سفري السبب لي آذايا...مذكراتي من أيام روما

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-13-2024, 06:53 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2013م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-28-2013, 02:47 PM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
سفري السبب لي آذايا...مذكراتي من أيام روما

    سفري السبب لي آذاي..

    أهدي هذه القصة الواقعية الي روح الشاب راني

    الذي واراه الموج وهو يحاول ومعه كمية من الشباب

    إلي الوصول لشواطئ اليونان, من لبنان

    لقد عاصرت الايام العصيبة التي مرت بها والدته في السودان

    والاسرة تكابد الام الفقد الجلل.

    اهديها لكل أرواح الشباب الذين صعدت أرواحهم قبل الوصول لشواطئ الاحلام

    الي روح ذلك الشاب الذي غرق علي مشارف جزيرة صقلية...والشباب الذين غرقوا محاولين الوصول لأستراليا...

    وأهديها الي ذلكم الشاب الطيب الذي قابلته في روما

    وهو الان يعاني الاحتضار من مرض السرطان الذي رفض الاستجابة للعلاج الكيماوي

    والي قريبي الشاب جعفر الذي نجا من الموت باعجوبة ووصل الي صقلية من ليبيا.
    و إلي رفاق الكلية في روما..
    و إلي كل الرائعين الذين إلتقيتهم في الفتيحاب وفي تلكم الجامعة الإسلامية
    والتي تغير حالها الان فأصبحت خضراء بعد يباب..

    لهم جميعا أهدي هذه القصة..
    عندما تفارق سريرك الدافئ وغرفتك ووطنك توقع كل الأشياء
    خصوصا عندما تكون في ريعان الصبا ولم تتشكل خبراتك و تنضج بعد..
    لا زلت أذكر صديقي الذي سافر في ذلك الزمن الضاغط مع بداية الأزمة الإقتصادية الطاحنة للشام وحط رحاله في دمشق..
    وهنالك إشتغل عتالا للبضاعة كي يسد رمقه...وفي قمة معاناته وألمه ألم به الجوع نهارا فقال مداعبا صديقه:
    يا حليل السودان زي الوقت ده الراديو يقول:عاااااالم الرياضة مع الموسيقي المعروفة لنا ..وتلقي صينية الغداء نزلت في التربيزة..
    فالبرد شديد في أوروبا والطريق صعب...
    والولد البقول لأمو ما إتعشيت ما يمرق معانا يكتر اللفيت....ههههه


    حدثت لي هذه القصة الواقعية في اواخر يناير من العام 1993,في مدينة روما عاصمة الجمهورية الايطالية العتيقة ومقر الحضارة الرومانية..ويعلم الله كم كانت محكا شكل العديد من ملامح شخصيتي الانية..

    ويشاركني في بطولة هذه القصة شباب رائع معظمهم من خريجي جامعات شرق أوروبا وخصوصا يوغسلافيا ورومانيا,وبالتحديد متخصصين في مجالات علمية مثل الطب البشري وطب الاسنان..

    وكان العالم وقتها يغلي بالمشاكل في الصومال ويوغسلافيا..

    وفبها قصة لمعاناة شباب طامح جمعت بينهم الغربة.

    ومعظمهم الان في كندا وهولندا وبيرطانيا واميركا.

    ولانه ليس لي الحق في كسر خصوصيات الغير سأغير اسماءهم لاسماء مستعارة دون تغيير مضمون القصة الحقيقية..

    وليس سرد القصة هنا بغرض المتعة الانية وانما بغرض ان يستفيد منها الشباب لاننا نعيش في بلاد طاردة اسمها السودان,اضطررت الكثيرين منا أحيانا لاتخاذ قرارات إرتجالية خصوصا في مواضيع السفر ,فمعظم شباب السودان يسافرون دون دراسات متأنية لموضوع السفر وأحيانا يتعرضون للمخاطر خصوصا في التهريب عبر الحدود أو عبر البحر,فكم من شباب واراهم الموج ولما تجف دموع أهلهم بعد,وانا أعرف الكثير من القصص المحزنة التي راح ضحيتها شباب في عمر الزهور بين ليبيا وإيطاليا أو بين اليونان ولبنان,أو بين المغرب وأسبانيا..و أخيرا بين أندونيسيا و أستراليا...


    الكثيرون لقوا حتفهم من أجل حلم السفر ولو تريثوا قليلا لانجزوا السفر عبر قنوات وطرق امنة:

    ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها

    إن السفينة لا تجري علي اليبس

    ما أروع السفر يا شباب بلادي عندما يكون امنا

    لا اركب البحر اني اخاف المعاطب

    انا طين وهو ماء والطين في الماء ذائب

    الكثير منهم يعمل ويكافح ويشتري في النهاية موته بماله.


    كانت البداية عندما راودني حلم السفر مثلي مثل الاف الشباب في بلادي التي أدعو الله أن يقيم شأنها ويرينا جديدها في هذه الحياة قبل أن نودع هذه الفانية.

    كانت البداية عندما جربت حلاوة السفر والطائرات لاول مرة في حياتي عندما كنت في أولي ثانوي عالي ,ذهبنا نحن وناس البيت في سفرية للقاهرة في ابريل من العام 1990 بصدد علاج لرجلي الشمال التي أصابني فيه فيروس شلل الاطفال في طفولتي الباكرة,وكانت الرحلة ثنائية الاهداف يعني عُمرة وعمرة(الاولي بضم العين والثانية بفتحها),يعني منها علاج ومنهابضاعة..خصوصا وأن أخي الاكبر مني قد قطع المحيط الاطلسي لبلاد العم سام متخليا عن ابوظبي التي كان يحلم بها ويقول:
    الما مشي أبوظبي يموت صبي

    وكان تخطيطنا أن نتصل عليه من القاهرة عشان يحول لينا شوية دولارات للعلاج والبضاعة ونجي قالبين لبلدنا عشان نحصل العيد,وفعلا نجح المخطط تجاريا وبعض الشئ علاجيا..

    وبعد ان ذقنا حلاوة المكسب قررنا ان نصبح تجار شنطة عديل كدة ووجدنا الاتجاه قد تحول نحو سوريا تلك البلد البوتيك..فسافرنا أنا وأختي المقيمة حاليا في بولتون ببريطانيا نحو عاصمة الامويين دمشق في العام 1991 وفعلا كانت سفرة سريعة وما خلينا قميص هزاز حايم ما جبناه معانا,ولكن المرة الاخيرة دي ناس الجمارك فرشوا بضاعتنا في أرض الصالة فقد وجدناهم في انتظار ركاب طائرة سوريا بإعتبارهم تجار فقد نقشوا النومة ,ومن ثم تم تحويل البضاعة لمدينة الحجاج وهاك يا جمارك لمن كرهونا التجارة ذاتها
    واذكر انني في هذه السفرية قد التقيت بشباب ظريفين منهم محمود الفار وشاب اسمه النقر بالاضافة للاخ عماد الذي كان كثير السفر لسوريا مما حدا بشافع جيرانهم ان يقول له:

    يا عماد انت بتمشي سوريا بتجيب مسلسلات ولا شنو

    وفي سفريتي الي سوريا رأيت جمال الطبيعة في الشام لاول مرة وصادفت الجليد الذي هبط عليه في ذاك العام وكان الصبية يكورونه في الشوارع ويداعبون به المارة بالقذف والتراشق..

    ولا زلت أذكر جبل قاسيون,وساحة الشهداء(المرجة),عشت الاجواء التاريخية هنالك ورايت اثار حوافر الشاعر الطموح(المتنبئ),ناقشت جارتنا السورية في كل شئ في الادب خصوصا ولما قرات لها قصيدة دمشق لاحمد شوقي,بادرتني قائلة:

    -أنتا شو ما عم تتخصص أدب عربي

    المهم رجعت لمدرستي الحبيبة المقرن الثانوية لاكمل عامي الاخير فيها (1992) وقد تفتحت افاقي قليلا بعد هاتين السفرتين ولدخولي مدرسة المقرن قصة بطلها استاذي الجليل بنداس عوض له مني التحية والتجلة.
    وطوال عامي الاخير كان حلم الهجرة قد بدأينمو في دواخلي,بدأت أحلم بأن أهاجر لبناء أحلامي بعيدا عن أرض الوطن الذي بدأت المشاكل تبدأ فيه مثل نبت شيطاني وهذا طبعا قبل أن تبتدئ الازمة الاقتصادية في السودان في العام 1993 والتي إكتوينا بنيرانها الكثيفة.

    كان صديقا الدراسة والفصل الادبي هما الاخ محمد الشيخ الخليفة والاخ ود الحلة الجديدة (محطة الماسورة)سيد حسن سيد او مرتضي كما أسمه الحقيقي في الشهادة . وكان ابو السيد وانا ومحمد نتونس كثيرا عن هذا الموضوع في ظلال مدرسة المقرن الوريفة ونحن في انتظار الحافلة بتاعت عبد الله والتي كان لنا فيها أشتراك شهري ونركب برانا وبنركب زول معانا في ذلك الزمن الملئ بمشاكل المواصلات وكان استاذ عبد العزيز بتاع التاريخ فردتنا شديد وطلب يركب معانا قمنا قلنا ليه يا استاذ مافي اي طريقة مما حدا به ان يقول:ان شاء الله اللستك ينفس بيكم في اللاماب فمتنا من الضحك لانو اللاماب كانت هاي واي ومقطوعة شوية.
    وصاحبي سيد جعلي من منطقة الكردة في الشمالية,وبعد ذلك حدث أن تحولت أحلامنا شمالا مصنقعين نحو كندا التي تحرك لهل أخي بعد أن أعيته الحياة في اميركا صبرا,وبعد وصوله كندا أرسل لي صور جميلة له وهو يحمل الاسنو في يديه مع صديقه(معاوية المدير)أبن الباوقة الاصيل,وشهقت وقتها عندما رأيت جمال وروعة الطبيعة في كندا,وأجمل صورة كانت لاخي وهو يعتلي قمة برج تورونتو وهو برج الcn في تلك المدينة التي تعتبر لؤلؤة اميركا الشمالية,وحملت معي الصور للمدرسة تاني يوم لاريها لاصحابي في المقرن الجميلة وعندما راها ابوالسيد قفز حتي إستطال رغم قصره الشديد قائلا:

    - رهيبة..أبو الزفت

    وأردف محمد الشيخ قائلا:

    -والله وجيه

    فرددت عليه:

    -يا ولد الزول ده ضارب الراحات والترطيبة والاورنجوس

    وعندها تنهد ابو السيد قائلا:

    -اه..ناس في الكردة,وناس في كندا

    فطمنته قائلا:

    -يا زول مافي مشكلة,كدي إنت أمتحن ونرسل بعد داك الشهادات لتوحة(الفاتح),ويقوم يرسل لينا قبولات ونمشي نقرأ كلنا في الجامعات الكندية لانو كندا أمان أحسن من أمريكا,

    فقال محمد الشيخ عندها:

    -كيف الكلام ده يا سيف

    فرددت عليه:

    -زي ما بقول ليك أخوي ده كان في نيويورك شغال مع واحد يماني,قام جوا حرامية هاجمين عليهم في البقالة الشغالين فيها وكتلو (جمال),الولد الطيب والذي كان خريج جامعة الخرطوم إقتصاد وعلوم سياسية وبعدها قرر أخي إنو لازم يتخارج من نيويورك ويمشي كندا البلد الامن.


    وكم كانت الونسات رائعة عن أميركا وكندا والاحلام والهجرة والفتيات الشقراوات ذوات العيون الخضر والاصول المهجنة هناك بعيدا قرب القطب الشمالي.
    وكلما عصرتنا المذاكرة أنا ومحمد وسيد,وكلما زهجتنا التباديل والتوافيق والتفاضل والتكامل,وثقالة عينية سويد ابن ابي كاهل اليشكري,نهرع لنستظل بالونسة عن أميركا وكندا والكردة ونضحك... كل ذلك وامتحانات الشهادة السودانية علي الابواب نجهز لها وما أحلي الونسات مع أستاذنا:عبد العزيز (التاريخ)وأستاذنا إبراهيم خيري (الجغرافيا),وعندما نكون برانا كان أبو السيد يغني عن استاذ عبد العزيز أستاذ التاريخ الرائع هذه الاغنية لعلي إبراهيم اللحو:

    الناعسات عيونن ونور جبيننا هل

    إلي أن يصل لمقطع:

    يا عبد العزيز إتجلي

    فنصفق أنا ومحمد طربا.

    وفي ظلال مدرسة المقرن الجميلة بين الحصص تطيب الونسات تحت الاشجار الوريفة ويوم الخميس كنا مغرمين ببرنامج عالم السينما الشهير وكنا نقول لاستاذ (عبدالله) بتاع الرياضيات وذلك في الحصة الثالثة اننامتابعين برنامج عالم السينما فيكشح لنا الحصة بسرعةويطلق سراحنا سريعا فنهرع نحو الاستاد مستقلين بص الكلاكلة مترنمين باللحن الشهير:

    تن ترا ررا را..تن ترررا وهي موسيق برنامج عالم السينما والتي كانت تعزف دائما في اخر اي حفل في السودان انذاك.

    وأذكر في ذاك العام ان تم تطبيق نظام عطلة الجمعة والسبت وأستفاد منها كثيرا الاساتذة الذين كانوا يسكنون منطقة الجزيرة وما جاورها,ومنهم أبو فصلنا أستاذ الصادق النويري الرجل الرائع في مادته الرياضيات,انها بحق كانت فترة جميلة في تلك المدرسة الجامعة,فكم هل علينا (صديق مولاي)استاذ الادب الانجليزي وكم متعنا بتدريسه ل(cry the beloved country) وألفريد يعقوب في مادة اللغة الانجليزية,وأستاذ حسونة ابن أبوقوتة الرائع وأظنه الان أصبح دكتورا في اللغة العربية فلقد كان طالب دراسات عليا انذاك في جامعة الجزيرة,أما الاستاذ:سعد الدين من توتي فهو كان ماسكنا في مادة الادب,حقا لقد كنا شلة محظوظة بأن درسنا في هذه المدرسة فلقد تشتت رفقاء دربنا في مدارس بعيدة وجرداء,مثل صديقي سعد الدين الذي رماه القدر في مدرسة تريعة البجا الثانوية في محلية جبل اولياء هو وشقيقي محمد وكثر من رفقاء الدرب وكان سعد يسميها تريعة البجم وكم قطع مصاريني بالضحك وهو يحكي لي عن الديبة غفير المدرسة وعن حماره العجيب,كم كان سعد ذكيا وشاطرا ولكن هذه المدرسة البعيدة النائية معدومة المواصلات كانت خارج نطاق طموحاته فحطمت معنوياته كثيرا,أما مجدي سعد الدين فقد تم توزيعه في الخرطوم الجديدة الثانوية وايضا صديقي هيثم محمد أحمد(هيثم الخلا) التحية له فهو مقيم الان في ألمانيا فقد عاني هيثم من مدرسة الجبل الثانوية,أذكر أنني وسعد في عام 1990 سافرنا في وقت واحد سعد نحو اليابان وانا نحو القاهرة,ومازال صاحبنا مجدي بعيدا عن نطاق ركوب الطائرات وعند عودتنا كان سعد يداعبه قائلا:

    -الفارة عمرو ما يركب الطيارة

    وعندها يغتاظ مجدي ويشتاط غضبا فنضحك ونهدئه,فعلا لقد كانت أيام جميلة مملؤة بالمرح ولعب الشطرنج وتخميس سجاير البرنجي أيام كان برنجي أما الان فهو قش ساكت.

    ولا أنسي صديق العمر والدرب هاشم سعد الدين والذي كنت أنا وهو كفرسي الرهان وكانت لنا أيام يا هشو!!!

    إشتد الحر وزادت سرعتنا في المذاكرة ولم يعكر علي صفو الحياة غير هجمات كيزانية تخطيطية علي منزلنا الجميل الواقع في موقع استراتيجي علي ساحل زلط الكلاكلة القبة,فقد دمرت قوات المحلية وتخطيط القري حوائط المنزل والعديد من الغرف في قصة شرحتها في بوست سابق اسمه(عندما يبكي الرجال) حكيت فيه عن الظلم الذي حاق باسرتي من جراء هذا التنظيم القروي والتخطيط الجائر...المهم أقبلت علي الإمتحانات بكل ما أوتيت من قوة وعنفوان رغم منزلن المحطم الذي اضحي في العراء بدون حوائط تستره وفي تلك الظروف العصيبة أديت أمتحانات الشهادة السودانية في مارس-أبريل من العام 1992 في مدرسة المقرن الثانوية..وادت عزيمتي في السفر والمخارجة من السودان بعد أن تعكر صفو الاسرة وصارت في دواخلي رغبة هوجاء لا تكبحها جدران العقل أوحوائطه..فقط أخرج يا سيف..هاجر (أنج سعد فقد هلك سعيد)..ووضعت القلم وبدات رحلة البحث عن أماكن السفارات الغربية في خرطومنا الحبيبة,صرت محموما بشئ اسمه السفر منعني من النوم بمزاج والحب بمزاج أو ان أعيش حياتي بمزاج..

    وأثناء بحثي هذا صادفني الاخ عبد الفضيل وهو صديق أخي المهاجر إلي كندا,وصادف حديثي هوي في نفسه فهو أيضا يبحث عن السفر,فقررنا توحيد نضالنا للبحث عن المخرج من (الحفرة) التي نحن فيها,وبالمناسبة شاع استعمال مصطلح حفرة للسودان بعد ان مسك الكيزان الحكم وصرنا محاصرين معهم وصار السفر صعبا وكيف السفر والسودان محاصر من جميع جنباته.

    وكان عبد الفضيل يكبرني بسنوات عددا وكانت خبراته ضعف خبراتي وكم إستفدت من خبراته,وكم استفاد فيما بعد أشخلص اخرون من ايضا من خبراتي..بدانأ التخطيط والتمحيص رافعين شعار(اقضوا حوائجكم بالكتمان) وكان فضيل يقول لي:يا مان يجب ان لا تخور عزيمتك ويردف:

    لو تعلق قلب امرئ بالثريا لنالها ويتبعها ب:

    الزارعها الله في الزلط بتقوم

    يا له من رجل حكيم, كان مددي الروحي وعزيمتي

    وجمعتنا الصدفة بصديق له من الكلاكلة التريعة اخر محطة يعمل محاميا كان قد عاد لتوه من عاصمة الرومان(روما) وصور لنا هذا الشخص أن إيطاليا دي بس حنة عديل كده وبناتها من الحور العين ,والله انا لمن شهقت وهو بيحكي عن روما ومطاعم البابا المجانية واردف قائلا:

    -والله السمكة يدوك ليها قدر كده مشيرا بيديه مدللا علي ضخامتها,المهم كتر خيرو وصف لينا مكان السفارة الايطالية وورانا الشروط المطلوبة وكانت انذاك جواز سفر بمهنة موظف وتذكرة ذهاب إياب زائدا الshow money وكان عبارة عن الف دولار لحد ادني وهي تكفي للعيش في روما كسائح لمدة 7 أيام علي حسب تضريبات السيد القنصل..وانا في الحقيقة الفار لعب في عبي وقلت لفضيل صاحبك ده مادام البلد البحكي عنها دي جنة كده ,مالو خلاها وجاء يدافر معانا في المواصلات والكتاحة والتراب,فأجابني فضيل قائلا:

    -يا زول ده عرس ليه واحدة زميلتو مرتاحة وأبوها محامي كبير وهو جاء راجع البلد عشانها...

    وهنا إطمان بالي وأرتحت قليلا..وقلت ما مشكلة العافية درجات,أهو الواحد يمشي إيطاليا ومنها يتدرج ويتدحرج حتي يصل الي كندا,وكانت كندا انذاك في قمة تالقها وشهرتها في الوسط السوداني وكل ذلك بسبب لكمة كالها هاشم بدر الدين لشيخ واطة(الترابي) وظهرت موضات مثل دهب(دقة كندا) وصرنا نري الرجال ياهم الفي كندا يا بلاش فقد فشوا غبينتنا في عراب النظام الذي كوانا بتنظيراته وعزلنا عن العالم..وعرفنا معني الحرية في اميركا الشمالية وبانا نشتم عبيرها من علي البعد.

    بصراحة كنت منكمش في البداية شوية من موضوع ايطاليا دي فقد ابتلعت اخي الاكبر لسنين طويلة بعد ان سافر لها بغرض الدراسة .وكان اخي جاد الله او البروف كما اسميه الان معجبا بهذه الايطاليا منذ كاس العالم 1982 حينما فازت بالكاس في اسبانيا,وكان وحتي اليوم عندما يتحدث عن ايطاليا الكلام خلص ,وصرنا نري في ايطاليا بلد المكرونة والكورة وباولوروسي,وبلد البابا.
    وتصادف ان كان أخي هذا في الخرطوم والتقي بخواجات طليان وعزمهم منزلنا المتواضع في الكلاكلة وقاموا بتلبية الزيارة وكنت وقتها في المرحلة الابتدائية ولا انسي انهم احضروا معهم ######هم المدلل الرائع,ومن بينهم كان في واحد اسمه انطونيللو وكان يعمل في جمعية ود نميري ,وقام هذا الانطونيللو بتعريف اخي علي مجموعة من الخواجات منهم الالماني يواكيم او جواكيم,وكان اخي وقتها يدرس في معهد الكليات التكنولوجية في قسم الغابات,وتصادف ان مرت البلاد بفترة اضطرابات ومظاهرات ضد النميري فقام البروف بتاع المعهد بتجميد العام الدراسي الاخير لهم وكلن جادو علي وشك التخرج مما أصابه بالاحباط الشديد وقرر ان يسيح قليلا مع هؤلاء الخواجات وفعلا ذهب معهم في رحلة الي ممبسا بكينيا ثم ما لبثوا ان عادوا سريعا ومن هناك ساعدوه في الحصول علي فيزا دراسية لدراسة الفيزياء النظرية في جنوب ايطاليا-كوزنسا-كالابريا,وفعلا ذهب معهم لميناء بورتسودان ومن ثم ركبوا السفينة لمصر ومنها الي ايطاليا عن طريق ميناء الاسكندرية.

    المهم قصة اخي تطول مع الدراسة في مجال الفيزياء والسياحة تارة,والجهجهة التي حدثت له في حياته جعلتنا لا نعرف عن اخباره الكثير ,تارة نعتقده مات واندثر,وتارة يرسل خطابات,وتارة نعتقده تزوج خواجية,وقلت لنفسي ان حصلت علي فيزا لبلاد المافيا هذه اكيد حاكون بالقرب من اخي والاطمئنان عليه.

    وان اسعفتني الذاكرة فقد بدأ صديقي فضيل في اجراءاته في تلكم السفارة التي تقع في العمارات شارع 39 علي ما اظن(انا بليد في الوصف)لكن اذكر انها كانت لصق مشروع ادارة مشروع الجزيرة وعندما تخرج للشلرع بتاع المطار تجد امامك السفارة الكويتيةعلي مقربة منك وهناك مبني للكنائس العالمية وبعض المنظمات في تلك المنطقة وكنت اصل للسفارة بواسطة حافلات الصحافة مستدلا بلافتة كبيرة انذاك مكتوب عليه شركة السهم او النجم الذهبي,اظن انها دعاية لشركة طيران او شئ من هذا القبيل.

    وابتدا فضيل اجراءته التي كنت انتظرها انا ايضا كي اري نتائجها واقلدها ان افلحت كوقوع الحافر علي الحافر,واحيانا كنت اذهب معه وتعرفنا علي النترجم العم احمد وولده عادل الذي يجلس علي ما اظن في الاستقبال, واظن انهم من اصل اثيوبي ,وانتهت معركة فضيل باستلامه للفيزا السياحية ولكن تلازم ذلك مع خبر محزن فقد توفي والده في نفس الايام,وصرت ملازما معه الفراش والعزاء في الايام الاولي ,وبعد ذلك ابتدات مسيرتي بعد ان زبطت جوازي جيدا علي مهنة محاسب في دار التوزيع المركزية للكتب والمجلات والتي كان يعمل فيه اخي الذي هاجر الي كندا,وتصادف ان وجدت في المنزل ورقة مروسة عليها ختم وكتبت عليها اسمي فكانت هذه اول مرة ازور في حياتي متعللا بفقه الضرورة(الضرورات تبيح المحظورات), وفعلا جهزت الشو موني وكل المستندات اللازمة وتعطرت بعطر بلازير من اختي في المنزل, وذهبت في يوم المقابلة وقابلت القنصل الايطالي الذى استلم جوازي ووعدني ان الجراءات فيه ستنتهي الاسبوع القادم.

    وقضيت كل الايام التي سبقت المعد المضروب لاستلام جوازي في قلق وترقب اي ما بين الامل والرجاء,والحاجة تدعو لي واحيانا تنده لي جدها ابوشرا,وكثيرا ما زارتني احلام اليقظة فاري الجواز مؤشرا بالفيزا السياحية لايطاليا,وصرت مرة اخري احلم بركوب الطائرات الممتع, وما تتبعه من مغامرات وكلها احلام تتماشي وعمري في ذلك الزمان,نعم لقد داهمتني احلام اليقظة ,اكيد وباذن الله ستصل يا سيف وستلمس الجليد البيض الناصع بيديك ,وستتعطر باحلي العطور وتعمل ليك قيل فريند,وتسرح وسط حسان روما وسمعت في المذياع لحسن حظي:

    بين جناين الشاطئ وبين قصور الروم

    حي زهرة روما وابكي يا مغروم

    اه...اه اكيد ناس الاذاعة ديل قاصدني


    المهم مرت الايام بطيئة وثقيلة,وجاء اليوم الموعود والمضروب لاستلام جوازي الكحلي(الجواز القديم) مش زي ملاح الخضرة الهسي ده.

    وذهبت وادخلوني لمقبلة القنصل وحدثت مفاجأة لم تكن في الحسبان!!!

    المفأجأة هي أن جوازي لم يكن مؤشرا !! لماذا؟

    لست ادري

    سألني القنصل مرة ثانية:

    -أين تعمل

    ج -في دار التوزيع المركزية

    س-في أي قسم

    ج-قسم المراجعة الداخلية

    ثم أكال لي الضربة القاضية قائلا:

    -لقد اتصلت علي المصلحة التي تعمل بها واخبروني انه لا يوجد معهم احد بهذا الاسم!!!

    وقع الخبر علي كالصاعقة ولكنني جمدت وتمالكت أعصابي وشغلت ذهني بطاقته الكاملة وقلت له:

    -يبدو ان هناك سوء فهم يا سيدي ,فأنا فعلا أعمل هناك في ذاك المكان.

    سألني:

    -وكيف تفسر ما حدث؟

    اجبته علي الفور:

    -أن اسمي الحقيقي يا سيدي يكمن في الاضابير وفي اوراقي الرسمية,أما أنا فمشهور بلقب طغي علي اسمي واعطيته اسم اخي الذي كان فعلا يعمل في تلك المصلحة.

    لم يبدو عليه الاقتناع ولكنه طلب مني ان احضر رئيسي المباشر في العمل لتوضيح ذلك اللبس.

    خرجت من السفارة الايطالية وقد ماجت ودارت بي الدنيا وانا اري احلامي تكاد ان تصبح سرابا,لقد رايت الاستيكر بتاع الفيزا بعيني جاهزا وجوازي المتعطش له يناديه ,ليس بيني وبين الفيزا سوي ورقة غبية تثبت انني موظف ,تذكرت تعبي وعرقي ,والمشاوير والجري والرحيح قرابة شهر كامل لتجهيز ما يلزم ,نعم لقد حهزت كل شئ وقمت بتاجير تذكرة من احدي الوكالات في الخرطوم,وبعد كل هذا ينتهي الموضوع هذه النهاية التعسة,لا ورب الكعبة,ساقاتل حتي اخر لحظة فهذا ما لا يمكن ان يحدث ابدا,توكلت علي الله وعزمت ان اذهب مباشرة لدار التوزيع وفعلا دخلتها وقابلت مدير الحسابات وكان رجلا فاضلا من الجيل النادر وراي حالتي واعتذرت له ضمنيا عن ما بدر مني من سوء سلوك وتصرف كان الغرض منه انني فقط اريد السفر للخارج لاسباب كثيرة منها حوجتي للعلاج والبحث عن اخ مفقود,وتعرف فعلا علي اخي الذي كان يعمل معه في الماضي القريب.

    نعم لقد تفهم الرجل الموقف الذي كان بيديه حله وقال لي عبارة اثلجت صدري:

    -يا ولدي نحن كان ما خدمنا الزيكم نخدم منو

    وقام حيله وتبعته نحو عربته ومن هناك للسفارة وعند الباب ادخلونا مرة اخري وابرز للقنصل بطاقته وانقذني من كربتي العجيبة التي وقعت فيها لقلة تجاربي في الحياة انذاك و فعلا ألصق القنصل التاشيرة علي جوازي الازرق الجميل وحينها تنفست الصعداء واستلمت باسبوري وبقية اوراقي وخرجت وانا الهج بالشكر والثناء لهذا الرجل النبيل الاصيل الذي وقف معي موقف كارب جدا وبسببه بعد الله منحت تاشيرة سياحية لاعرق بلد في اوروبا وكان بامكانه ان يسلمني للبوليس وتمني لي التوفيق بعد ان اوصلني للسوق العربي قرب مواصلات الكلاكلة.

    كان بص الهيئة العسكرية ينهب بي الطريق نهبا نحو المنزل ,وكان ذلك ايام ان كانت الشوارع خفيفة وقبل ان تكتظ الخرطوم بهذا الكم الهائل من البشر بسبب الهجرات نحو خرطوم الفيل,هجرات سببها اهمال الحكومة للريف والتركيز علي سنتر الخرطوم وما حوله,اه يا سيف اخيرا ستخرج من هذه البلدة الظالم حكامها,لقد مسخوا علينا الحياة ودمروا احلامنا,حتي التلفزيون صار مثل المجروس عساكر راكبين وعساكر نازلين ,اكيد للتلفزيون والحياة طعم اخر هناك في شواطئ الادرياتيك,لم اكن مصدقا للنهاية السعيدة التي انتهي بها الموضوع بعد ان قارب علي ان يطرشق مثل بالونة كبيرة محدثا دويا هائلا.

    اخيرا ساعبر الي بلد الحضارات الغبرة,ارض جاليليو ومايكل انجلو في انتظارك يا ابو السيوف ,ابسط يا عم مين قدرك الليلة,وصرت اخرج الباسبورت من جيبي وانظر اليه مثل كنز ثمين ومكتوب في اعلي الفيزا:

    REPUBBLICIA ITALIANA

    ايه يا سيف ستدخل اخيرا بعد عذاب الشهور الماضية الي شبه الجزيرة الايطالية,وطافت بمخيلتي خريطة ايطاليا التي تشبه فردة الحذاء,ووبجانبها جزيرة صقلية مثل نقطة كبيرة,اخيرا سنطبق الجغرافيا التي درسناها عمليا لقد فترنا من النظري,اه اخيرا تذكرت ان مناخها مناخ البحر المتوسط,اه سنحرم من الجليد اووه مهلا سمعت انه يهطل في شمالها القريب من فرنسا,لا ضير كده كده الجو في النهاية حيكون اوروبي.

    تخيلت الطائرة وهي تقطع بي البحر الابيض المتوسط,اه كم تمنيت ان اقطع بحر الظلمات(الاطلنطي),قلت لنفسي:يا سيف ما تخليك طماع اهو ربنا اكرمك باوروبا وهي لا تقل شيئا عن اميركا صحيح والله عين البني ادم لا يملأها الا التراب ولو ودوه الجنة حيقول مافي حتة اجمل من كده كفاك يا سيف فالقناعة كنز لا يفني,رجعت وتخيلت الطائرة وهي تقطع بي البحر نحو الهدف الاوروبي الجميل,اكيد يا سيف بعد ان تصل الي هناك ستتابع الدوري الايطالي عن قرب ,وربما من داخل الاستادات وربما يراك ناس البيت وانت تهتف وسط اولئك الحلب الحلوين,كنت وقتها ابن التاسعة عشر يعني الاندفاع والاحلام كانت اكبر مما اصفها الان وكان كل شئ بحماس فالجديد شديد زي ما بقولوا ولم اكن ادري ما يخبئه لي الدهر الخئون من احداث,كان السفر في نظري ركوب الطائرات والفرجة والمغامرة ولم اكن ابالي كثيرا بالاستراتيجيات التي تبني عليها هذه القرارات الجسام,ولم تكن قراءة العواقب والنتائج تهمني,كنت فاكر الحكاية مثل قطعة ايسكريم باردة سالتهما في تلذذ ولم اكن ادري انها الغربة وانها اوروبا,لم اكن في ذلك الزمان اعرف معني الغربة فلا يعرف الشياء الا المجربين وانا الذي عندما ذهبت لادرس في مدرسة القطينة الثانوية في النيل الابيض لم امكث الا شهرا او يزيد وحردت المدرسة لشعوري بالغربة بعيدا عن قريتي الجميلة الا ان استعانت الوالدة بالاستاذ بنداس والذي انقذني بتحويلي للمقرن الثانوية,فكيف يا سيف ستتحمل الغربة في بلاد الطليان ولم تستطع ان تتحملها في القطينة,سؤال كبير طاف بمخيلتي فالكلام دخل الحوش لم يعد الامر مجرد مزحة ,انها ايطاليا بلد المافيا والمفتحين جاتك عديل يا سيف شيل شيلتك.

    نعم لقد تفشخرت بجوازي المؤشر في شارع الزلط بالقرب من محصطة جوتيه,اريتيه لرفاق الدرب الذين لم يصدقوا,ووصفوني بانني محظوظ,لم اترك احدا من فرحتي من الاصحاب الا واخبرته بما يجري حتي اطلقوا علي لقب (سيف روما)وذهب الخبر للحلة المجاورة فجاء اخرون يسالونني انا وفضيل عن الاجراءات وما فعلناه لنيل الفيزا,ولا انسي ونستنا انا وفضيل مع ادريس عبد الرحمن وهاشم حسن التوم متعهما الله بالصحة فهم شباب ممتازين من اولاد حلتنا,كان ادريس خارجا لتوه من معتقلات الكيزان ال########ة انذاك,وكان مضغوطا فقد فرضوا عليه التمام يوميا في صلاة الصبح وذلك بعد ان اكتشفوا انه يساريا له بع الانشطة الخفيفة جدا مثل التعبير عن رايه علنا ,وكان فد قضي فترة معتقلا وكان بها محاضرات دينية وصلوات في المواعيد خصوصا صلاة الصبح وحلقات التلاوة,لذلك فكر في السفر نحو اوروبا مثلنا شرحنا لهما انا وفضيل كل شئ,التحية لهما وهم الان في بلد الطليان وقد وفقهم الله كثيرا.

    بعض الرفاق كان يناديني في الايام الاخيرة ب سيفياللي وعلق صاحبنا ذات يوم:

    -الايطاليات من اجمل فتيات اوروبا

    فتصنت الجميع باهتمام للونسة بعد ذلك,فعلا كنا في عمر الزهور وكانت الاحلام تتراقص امامنا ,اما افراد الاسرة فقد ساندوني بقوة وبكل ما اوتوا من قوة بعد ان احسوا باصراري الشديد نحو السفر,وبدات الاستعدادات علي قدم وساق تنبئ بموسم الهجرة الي اوروبا او الي الشمال,ربما اكون مشروع مصطفي سعيد اخر فمن يدري؟

    لم اكن ادري ما تخبئه لي الاقدار هناك,وانا الان غير نادم علي اي تجربة خضتها في حياتي فتراكم التجارب هو ما كان يدفعني نحو النجاح دوما,انا الان كل ما اشاهد فيلم عادل امام:

    عنتر شايل سيفه

    اموت من الضحك,ربما يحكي هذا الفيلم الكوميدي شيئا عن بعض مما حدث لنا هناك واتمني من رفاق الاسفير ان يجودوا علينا بمشاهد منه هنا

    كلنت سفريتي لايطاليا تشبه الاغنية:

    سفري السبب لي اذاي

    لم اكن احفظ من اللغة الايطالية وقتها سوي بعض الكلمات البسيطة مثل:

    -جاو CAIO

    -ITALIANO BARBARINO

    -اسباجتي

    زائدا اسم ايطاليا نفسها,وبعد ان خلصنا من موضوع تاشيرة الدخول,لم يبقي امامي الا موضوع تاشيرة الخروج والتي تمنح من قبل وزارة الداخلية السودانية,وقبل ان اشرع فيها علمت ان تاشيرة الخروج لايطاليا تم ايقافها في تلكم الايام من قبل حكومتنا!!!

    اه...ما هذه البلاوي التي تحاصرك يا سيف ,كل ما تطلع من حفرة تقع في حفرة,ما هذه الحظوظ العاثرة:

    ان حظي كدقيق فوق شوك نثروه
    ثم قالوا لحفاة يوم ريح اجمعوه

    وهل علينا الفرج بصديق لنا من ابناء الهلالية اسمه صلاح وهو تاجر شنطة قديم وعندو علاقات كويسة,المهم شال مني الجواز بتاعي وبعد يوم جاءني قائلا:

    -جوازك تم مصادرته

    -WHAT?

    -زي ما بقول ليك كده

    ولما راي رجفتي وكبكبتي الشديدة اخرجه لي وعليه تاشيرة الخروج فقد احب ان يمزح معي ,ولكنه شرح لي ان الضابط صديقه وراه المنشور بتاع وزارة الداخلية والذي كان يقول:

    درجت السلطات الايطالية علي ارجاع السودانيين من مطار روما...الخ الي اخر المنشور

    فهمت بعدها ما حدث ,وهو ان السودانيين لا يلتزمون بقانون الshow money

    والذي تنوه عنه السفارة بعد اعطاءك الفيزا,فمن غير المعقول ان تكون ذاهب بغرض السياحة وجيبك خاوي من الدولارات,لذلك يتم ارجاع بعض السودانيين الذين لا يلتزمون بهذا البند من الشروط,والحمد لله انني كنت وصديقي فضيل فطنين لمثل تلكم النقاط الحساسة والتي ينبه له موظفي السفارة ولا يعبأ بها البعض.


    تري اين رفاق الامس الذين التقيتهم

    لو ظهر احدهم هنا لكفاني عناء حمل البوست وحدي

    ولدخل معي في مجادعات لذيذة

    اليس فيه احد لديه عضوية في هذا المكان الرائع

    الدعوة مفتوحة لهم جميعا

    فكم اشتاق لهم!!!

    بدأ العد التنازلي ,وكانت الايام الاخيرة لي في السودان جميلة وكان الاصحاب يداعبونني قائلين:المفارق عينو قوية عندما اتي باي حركة جريئة ,كنت استمتع بكل لحظاتي في اواخر ايام شهر نوفمبر,كنت اودع الظلط والحلة عامود ثم عامود وترتار ثم ترتار,اجلس مع الرفاق في شارعنا وننتظر بنات الثانوي العالي بلبسهن اللبني الجميل,وكنا قد كبرنا علي مشاغلة بنات المتوسطة(الطوب الاحمر),كما يحلو لنا ان نناديهن نسبة للون الزي الرسمي انذاك,صارت تطلعاتنا كلها في الثانوي العالي فيا لها من ايام جميلة لا تعاد..

    صرت اكثف من حضور الحفلات المسائية ,بس ما اسمع لي صوت ساوند في الحلة تلقاني طرت مكانو,لهفة ما لها حدود فهذه اشياء لن تعاد,وفي كل ايامي الاخيرة كنت المحتفي به والعريس.

    كانت المشاعر متلاطمةكما الامواج,فأنا مقدم علي تجربة خطيرة سافارق السرب العائلي لديار الغربة في عمر باكر حاملا معي احلامي المتواضعة كتواضع اهلي السودانيين وبسيطة كبساطتهم.

    وهي رحلة عكس التيار لا اعلم عنها شيئا:

    انا مسافر برغم صعوبة الاسفار

    والراجيني من مشوار

    عكس الموجة والتيار

    انا مسافر بعيد وبعيد

    وشايلك يا جميل تذكار

    تذكرت وقتها قول رسولنا الكريم الذي مضمونه:لو علمتم الغيب لاستكثرتم من الخير,ولست ادري فهذه المقولة اتذكرها ايضا عندما اري اراضي حدودي في الكلاكلات والتي اصبحت الان عمارات شاهقات,اري تلكم الاراضي التي باعها اهلنا ولم يكن يدرون ماذا ستكون قيمتها في المستقبل؟ فعلا لو كانوا يدرون الغيب لاستكثروا من الاراضى ومن الخير.

    كانت كل الاجراءات الاحتياطية قد انجزت من قبلي,فلقد استخرجت شهادتي السودانية وقدمت في الجامعات السودانية بعد ان احرزت نسبة كويسة,فالظروف ما معروفة,ورتبت الرغبات في استمارة التقديم بالتدرج المعقول انا ومعي رفيق الدرب محمد الشيخ.

    كان صاحبي محمد وبقية الاصدقاء يناقشون موضوع بارتي او حفلة دكاكينية في المنزل بغرض وداعي,وبصراحة انا كنت بتشائم من حفلات الوداع دي لانها بتجيب الكج وبتحس الواحد,هذا علي حسب اعتقادي,ربما من العين او اشياء اخري.

    المهم الفرد كلهم اصروا وصار لا مناص من ان تكون هناك بارتيتة صغيرة كده للوداع(حلوة بارتيتة دي مش كده).

    وبالمناسبة الكلاكلة من الاحياء الشعبية الجميلة وبها اجتماعيات جميلة ,فالناس فيها تتعارف من اقصاها الي ادناها,دأبها في ذلك دأب كل الاحياء الشعبية في الخرطوم.

    وكنت قد حددت مواعيد سفري المتزامن مع قيام الطائرة السودانية الي :روما-لندن .وكانت سفرية واحدة انذاك في كل اسبوع.

    صادف ذلك الموعد يوم الاحد 6-12-1992 وهذا التاريخ لا استطيع ان انساه أبدا ففيه سافرت الي روما عاصمة النوافير,مدينة بطعم الماضي والحاضر,روما والتي بداخلها اصغر دولة في العالم هي الفاتيكان والتي اها سفارات للكرسي الرسولي في معظم دول العالم.


    وعلي هذا الاساس ترتبت لي حفلتين للوداع(شفتو الكارثة دي),احداهما يوم 4 والاخري يوم 5 اي قبل سفري بيوم واحد.
    كانت الحفلة الوداعية الاولي في منزلنافي مساء شتائي جميل,تجمع فيه كل الاصحاب والاحباب ومن كل حدب وصوب من العزوزاب وحتي الفتيح,ولا انسي تلكم الفتاة الجميلة التي رايتها لمرة واحدة في حياتي فقد جاءت من محطة الكبري.وكانت تلبس طرحة ذكرتني بنضال الشعب الفلسطيني ,نعم فهي عبارة عن شال فلسطيني او شئ من هذا القبيل.لقد اعجب بها اخي محمد كثيرا ولصق فيها الحفلة كلها.

    طاولة عريضة في فيرندتنا التي أخليت من كل محتوياتها,ورصت كراسي كثيرة وبمباصرة فاضحي المكان متسعا للجميع,

    في نفس الطاولة التي كانت فيها صحانة الكوكتيل ,وضع الاورغن بتاع واحد اذكر اسمه فريد وكان فني بتاع اليكترونيات وعازف في نفس الوقت.

    وضع فريد اورغنه الرائع,ووصل بعض السماعات لزوم الطرب وكده,واتي الفنا في الموعد ,كان الفنان هو :

    المعز عبد الرحيم والذي جاء مشاركا من محطة المركز الصحي,لقد كانت ليلة من ليالي العمر الجميلة غنانا فيها المعز بكل مزاج وعزف فريد ايضا بكل مزاج.

    وشهد الحفل كمية من حسان زماننا ذاك ,منو الما جاء,لقد حضر الجميع لوداعي وكنت المحتفي به ومن روعة الحفلة,احسست كانني عريس يزف لعروس حقيقية,ولكنها ليست عروس من بني البشر لقد زفوني الي روما,نعم لقد فرحوا بسفري ,فرحوا بغربتي القادمة .

    وسمعت الكثير من الثناء وهو ما يحدث عادة في مثل تلك المناسبات ,حيث يعدد محاسن المحتفي به:

    -يا حليلو والله كان طيب خلاص

    -والله زول ممتاز كان

    -والله الحلة بدونو ما حيكون ليها طعم

    وهلمجرا

    ياخي انا لمن راسي كبر

    لا يستطيع احد ممن حضر حفلة الوداع هذه ان ينساها مطلقا,لقد كانت رائعة بكل المقاييس,ولقد فاقت تصوراتنا نحن ايضا,كل شئ فيه جاء في المكان والزمان المحددين(حفلة ما منظور مثيلها). وايضا كانت صباحية,في زمان كانت الحفلات فيه حدها 11 مساء.

    أذكر ان خالي العزيز المعلم: عبد المحمود الياس والذي جاء من العززوزاب لوداعي اراد ان ينام في الغرفة المجاورة فلم يستطع من شدة ازعاجنا فقد هججنا هجيج شديد فيا حليل الهجيج.

    بدات الحفلة كالعادة بالعديد من الاغاني الهادئة ومنها الحزينة المعبرة عن الوداع مما يجعل الدمع او العبرة علي الحافة,ث

    (عدل بواسطة سيف اليزل برعي البدوي on 12-01-2013, 06:04 PM)
    (عدل بواسطة سيف اليزل برعي البدوي on 12-01-2013, 06:10 PM)

                  

العنوان الكاتب Date
سفري السبب لي آذايا...مذكراتي من أيام روما سيف اليزل برعي البدوي11-28-13, 02:47 PM
  Re: سفري السبب لي آزايا...مذكراتي من أيام روما سيف اليزل برعي البدوي11-28-13, 02:50 PM
    Re: سفري السبب لي آزايا...مذكراتي من أيام روما سيف اليزل برعي البدوي11-28-13, 02:51 PM
      Re: سفري السبب لي آزايا...مذكراتي من أيام روما سيف اليزل برعي البدوي11-28-13, 02:52 PM
        Re: سفري السبب لي آزايا...مذكراتي من أيام روما سيف اليزل برعي البدوي11-28-13, 02:53 PM
          Re: سفري السبب لي آزايا...مذكراتي من أيام روما سيف اليزل برعي البدوي11-28-13, 02:54 PM
            Re: سفري السبب لي آزايا...مذكراتي من أيام روما سيف اليزل برعي البدوي11-28-13, 02:55 PM
              Re: سفري السبب لي آزايا...مذكراتي من أيام روما سيف اليزل برعي البدوي11-28-13, 02:56 PM
                Re: سفري السبب لي آزايا...مذكراتي من أيام روما سيف اليزل برعي البدوي11-28-13, 02:58 PM
                  Re: سفري السبب لي آزايا...مذكراتي من أيام روما سيف اليزل برعي البدوي11-28-13, 02:59 PM
                    Re: سفري السبب لي آزايا...مذكراتي من أيام روما سيف اليزل برعي البدوي11-28-13, 03:01 PM
                      Re: سفري السبب لي آزايا...مذكراتي من أيام روما سيف اليزل برعي البدوي11-28-13, 03:01 PM
                        Re: سفري السبب لي آزايا...مذكراتي من أيام روما سيف اليزل برعي البدوي11-28-13, 03:03 PM
                          Re: سفري السبب لي آزايا...مذكراتي من أيام روما سيف اليزل برعي البدوي11-28-13, 03:04 PM
                            Re: سفري السبب لي آزايا...مذكراتي من أيام روما سيف اليزل برعي البدوي11-28-13, 03:05 PM
                              Re: سفري السبب لي آزايا...مذكراتي من أيام روما سيف اليزل برعي البدوي11-28-13, 03:06 PM
                                Re: سفري السبب لي آزايا...مذكراتي من أيام روما سيف اليزل برعي البدوي11-28-13, 03:09 PM
                                  Re: سفري السبب لي آزايا...مذكراتي من أيام روما سيف اليزل برعي البدوي11-28-13, 03:10 PM
                                    Re: سفري السبب لي آزايا...مذكراتي من أيام روما سيف اليزل برعي البدوي11-28-13, 03:12 PM
                                      Re: سفري السبب لي آزايا...مذكراتي من أيام روما سيف اليزل برعي البدوي11-28-13, 03:14 PM
                                        Re: سفري السبب لي آزايا...مذكراتي من أيام روما سيف اليزل برعي البدوي11-28-13, 03:15 PM
                                          Re: سفري السبب لي آزايا...مذكراتي من أيام روما سيف اليزل برعي البدوي11-28-13, 03:17 PM
                                            Re: سفري السبب لي آزايا...مذكراتي من أيام روما سيف اليزل برعي البدوي11-28-13, 03:18 PM
                                              Re: سفري السبب لي آزايا...مذكراتي من أيام روما سيف اليزل برعي البدوي11-28-13, 03:19 PM
                                                Re: سفري السبب لي آزايا...مذكراتي من أيام روما سيف اليزل برعي البدوي11-28-13, 03:21 PM
                                                  Re: سفري السبب لي آزايا...مذكراتي من أيام روما سيف اليزل برعي البدوي11-28-13, 03:22 PM
                                                    Re: سفري السبب لي آزايا...مذكراتي من أيام روما سيف اليزل برعي البدوي11-28-13, 03:23 PM
                                                      Re: سفري السبب لي آزايا...مذكراتي من أيام روما سيف اليزل برعي البدوي11-28-13, 03:26 PM
                                                        Re: سفري السبب لي آزايا...مذكراتي من أيام روما سيف اليزل برعي البدوي11-28-13, 04:07 PM
                                                          Re: سفري السبب لي آزايا...مذكراتي من أيام روما usama Babiker11-28-13, 06:22 PM
                                                            Re: سفري السبب لي آزايا...مذكراتي من أيام روما سيف اليزل برعي البدوي11-28-13, 06:46 PM
                                                              Re: سفري السبب لي آزايا...مذكراتي من أيام روما ماهر الحويرص11-28-13, 08:16 PM
                                                                Re: سفري السبب لي آزايا...مذكراتي من أيام روما سيف اليزل برعي البدوي11-29-13, 03:00 PM
                                                                  Re: سفري السبب لي آزايا...مذكراتي من أيام روما saadeldin abdelrahman11-30-13, 05:16 AM
                                                                    Re: سفري السبب لي آزايا...مذكراتي من أيام روما محمد هاشم ابوزيد11-30-13, 11:03 AM
                                                                      Re: سفري السبب لي آزايا...مذكراتي من أيام روما سيف اليزل برعي البدوي12-01-13, 05:56 PM
                                                                        Re: سفري السبب لي آزايا...مذكراتي من أيام روما سيف اليزل برعي البدوي12-01-13, 09:21 PM
                                                                          Re: سفري السبب لي آزايا...مذكراتي من أيام روما كمال علي الزين12-01-13, 11:41 PM
                                                                Re: سفري السبب لي آزايا...مذكراتي من أيام روما كمال علي الزين12-01-13, 11:46 PM
                                                                  Re: سفري السبب لي آزايا...مذكراتي من أيام روما ماهر الحويرص12-02-13, 00:28 AM
                                                                    Re: سفري السبب لي آزايا...مذكراتي من أيام روما كمال علي الزين12-02-13, 01:36 AM
                                                                      Re: سفري السبب لي آزايا...مذكراتي من أيام روما saadeldin abdelrahman12-02-13, 03:20 AM
                                                                        Re: سفري السبب لي آزايا...مذكراتي من أيام روما كمال علي الزين12-02-13, 03:24 AM
                                                                          Re: سفري السبب لي آزايا...مذكراتي من أيام روما سيف اليزل برعي البدوي12-02-13, 03:46 AM
                                                                      Re: سفري السبب لي آزايا...مذكراتي من أيام روما د.نجاة محمود12-02-13, 03:57 AM
                                                                        Re: سفري السبب لي آزايا...مذكراتي من أيام روما Saifeldin Gibreel12-02-13, 04:18 AM
                                                                          Re: سفري السبب لي آزايا...مذكراتي من أيام روما سيف اليزل برعي البدوي12-02-13, 04:26 PM
                                                                            Re: سفري السبب لي آزايا...مذكراتي من أيام روما سيف اليزل برعي البدوي12-05-13, 05:34 PM
                                                                              Re: سفري السبب لي آزايا...مذكراتي من أيام روما سيف اليزل برعي البدوي12-07-13, 01:51 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de