|
Re: مفهوم البدعة فى الاسلام ... سلطان العلماء (Re: mwahib idriss)
|
التحليل والمناقشة في تقسيمات البدعة : ذهب العلماء في تقسيم البدعة إلى هذا القول بانقسامها إلى بدعة حسنة ، وبدعة سيئة ، ويزيدون على هذا فيقسمون البدعة إلى الأحكام التكليفية الخمسة (الوجوب والاستحباب والإباحة والتحريم والكراهة) وقد ذكر هذا التقسيم العز بن عبد السلام رحمه الله ، وتبعه عليه تلميذه القرافي . وقد ردَّ الشاطبي على القرافي رضاه بهذا التقسيم ، فقال : "هذا التقسيم أمر مخترَع لا يدل عليه دليل شرعي ، بل هو نفسه متدافع ؛ لأن من حقيقة البدعة : أن لا يدل عليها دليل شرعي ، لا من نصوص الشرع ، ولا من قواعده ، إذ لو كان هنالك ما يدل من الشرع على وجوب ، أو ندب ، أو إباحة : لمَا كان ثمَّ بدعة ، ولكان العمل داخلاً في عموم الأعمال المأمور بها ، أو المخيَّر فيها ، فالجمع بين عدِّ تلك الأشياء بدَعاً ، وبين كون الأدلة تدل على وجوبها ، أو ندبها ، أو إباحتها : جمعٌ بين متنافيين . أما المكروه منها ، والمحرم : فمسلَّم من جهة كونها بدعاً ، لا من جهة أخرى ، إذ لو دل دليل على منع أمر ، أو كراهته : لم يُثبت ذلك كونه بدعة ، لإمكان أن يكون معصية ، كالقتل ، والسرقة ، وشرب الخمر ، ونحوها ، فلا بدعة يتصور فيها ذلك التقسيم البتة ، إلا الكراهية والتحريم ، حسبما يذكر في بابه فما ذكره القرافي عن الأصحاب من الاتفاق على إنكار البدع : صحيح ، وما قسَّمه فيها غير صحيح ، ومن العجب حكاية الاتفاق مع المصادمة بالخلاف ، ومع معرفته بما يلزمه في خرق الإجماع ، وكأنه إنما اتبع في هذا التقسيم شيخَه – أي : ابن عبد السلام - من غير تأمل . - ثم ذكر عذر العز بن عبد السلام رحمه الله في ذلك التقسيم ، وأنه سمى " المصالح المرسلة " بدَعاً ، ثم قال - : أما القرافي : فلا عذر له في نقل تلك الأقسام على غير مراد شيخه ، ولا على مراد الناس ؛ لأنه خالف الكل في ذلك " التقسيم ، فصار مخالفاً للإجماع" (1)انتهى . وننصح بالرجوع للكتاب ، فقد أبلغ في الرد ، وأجاد ، رحمه الله. 1ـ الاعتصام" (ص 152 ، 153)
وقد مَثَّل العز بن عبد السلام رحمه الله للبدعة الواجبة على تقسيمه ، فقال : "وللبدع الواجبة أمثلة : أحدها : الاشتغال بعلم النحو الذي يفهم به كلام الله ، وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم ، وذلك واجب ؛ لأن حفظ الشريعة واجب ، ولا يتأتى حفظها إلا بمعرفة ذلك ، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب . المثال الثاني : حفظ غريب الكتاب ، والسنَّة من اللغة . المثال الثالث : تدوين أصول الفقه . المثال الرابع : الكلام في الجرح ، والتعديل ، لتمييز الصحيح من السقيم ، وقد دلت قواعد الشريعة على أن حفظ الشريعة فرض كفاية فيما زاد على القدر المتعين ، ولا يتأتى حفظ الشريعة إلا بما ذكرناه" انتهى (1). وقد رد عليه الشاطبي أيضاً فقال : "وأما ما قاله عز الدين : فالكلام فيه على ما تقدم ، فأمثلة الواجب منها مِن قبيل ما لا يتم الواجب إلا به - كما قال - : فلا يشترط أن يكون معمولاً به في السلف ، ولا أن يكون له أصل في الشريعة على الخصوص ؛ لأنه من باب " المصالح المرسلة " ، لا البدع" انتهى (2) وحاصل هذا الرد : أن هذه العلوم لا يصح أن توصف بأنها بدعة شرعية مذمومة ، لأنها تشهد لها النصوص العامة والقواعد الشرعية العامة ، التي تأمر بحفظ الدين ، وحفظ السنة ، ونقل العلوم الشرعية ونصوص الشرع (الكتاب والسنة) إلى الناس نقلاً صحيحاً . ويمكن أن يقال : إن اعتبار هذه العلوم بدعة ، هو من الناحية اللغوية ، وليس من الناحية الشرعية ، والبدعة الشرعية مذمومة كلها ، أما البدعة اللغوية فمنها ما هو محمود ومنها ما هو مذموم . قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله : "فالبدعة في عرف الشرع مذمومة ، بخلاف اللغة ، فإن كل شيء أُحدث على غير مثال يسمى بدعة سواء كان محموداً ، أو مذموماً" انتهى .". (3) 1ـ " قواعد الأحكام في مصالح الأنام " ( 2 / 173 ) 2ـ " الاعتصام " ( ص 157 ، 158 ) . 3ـ فتح الباري " ( 13 / 253 ) "وأما "البِدَع" : فهو جمع بدعة ، وهي كل شيء ليس له مثال تقدّم ، فيشمل لغةً ما يُحْمد ، ويذمّ ، ويختص في عُرفِ أهل الشرع بما يُذمّ ، وإن وردت في المحمود : فعلى معناها اللغوي" (1)انتهى . وفي تعليقه على حديث رقم ( 7277 ) ، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة ، باب 2 ، من " صحيح البخاري " قال الشيخ عبد الرحمن البراك – حفظه الله - : "هذا التقسيم يصح باعتبار البدعة اللغوية ، وأما البدعة في الشرع : فكلها ضلالة ، كما قال صلى الله عليه وسلم : (وشر الأمور محدثاتها ، وكل بدعة ضلالة) ، ومع هذا العموم لا يجوز أن يقال : من البدع ما هو واجب ، أو مستحب ، أو مباح ، بل البدعة في الدِّين إما محرمة ، أو مكروهة ، ومن المكروه مما قال عنها إنها بدعة مباحة : تخصيص الصبح ، والعصر بالمصافحة بعدهما" انتهى . ومما ينبغي فهمه والوقوف عليه : أنه ينبغي النظر في توفر الأسباب ، وعدم الموانع ، في فعل الشيء في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، وأصحابه الكرام ، فمولد النبي صلى الله عليه وسلم ، ومحبته من قبَل أصحابه : سببان توفرا زمن الصحابة الكرام لاتخاذ يوم مولده عيداً يحتفلون به فيه ، وليس هناك ما يمنعهم من ذلك ، فلما لم يفعل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه شيئاً من هذا علم أنه ليس بمشروع ، إذ لو كان مشروعاً لكانوا أسبق الناس إليه . قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : "وكذلك ما يُحدثه بعض الناس ، إما مضاهاة للنصارى في ميلاد عيسى عليه السلام ، وإما محبة للنبي صلى الله عليه وسلم ، وتعظيماً له - والله قد يثيبهم على هذه المحبة والاجتهاد ، لا على البدع - من اتخاذ مولد النبي صلى الله عليه وسلم عيداً - مع اختلاف الناس في مولده - : فإن هذا لم يفعله السلف ، مع قيام المقتضي له ، وعدم المانع منه ، ولو كان هذا خيراً محضاً ، أو راجحاً : لكان السلف رضي الله عنهم أحق به منَّا ؛ فإنهم كانوا أشد محبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتعظيماً له منَّا ، وهم على الخير أحرص ، وإنما كمال محبته وتعظيمه : في متابعته ، وطاعته ، واتباع أمره ، وإحياء سنَّته ، باطناً ، وظاهراً ، ونشر ما بُعث به ، والجهاد على ذلك ، بالقلب ، واليد ، واللسان ؛ فإن هذه هي طريقة السابقين الأولين ، من المهاجرين ، والأنصار ، والذين اتبعوهم بإحسان" انتهى( 2). وقال القاضي أبو بكر ابن العربي رحمه الله عند شرحه لقول الرسول صلى الله عليه وسلم "إياكم ومحدثات الأمور" قال: اعلموا – علمكم الله – أن المحدث على قسمين : محدث ليس له أصل إلا الشهوة والعمل بمقتضى الإرادة ، فهذا باطل قطعا – يعني هو المراد ببدعة الضلالة- ، ومحدث يحمل النظير على النظير ، فهو سنة الخلفاء والأئمة الفضلاء _ يعني فليس المراد به بدعة الضلالة – وليس المحدث والبدعة مذموما للفظ محدث وبدعة ولا لمعناهما ، فقد قال الله تعالى : " وما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث " وقال عمر رضي الله عنه : " نعمت البدعة " . وإنما يذم من المحدثات ما دعا إلى ضلالة. ( من عارضة الأحوذي في شرح صحيح الترمذي 10\146 ) 1ـ " فتح الباري " ( 13 / 340 ) . 2ـ " اقتضاء الصراط " ( ص 294 ، 295 ) . وقال ابن الأثير: البدعة بدعتان بدعة هدى وبدعة ضلالة . فما كان خلاف ما أمر الله تعالى ورسوله فهو في حيز الذم والإنكار، وما كان واقعا تحت عموم ما ندب الله إليه ، وحض عليه رسوله فهو في حيز المدح. ومن لم يكن له مثال موجود كنوع من السخاء والجود وفعل المعروف فهو من الأفعال المحمودة. ولا يجوز أن يكون ذلك في خلاف ما ورد الشرع به، لأن النبي قد جعل له ثوابا فقال: " من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها" انتهى
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
مفهوم البدعة فى الاسلام ... سلطان العلماء | mwahib idriss | 11-20-13, 09:49 AM |
Re: مفهوم البدعة فى الاسلام ... سلطان العلماء | mwahib idriss | 11-20-13, 09:52 AM |
Re: مفهوم البدعة فى الاسلام ... سلطان العلماء | mwahib idriss | 11-20-13, 09:55 AM |
Re: مفهوم البدعة فى الاسلام ... سلطان العلماء | mwahib idriss | 11-20-13, 09:58 AM |
Re: مفهوم البدعة فى الاسلام ... سلطان العلماء | mwahib idriss | 11-20-13, 10:00 AM |
Re: مفهوم البدعة فى الاسلام ... سلطان العلماء | mwahib idriss | 11-20-13, 10:05 AM |
Re: مفهوم البدعة فى الاسلام ... سلطان العلماء | Frankly | 11-20-13, 10:26 AM |
Re: مفهوم البدعة فى الاسلام ... سلطان العلماء | mwahib idriss | 11-20-13, 06:11 PM |
Re: مفهوم البدعة فى الاسلام ... سلطان العلماء | Mohamed E. Seliaman | 11-21-13, 10:53 AM |
Re: مفهوم البدعة فى الاسلام ... سلطان العلماء | mwahib idriss | 11-21-13, 07:40 PM |
Re: مفهوم البدعة فى الاسلام ... سلطان العلماء | Faisal Habiballa | 11-21-13, 07:54 PM |
|
|
|