لايجب الثقة فى الجيش السودانى ولا أى من القوات النظامية الاخرى فى شمال السودان فى هذا الوقت .

Quote: صعوبة وقوع الانقلاب؟ لقد تكيفت في اذهاننا في السودان تايخيا بان تغيير النظام القائم في الخرطوم يتم عبر طريقين, الانقلاب العسكري والانتفاضة الشعبية (). فقد استولى الجنرال عبود على السلطة عن طريق الانقلاب العسكري, وتم اسقاطه بانتفاضة شعبية عام 1964, واستولى النميري على الحكم في 1969 بانقلاب عسكري, وسقط ايضا في في 1985 عن طريق الانتفاضة, كما استولى عمر بشير على السلطة عن طريق الانقلاب في 1989. وهكذا هناك حلقة مفرغة انتفاضة- انقلاب – انتفاضة وهكذا ؟ وبالتالي يسود التوقع بحدوث الانتفاضة هذه المرة هذا هو التكيف. اما اود توضيحه هو ان ما حدث في يونيو 1989 مفترق طرق, يختلف نوعيا وكيفيا عما حدث في المرتين السابقتين. فلم يكن انقلابا بالمعنى التقليدي للانقلاب, انقلاب كانقلاب, عندما استولى الجيش على السلطة باسمه. فنظام عبود مثلا كان عسكريا؟ اما في عام 1969 حينما استولى نميري على السلطة كان انقلابا باسم الجيش رغم ميوله الايديولوجية نحو اليسار. بدا متحالفا مع اليسار ثم سرعان ما انقلب عليهم عقب انقلاب 19 يوليو عام 1971 الشهير, وبدا يناور شمالا ويمينا حتى خدع الانانيا واشركهم في حكومته, ثم صنع المصالحة الوطنية واستمر في لعبه حتى انتهى به الامر لينصب نفسه اماما في عام 1983. ومن ثم فان ما حدث في عام 1989 لم يكن انقلابا عسكريا مجردا اي متبعا النمط المعهود, فالانقلابات العسكرية في السودان منذ العام 1958 كانت ايديولوجية اكثر من كونها انقلابات للعسكر في الوصول الى السلطة وحسب, اما في عام 1989 فقد كان انقلابا ايديولوجيا بحتا لم انقلابا عسكريا بواسطة الجيش ومن اجل الجيش, ولكنه كان انقلابا عسكريا باسم الجبهة الاسلامية, انها الجبهة الاسلامية, وهي حزب سياسي له ايديولوجيته ورؤيته لنفسه وللمجتمع, وهي التي استخدمت الجيش في الاستيلاء على السلطة السياسية. وهكذا فان الترابي وجماعته, و حزبه هم الذين دبروا ونفذوا الانقلاب. وبالتالي فان ما وقع عام 1989 كان حدثا خطيرا للغاية في تاريخنا ويستلزم منا تقييمه وتقويمه حتى لا يتوقع الناس – على نحو غير ضروري – اكثر مما يمكن تحقيقه واقعيا, وحتى نعرف جيدا ما يستوجب فعله لكي نحقق هدفنا وان نتوخى الموضوعية في في ذلك. فالجبهة الاسلامية هي التي استولت على السلطة في عام 1989. ومن وقتها شرعت في تحطيم الجيش السوداني بشكل مخطط ودؤوب لانهم يعلمون انه ليس جيشهم. وهكذا استخدموا الجيش في الاستيلاء على السلطة, ومن عجب انه بمجرد ان اتم ماموريته اصبح من الواجب تحطيم هذا الجيش واستبداله بجيش الجبهة الاسلامية. ولان الدولة صارت اسلامية وفق نظرهم فلابد من اذن من ان يكون جيشها اسلاميا, وبذات الفهم والمنطق اذا رغبت في اقامة دولة شيوعية فيجب ان يكون هناك جيش شيوعي, وعليه فاذا كنا بصدد بناء سودان جديد يسع الجميع فلابد ان يكون لنا جيش يناسب هذا السودان الجديد. فطبيعة الجيش يجب ان تتسق وتتفق مع طبيعة الدولة, وهذا ما تدركه الجبهة الاسلامية جيدا. فالذي يحدث الان هو ان سودان الجبهة الاسلامية ( الموتمر الوطني) قد عمل بانتظام على تحطيم السودان القديم – سودان ما قبل 1989 – وعندما استولت على السلطة كانت تدرك جيدا الاخطار التي تواجهها وقد حددت هذه الاخطار حتى قبل وصولها للسلطة. كانوا يعلمون بان الجيش يمكن يقوم بانقلاب ضدهم, وانه يمكن اسقاطهم عن الانتفاضة, بجانب ان هناك عامل اخر مساعد هو الحرب في الجنوب. لذلك فقد عملوا على تطوير – ويجب ان ننصف الشيطان – استراتيجية متماسكة لمعالجة هذه الاخطار وهي في منتهى البساطة حدد الخطر, استحوذ عليه, امتصه, واستغله في خدمة اغراضك, ثم اقض على عناصر الخطر التي لم تتمكن من الاستحواذ عليها. لقد فعلوا هذا حتى مع الجيش الشعبي لتحرير السودان, الخطر هو الكفاح المسلح في الجنوب, اذن استحوذ على المتمردين فهم شديدي الطموح. وهذا بالضبط سبب وجود ريال مشار ولام اكول في الخرطوم. فقد تم الاستحواذ عليهم, استحوذ على المتمردين من الذين يمكنك مصادرتهم واقضي على هؤلاء الذين لا يمكنك الاستحواذ عليهم. نفس الشئ ينطبق على الجيش, فقد استولوا على الجيش السوداني, بعد استخدموه في الوصول الى السلطة, ثم استوعبوه بان اجهزوا على العناصر في داخل الجيش من الذين لم يتمكنوا من الاستحواذ عليهم. وهذه العملية مستمرة منذ العام 1989 وهكذا, يتم تحطيم السودان القديم – ممثلا في الجيش – بصورة منتظمة اي تحطيم السودان القديم.