:26 AM |
Re: والله مُـشـتـاقـيـن،،، كـتـابـة مُـبـاشـرة مـن الـقـلـب لـلـقـلـب ... | بله محمد الفاضل | 12-30-13, 10:39 AM |
Re: والله مُـشـتـاقـيـن،،، كـتـابـة مُـبـاشـرة مـن الـقـلـب لـلـقـلـب ... | معاوية المدير | 12-31-13, 08:35 AM |
Re: والله مُـشـتـاقـيـن،،، كـتـابـة مُـبـاشـرة مـن الـقـلـب لـلـقـلـب ... | معاوية المدير | 12-31-13, 11:51 AM |
Re: والله مُـشـتـاقـيـن،،، كـتـابـة مُـبـاشـرة مـن الـقـلـب لـلـقـلـب ... | معاوية المدير | 01-02-14, 10:13 AM |
Re: والله مُـشـتـاقـيـن،،، كـتـابـة مُـبـاشـرة مـن الـقـلـب لـلـقـلـب ... | معاوية المدير | 01-03-14, 11:29 AM |
Re: والله مُـشـتـاقـيـن،،، كـتـابـة مُـبـاشـرة مـن الـقـلـب لـلـقـلـب ... | معاوية المدير | 01-03-14, 11:39 AM |
|
|
|