كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
|
Re: حول قانون الامن الانقاذى (Re: بجاوى)
|
Quote: قانون الأمن الوطني فيصل محمد صالح
لا أعرف حدود نقد القضاء بكل مستوياته، وحدود الكتابة عن الأحكام القضائية بعد صدورها، وأظن أنه لا يهم معرفة الحدود لأنه ثبت بالدليل القاطع إمكانية تغييرها أو تفسيرها على نحو آخر، إذا تم استقصاك. لذلك أتوكل على الحي الذي لا يدوم وأقول: إنه ورغم تجارب سابقة بائسة مع المحكمة الدستورية، فإن أول الطريق لمناهضة قانون الأمن الوطني هو اللجوء للمحكمة الدستورية، والمضي معها حتى النهاية، فإما صدر حكم لصالح الطاعنين بإعلان عدم دستورية قانون الأمن الوطني، وإما أخذنا دليلاً جديداً على عدم جدية المؤسسات الموجودة وصار هذا حجة على من قال بأن حل المشاكل يجب أن يتم داخل المكاتب والمؤسسات القائمة. هذا القانون معيب وفيه تعد واضح على الحقوق والحريات العامة، ولا يعقل أن يكون ضمن قوانين التحول الديمقراطي، وإلا صار التحول الديمقراطي مصدرا للتهكم والسخرية. لا يحتاج المرء ليكون فقيهاً دستورياً ، ليرى عدم دستورية هذا القانون، وإن جاءت السيدة بدرية سليمان بعشرات الحجج الملتبسة. قرأت لها قبل يومين في معرض تبريرها لفض مسيرات المعارضة ،أن الأمر الوزاري لا يعلو على القانون، وهو كلام صحيح، لكن لتمضي قليلاً للأمام وتجيب عن السؤال وهل يعلو القانون على الدستور؟ لقد نص الدستور بشكل واضح على مبدأ حاكمية الدستور الانتقالي، وهذا الدستور يقول بشكل واضح وجلي في المادة 150-(3) "تكون خدمة الأمن الوطني خدمةً مهنيةً وتركز في مهامها، على جمع المعلومات وتحليلها وتقديم المشورة للسلطات المعنية" - المادة 150 الفصل الثالث من الباب التاسع. هذا نص يحصر عمل خدمة جهاز الأمن الوطني ويحدد اختصاصاته في إطار معين، ولا يمكن أن يكون هناك قانون يتعدى على هذا النص ليجعل من سلطات الجهاز الاعتقال والحبس والمداهمات. ثم أفرد الدستور باباً كاملاً للحقوق والحريات، هو الباب الثاني المسمى بوثيقة الحقوق. ثم أشارت المادة ( 48) بعنوان حرمة الحقوق والحريات، إلى أنه مع مراعاة المادة 211 من هذا الدستور، لا يجوز الانتقاص من الحقوق والحريات المنصوص عليها في هذه الوثيقة ، وتصون المحكمة الدستورية والمحاكم المختصة الأخرى هذه الوثيقة وتحميها وتطبقها ، وتراقب مفوضية حقوق الإنسان تطبيقها في الدولة وفقاً للمادة 142 من هذا الدستور. هذا النص يبطل كل مادة في أي قانون، سواء كان قانون الأمن الوطني أو سواه، يتعدى على الحريات والحقوق المعرفة في الدستور، والمحمية بالمواثيق والعهود الدولية التي صادق عليها السودان، وكلها تجرم الاعتقال التحفظي بدون توجيه تهمة وبدون إجازة قاض. كما أن هذه المواثيق لا تقر الحصانات الممنوحة لرجال الأمن والتي تعفيهم من المساءلة والمحاسبة على جرائم التعذيب وانتهاكات حقوق المعتقلين، "إن تمت بحسن نية" كما قال القانون الجديد!وبحسب هذه الحصانات لا يستطيع أي مواطن أن يقاضي جهاز الأمن على الانتهاكات التي تقع عليها وهو بالضبط ما حدث للبروفيسور فاروق محمد إبراهيم الذي وصل حتى المحكمة الدستورية، وعاد بحكم يقر بحصانة رجال الأمن. وقد عرض الفريق صلاح قوش هذه القضية بشكل مخل في الغذاء الذي جمعه بالصحفيين في منزل الزميل عمر كاهن، وقال ما معناه أن المحكمة برأت الجهاز، والحقيقة انه لم تتم محاكمة الجهاز ومنسوبيه بسبب الحصانة. هذه الوقائع يمكن أن تتكرر مرة أخرى في مرحلة التحول الديمقراطي بسبب هذا القانون، فتأمل!
الاخبار |
|
|
|
|
|
|
|
|
|