ماضى ومستقبل الاخوان ...السياسى..والاقتصادى ..العسكرى ...الاجتماعى ..توثيق

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-04-2024, 03:14 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2013م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-18-2013, 04:53 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ماضى ومستقبل الاخوان ...السياسى..والاقتصادى ..العسكرى ...الاجتماعى ..توثيق (Re: الكيك)

    (الحلقة الأولى)
    الإسلام السياسى وصناعة الإرهاب من عصر الصحابة إلى حكم الجماعة!
    المتأسلمون القدامى حفظة القرآن قتلوا "عثمان وعلى" ومثلوا "بالحسين" فى كربلاء طمعا بالسلطة


    بقلم: طلعت الطرابيشى الخميس , 12 ديسمبر 2013 15:50 فى بلاد الغرب.. بلاد«الإفرنجة», و«الوق الواق» التطرف الدينى صناعة عارضة.. وافدة.. ظاهرة استثنائية.

    وفى بلاد الحضارة الإسلامية, مهد الشرائع السماوية, والوحى, والوسطية, الإرهاب والتطرف الدينى صناعة أصيلة, لها ماركة مسجلة, وملكية فكرية, وبراءة اختراع, ومحظور على ماعداها التقليد.
    ورغم تغير الظروف والأزمان بداية من عصر الخلفاء الراشدين, وحتى زوال الخلافة, إلى يومنا هذا لا تزال الفرق, والجماعات والأحزاب, وتيارات الإسلام السياسى بنزقها, وصلفها هى هى. تتغير المسميات والهدف واحد, وهو الصراع على السلطة . وتحت ستار الدين تقنن الفتن, وجميع الموبيقات لنفسها ولأنصارها, وتزينها لغيرها. فالحرام فى شرعها حلال, والحلال حرام. والكذب مباح, والرجوع عن الحق فضيلة, وسفك الدماء وسيلة. ومن أجل الغرض, والسلطة تستحل الأموال, والأعراض. ويصبح «جهاد النكاح» جائزا, ومستحبا فى عرف, وأدبيات شيوخ المدعين.
    وتوصف المذاهب, والفرق والجماعات المتطرفة المنتسبة للإسلام باليمين الدينى, أو المتأسلمين الجدد, أو الإسلام السياسى, وهو أمر متعارف عليه, ومتكرر فى التاريخ الإسلامى. و- غالبا - ما يصاحب ظهورها فترات ضعف الدول . بما يسمح بانشقاق فئات, وطوائف من المسلمين, واعتزالهم الناس, ومجالس العلماء, وخروجهم عن الإجماع بالتشكيك فى العقيدة, لإحداث فتنة فى المجتمع «وجر شكل» السلطة, لاستنزافها فى مواجهات مسلحة بدعوى حماية الدين والشريعة. وللأسف هم دائما أداة طيعة فى يد أعداء الدين, وأجهزة مخابرات القوى الخارجية لتفتيت وحدة المسلمين.
    بداية تمهيدية قبل الدخول فى حلقات, أو دراسة حركات الإسلام السياسى.. مرتزقة الحروب, وأمراء الفتنة فى إزكاء الصراعات الطائفية والمذهبية على مر العصور. نشير إلى أن النبش فى التاريخ, واستدعاء التجارب المظلمة فيه, ليس مضيعة للوقت, أو وسيلة للتباكى, وتقليب المواجع. فالتاريخ الإسلامى على امتداده مضيء.. ناصع.. مليء بالشخصيات, والمواقف, والعبر, والذكريات. وإن مرت به بعض العثرات, والفترات الحزينة المؤلمة فى مسيرة الحضارة الإنسانية للشعوب, والمسلمين على وجه الخصوص.
    وفى حالات التشابه, والتكرار, لا مفر من المقارنة والقياس كوسيلة متاحة للتدليل, وإصدار الأحكام. وبالنسبة – لى – هو مبرر واقعى للربط – إن أمكن - بين بدايات بروز ظاهرة فرق وجماعات العنف, والتطرف الدينى فى القرن الأول للهجرة, وأصداء دعوتها ومعاركها, وما آل إليه الحال الآن بعد أكثر من 14 قرنا. وقد تكون فرصة لكشف أسباب إعادة تكرار الظاهرة بملامحها, وأهدافها. دون أى تغيير سوى فى الأشخاص, والعصور وكأن التاريخ يعيد سيرته الأولى.
    ومن الشواهد الملفتة فى التاريخ الإسلامى تكرار ذكر مصطلح «الخوارج» بين الحين والآخر. ووصف, أو مصطلح الخوارج يطلق على الفرق, والجماعات, والأحزاب المنتسبة للإسلام, التى تؤمن بالعمل السرى, وترفع السلاح على أئمة المسلمين, وتتخذ العنف, والاغتيالات وسيلة, لإرهاب من يخالف أفكارها. وهى تضم مذاهب, وفرقا, وجماعات شتى. ترفع لواء الدين والشريعة فى خطابها. فى حين تضمر كل الشر للإسلام, والمسلمين، وإن ادعت غير ذلك.
    والخوارج سياسيا وتاريخيا كما جاء فى كتب السيرة والسنة النبوية, هى فرق إسلامية كانت لها آراء أحدثت شرخا سياسيا فى بناء الدولة الإسلامية. وأعضائها, أو دعاتها فى الأغلب الأمم كانوا من «القراء» حفظة القرآن الكريم. ويطلقون على أنفسهم المؤمنين, وجماعة المؤمنين, والجماعة المؤمنة، على اعتبار أنهم أوصياء على الدين.
    ويؤخذ على الخوارج «الفئة الباغية», أنهم أول من تقولوا على الرسول صلى الله عليه وسلم, وكفروا الصحابة, إلى حد الخروج عليهم بالسلاح, واستباحت دماءهم, ودماء آل البيت، على حساب الإسلام, لإعلاء العصبية القبلية, ومصالحهم الخاصة, وكرسى الحكم.
    ويأتى فى مقدمة فرق الخوارج القديمة الأشهر خلال الـ200 سنة الأولى من الهجرة حسب ترتيبها في الغلو, فأشدها غلواً «الازارقة» أتباع نافع بن الأزرق، ثم «النجدات», أتباع نجدة بن عامر المنشق على نافع، ثم «الأباضية» لعبدالله بن باض التميمى, و«الصفرية» لزياد بن الأصفر, و«الشيبية» لشبيب بن يزيد الشيبانى، ثم القرامطة, والمعتزلة, والأشاعرة, والشيعة من الزيدية الإثنى عشرية, والنصرية, والصفوية, والحشاشين . ومن أهم عقائد الخوارج فى القرنين الأولين من الهجرة:
    1- تكفير مرتكب الكبيرة وتخليده في النار.
    2 - تكفير عثمان وعلي رضي الله عنهما.
    3 - تكفير من خالفهم من المسلمين.
    4 - الحكم بأن دار مخالفيهم من المسلمين دار كفر.
    5- إسقاط حد الرجم و القذف.
    6- موالاة اصحاب الحدود والجنايات إذا كانوا على مذهبهم، والتشدد فى فرض الحدود على مخالفيهم.
    7 - استثناء من كان على مذهبهم من الكفر حتى لو ارتكب الكبيرة كما تقول الازارقة.
    وترجع بدايات إطلاق وصف الخوارج على استحياء من خلال أفراد, إلى عهد النبى صلى الله عليه وسلم, من خلال واقعة «حرفوص بن زهير», أو ذو الخويصرة التميمى أحد المنافقين, الذى عاب على الرسول فى تفريق الصداقات, كما يقول «بن الجوزى» حينما قال له أعدل , فنزلت فيه الآية (ومنهم من يلمزك فى الصداقات). ولكن بعد أن كثر عدد الخوارج, وزاد بأسهم وبغيهم, وتحولوا إلى ظاهرة فى شكل فرق, وجماعات ضغط سياسى, وعنف. بدأ تأصيل الخوارج رسميا – وبالتحديد – مع اندلاع «الفتنة الكبرى» فى عام 35 هـ, والتى كان أولي ضحاياها مقتل الصحابى الجليل ثالث الخلفاء الراشدين ذي النورين عثمان بن عفان. وكانت أولى الفتن التي تسببت فى انشقاقات, وحروب أهلية في الدولة الإسلامية، نتيجة للخلافات السياسية
    قميص عثمان
    وهناك قصة شاعت كثيرا على ألسنة البعض عن «قميص عثمان», وأصلها يعود إلى احتفاظ مجموعة من خوارج الشام, والأعراب, ومصر للقميص الذى كان يرتديه سيدنا عثمان أثناء قتله, وعليه آثار دمائه, وتعليقه على منبر المسجد الجامع بدمشق, إلى جوار «أنامل» أصابع زوجته نائلة بنت القراصفة, فى إطار الكيد لسيدنا على بن أبى طالب عندما آلت إليه الخلافة, بدعوى الثأر لمقتل عثمان, والتوظيف السيء للدين فى السياسة. ويقال إن معاوية بن أبى سفيان شاركهم فى هذا الفعل, تحت تأثير العصبية القبلية, وطمعا فى الخلافة.
    معركة الجمل
    ويرى الدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة, أن الأحداث الدموية والمأساوية التى تصاعدت بعد مقتل عثمان, والغضب من على كرم الله وجهه, لتأخر القصاص من قتلة عثمان، كان الشرارة لمعركة الجمل فى البصرة عام 36 هـ. وبدأت باستئذان طلحة بن عبيدالله, والزبير بن العوام رضى الله عنهما عليا فى الذهــاب إلى مكة, وهناك التقيا بعائشة رضى الله عنها، وكانت عائدة من الحج, وسمعت بمقتل عثمان فعزموا على الأخذ بثأر عثمـان, فخرجوا من مكة ومن تابعهم قاصدين قتلة عثمان. وانضم إليهم كثير من أهل البصرة, وسمـع على بحدوث قتال بين والى البصرة, وطلحة والزبير, والسيدة عائشة . مما أدى إلى انقسام الناس طائفتين. وهنا خرج على من المدينة, إلى الكوفة بجيش لمقاتلة طلحة والزبير، وأرسل إليهما رسولين ليتحدثا معهما. واتفقوا على عدم القتال. ولكن اختلفوا فى توقيت قتل قتلة عثمان، حيث رفض طلحة والزبير التباطؤ فى تنفيذ القصاص. فى حين يرى على رضى الله عنه الانتظار لحين تستتب أمور البلاد. ثم يكون القصاص. وفى النهاية تم الاتفاق, ونام الجيشان. ولكن الخوارج وأعداء الدين من «السبئية» أتباع عبدالله ابن سبأ لم يهدأوا, وفى الليل هاجموا جيش طلحة والزبير فظن جيش طلحة أن عليا غدر بهم فناوشوا جيشه فى الصباح, فظن جيش على أن طلحة والزبير غدرا بهم، واشتعلت المعركة بين الفريقين وحاول الكبار من الجيشين وقف القتال. ولكن لم يفلحوا فحدثت المعركة. وقتل طلحة والزبير, وسقط الهودج من على ظهر الجمل الذى كانت به السيدة عائشة, فهدأت المعركة بعد سقوط آلاف القتلى, ومر على بين القتلى فوجد طلحة والزبير قتلاً فبكى، وأخذ على عائشة وأرسلها إلى المدينة . ونسبة لهذا الجمل سميت المعركة باسمه.
    نفير صفين
    وقبل أن تندمل الجراح, وتهدأ نار الفتنة، قام الخوارج بتأجيجها من جديد بإعلان النفير العام, وممالأة بعض ولاة الأمصار للانحياز إلى معاوية, والادعاء بأنه أحق فى الخلافة من على, وأقدر على فرض سيطرته على الدولة الإسلامية, وتسيير أمورها، الأمر الذى لاقى هوى فى نفس معاوية, وشجعه على استمرار امتناعه عن مبايعة على. تحت دعوى لا بيعة قبل القصاص من قتلة عثمان أولا, باعتباره وليه.
    وقد ساهم تفكير سيدنا على فى عزل معاوية عن إمارة الشام, فى اتساع شقة الخلاف, والخصومة مع على, وظهر ذلك فى منع معاوية أهل العراق الشرب من ماء نهر الفرات, حتى نزل بهم العطش, وهلكت دوابهم . فأعد علي جيشا قوامه 130 ألف مقاتل, منهم من شارك مع الرسول الكريم فى غذوة بدر، مقابل 135 ألف مقاتل لمعاوية. وأرسل علي وفدا إلى معاوية فى الشام, لإنهاء الصراع سلميا حقنا لدماء المسلمين، ولكن دون جدوى! فدارت الحرب أوزارها, فكانت معركة صفين على نهر الفرات بين العراق والشام سنة 36 هـ, بعد موقعة الجمل بسنة، وتم سقوط ضحايا من الجانبين بلغ سبعيا ألفا، منهم طبقا للروايات 45 ألفا من جيش معاوية, و25 ألفا من جيش على، كان فى مقدمتهم الصحابى ياسر بن عمار من جيش على. وكان النبى (صلي الله عليه وسلم) قد قال: لعمار (يا عمار ستقتلك الفئة الباغية)، ففزع معاوية, وخشى من هزيمته. مما أدى إلى لجوء معاوية إلى التحكيم, برفع المصاحف على أسنة الرماح تحت ضغط من أنصاره, والخوارج عليه, وعلى على. وإستجاب على لحقن الدماء.
    هدنة المصحف
    وبعد أن عاد على بجيشه إلى الكوفة، اعترضوا الخوارج الذين طالبوا وضغطوا على الطرفين بقبول التحكيم للوصول إلى «هدنة» استراحة محارم. وما كادت تدخل الهدنة حيز التنفيذ والتوقف عن القتال, لحين ما تهدأ الأمور – تمهيدا – لأخذ ثأر عثمان، حتى انقلبوا علي على. كما أن أصحاب على لاموه على قبول مبدأ التحكيم , واتهموه بالابتداع, واعتزلوا جيشه, وخرجوا إلى مكان يقال له «حروراء». وتم تسميتهم بالخوارج , أو الحرورية. وكان عددهم زهاء اثني عشر ألفاً. وعندما أدرك علي رضي الله عنه ضعف موقفه أمام خصمه معاوية حاول استرضاء من خرج من جيشه. وطلب منهم الانضمام إليه مجددا ليستأنفوا القتال من جديد ضد معاوية وجيشه. إلا أن الخوارج اتهموه أنه لم يغضب لله وإنما غضب لنفسه, ورموه بالكفر, وطالبوه بالتوبة والرجوع إلى الإسلام. وقالوا مقولتهم المشهورة (لا حكم إلا لله) والتي قال عنها علي رضي الله عنه: كلمة حق أريد بها باطل، بحجة أن على ضيع وصية رسول الله, وقالوا «إن الحكم إلا لله وليس لعلى»، فقام على بقتالهم حتى قضى عليهم فى معركة النهروان على نهر دجلة عام 38 هـ.
    مقتل على
    وقد استمر النزاع السياسى البغيض على السلطة حتى مقتل على, على يد عبدالرحمن بن ملجم عام 40 هـ. وتمت مبايعة ابنه الإمام الحسن, وبعد 6 أشهر تنازل «الحسن» طواعية لمعاوية بالخلافة حقنا للدماء. وظل معاوية حتى عام 60 هـ, وورث بعده ابنه «يزيد», لتتحول الخلافة على يد معاوية وابنه من بيعة وشورى, إلى ملكا عضوضا. وبسبب النزاع على الحكم بين يزيد, والحسين بن على جرت وقائع واقعة «كربلاء» بالعراق, والتى قتل وسحل فيها الحسين سيد شهداء أهل الجنة, وأسر وسبى الكثير من آل البيت, وسيطر الأمويون على مقاليد أمور الخلافة.
    القرامطة
    وفى أوائل القرن الثانى, إلى الرابع الهجرى حتى العصر العباسى كانت فرق الخوارج التى ناصبت الخلفاء الراشدين العداء, واستحلت الدماء والأعراض وأموال المسلمين بعد تسييس الدين, والانحراف به فى صراعها على السلطة قد اضمحلت، نتيجة محاربتها, وتشتيت جمعهم. بدأت فى الظهور فرق جديدة من الخوارج باسم القرامطة, والمعتزلة. وطبقا لموسوعة الفرق المنتسبة للإسلام, فالقرامطة هى فرقة باطنية مرتدة عن الإسلام خرجت من عباءة التشيع والرفض ، وتنتسب لحمدان بن الأشعل الملقب بـ«القرمط» لقصر قامته, وهو من أهل الكوفة. والذى بدأ دعوته بالزهد والورع, وفى نفسه يبطن الشر للإسلام والمسلمين, ولا يؤمن بالبعث والحساب. وفى 8 من ذى الحجة عام (317 هـ) دخل أبو طاهر القرمطى المقيم بالإحساء فى الجزيرة العربية فى عمليات إغارة على القوافل, وحروب لفرض دعوته بالقوة, والمنافسة على السلطة، شملت حروبه شن حملة على الكعبة, وضربها «بالمنجنيق»، أسفرت عن قتل ما يزيد علي 30 ألف حاج، ودفنهم بلا غسل, ولا كفن ولا صلاة, وطمروا وردموا بئر زمزم بأكثر من 3 آلاف جثة، ثم قام هو واتباعه بنزع الحجر الأسود من مكانه, وأخذوه معهم إلى الإحساء لمدة 22 سنة، حتى تمت إعادته بعد هذه السنوات. وتعد مجزرة القرامطة أبشع مجزرة فى التاريخ تتعرض لها الكعبة, وحجاج أهل البيت الحرام الأولى من حيث الدموية, بعد وإساءة أصحاب الفيل.
    خلق القرآن
    وظهرت بعد القرامطة التى امتدت جماعاتها من الحجاز إلى الشام والبحرين, فرقة المعتزلة, وهى أيضا فرقة خارجة علي الإسلام, سلك أصحابها منهجا عقليا متطرفا فى بحث العقائد الإسلامية. وكان مؤسسها «واصل بن عطاء» . الذى اعتزل مجلس الإمام الحسن البصرى إمام أهل السنة والجماعة، بسبب إثارته للشبهات فى مجالسه. ومحاولاته لفرض رأيه المخالف للإجماع حول مرتكب الكبيرة. وقد نجح مؤسس مذهب المعتزلة فى لفت الإنظار إليه, وإلى مذهبه من خلال تعمد مخالفة السائد من الفتاوى, والتركيز على المختلف فيه.. وقد شهدت المعتزلة ازدهارا فى عصر الخليفة المأمون العباسى. نتيجة احتضانه لهذا المذهب, وتقريب معتنقيه من مجالسة وأركان حكمه، حيث منح أتباع المعتزلة مناصب سياسية فى البلاد. ومن بين أفكارهم المنحرفة القرآن مخلوق, أو ما عرف بخلق القرآن. وتشمل أفكارهم الهدامة الإفتاء بأن, الفاسق لا مؤمن ولا كافر أى بين بين, وتشكيكهم فى صحة شفاعة النبى, ومخالفتهم لأصول أهل السنة والجماعة, والاعتماد على العقل المجرد فى فهم العقيدة, والتأويل. فهم يؤولون فى الصفات كما يؤولون الصراط والميزان. وقد أساء المعتزلة للإسلام, وعلى أيديهم أوذي الأئمة, وأشاعوا الفوضى وارتكبت المعاصى فكانوا معول هدم فى يد الأعداء لتفكيك الدول الإسلامية. وكانت فرق المعتزلة تضم «الوصلية, والهزيلية, والنظامية, والمردادية, والبشرية, والخابطية».
    الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها, ما تكاد تخبو إلى وتطفو.. صراع متواصل بين الحق والباطل تمتد إلى حروب ضروس تنتهك فيها الحرمات, والمقدسات باسم الدين من أجل مكاسب زائلة ضيقة. وما زالت محاولات إشعالها لم تتوقف, وتقول هل من مزيد لهدم الدين. رغم الحقيقة الثابتة هى أن الإسلام راسخ مصان إلى يوم يبعثون. بحكم قوله تعالى «وإن نزلنا الذكر وإن له لحافظون». ولهذا هو بريء من تطاول الكارهين «الذين يحرفون الكلم عن مواضعه», ويطوعون آياته المنزلة فى وصف المؤمنين, وجعلها فى وصف الكافرين.
    ويذكر التاريخ بعض حالات الانحياز الممقوت للباطل على حساب الحق تحت تأثير عاطفة العصبية والقبلية, ومناصرة المناوئين للصحابة الأخيار من الخلفاء الراشدين, والمنازعين لهم فى الخلافة. تارة بتعمد, وتارة اخرى بحسن نية ظنا منهم أنهم يفعلون ذلك طاعة لله, ونجاة من النار – وهذا – تلبيس إبليس عليهم. ولا يستثنى من هذا الخطأ المتعمد, أو غير المقصود من شارك فى تجييش الجيوش, ضد الخليفة الثالث عثمان, والرابع على بن أبى طالب, لخلعهم أو قتلهم.
    استهداف الأئمة الأربعة
    ويذكر الدكتور «كريمة» أن أصحاب المذاهب الأربعة نالوا أشد العنت والظلم والاضطهاد, إلى درجة اتهامهم بالكفر على يد المنتسبين للإسلام من الخوارج, والمتنفذين فى السلطة والحكم فى العصرين الأموى, والعباسى . فقد تعرض الإمام أبوحنيفة لكثير من الاضطهاد, والإقصاء بسبب رفضه منصب قاضى القضاة. وكان نصيب الإمام مالك الجلد على باب المسجد النبوى, للجهر بإعلانه «ليس على المكره بيعة» . كما لم يسلم الإمام الشافعى من المطاردة, وإلصاق به تهمة التشيع، فضلا عن تعرض الإمام أحمد بن حنبل, للسجن باتهامه ببدعة أن القرآن مخلوق «رحم الله أئمتنا وعلماءنا الصالحين».
    وقد حذرنا الصادق الأمين المعصوم, الذى لا ينطق عن الهوى النبى محمد (صلى الله عليه وسلم) من الخوارج, وخطرهم فى كل عصر, حيث قال (سيخرج فى أواخر الزمان حدثاء الأسنان, سفهاء الأحلام, يقولون من قول خير البرية, يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية, يدعون إلى كتاب الله وهم ليسوا منهم فى شيء). «أخرجه صحيح, ومسلم».
    ‎ومن صفات الخوارج, التى عددها رسول الله صلى الله عليه وسلم . الجرأة على العلماء:
    ‎1 – صلاح الظاهر وفساد المعتقد والباطن.
    ‎2 – الجهل بالكتاب والسنة وسوء الفهم لمعانيهما كما قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقرأون القرآن ويحسبونه لهم وهو عليهم «رواه مسلم».
    ‎3 – تغتروا زهدهم, وهم شر الخلق والخليقة «أخرجه مسلم».
    ‎4 – استباحة دماء المسلمين والمعاهدين واستحلال أعراضهم وأموالهم بل وأولادهم.
    5 – يظهرون الإصلاح والمطالبة بتحكيم الشريعة مع أنها – محكمة – ليتوصلوا لحمل السلاح وإسقاط الدولة «فى صحيح مسلم».
    ‎6 – وقال على رضى الله عنه «يزعم أنه ينطق بكلمة الحق ولكن هواه ووجهه ونصرته لغير أهل السنة والسلف الصالح»
    ونتيجة لضعف الدولة الإسلامية الأموية, وانقلاب العباسيين عليها, وسيطرتهم على مقاليد الحكم, وقتل الولاة وأمراء الأمصار الأمويين شر قتلة. يقول الدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر, استمرت البلاد الإسلامية تحت حكم العباسيين 6 قرون. حتى دب الوهن فيها, نتيجة للصراع بين ######## الترك, الذين جلبهم الخليفة الواثق بالله, وثورات العلويين, و ثورات القرامطة الخوارج.
    وكالعادة كانت النهاية الطبيعية, لاشتداد صراع حركات الإسلام السياسى, ومنازعة أصحابها من الطامعين والطامحين للسلطة فى بلاط الخلافة, إلى حدوث تصدع وانشقاقات, واستقلال بعض الدول, واجتياح جيوش المغول بقيادة «جنكيز خان». وسقوط العباسيين. وكان حكم مصر من نصيب «أحمد بن طولون». حيث أسس الدولة الطولونية, وتلاها دولة الاخشيديين, وفى شمال افريقيا أسس الفاطميون دولتهم. ليبدأوا من المغرب زحفهم إلى مصر، للتوسع فى نشر الفرق والمذاهب الشيعية, وتم بناء الأزهر الشريف لتدريس المذهب الشيعى.
    وشاء حظ مصر العثر أن ابتليت فى عهد الخليفة الفاطمى «الحاكم بأمره» الذى حكم مصر والشام وأجزاء من العراق مع الحجاز وشمال أفريقيا فى الفترة ما بين (386ـ 420هـ) و(996 -1020م). كثير من المساخر والخروج على الإسلام، حتى أطلق الناس عليه الحاكم بأمره هو لا بأمر الله، لأنه لم حكم بما يخالف أمر الله . وكما يروى أحمد كمالى الباحث فى التوثيق التاريخى, اختلق كثيرا من الغرائب والبدع, فقد ادعي الألوهية في أواخر أيامه، وأمر بسب الصحابة عمر بن الخطاب وأبي بكر الصديق, والسيدة عائشة وطلحة والزبير, ومعاوية وعمرو بن العاص علي أبواب المساجد والشوارع، ثم رجع عن ذلك. ونهي عن بيع العنب حتي لا يستخدم في صناعة النبيذ, وحرم أكل الملوخية، ومنع صلاة التراويح عشر سنين، ثم أباحها، وإجبار الناس على النوم وغلق محالهم, ومتاجرهم بالنهار, والعمل بالليل، وأجبر اليهود والمسيحيين على الإسلام, وخرب المعابد, والكنائس. كما هدم كنيسة القيامة في القدس عام 398 هـ. ولكنه تراجع وبني ما تهدم من الكنائس, إلى أن اختفى, وتم نسج الأساطير حوله, لدرجة القداسة ووصفه بالنبى المخلص صاحب الرسالة طبقا لاعتقاد بعض الشيعة, وخرج بعض أتباعه للبحث عنه، حيث استقروا فى لبنان وتأسيس الطائفة الدرزية، حتى حلت محلها الدولة الأيوبية بقيادة السلطان «الناصر صلاح الدين الأيوبى».
    فى الحلقة الثانية (الحشاشين, والإخوان خوارج العصر الحديث)
    طائفة الحشاشين
    ومن أسوأ روايات التاريخ الإسلامى سواداً ظهور طائفة من الخوارج الشيعة المنتسبين للإسلام باسم «الحشاشين» وتعنى فى ترجمة بعض المستشرقين (Assassin) القتل خلسة, أو غدرًا، أو القاتل المحترف المأجور. ويرجع تسمية طائفة الحشاشين بهذا الاسم, نظرا لأنهم كانوا يدربون أتباعهم على الإكثار من تعاطي الحشيش المخدر. وكانوا يستوطنون قلعة «الموت» بين الجبال. وكانوا يتخذون من القلاع والحصون فى إيران والشام مقرات لهم. وتذكر المصادر التاريخية, أن مؤسسها «حسن الصباح الأول», والذى يلقب بشيخ الجبل. كان يعيث فى الأرض فسادا, وترويعا وقتلا, بسبب تطلعه إلى الاستحواز على السلطة بالقوة, وصراعه السياسي والديني, لنشر دعوته, وضم المزيد من الممالك والولايات لحكمه. وقد حاول اغتيال الناصر«صلاح الدين الأيوبى» عدة مرات. ويشير الدكتور عثمان الخميس فى دراسته عن الحشاشين, إلى تمكن أتباعه من اغتيال الخليفة العباسى المستنصر, والخليفة الراشد, وملك بيت المقدس, لحساب الصليبيين . وعندما خلفه ابنه «الحسن الثانى بن محمد», والذى حكم من (557هـ/1162م) إلى سنة (561هـ/1166م ) أعلن في شهر رمضان (559هـ) قيام القيامة ، وأنهى الشريعة، وأسقط التكاليف بإسقاط 4 فرائض من الفرائض الإسلامية الخمس من صلاة, وصيام, وزكاة, وحج. باستثناء الجهاد، ثم ادعى أنه إمام العصر.
    وكان له أسلوب غريب في تجنيد أتباعه من خلال اجتذاب الشباب بين (12 – 20 سنة )، وجلب مخدر الحشيش بكميات كبيرة, وإغرائهم لتناوله كعشب صحي مفيد. وبعد أن تأخذهم السكرة, يدخلهم إلى حدائق خاصة أنشأها لهذا الغرض تحتوي على ما لذ وطاب من الطعام والشراب والنساء الحسان، ثم يخلي بينهم وبينها بادعاء أنها الجنة، ثم يعمد إلى إيفاقهم من سكرتهم, وإعادتهم إلى حضرته ليطلب منهم بعد ذلك إن أرادوا خلوداً في الجنة التي أذاقهم جزءاً من نعيمها, أن ينفذوا ما يطلبه منهم زعيمهم أو شيخ الجبل, دون نقاش أو تردد, وأن قدر الشجاعة للتضحية بالنفس ضد الطامعين فى نعيم الجنة, وفى سبيل الحفاظ على أسرارها حتى لا تزول إلى الأبد.
    وفى عام (607 هـ/ 1210 م) مع بدأ ظهور حملات التركمان, وعمليات التوسع التركي تولى جلال الدين الحسن الثالث بن محمد الثاني زعامة طائفة الحشاشين. وأعلن رفضه عقائد آبائه في القيامة ، ولعنهم وكفَّرهم، وأحرق كتبهم وجاهر بإسلامه . وقام بمد التواصل مع العالم الإسلامي, وأرسل إلى الخليفة العباسي الناصر لدين الله, والملوك والأمراء يؤكد لهم صدق دعوته إلى التعاليم الإسلامية، ففرحت البلاد الإسلامية بذلك وصار أتباعه يعرفون بالمسلمين الجدد. ولكن سرعان ما انقلبوا عليه، وتم اغتياله، ليعاود أتباع الطائفة بعد موته إلى طاعة الأئمة الفسقة, والخارجين علي الدين بقلعة «الموت». مما سهل إنهاءهم والقضاء عليهم فى سوريا على يد القائد المملوكى «الظاهر بيبرس». وما زال لهم إلى اليوم أتباع في إيران، وسوريا، ولبنان، واليمن، ونجران، والهند، وفي أجزاء من أواسط ما كان يعرف بالاتحاد السوفيتي في السابق، ثم جاء المماليك ليستولوا على الحكم فى مصر, والشام وبلاد الحجاز. إلى أن حل محلهم الأتراك العثمانيون, ليحكموا هذه البلاد, ومنها مصر قرابة الـ6 قرون، حتى دب الوهن فيها, نتيجة للصراع بين ######## الترك, الذين جلبهم الخليفة الواثق بالله, و ثورات العلويين, و ثورات القرامطة الخوارج.
    وما بين شروق, وغروب شمس فتوحات المسلمين الأوائل, وصعود, وهبوط منحنى الدعوة الإسلامية كانت الخوارج من المنتسبين إلى الإسلام, وأدعياء هم وقود الفتن والصراعات السياسية, ومعول الهدم فى يد أعداء الدين للتشكيك فى العقيدة, وتفكيك الدولة الإسلامية. وسبب مباشر فى مخطط استهداف نظام الخلافة كنظام حكم. واعتمادا على سياسة النفس الطويل , واصلت القوى الخارجية والصليبية سعيها كما تشير كتابات الكثير من المؤرخين, إلى دعم الحركات الانفصالية, والفرق الإسلامية المنحرفة من الشيعة الاثنى العشرية والدروز والنصيرية لبث النعرات الطائفية والمذهبية فى الدولة العثمانية . بهدف إضعاف الجبهة الداخلية, وانهيار الجيش بتشتيته بين مواجهة النزاعات والاضطرابات الداخلية, وحروبه الخارجية.
    ويرى المؤرخ محمد كمال عثمان فى دراسته «عوامل سقوط الخلافة العثمانية» أن استعانة السلاطين العثمانيين بيهود الدونما «طائفة من اليهود أسلم بعضهم وأظهر بعضهم الآخر الإسلام ولكنهما ظلا على ولائهم لليهود» كانت فى مقدمة عوامل انهيار الخلافة العثمانية. فبعد أن قدموا من الأندلس بإسبانيا, إلى تركيا مطاردين من حاكمها تم الترحيب بهم واستقطاع أرض من «سلونيك» باليونان التى كانت خاضعة للحكم العثمانى للإقامة بها, وتم إلحاقهم بالظائف العليا بالدولة، مما شجعهم إلى تأسيس, حزب «الاتحاد والترقى», وبعد أن انخرطوا فى أجهزة الدولة, وزاد نفوذهم استغلوا ضعف الدولة بعد أن أصبحت كالرجل المريض, وانشغالها فى مواجهة الصليبيين, واستقلال بعض الولايات, بدأوا فى إثارة القلاقل, والدخول فى صراع على الحكم. وقاموا بإنشاء جناح عسكرى من خلال جمعية باسم تركيا الفتاة, وانقلبوا على السلطان عبدالحميد الثانى، بدلا من رد الجميل للبلاد التى أوتهم وأحسنت ضيافتهم «خيرا تعمل شرا تلقى».
    وقد كان آخر عهد للمسلمين بالخلافة الإسلامية العثمانية عام (1341 هـ 1942م) على يد مصطفى كمال أتاتورك مؤسس الجمهورية التركية الحديثة, بعد أن ظلت الخلافة هى نظام الحكم السائد فى الدولة الإسلامية لمدة 13 قرنا.
    ‎ وقد رفض الكثيرين تغييب «الخلافة « كمظهر ورمز إسلامى اعتادوا عليه استبداله بالنظم المدنية الغربية الحديثة. وبدأ يداعب بعض الطامعين الحنين إلى إعادتها, أو استنساخها من جديد. وقد تلقفت بعض القوى والمنظمات المعادية للإسلام هذا الحنين, للعودة من جديد لاستعمار هذه الدول, والسيطرة على ثرواتها.
    ‎وبما أن القوى الاستعمارية لا تعدم حيلة لتنفيذ مخططها، تزامن سقوط الخلافة مع رحلة البحث عن صديق حليف قابل للإيجار يحقق لها الهدف, وفى نفس الوقت يرضى تطلعاته طبقا لسيناريوهات التقسيم المعدة سلفا. ومن بين السيناريوهات زرع الحلفاء والأصدقاء لإشعال الفتن فى مصر المحروسة، على أن تكون هذه القوى واستخباراتها الداعم والمنقذ عند الطلب. ومن السياسة البدء بالعمل الدعوى والخيرى. ثم «الطرق على الحديد وهو ساخن» بالإلحاح على الخلافة لجذب الأنصار والمؤيدين, وتصدير دعوة استكمال مسيرة الدولة الإسلامية الأولى, التى بدأها الرسول (صلى الله عليه وسلم) , كرمز لوحدة المسلمين، ومن باب الخلافة يكون الدخول للسياسة, واستدعاء الأنصار- كورقة ضغط - للمساومة والمقايضة, وعقد التحالفات السياسية لتحقيق الغرض وهو السلطة.



    --------------------

    الإسلام السياسى وصناعة الإرهاب من عصر الصحابة إلى حكم الجماعة!
    "العقاد" و"الغزالى" و"الخرباوى": علاقة "البنا" بالماسونية و"بيعة المقنع والغرفة المظلمة" تاريخية
    طلعت الطرابيشى نشر في الوفد يوم 15 - 12 - 2013

    فى بلاد الغرب.. بلاد «الإفرنجة», و«الوق الواق» التطرف الدينى صناعة عارضة.. وافدة.. ظاهرة استثنائية، وفى بلاد الحضارة الإسلامية, مهد الشرائع السماوية, والوحى, والوسطية, الإرهاب والتطرف الدينى صناعة أصيلة, لها ماركة مسجلة, وملكية فكرية, وبراءة اختراع, ومحظور على ما عداها التقليد.
    ورغم تغير الظروف والأزمان بداية من عصرالخلفاء الراشدين, وحتى زوال الخلافة, إلى يومنا هذا لاتزال الفرق, والجماعات والأحزاب, وتيارات الإسلام السياسى بنزقها, وصلفها هى هى.. تتغير المسميات والهدف واحد, وهو الصراع على السلطة، وتحت ستار الدين تقنن الفتن, وجميع الموبيقات لنفسها ولأنصارها, وتزينها لغيرها، فالحرام فى شرعها حلال, والحلال حرام، والكذب مباح, والرجوع عن الحق فضيلة, وسفك الدماء وسيلة، ومن أجل الغرض, والسلطة تستحل الأموال والأعراض، ويصبح «جهاد النكاح» جائزاً ومستحباً فى عرف وأدبيات شيوخ المدعين.
    استراح ضمير رفيق درب حسن البنا والقيادى بالتنظيم السرى للإخوان, قبل سكرات الموت بأسابيع, بعد اعترافه الصادم, بأن البنا شرب من نفس الكأس الذى ذاق منه عشرات, ومئات المصريين المسلمين المسالمين، حتى كان قتله على يد من ولاه إمارة كتائب الخراب والدمار, وإزهاق الأرواح فى بر مصر بلا ذنب جنوه, سوى أنهم كانوا عقبة فى صراعه السياسى الدنيوى على السلطة، ورغم أن اعترافه جاء متأخراً سنوات لخوفه من تهديدات الجهاز الخاص, أو البوليس السياسى الإخوانى, أفضل من ألا يأتى، وأهمية الاعتراف تأكيد حقيقة أن الأيام دول, «وأن من حفر حفرة لأخيه وقع فيها», وهذا هو المطلوب إثباته.
    وليس مستبعداً أن يظهر من قد يصحي ضميره يوماً ما من قيادات الجماعة, ويحذو حذو «راغب» ويكشف عن خزانة أسرار مؤسس الجماعة وتنظيمه السرى, وما ارتكبوه من جرائم وخطايا باسم الدين, والسمع والطاعة لغير الله – لعل وعسى – نطلب لهم الرحمة, ويغفر لهم الله التاريخ الأسود الدموى، وقد أجمل أديبنا العملاق عباس محمود العقاد قوله فى جماعة الإخوان: «إن يهود الأرض لو جمعوا جموعهم, ورصدوا أموالهم, وأحكموا تدبيرهم, لينصروا قضيتهم بتدبير أنفع لهم من هذا التدبير الذي تصنعه هذه الجماعة, لما استطاعوا».
    ولم يغيب عن عضو التنظيم السرى نجيب راغب فى شهادته, أن «فاروق» كان خلال هذه الفترة كان على علاقة طيبة بالمرشد, فقد كانوا يناصرونه, ويحشدون شبابهم لتأييده والهتاف باسمه أينما وجد، وكان يقابل أعضاء الإخوان بشكل طبيعي، وكان متعاطفاً جداً معهم. وعندما سئل عن تناقض ذلك مع كتابات الإخوان حول علاقتهم بالملك فاروق, واتهامهم له بتدبير الحادث.
    مصادرة جريدة المصرى
    قال نجيب: «هذا رأيي في الملك فاروق ولدي ما يدعمه، وأعتذر لقيادات الإخوان, لأنني أعرف جيدا أنهم لا يتفقون معي فيه، بل وربما يثير هذا الرأي مشاكل داخل الجماعة».. و«الحقيقة لابد وأن تظهر مهما مرت السنوات، فالملك فاروق كان له دور كبير جدا مع الإخوان، ولكن للأسف الشديد لم يتكلم أحد عن حقيقة هذا الدور لأسباب مجهولة في نظري».. والغريب أن القضية حفظت مرتين، وكانت جريدة المصرى نشرت رقم سيارة الجناة ماركة (فورد ليموزين)، والذي التقطه صحفى شاب يدعى محيى الدين عمل بجريدة المصرى, وفيما بعد القسم الرياضى تولى رئاسة مجلة المصور، ولكن تمت مصادرة الجريدة بعد طباعتها دون إبداء الأسباب.
    وعن رأي «نجيب» في سر طمس علاقة الإخوان بالملك فاروق في كتاباتهم يقول: «إن الإخوان اتهموا فاروق بأنه وراء قتل البنا، فكيف يتكلمون عنه في كتاباتهم بعد ذلك، الحقيقة المؤكدة أن الملك فاروق بريء من هذا الاتهام، وبريء من دم البنا، ولم يشارك أو يسعى في قتله، وهذا لا يعرفه إلا عدد قليل جدا من قيادات الإخوان، مات معظمهم ولم يتبق منهم إلا القليلون».
    وقال: هؤلاء لا أعتقد أنهم يريدون أن يتكلموا في الأمر، أو يفتحوا لغز مقتل البنا من جديد، رغم أن كلا منهما مات (أي البنا وفاروق)، إلا أن حقيقة الاغتيال ستظل باقية وفاروق - أيضاً - سيظل بريئاً، لأنه بالفعل لم يقتل البنا.
    علاقة البنا «بالماسونية»
    ومن الأسرار التى مازالت مجهولة فى حياة المرشد حسن البنا, وتم التطرق إليها وكشفها فى وجوده, هى علاقته بالماسونية، وكان الكاتب والأديب والمفكر المصرى العملاق عباس العقاد, ولكن نجح الإخوان بعد مطاردة العقاد, وإطلاق الرصاص عليه من قبل التنظيم السرى, ونجاته, وإرهاب من يتناول هذه العلاقة «أخفى على الخبر ماجور» ولم يعد لها ذكر.
    ففى مقال للعقاد فى 2 يناير 1949 تحت عنوان «الفتنة الإسرائيلية» يقول الفتنة التى ابتليت بها مصر على يد العصابة التى كانت تسمى نفسها بالإخوان المسلمين هى أقرب الفتن فى نظامها إلى دعوات الإسرائيليين والمجوس, وتناول بالأدلة أن حسن البنا تنحدر جزوره إلى أسرة مغربية ذات أصول يهودية, وأن البنا وأباه وجده كانوا يعملون فى تصليح الساعات وهى مهنة اليهود, وأن ترجمة كلمة «البنا» فى الإنجليزية (mason) أى ماسونى، ولم يكن لفظ البنا ضمن اسمه, ولكن أضيف إليه، والبنا جاء من كلمة بناء وهى أصل الماسونية, ويطلق عليهم «البناؤون الأحرار»، كما أن البحيرة هى مولد البنا, وكانت أكبر تجمع لليهود فى مصر, وفيها ضريح أبوحصيرة الذى يحجون إليه اليوم وأغلب يهود البحيرة جاءوا من المغرب, وأغلبهم تأسلم ومنهم جد حسن البنا, الذى كان صوفياً كعادة أغلب يهود العالم العربى فى أفريقيا، ويتردد اعتماد «البنا» فى فكره على المذهب الأحمدى الذى كان منتشراً فى الهند, وهو يقوم فى الأساس على أن جبريل عليه السلام لم يتوقف عن الوحى بعد الرسول صلى الله عليه وسلم, وهو ينزل الآن على معلمى الأمة وطبعاً البنا أحدهم, ومن هنا نعرف ما هى قصة السمع والطاعة عند الإخوان, لأن معلمهم يوحى له.
    وقد حاول إثبات هذه الحقيقة الشيخ محمد الغزالى, الذى يعد أبرز الشخصيات الإخوانية، وعندما انقلب عليهم, أصدر كتاب «قذائف الحق» شرح فيه ماسونية حسن البنا, وحسن الهضيبي الذي لم يكن من الإخوان ولكن الماسونية نصبته خلفاً لحسن البنا، كما تم اختيار مصطفى السباعي الماسوني الحمصي مراقباً عاماً لإخوان سوريا عام 1945, وهو تلميذ حسن البنا الذي عمل بقيادة غلوب باشا الماسوني اليهودي البريطاني، وكانت ترفع شعار: «حرية.. عدالة.. مساواة», واخوان حسن البنا رفعوا نفس الشعار: «حرية.. عدالة»، وبقيت المساواة غير معترف بها!.. (ملحوظة) كان سيد قطب الإخوانى المتشدد قبل سفره لأمريكا يكتب فى جريدة (التاج المصرى) الماسونية لسان حال المحفل الأكبر الوطنى المصرى الماسونى، التى يحظر على غير أعضائها النشر فيها.
    ارتباط البيعة بالماسونية
    ويكشف الدكتور ثروت الخرباوى القيادى الإخوانى المنشق, عن ارتباط إجراءات البيعة فى التنظيم السرى للإخوان بالماسونية العالمية، فوفقاً لتجربته الشخصية, فإن البيعة لها طقوس سرية بحيث يدخل الشخص إلى غرفة مظلمة, ويجلس على الأرض وأمامه مائدة صغيرة «طبلية» عليها المصحف والمسدس، وهذا شعار الإخوان عبارة عن سيفين وكلمة «وأعدوا»، ويدخل المبايع وسط هذه الطقوس «الظلامية»، ويأتي شخص مقنع يخفي وجهه وسط هذا الظلام الدامس، والمبايع لا يعرف من يبايع، وعند أداء قسم البيعة يضع يده على المصحف, واليد الأخرى على المسدس ويقسم على الولاء والطاعة وتتضمن البيعة إقرار هذا الشخص المبايع بحق الجماعة في إهدار دمه إذا خرج عنها، وهى نفس الطقوس التي تأخذ بها الماسونية, ولكنها تستبدل البيعة بالولاء.
    البيعة بالوكالة
    وكان المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين السابق مصطفى مشهور ابتدع البيعة بالوكالة، لحل مسألة بيعة إخوان الإمارات للمرشد في مصر، وتقوم هذه البيعة على حضور أحد الأشخاص من جماعة الإخوان في الإمارات إلى مصر، وأداء البيعة نيابة عن إخوان الإمارات أمام المرشد!
    ويرى المفكر الإسلامى خالد محمد خالد فى مذكراته الثانية، أن آفة نظام جماعة الإخوان كامنة فى تعجلها للوصول إلى الحكم.. ثم فى تعصبها للفكر الإخوانى ونبذ كل ما عداها.. ثم فى غياب الوعى السياسى الرشيد عن تفكيرها.. وكفرانها بالديمقراطية، وقد كانت هذه سمة مشتركة بين الإخوان المسلمين إلاّ قليلاً منهم.. وفى مثل هذا المناخ يفرخ العنف ويبيض، ويصبح التطرف - إلى حد استباحة الدماء - شعيرة أو فريضة.. وقد كان للمرشد من على حق فى تخوفه بأن قيام تنظيم سرى فى هذا المناخ الخانق سيكتوى بناره ذات يوم الإخوان أنفسهم، والمرشد ذاته.
    الحرب الباردة مع «ناصر»
    تشير الوثائق التاريخية إلى استثناء جماعة الإخوان من قرار مجلس قيادة ثورة يوليو بحل الأحزاب, بعد أربعة أشهر من قيامها بادعاء أنها جمعية دينية دعوية، وانتهازاً للفرصة دفعت الجماعة بالصاغ الإخواني صلاح شادي والمحامي منير الدولة, لتقديم الجماعة على أنها المؤيد الوحيد للثورة, ولهذا يجب أن يكونوا في وضع يليق بدورهم وبحاجة الثورة لهم»، فقال لهما جمال عبدالناصر: «إن الثورة ليست في أزمة أو محنة، وإذا كان الإخوان يعتقدون أن هذا الظرف هو ظرف المطالب وفرض الشروط فإنهم مخطئون».. لكنه سألهما بعد ذلك: «حسناً ما هو المطلوب لاستمرار تأييدكم للثورة, فقالا له: «إننا نطالب بعرض كافة القوانين، والقرارات التي سيتخذها مجلس قيادة الثورة قبل صدورها على مكتب الإرشاد لمراجعتها من ناحية مدى تطابقها مع شرع الله والموافقة عليها.. وهذا هو سبيلنا لتأييدكم إذا أردتم التأييد».. وكان رد جمال حازماً: «لقد قلت للمرشد في وقت سابق إن الثورة لا تقبل أي وصاية من الكنيسة أو غيرها».
    ثم عادا وجددا طلبهما, بألا يصدر أي قانون إلا بعد أن يتم عرضه على مكتب إرشاد لإخوان وموافقته، وتكررالرفض، فبدأ الإخوان بالانقلاب على الثورة.
    وعاد المرشد العام حسن الهضيبى, للتنازل عما سبق, وعرض إغلاق دور السينما والمسرح, وتحريم الموسيقى والأغانى, وفرض «الدفوف» فى الأفراح, ومنع النساء من العمل, وإزالة التماثيل، وتكرر الرفض حتى وواجهه «ناصر» لماذا بايعتم الملك فاروق خليفة على المسلمين؟.. ولماذا لم تطالبوه بهذه المطالب؟.. وبعد فترة تم تكليف حامد أبوالنصر, والشيخ فرغلى بعرض غير قابل للتأجيل, وهو فرض الحجاب على النساء، وتم عرض ثلاثة نماذج للحجاب للاختيار بينها، فكان السؤال لحامد أبوالنصر «الذى أصبح المرشد الرابع فيما بعد»: ما سر استهدافكم للنساء؟.. ثم: «ليه بناتك سافرات يا أستاذ حامد وليه متلزمهمش بأى نموذج من الحجاب؟».. ولم تقف محاولات الإخوان الخبيثة بعد الوقيعة بين عبدالناصر, والأحزاب حتى تم حلها, وأبقى عليهم، ثم مطاردته بالمطالب وفرض الرأى، حتى مساومته فى تشكيل الحكومة بشغل حقيبتين وزاريتين، ثم ممارسة لعبة الكراسى الموسيقية، فمن لم يأت بالتى هى أحسن يكون بالإجبار، حيث يجيدون سياسة الترهيب, وهى - ببساطة - التصفية الجسدية!
    تغيير المواقف والأقنعة عادة محببة «للتنظيمات السرية» وهذا دأب جماعة الإخوان منذ نشأتها لمسايرة اتجاه التيار، فإذا كانت السلطة باطشة, أو متحكمة فإن المهادنة والمراوحة, وطول النفس سياسة متبعة, إعمالاً بمبدأ «تسلم تسلم» بكسر التأء الأولى وفتح الثانية، لأن المناطحة أو المكابرة دون استعداد هلاك لا محالة، وعندما تكون السلطة مرتبكة أو مأذومة يكون اللعب على المكشوف خير وسيلة للمقايضة، وكسب المزيد من التنازلات للسيطرة، والاقتراب من الخلافة الموعودة، وحدث ذلك فى التحالف مع القصر ضد حزب الوفد، وأيضاً مع إسماعيل صدقى رئيس الحكومة صاحب القبضة الحديدية، وفى التعاون مع الإنجليز, ثم مع «دول المحور» ألمانيا وإيطاليا من وراء ظهر الملك فاروق، وكان هذا مخططاً جارياً تكراره مع مجلس قيادة الثورة بعد إلغائه الأحزاب, ورفع الحظر عنهم الذى كان فرضه النقراشى، وانتظروا حتى إسقاط الأحكام على جميع معتقليهم للتحرك، ولكن سرعان ما انكشفت محاولاتهم, وتم تحجيمهم من جديد.
    وفى كتاب «عبدالناصر والإخوان المسلمون» للكاتب عبدالله إمام, فى إطار المصالحة مع حسن الهضيبى المرشد الثانى, الذى أعلن تأييد الإخوان للثورة, وتركيزها فى العمل الدعوى, أصدر مجلس قيادة الثورة عفواً خاصاً عن قتلة المستشار أحمد الخازندار من أعضاء التنظيم السرى للإخوان, وعن بقية المسجونين في قضية اغتيال رئيس الوزراء النقراشي، بالإضافة إلى المحكوم عليهم في قضية إحراق مدرسة الخديوية الثانوية للبنات من قبل المتشددين في جماعة الإخوان، ثم أعقب ذلك عفواً شاملاً عن كافة المعتقلين السياسيين باستثناء الشيوعيين وبلغ عدد المفرج عنهم 934 معتقلاً معظمهم من الإخوان.
    ولأن الطبع يغلب التطبع لم يتحمل الإخوان البعد عن المشهد السياسى, بدأوا الالتفاف على وعودهم التى قطعوها على أنفسهم لعبدالناصر, بعرض مشاركتهم فى الحكومة بعضوين من الجماعة – من باب – تحمل المسئولية, وليس التدخل مقابل التأييد الكامل لقرارات مجلس قيادة الثورة، وما كاد يقبل عرضهم، حتى انقلبوا, ونقضوا اتفاقهم بتغيير الترشيحات, واستبدالهما بآخرين، وهو ما قوبل بالرفض.
    وحول تبدل مواقف الإخوان, وعلاقتهم مع الألمان, كتب عباس العقاد يقول: بدأ الإخوان في دعم التوجه نحو ألمانيا مستفيدين من كراهية الشعب للإنجليز، وبدأوا يثيرون الشعور عليها باسم الدين، وباسم سوريا وفلسطين، ولا يثيرون الشعور علي الدول الأخري (ألمانيا وإيطاليا) باسم ألبانيا, وبرقة, وطرابلس والصومال، وتحوم الشبهات عليهم, ومن أين تتلقي تلك الجماعات المتدينة أزوادها ونفقاتها، إنها جاسوسية مأجورة تتواري بالإسلام للإيقاع ببلاد الإسلام لأن سيادة الديكتاتورية لن تنتهي إلي مصلحة المسلمين ولا إلي سيادة المسلمين وإنما تنتهي إلي ضياع المسلمين.
    وقد خان الإخوان التوفيق فى سباق كسب رضى القصر, فسجلوا باندفاعهم المكشوف على أنفسهم ما يدينهم, ويوصمهم بأنهم تجار دين.. النفاق دينهم, والكذب بضاعتهم كالخوارج لا يعنيهم من الدين إلا لغرض, والغرض دائماً مرض فى سبيله السلطة كل شيء قابل للمساومة، فبمجرد إعلان خبر وفاة الملك فؤاد كان غلاف مجلة الإخوان «مات الملك يحيا الملك»، أى أن ولاءهم لمن فى الحكم فقط، في إشارة لمبايعتهم خليفته فاروق الذي كان عمره 14 عاماً، ولتدارك هذه الفضيحة أعيد نشر نعى ثان تحت عنوان «مصر تفتقد اليوم بدرها في الليلة الظلماء، ولا تجد النور الذي اعتادت أن تجد الهدي علي سناه».
    ولم تقف انتهازية الإخوان عند هذا الحد، ففى ذكرى الاحتفال بجلوس الملك فاروق, على عرش مصر وهو لم يتجاوز ال 17 سنة, تجمع الإخوان فى ميدان عابدين وهم يرددون يمين الولاء: «نمنحك ولاءنا على كتاب الله وسنة رسوله» مليكنا حامي حمي الدين، ونصير الإسلام والمسلمين، وعندما عادت صحيفة الإخوان المسلمون إلى الصدور فى أغسطس 1942، كانت افتتاحية العدد الأول صورة «فاروق» وفى يده مسبحة!.. وفى الاحتفال بعيد الهجرة أعيد نشر نفس الصورة، وصورة أخرى وهو ملتح وكتب تحتها القدوة الصالحة!.. وفى عيد ميلاده كتب مانشيت, «أن عيد الملك هو عيد الشعب»، ورغم ذلك لم يكن فاروق يطمئن إليهم, ويرتاب فيهم, لعلمه أنهم مستعدون للتعاون مع الشيطان من أجل السلطة.
    حرب المساجد
    كان لمحاولة اغتيال عبدالناصر أثناء إلقاء خطابة فى المنشية بالإسكندرية مقدمات, بعد انتهاء شهر العسل بين ناصر والإخوان, وتلاشى فرصهم فى التقارب، والمشاركة فى الحكم، ويرى الاخوان المسلمون ومؤيدوهم نظرية أن حادث المنشية تمثيلية ومسرحية دبرها وأخرجها جمال عبدالناصر, من أجل خلق مبرر له لكى يطيح بالجماعة وينفرد بالسلطة وحده، وليس المجال هنا لتقييم موقف «ناصر», ولكن للحكم على حادث الاغتيال.
    وبدأت المقدمات باستغلال الإخوان لمنابر المساجد فى صدامها مع مجلس قيادة الثورة, بتسييس الدعوى, ودخول المساجد طرفاً فى الصراع, وتحويله إلى صراع دينى, ثم طائفى مذهبى، ففى يوم الجمعة 27 أغسطس 1954 بحى منيل الروضة وعقب صلاة الجمعة, اعتلى القيادى الإخوانى حسن دوح المنبر بمسجد شريف وألقى خطاباً هاجم فيه سياسات مجلس قيادة الثورة وما تقوم به من إجراءات وخرج بمظاهرة من المسجد اشتبكت فيها مع قوات الشرطة, ووقعت إصابات فى الجانبين، وفى نفس اليوم خرجت مظاهرات إخوانية فى طنطا اشتبكت هى الأخرى مع الشرطة.
    ومن رؤية الصحفى والمحلل السياسى الأمريكى روبرت دريفوس متخصص فى شئون المخابرات الأمريكية عن شبكات الإرهاب العالمية يقول: «لم يكن عبدالناصر يتصور أن الإخوان بعد العفو عن 934 من المحكوم عليهم, سيصل بهم الحال لاغتياله, وهم المدافعون عن الإسلام وأصحاب دعوى الإصلاح يكونون مجرد مخلب قط لأجهزة المخابرات العالمية, فبعد أن افتضح سرهم, وانكشف مخططهم للقفز على السلطة, وقد تحولت الصراع ضد عبدالناصر ومجلس قيادة الثورة من تحركات واجتماعات لأعضاء الجماعة, وتصريحات للمرشد فى صحف أجنبية ينتقد فيها الثورة, ولقاءات سرية ببعض ممثلى السفارات, إلى المواجهة العلانية».
    حادث المنشية
    وفى شهر سبتمبر 1954 تم منع سعيد رمضان أحد قيادات الإخوان, و5 من زملائه من السفر إلى سوريا لتعبئة أفرع الإخوان فى السودان وسوريا والعراق والأردن ضد عبدالناصر، حتى جاء يوم 26 أكتوبر ليشهد محاولة اغتيال عبدالناصر من قبل عضو الإخوان محمود عبداللطيف، ولم يكن التدبير بعيداً عن أيدى المخابرات البريطانية, وعلم المخابرات الأمريكية، وإن كانت الإخوان هى الأداة المنفذة، وقد كانت هناك لقاءات متوالية لهم مع الإخوان، وطبقاً لتحليل «روبرت دريفوس» كانت التعليمات من «إيدن», ومن البيت الأبيض «أيزنهاور» أن يتم الأمر دون أن يكون هناك أى أثر على تورط بريطانى أمريكى فى تلك العملية التى استهدفت رأس عبدالناصر حسبما طلب إيدن شخصياً، فدائماً هم جاهزون لعمل الشىء ونقيضه لحساب الغير، وعلى إثر الحادث تم اعتقال المئات من الإخوان، وحل الجماعة، وغلق جريدتهم.
    شاهد عيان
    فى شهادة تاريخية للشيخ أحمد حسن الباقورى وزير الأوقاف الأسبق عضو مكتب الإرشاد لجماعة الإخوان المسلمين، قال: مخطئ من صور أن حادث المنشية لاغتيال الرئيس عبدالناصر تمثيلية، فقد كنت أجلس بشرفة هيئة التحرير بميدان المنشية, وكنت أجلس بالقرب من الرئيس وكان بجوارى الميرغنى حمزة وزير الزراعة السودانى, وكانت يده غارقة بالدماء نتيجة تناثر شظايا الزجاج بيده، وفى الناحية الأخرى كان أحمد بر المحامى سكرتير هيئة التحرير بالإسكندرية، وأصيب بعدة رصاصات استقرت أحدها بجسده ونقل إلى مستشفى المواساة.
    وقد أدت الحادثة إلى توجيه عبدالناصر ضربة مميتة للإخوان، بإعلان قرار حل جماعة الإخوان المسلمين، وشن حملة اعتقالات موسعة، وإحالة معظمهم لمحاكمات عاجلة، واستثنى منهم كتبة التقارير، والمتعاونين مع الأمن الذين وشوا بزملائهم.
                  

العنوان الكاتب Date
ماضى ومستقبل الاخوان ...السياسى..والاقتصادى ..العسكرى ...الاجتماعى ..توثيق الكيك10-18-13, 11:29 PM
  Re: ماضى ومستقبل الاخوان ...السياسى..والاقتصادى ..العسكرى ...الاجتماعى ..توثيق الكيك10-18-13, 11:41 PM
    Re: ماضى ومستقبل الاخوان ...السياسى..والاقتصادى ..العسكرى ...الاجتماعى ..توثيق الكيك10-19-13, 10:25 AM
      Re: ماضى ومستقبل الاخوان ...السياسى..والاقتصادى ..العسكرى ...الاجتماعى ..توثيق مني عمسيب10-19-13, 10:39 AM
        Re: ماضى ومستقبل الاخوان ...السياسى..والاقتصادى ..العسكرى ...الاجتماعى ..توثيق الكيك10-19-13, 10:47 AM
          Re: ماضى ومستقبل الاخوان ...السياسى..والاقتصادى ..العسكرى ...الاجتماعى ..توثيق الكيك10-20-13, 05:34 AM
            Re: ماضى ومستقبل الاخوان ...السياسى..والاقتصادى ..العسكرى ...الاجتماعى ..توثيق الكيك10-21-13, 11:08 PM
              Re: ماضى ومستقبل الاخوان ...السياسى..والاقتصادى ..العسكرى ...الاجتماعى ..توثيق الكيك10-22-13, 10:07 PM
                Re: ماضى ومستقبل الاخوان ...السياسى..والاقتصادى ..العسكرى ...الاجتماعى ..توثيق الكيك10-25-13, 05:53 PM
                  Re: ماضى ومستقبل الاخوان ...السياسى..والاقتصادى ..العسكرى ...الاجتماعى ..توثيق الكيك11-07-13, 10:48 PM
                    Re: ماضى ومستقبل الاخوان ...السياسى..والاقتصادى ..العسكرى ...الاجتماعى ..توثيق الكيك11-10-13, 06:42 AM
                      Re: ماضى ومستقبل الاخوان ...السياسى..والاقتصادى ..العسكرى ...الاجتماعى ..توثيق الكيك11-11-13, 05:16 AM
                        Re: ماضى ومستقبل الاخوان ...السياسى..والاقتصادى ..العسكرى ...الاجتماعى ..توثيق الكيك11-12-13, 08:16 PM
                          Re: ماضى ومستقبل الاخوان ...السياسى..والاقتصادى ..العسكرى ...الاجتماعى ..توثيق الكيك11-13-13, 05:54 AM
                            Re: ماضى ومستقبل الاخوان ...السياسى..والاقتصادى ..العسكرى ...الاجتماعى ..توثيق الكيك11-20-13, 07:21 AM
                              Re: ماضى ومستقبل الاخوان ...السياسى..والاقتصادى ..العسكرى ...الاجتماعى ..توثيق الكيك12-18-13, 04:53 AM
                                Re: ماضى ومستقبل الاخوان ...السياسى..والاقتصادى ..العسكرى ...الاجتماعى ..توثيق الكيك12-26-13, 06:56 AM
                                  Re: ماضى ومستقبل الاخوان ...السياسى..والاقتصادى ..العسكرى ...الاجتماعى ..توثيق الكيك12-26-13, 09:08 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de