|
Re: الرئيس لا يأكل الهوت دوج.. قريبا !! - (Re: عماد البليك)
|
قيل إن الجاحظ وهو كاتب عربي قديم دؤوب.. مخاطل.. أبله.. أنفق جزءا من حياته في كتاب اسمه "الحيوان".. وآخر عن "البخلاء".. قيل إنه أراد مرة أن يثبت للخليفة العباسي ولا ندري أي خليفة هو فقد عاصر صاحبنا اثني عشر من الخلفاء العباسيين من المهدي إلى المهتدي بالله.. المهم أراد أن يثبت أنه يمكن أن يسجل للخليفة المعني حياته في كتاب عظيم يظل باقيا إلى أن تقوم الساعة.. واقنع الرجل بذلك.. وبدا في الكتابة لكن رجال الخليفة المندسين الذين يفعلون الأشياء بأمرهم ودون أمره قاموا في ذات ليل بالهجوم على منزل الجاحظ وسرقوا ما كتب من مخطوطات وضربوا الرجل ضربا مبرحا إلى أن أغمي عليه، ولم يستيقظ إلا في الصباح ليجد أنه في البيمارستان.. أي المستشفى.. زار الخليفة العباسي الجاحظ في البيمارستان وهنأه بالنجاة من وعكة ألمت به على حد ما علم من أهل الذكر الذين يحيطون به ومن ثم أمر مرافقيه بأن يحضروا جرة من النحاس كانت بالخارج.. وضعوها تحت السرير وخرجوا.. وكان بها مائة ألف من النقود الفضية التي ضربت عليها صورة الخليفة.. تأملها الجاحظ وهو بين اليقظة والنوم ومن ثم أخذها وهرول إلى داره ليفهم أنه ثمن الكتاب الذي لم يكتبه بعد.. لم يكن الخليفة يعلم أن رجاله كانوا يفعلون عكس هواه.. لكن رويدا فليس كل الخلفاء والحكام على هذه الشاكلة.. فهناك من يعلم.. وهناك من لا يعلم.. وهناك من يعلم ويظن أنه لا يعلم.. وهناك من لا يعلم ويظن أنه يعلم.. وهكذا.. إلى أن نصل لحظة تاريخية يكون فيها العلم والجهل سيان وللجميع دون فرز.. قيل إن الخليفة لقي حتفه قبل أن يفرح بالكتاب الذي حلم به.. وقيل إنه مات مسموما.. وقيل إنه دفع ثمن رغبته في الخلود.. لأن رجاله كانوا في واقع أمرهم يديون سرا للرجل الثاني الذي سوف يصبح خليفة في اليوم التالي لوفاة الخليفة لأي سبب كان.. وفجر مات الخليفة خرجت بغداد عن بكرة أبيها كما يقال.. من أجل أن تودعه إلى مثواه الأخير وكان الجاحظ يتمشى هوينة وهو يباري الجمع الغفير وهو يمسك بالجرة ويدسها وراء ثيابه خشية أن تسرق إن تركها بالبيت.. فإذا بسبعة من الرجال يحيطون به ولا يدري ما الذي حدث.. هذه المرة لم يغمي عليه ولم يزر البيمارستان ولم يزره الخليفة الجديد.. لكنه بكى كثيرا هو يعتكف في بيته يسطر الكلمات الأخيرة من عمره.. في الواقع وقبل أن يسطر الجاحظ ما سطر كان قد كتب الكتاب الذي يحلم به الخليفة فعلا.. لكنه كتبه دون أن يحصل على المال الذي نهبه المتعن(.........)ون.. كتب الكتاب الذي كان شجاعا لرواية الحقائق فيه دون أدنى تزوير أو رقابة من رجال الخليفة أو الخليفة نفسه الذي بارحت روحه الأرض.. كتبه كنوع من التسلية دون همة البحث التي تحلى بها في السنوات الخالية.. ولئن قال الرجل الحقائق إلا أنه سخر من أمور وألهمته أمور أخرى بأن يتزلف بالمخيلة إلى قول ما لايقال أو أحيانا رواية قصص على أنها واقعية وهي مجرد خيال بحت.. فالحقيقة غامضة وغريبة.. وملهمة أحيانا لدرجة أنها تشبه الأكاذيب..
|
|
|
|
|
|
|
|
|