لكي لا ننسى .. ضحايا بيوت أشباح د. نافع

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-30-2024, 09:54 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة امانى العجب(Amani Al Ajab)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-10-2011, 05:18 PM

Amani Al Ajab
<aAmani Al Ajab
تاريخ التسجيل: 12-18-2009
مجموع المشاركات: 14883

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لكي لا ننسى .. ضحايا بيوت أشباح د. نافع (Re: عادل نجيلة)

    عدلان أحمد عبد العزيز
    Quote:

    لكيلا يفلت المجرمون.. ضابط الأمن ::طارق الشفيع::
    (1)

    بعد ظهر أحد أيام سبتمبر 1991 حضر إلى مكتبى فى مقر لجنة إمتحانات السودان، وزارة التربية.. الأخ الأستاذ أروب دينق، وهو حديث التخرج من جامعة جوبا، حيث تعطلت دراسته فيها لعدة سنوات بسبب الفصل السياسى الذى عاناه هو وعدد من طلاب جامعة جوبا الوطنيين والديمقراطيين، أذكر منهم إنشراح محمد أحمد، محمد عبدالرحمن حلا، مارتن، عبدالطيف، وهالة الكارب.

    أحضرت كوبين من الشاى وجلست مع أروب نتبادل الحديث والأخبار.. عرفت أنه تم تعيينه معلما ًفى مدرسة الشيخ لطفى الخاصة بالنازحين الجنوبيين فى منطقة رفاعة بالإقليم الأوسط، وأنه حضر للوزارة للمكتب المختص بمتابعة هذه المدارس، وأنه قضى غرضه وهو بصدد العودة.. سألنى إن كان لدى شيئاً للإضطلاع.. بحثت فى درجى وناولته مقال مصور من مجلة قضايا فكرية، توادعنا على أمل اللقاء عند عودته مرة أخرى.

    توجه أروب دينق صوب محطة بصات البرارى وكان عليه المرور فى الشارع الفاصل بين داخلية البركس جامعة الخرطوم ومستشفى العيون.. فى ذلك الشارع إعترضته عربة بوكس نزل منها مسلحين فى ملابس مدنية، تم إعتقال أروب دينق بتوجيه مباشر من ضابط الأمن طارق الشفيع الذى كان يعمل فى جوبا فتعرف على وجه أروب وهو يمشى متجهاً صوب محطة بصات البرارى حيث أن أروب كان من القيادات الطلابية المحترمة والمعروفة فى جامعة جوبا، قبل نقل مقرها إلى الخرطوم.

    تعرض أروب الى تعذيب بدنى رهيب.. مارسه وباشره ضابط الأمن طارق الشفيع معه ثلة من عساكر الأمن. كان المقال المصور الذى أعطيته لأروب هو الخيط الذى توصل به طارق الشفيع الى عدلان أحمد عبدالعزيز،
    فكان أن تم إعتقالى من مكان عملى، عصر الخميس الموافق 26 سبتمبر 1991


    تم إقتيادى إلى مكاتب الأمن القسم السياسى، فى المبنى الأبيض المواجه لطلمبة جكسا ومبانى الهيئة العربية للإستثمار من ناحية الشمال، وشرقه -قطع شارع الظلط- البوابة الرئيسية للقيادة العامة، بدأت التحقيقات الأولية التى باشرها طارق الشفيع بالسؤال عن البيانات الشخصية، العنوان، الإنتماء السياسى إلخ.. مع التلويح بالمسدس
    وتصويبه تجاه وجهى بطريقة صبيانية، فلم تتزحزح عيناى عن عيناه، فأرسلنى مصحوباً بالحرس إلى بئر السلم المؤدى إلى الطابق الثانى، وكان ماتحت السلم مغطى بحاجز خشبى مع باب صغير، وكان يستخدم للحفظ المؤقت للمعتقلين، فوجدت هناك الأخ الصحفى، الزين الشين -كما كنا نسميه أيام الجامعة- وكان الزين وقتها يعمل فى وكالة الأنباء السودانية "سونا" كانوا يستدعونه يومياً ليأخذ نصيبه من الجلد بالسياط صباحاً ثم يقضى بقية اليوم فى بئر السلم ذاك، ليطلق سراحه مساء مع أمر بالحضور صباح اليوم التالى.. وهذه ممارسة سافلة درج جهاز الأمن على إستخدامها بقصد تحطيم نشاطات المناضلين، والإدعاء بعدم وجود معتقلين فى نفس الوقت!

    فى المساء تم إقتيادى مصحوباً بقوة مسلحة من أربعة أفراد يقودهم طارق الشفيع إلى منزلنا فى السجانة، جنوب قشلاق القسم الجنوبى، وتم حصر سكان المنزل فى مكان واحد يحرسهم عسكرى أمن مسلح ببندقية كلاشنكوف وفى ذلك الجو المكهرب والمتوتر بدأت صغيرتى الرضيعة مها، فى الصراخ المتواصل بينما كان طارق الشفيع وباقى قوته معى يفتشون ويقلبون فى غرفتى.. صراخ إبنتى أصاب المدعو طارق بالتوتر، فذهب وصرخ فى أهل الدار أن يسكتو البت.. تم إرجاعى وتحويلى إلى مكان إعتقال وهو سطح إحدى العمارات الأربعة الحمراء داخل حوش القيادة العامة، ، كانت التعليمات المشددة والمستديمة لطاقم الحراسة
    أن المدعو عدلان يجب ألا يخلد إلى الجلوس أو النوم أبداً، إلى حين إشعار آخر.

    وجدت المكان غاصاً بالمعتقلين وعدد كبير منهم كانت التهمة الموجهة له هى التخطيط والإشتراك فى محاولة قلب نظام الحكم والمتهم الرئيسى فيها كان الأمير عبد الرحمن نقد الله -لم يكن معنا فى معتقل السطح- بدأ طاقم الحراسة تنفيذ تعليمات ضابط الأمن طارق الشفيع
    بتوقيفى فى مواجهة الحائط مع رفع اليدين إلى أعلى.. بعد قليل شاركنى فى هذا الوضع، الأخ مجوك مدينق مجوك وكان يعمل مستشاراً قانونياً فى ديوان النائب العام، تم إعتقاله بالتهمة المعروفة.. التعاون مع الحركة الشعبية.. فى الطرف الآخر شاهدت أروب دينق واقفاَ أيضا، فى لحظات إبتعاد الحرس كنا ننزل أيادينا سريعاً ونلوحها لمصلحة جريان الدورة الدموية، كما كنا نتبادل الحديث همساً، أما إذا ضبطت متلبساَ فلن تسلم من عدة صفعات على القفا.. بعد ساعة تقريباً تم صرف مجوك، وأتى للوردية عسكرى أمن يدعى خليفة وهو جبهة إسلامية من أبناء النوبة النجمن، الزول التقول محلفينو قسم على.. نازل
    فينى تمارين رياضية مجهدة أنصاص الليالى مع طوابير عسكرية سمجة ثم مواصلة الوقوف مع رفع اليدين.. يبدو أننى أصبحت مصدر تسليته فى ورديته الليلية تلك، ولم يحلنى إلا آذان الفجر، حيث إكتشفت أن أفضل وسيلة لتخفيف تواتر التعذيب هى أن تتمحرك فى دورة المياه، ثم الوضوء، ثم الصلاة مع الدعاء الطويل.. حتى ذلك التكتيك لم يكن يجرى
    على اللئام من عساكر الأمن أمثال المدعو طوكر.

    إستمر ذلك الحال من مساء الخميس ثم الجمعة إلى السبت، إلى صباح الأحد، وقد كان السبت عطلة إسبوعية بجانب الجمعة، فى بدعة من بدع الإنقاذ التى لم تستمر طويلاَ. حضر أثناءها الضابط المدعو طارق الشفيع مرة واحدة يوم الجمعة، إلى مكتب الأمن المسؤول عن المعتقل ليلتقى طاقم الحراسة ويتأكد من أن تعليماته بخصوصى يتم تنفيذها.. هذا ما قاله لى عسكرى الأمن المسمى دكين وهو جبهة إسلامية، شخص بسيط لا يخلو من طيبة وكان يظن أن مايقوم به هو واجب إسلامى.. مسكين يادكين! يبدو أن طارق الشفيع لم يكن فى عجلة من أمره فلم يستدعينى لمواصلة لتحقيق والتعذيب الما خمج إلا مساء الأحد..

    عرفت أن الأستاذ أروب دينق قد تم إطلاق سراحه، إرتحت للخبر لكننى لم أتفائل فيما يخصنى..

    حوالى الثامنة مساء بدأ التحقيق الذى يقوده الضابط المدعو طارق الشفيع، وبعد عدة أسئلة سريعة.. نادى على أربعة جلاوزة كانو منتظرين بالخارج.. بدأ الحفل.. تم الإستهلال بجملة وسيل من الشتائم.. بعدها ماتسمع إلا لط.. لط.. ثم لب.. لب.. شئ بونية وشئ رأسك بالأرض، شد من الأذن والشعر.. وبعد ماحيلهم إتهدَ قليلاً لجاؤا للضرب بعصى المكانس وخراطيش الموية ذات اللون الأسود تلك التى تستخدم لتوصيل الماء بدلاً عن الأنابيب المسماة "قالفنايزد" كانت أشد أدوات التعذيب إيلاماً.. بعد فترة لم أعد أحس بالألم، بل فقدت الإحساس تماماً بيدى اليسرى.. الزبانية نفسهم أصابهم الأعياء فجرونى جراً الى الحوش ورمونى لوردية الليل التى كانت تتسلى بجلد المعتقلين الذين ساقهم سؤ حظهم للمبيت فى الحوش، لم يكن الصيد وفيراً ذلك المساء، كما أن الوردية يبدو عليها قد أصابها الملل لحسن حظنا نحن القلائل المتواجدون ذلك المساء، فكانت المناوشات خفيفة.. نوع أقيف ووشك على الحيطة، وعندك ساعة واحدة نوم فيها لكن لو إتقلبت جاى وله جاى.. شيل شيلتك.. جبط.. جبط.. ومرت الليلة طويلة طويلة، وفى الصباح الباكر تم أخذ التمام.. عساكر، على مدنيين، على معتقلين.. أدخلونا بعد التمام، غرفة بئر السلم.

    مازال الأستاذ الزين يتم إستدعاؤه، واليوم إنضم إلينا شخصين أحدهم سورى الجنسية وكانا متهمين فى قضية تزوير شيكات! القضايا التى يكون فى أطرافها مصالح تخص ناس الجبهة الإسلامية كانو بيحولوها للأمن حيث الحسم سريع، بعيداً عن ساحات القضاء! حوالى منتصف النهار حضر ضابط الأمن طارق الشفيع وأمرنا بالوقوف بما يشبه طابور الشخصية، ثم خرج ليعود بعد لحظات ومعه شخص أعرفه ويعرفنى جيداً، ويبدو أن هذا الشخص قد تعرض لبعض الجلد الساخن مع التهديد المروع.. سأله ضابط الأمن طارق الشفيع أمامنا: عدلان منو فى الناس ديل؟ فأشار على بيده وكنت أنظر إليه فى عينيه المتسعتين قليلاَ، فلعنت إبن سلسفيل الأمن و ضابط الأمن طارق الشفيع -فى سرى طبعاً- وشعرت أن الأرض غير ثابتة تحت قدمى وأشفقت على ذلك الشاب الذى كان يرتدى قميص أبيض محشك فى بنطالاً أزرقاَ مع قلم حبر جاف "بك" مشبك فى جيب القميص. ذلك الشخص كان دائم الإنتقاد لخط الحزب الشيوعى، وكان من رأيه أن الحزب الشيوعى يجب أن يتبنى خط الكفاح المسلح فى مواجهة سلطة الجبهة الإسلامية الفاشية.. ربما كان محقاًفى رأيه ذاك، ربما.

    هذه الليلة بدأ الحفل متأخراً قليلاً، حوالى التاسعة مساء.. وبدأ الإستهلال ب: يازول ماتقوى رأسك ساكت، قضيتك بالنسبة لينا أوضح من الشمس.. يازول خلاصك بإيدك، نحن ماشغالين بنبيع ترمس!.. شايف الكابينت داك.. مليان بإعترافات قيادات حزبكم.. أوريك ليها؟ ماتعمل فيها بطل.. نحن عندنا أساليبنا البنطلع بيها منك الكلام.. ووالله تجى براك تدشو دش.. إنت يظهر عليك ماعرفتنا كويس.. جيبو الأسلاك ديك.. طآآآآآخ.. طآآآخ.. لب..لب.. دُج.. دُج.. لبخ.. لبخ.. تظاهرت بالإغماء وفقدان الوعى.. سمعتهم يقولون جيبو جردل الموية الباردة.. وبدأ أحدهم بمسك شعرى ثم رفع رأسى إلى أعلى عالياً ثم تركه ليسقط، ولما كانت ردة فعلى الطبيعية هى مقاومة عجلة الجاذبية للسقوط الحر ودق الدلجة.. فقد نجحت حيلتهم لكشف إستهبالى.. فتضاحكو وبدأو الإنسحاب من الغرفة، وكنت أسمع فى الغرفة المجاورة أصوات تعلو وتنخفض، فعرفت أن هناك تحقيقاً ما كان جارياً.. عرفت بعد خروجى من المعتقل لاحقاً، أن ذلك التحقيق كان مع عضو هذا البورد.. الباشمهندسة الأخت العزيزة سامية قسم.. كانوا يحاولون إخافتها عن طريق إسماعها أصوات التعذيب
    الصادرة من الحجرة المجاورة!

    الحوش كان عامراً وحفل بعد منتصف الليل كان قد بدأ عندما أخرجونى من المكاتب وسلمونى لوردية الليل. كان هناك أربعة معتقلين جدد، كانو واقفين فى صف واحد وبطريقة منظمة حيث المسافة بين أحدهم والآخر حوالى ثلاثة أمتار.. سرعان ماعرفت سبب المسافات بينهم، فهى تتيح لعسكرى الأمن تلويح سوط العنج -من طراز سيطان البقر- ثم نزوله على ظهور المعتقلين دون عوائق!

    لما كانت حالتى لاتسمح لى بالوقوف مستقيماً كالآخرين فى الصف.. فقد خربت الرصة بأن تداعيت متكوماً، وفشلوا فى جعلى أقف عن طريق ضربى المتواصل بالسوط.. ما قلت ليكم الجلد خدر! فجرونى وربطوا يدى معلقة على فرع شجرة نيم لإجبارى على الوقوف، ثم واصلوا عرضهم مع باقى المعتقلين، فكان العسكرى الممسك بسوط العنج يتوقف عند كل واحد ويبدأ فى إلقاء محاضرة سمجة عن أنه سيخرج الشياطين من رأس كل واحد فى المعتقلين، ثم جبطك.. جبطك..

    فى الصف كان صاحبنا بتاع الشيكات المزورة.. أيضاً تعرفت على الأستاذ معاذ خيَال، فقد كان برليم فى الكلية عندما كنا سناير، بالإضافة إلى أنه كان خطابياً ممتازاً ويدير أركان نقاش متعددة فى الجامعة. عجبت لوقوفه شامخاً وصامداًً كالحمار أمام الجلد المتواصل بسوط العنج، وسبب عجبى أنه من صغرى إرتبط فى ذهنى أن الحلب لايحتملون الجلد بالسياط! لا أدرى من أين أتتنى تلك الفكرة العجيبة.. ومعاذ من حلب الأبيض إقليم كردفان وهو مثل صاحبنا الحلبى التانى صديق الزيلعى.. صفة حلبى تطلق على أصحاب البشرة القريبة لبشرة سكان منطقة البحر الأبيض المتوسط.

    الشاب أبوشنب كبير مثل شنب على مهدى الممثل -داعبته مرة وقلت ليهو ساوى شنبك الزى العشميق ده- كان لايهتز له رمش ويتلقى ضربات السوط وكأنها لاتعنيه، هو فردتى فى زنزانة بيت الأشباح لاحقاً الباشمهندس عصام الفكى.. وكان يعمل فى دار الهاتف، تم إعتقاله ذلك اليوم ومعه إثنان من زملائه.. الأخ عبدالله يوسف، وهو الآخر كان صامداً أمام سوط العنج ومعاها نضمى ومحاججة مع عسكرى الأمن فى أن مايقومون به غير إنسانى.. وغير إسلامى.. و..و.. أما ثالثهم فتح الرحمن فلم يكن فى ذلك الصف حيث عرفت لاحقاً أنه أصيب ب أزما وأغمى عليه.

    قضيت نهار اليوم التالى فى مستشفى الشرطة، حيث كنت قد ألححت بالشكوى لكل عسكرى أوضابط صادفته فى الصباح أثناء التمام من أننى أعانى من نزيف فى البول وضيق فى التنفس بسبب تضخم اللوزتين وكنت أمشى كما يمشى ود الطهور! فى الطريق إلى المستشفى هددونى بأننى لن أتلقى أى علاج وسيتم إرجاعى لمكاتب الأمن فوراً إذا لم أتبع تعليماتهم بأن إدعى أننى ضابط شرطة وماحدث أننى سقطت من عربة بوكس أثناء سيرها! لكن يبدوا أن حظهم كان جيداً إذ وجدو أن الطبيب من عينتهم.. فلم يكلف نفسه سؤالى عما حدث لى، وبعد إجراء التحاليل اللازمة تم صرف أنتى بايوتك ولزمت أحد الآسرة حتى المساء حيث عاد ضابط الأمن المدعوا طارق الشفيع لأخذى مباشرة الى معتقل السطح داخل القيادة العامة.


    عند البوابة إستلمنى عسكرى الأمن المسمى نفسه كرار.. وهو شاب يبدو وكأنه مجبور على تأديه دوره، فلا يخفى تعاطفه مع المعتقلين فى أحيان كثيرة.. سآءه منظرى وهيئتى..

    كان الإجراء المتبع أن المعتقل يمشى فى الأمام، بينما الحارس خلفه على بعد خطوات يوجهه.. لِف يمين.. أكسِر شمال.. أمشى عديل.. وهكذا حتى يتم توصيلك للجهة المقصودة.. أثناء المشوار من البوابه إلى العمارة المستخدم سطحها كمعتقل، دار بينى وبين كرار الحوار التالى..
    - لاحول الللَلآه.. يازول مالك؟
    - ...!
    - الناس ديل مالُم معاك؟ إنت سارِق ليك قُندران؟
    - متهمنى شيوعى..
    - طيب.. الناس الفوق فى العمارة ديك.. ماكلهم شيوعيين! إنت الظاهر عليك بتاع كفاوى، ورأسك كبير.. لكن.. ودينى وإيمانى.. إلا نخلَِىِ ليك زى السِمسِمة..
    لم أتمالك نفسى من الضحك.. وإلتفت ناحيته، حيث أننى لم إعتاد مخاطبة الناس ووجهى ليس ناحيتهم.. بدا لى الوضع غريب أن أتحدث إلى شخص يمشى ورائى!
    - يازول.. قبل عديل قدامَك.. قلبك ميت.. الله!

    أنهى عسكرى الأمن المسمى نفسه "مهدى" وهو المسئول المباشر عن المعتقل، لايتطرق إليك الشك لحظة فى أنه جبهة إسلامية.. وأظنه فى رتبة صول، أنهى إجراءات إستلامى فى عهدتهم كإدارة معتقل.. الأمن مقسم إلى إدارات وأقسام متعددة منها القسم السياسى، القسم الإقتصادى، الأمن الخارجى، والقسم المسئول عن إدارة المعتقلات، إلخ.. وكان واضحاً لى منذ الأيام الأولى أنهم لايتبادلون المعلومات إلا فى حدود ماهو ضرورى.. وتوصلت إلى أن مسئولى المعتقل لايعرفون عن تفاصيل إعتقالى إلا ماهو عام.. كتصنيفى السياسى، والتعليمات المصاحبة عند تسليمى لهم.. مازالت التعليمات كما هى.. يُمنع من النوم أو حتى الجلوس.. الغرض من ذلك كان إصابة الذهن بالإرهاق والتشتت.. ومن ثم محاولة إستخلاص المعلومات.. كما هى أيضاً وسيلة لإصابة المعتقل بحالة من الإجهاد البدنى وتحطيم قدرته على المقاومة..

    لاحظت حالة الوجوم التى أصابت سكان معتقل السطح حينما وصلتهم.. لم أكن أدرى أن منظرى بذلك السوء إلا عندما لاحظته فى وجوه زملائى المعتقلين.. معتقل السطح كان عبارة عن صفين من الزنازين الصغيرة المتقابلة تتوسط سطح العمارة، والسطح مسور بسور لايزيد إرتفاعه عن المتر.. كل صف كان به حوالى خمسة إلى ستة زنازين.. الزنازين الجنوبية كانت مخصصة للعسكريين -فى الخدمة أو المعاش- المتهمون بالتخطيط لإنقلاب المتهم الرئيسى فيه الأمير عبدالرحمن نقدالله، أذكر منهم العميد على التجانى، الرقيب التجانى، المقدم عادل، المقدم م. عبدالمعروف، وهذا الأخير كان يقضى شهر العسل مع زوجته فى مدنى عندما تم إعتقاله..

    الزنازين الشمالية كان فيها معتقلين سياسيين من أحزاب الشيوعى، الأمة، الإتحادى، وبينهم من حركة الطلاب المستقلين الأخ محمد محمود.. وتربطه صلة قرابة بالمخلوع نميرى.. أيضاَ من حركة الطلاب المحايدين فى جامعة الخرطوم -والتى كانت حديثة النشأة وتسحب فى البساط من تحت أقدام مؤتمر الطلاب المستقلين- تعرفت على الأخ والصديق إبراهيم باخت.. وهو شاب هادئ قليل الكلام، توثقت معرفتى به فيما بعد، تقابلنا فى ندوة كبرى كان قد أقامها التجمع الوطنى قبل عامين فى واشنطون خاطبها الدكتور جون قرنق وياسر عرمان وعدد من قيادات الحركة الشعبية الزائر آنذاك، وكان هناك هاشم بدرالدين.. علق لى إبراهيم باخت أنه لايود الإحتكاك بهاشم بدرالدين.. فإستفسرته.. قال لى فيما معناه أنه قبل مجيئه الولايات المتحدة كان فى كندا وصلها طالباً اللجؤ من القاهرة، وأن هاشم بدرالدين قد إتهمه بأن له علاقة بنظام الجبهة! بعد يومين إتصل بى ممثل التحالف الديمقراطى فى واشنطون طالباً منى مقابلة الدكتور جون قرنق مع وفد تجمع واشنطون لآن قرنق سيسافر بعدها.. المهم إلتقيت بهاشم بدرالدين قبل حضور قرنق فى بهو الفندق وتحدثت معه فى شأن إبراهيم باخت فى وجود وفد التجمع.. فبدأ هاشم بدرالدين حديثه.. إنتو ياالشيوعيين ديل الواحد يجى يضرب معاكم كأس ولا كأسين.. تقولو عليهو زول كويس.. قاطعته وقد تملكنى الغضب، أنه هاشم بدرالدين لم يضرب معى كأس أو أربعة.. وأن إبراهيم باخت معرفتى به كانت فى جولات الصراع مع نظام الجبهة، وكان صوتى قد بدأ يعلو.. توتر الجو، وتدخل الحاضرون، براحة يإخوانا.. براحة.. إنتهى الموضوع بأن أعطانى الأخ هاشم رقم تلفونه وأعطيته رقم تلفونى على أمل التحدث لاحقاً، فلم تتح لنا الظروف ذلك بعد.

    إن أشد الأمور ألماً فى نفس المناضل الإتهام بالخيانة.. تتضآئل كل آلآم التعذيب بجانبها، خاصةً إذا ماكان المرء مازال على عهده ملتزماً خط الشعب ومصالحه.. صحيح أن الناس قد تتغير والمناضلين قد لايعودوا مناضلين، فقد رأينا كيف أن البعض القليل قد باع وإنحدر إلى أسفل سافلين.. ولكن يجب علينا الحذر فى إطلاق الأحكام والنعوت.. فالخيانة والإنتهزاية ليست مسلك أو موقف عابر أو نزوة.. ولا يمكن نعت أمروءٍ بها إلا إذا كانت مسلك مستمر يميز شخصية المرء وتصرفاته فى مجملها.. حتى وإن كبا رفيق، نمد له يدنا ليتمكن من الوقوف وتصحيح وضعه، ولا يجب التخلى عنه.. إلا إذا إستمر فى منهجه. أزعم أن هذا هو منهج الحزب الشيوعى وهو معبر عنه فى الوثيقة التاريخية الفذة التى كتبها الأستاذ عبدالخالق محجوب فى 1963 "إصلاح الخطأ فى العمل وسط الجماهير"، كما يعبر عن هذا المنهج السلوك الذى إتبعته سكرتارية الحزب الشيوعى فى مديرية العاصمة القومية، حيث ورد فى البيان الذى تم فيه إعلان فصل كامل عبدالرحمن الشيخ: "قيادة الحزب في المديرية لم تتسرع بناء على هذه المعلومات لاتخاذ قرار إداري أو تنظيمي تجاهه في محاولة منها لمنحه الفرصة الكاملة للعودة إلى وعيه ورشده واكتشاف ان ما يقوم به ضار به وبعمل الحزب إضافة إلى سعيها الحثيث للتأكد من هذه المعلومات والممارسات حتى لا يضار عضو الحزب نتيجة لمعلومات قد تكون غير صحيحة وذلك من خلال مراقبة حركته ومناقشته وفي كثير من الحالات اللجوء إلى التحقيق معه. ولكن الزميل لم يساعد نفسه ولا الحزب فقد ظل طيلة هذه الفترة سادر في ممارساته وتضليله للحزب بمده بمعلومات ثبت عدم صحتها." لما لمثل هذه التهم من آثار مدمرة فى نفوس المناضلين.. يجب علينا الحذر.. ثم الحذر.. ثم الحذر، قبل إطلاق النعوت.. ذلكم داء قديم ذكره القرآن فى الآية التى توصى المؤمنيين أن يتبينوا أن يصيبوا قوماً بماليس فيهم بناء على معلومات مستقاة من فاسق!

    إستقر بى المقام فى زنزانة أذكر من ساكنيها الأستاذ عدنان زاهر المحامى، وأنور عباس "ود الحوش" والإثنان من أولاد الموردة الشِفُوت! سارع أنور ودالحوش بالبحث عن سُكر ممن يعرف أن لديهم بعض منهمّ، وبذل جهداً مقدراً إلا أن تمكن من صنع عصير تانك بسكر مُركَز ملاء به جك ألومنيا حتى منتصفه.. رغم أننى لاأشرب السُكَر -خِلقة ربنا!- إلا أننى قرطعته مسروراً. أنور ود الحوش وعندنان زاهر كانا يرسمان عندى إنطباع أنهم إذا رمتك الأقدار خصماً لهما فى لعبة الكوتشينة فى عشرة وست، فشيل شيلتك من السيرة والتقريق.. ولم يخب ظنَى، ففى الإسبوع المنصرم كنت خصماً لعدنان زاهر فى عشرة وست فى شقتهم العامرة فى ضواحى تورنتو.. وكان زميله الفاضل هاشمى وهو غياظ لايشق له غبار وليس أقل من أنور ودالحوش فى ذلك! من معتقلى السطح من البورداب، تعرفت على الشاب عادل الوسيلة "أمبدويات" حينها لم تبدأ صلعته فى الزحف، كما أن بصره مازال حديد وقتها!

    ألفت الناس والمكان.. عرفت كيف أنوم وأنا واقف! وفى وردية منو.. عرفت أن الحرس ليس له صبر مراقبتك طول الوقت.. بعضهم كان يكتفى بأن أكون واقف، وأخر حتى وأنا واقف يجبرنى على حمل طوبتين ورفعهم عالياً.. مرت أربعة أيام وأنا على ذلك الحال.. اليوم الخامس تركونى أنوم وقت الظهر وفى المساء طلبوا منى إرتداء ملابسى كاملة والخروج معهم.. توجست وبدأت فى تهيئة نفسى لجولة أخرى من التعذيب بالضرب وما إليه.. عند وصولى مكتب الإستقبال وجدت فى إنتظارى ضابط فى الأمن يعمل فى إدارة المعتقلات إسمه أيمن.. تعرفت عليه على الفور فهو قد درس معى فى فصل واحد فى مدرسة الخرطوم الثانوية القديمة.. أيمن ذاك -وهو من أصول تركية- جبهة إسلامية معروف وكان يعمل فى مركز الفيحاء قبل إنقلاب الجبهة فى 89 هو عرفنى أيضاً وبعد السلام والتحية قال أنه قرأ الإسم ولكنه لم يكن يتوقع أن أكون نفس الشخص! ذكر لى بسرعة أن أحد أفراد أسرتى ينتظر بالخارج وأنهم عادة لا يسمحون بأى زيارة لمعتقل مهما كانت الأسباب طالما التحقيق ما زال مفتوحا ولم يتم إكماله.. قال لى أن تعليمات عليا صدرت لهم بشأن هذه الزيارة على ألا تتجاوز مدتها الدقيقتان! خرج معى من الباب الآخر لأجد إبن عمتى وزوج أختى الأخ طه أبوالقاسم فى إنتظارنا.. فضمنى طه بقوة وتحسس جسدى، سألنى.. كويس يازول؟ أجبت.. الحمدلله.. أعلن أيمن أن الزيارة إنتهت!!.. ونحن نبتعد.. أبلغنى طه تحيات الأسرة وأن الوالدة، زوجتى والأطفال كلهم بخير.. أعطانى تلك الزيارة العجيبة أملاَ دافقاً وجمعت أشتات روحى وجسدى.. عرفت من طه لاحقاً أنهم مارسوا كافة الضغوط الممكنة فقط ليقتنعوا أننى فعلاً مازلت حياً! طه بوالقاسم كان سفير السودان فى سوريا لحظة وقوع إنقلاب الجبهة الإسلامية، وتعرف على المدعوا بكرى حسن صالح أثناء زيارة الأخير إلى سوريا فى شهور الإنقلاب الأولى.. وفى الكشف الأول لمجزرة الدبلوماسيين، كان طه أبوالقاسم من المحالين للصالح العام.. لكنه وظف معرفته للمدعو بكرى وبقا ليهو فى حلقو لغاية ما ظفر بتلك الدقيقتين.. فى الحقيقة أنا هو من ظفر!

    اليوم التالى تم إستدعائى لنفس مكتب أيمن.. لأجد فى إنتطارى ضابط أمن آخر إسمه إبراهيم وكان زميلى فى المرحلة الأولية عندما كان والده يعمل فى الشرطة ويسكونون فى القشلاق الجنوبى.. إبراهيم كان ضابط شرطة وتم إنتدابه للعمل فى الأمن قبل إنقلاب الجبهة.. بعد حق الله بق الله.. أقسم لى أنه لم يكن يعرف بأمرى إلا أن أخبره بــلة.. وبـلة ذاك ترزى فى حِلتنا.. سألنى ماذا أشكو.. قلت ليهو ماشايف كُرعينى وإيدينى وارمات كيف؟ قال لى ماذا حدث؟ قلت ليهو تعذيب!! وهسع مازالت التعليمات المستديمة ألا أنوم أوإرتاح.. أعطانى كيس صغير فيهو فرشة أسنان ومعجون وصابونة لكس! -كملها منى الصحفى محمد محمد خير- ونادى على الحرس وخاطب أيمن.. الزول ده تانى مافى زول يسألوا.. عند رجوعى سألنى زملائى المعتقلين عما جرى، حكيت لهم.. عدنان زاهر محللاتى كبير فى شئون المعتقل.. فسرَ ما جرى بأنه مقصود ليكون مخرج لضابط الأمن. . صاحب الملف، فهو قد إقتنع من لاجدوى الإستمرار وفى نفس الوقت لا يودَ الظهور بمظهر أنه قد تراجع!! تم إستدعائى مساء اليوم السابع فقابلت ضابط الأمن المدعو طارق الشفيع..
    بدأ معى تحقيقاً مكتوباً بحضور شخص آخر حرص على ألا يرينى وجهه.. فكان يأتينى من الخلف وأنا جالس أمام ضابط الأمن المدعو طارق الشفيع، ويقول لى إنت لسع ماشفت حاجة ويقرُص فى أذنى ويعركها عركاً.. فى ختام التحقيق قالو لى أننى لن أرى الشمس ثانية.. وأننى بعد سنوات قليلة فى المعتقل سأحضر لهم جاثياَ مستجدياً إعطاؤهم المعلومات!!

    وردى صالح حسن، فنى عدادات يعمل فى الإدارة المركزية للكهرباء، قارب عمره الستين عاماً.. وهو إبن عم الفنان محمد وردى.. تعرفت عليه فى معتقل السطح وكان عند إعتقاله أن جمع عساكر الأمن من منزله كرتونة مليانة بأعداد الميدان السرية والعلنية وبيانات مختلفة للحزب الشيوعى.. فى إحدى الليالى فى معتقل السطح صادف المقدم م. عبدالمعروف خارجاً من الحمام نظيفاً وكنت مع وردى فى الصف ننتظر دورنا لدخول الحمام، إستوقف وردى.. عبدالمعروف..
    - إنت مُتنضف لشنو؟
    + يمكن يجينى إفراج..
    - إفراج!! إنت آخر زول هاتطلع من هنا..
    + ليه، أنا قالو ليك شيوعى؟..
    - إنت ياخ نزلوك من راس دبابة..
    + أيوه.. أنا نزلونى من راس دبابة.. لكن إنتَ الراكب رأسك ده.. ينزٌلوك كيف؟

    حكى لى مجوك مدينق مجوك ذات ليلة.. أن أروب دينق حكى له كيف أنه تم إعتقاله فى الطريق بين البركس ومستشفى العيون وهو فى طريقه لموقف بصات البرارى.. وكيف تم تعذيبه، وقال لى مجوك أن أروب كان يبكى بكاءاً حاراً ويقول لمجوك أنه تسبب فى إعتقال عدلان وهو صاحب أسرة وعندو أتفال صغار.. تأثرت بما حكاه لى مجوك، فكنت أعرف أروب شاعراً رقيقاً مرهف.. وله شعر بالإنجليزية وبلغته الأم لغة الدينكا.. بعد أيام قليلة من خروجى من المعتقل يوم 12 فبراير 1992 حيث قضيت شهر فى معتقل السطح إلا أن تمت تصفيته أواخر أكتوبر ليتم تحويلنا كلنا لبيت الأشباح المجاور لمكاتب لجنة الإختيار للخدمة العامة، حيث قضيت أربعة أشهر ونصف الشهر.. بعد عدة أيام على خروجى ذهبت لمنزل الأخت هالة الكارب فى منطقة مزاد جبرة جنوب الخرطوم.. فقد كنت مهموماً بشأن أروب.. أريد أن ألقاه وأوٌضح له أن ماحدث كان تبعات طريق إخترناه واعين بمخاطره.. وأن لايترك نفسه نهباً لأى وساوس.. لم أكن أعرف طريقاً يدلنى على أروب سوى أصدقاءه زملاؤه إنشراح، هالة، أو مارتن.. ولم أكن أعرف سوى منزل هالة.. بعد التحيات العادية والسؤال العام عن الصحة.. أوضحت لهالة سبب زيارتى وقلت لها أن الجنوبيين يتعرضون لتعذيب أشد قساوة بمراحل عننا نحن.. لأن ضباط أمن الجبهة غالباً عنصريون حتى فى ممارسات التعذيب.. أجابتنى بحزن عميق.. أن.. أروب قد مات.. أطرقت حيناً فحكت أنه بعد إطلاق سراحه هاجر إلى ليبيا.. بعد شهور قليلة تعطلت كليتاه فتم نقله ألمانيا حيث توفى فى إحدى مستشفياتها.. خرجت مودعاً، ولم أجد ما أعزى به هالة.. لأننى كنت فى حاجة للتعزية..

    عاش شهداء الحرية والسيادة الوطنية..

    فى غياب المحاسبة تتكرر المآسى، التشريد، التعذيب، الإغتصاب، التطهير العرقى..

    لكيلا يفلت المجرمون فتتكرر الجرائم.. نلاحقهم بالحق.

    رجاء: من يملك معلومات عن ضابط الأمن طارق الشفيع، الرجاء نشرها هنا، أو إرسالها على بريدى الإلكترونى [email protected] هدفى من ذلك ألا تتكرر هذه الممارسات مرة أخرى.



    http://www.sudaneseonline.com/cgi-bi...msg=1088272724








                  

العنوان الكاتب Date
لكي لا ننسى .. ضحايا بيوت أشباح د. نافع Amani Al Ajab07-08-11, 03:50 AM
  Re: لكي لا ننسى .. ضحايا بيوت أشباح د. نافع Amani Al Ajab07-08-11, 03:54 AM
    Re: لكي لا ننسى .. ضحايا بيوت أشباح د. نافع Amani Al Ajab07-08-11, 03:59 AM
      Re: لكي لا ننسى .. ضحايا بيوت أشباح د. نافع Amani Al Ajab07-08-11, 04:04 AM
        Re: لكي لا ننسى .. ضحايا بيوت أشباح د. نافع Amani Al Ajab07-08-11, 04:11 AM
          Re: لكي لا ننسى .. ضحايا بيوت أشباح د. نافع elsharief07-08-11, 04:19 AM
            Re: لكي لا ننسى .. ضحايا بيوت أشباح د. نافع elsharief07-08-11, 04:23 AM
            Re: لكي لا ننسى .. ضحايا بيوت أشباح د. نافع معاوية عبيد الصائم11-09-11, 10:37 PM
          Re: لكي لا ننسى .. ضحايا بيوت أشباح د. نافع Amani Al Ajab07-08-11, 04:22 AM
            Re: لكي لا ننسى .. ضحايا بيوت أشباح د. نافع elsharief07-08-11, 04:48 AM
              Re: لكي لا ننسى .. ضحايا بيوت أشباح د. نافع خالد العبيد07-08-11, 04:51 AM
            Re: لكي لا ننسى .. ضحايا بيوت أشباح د. نافع طه جعفر07-08-11, 04:55 AM
              Re: لكي لا ننسى .. ضحايا بيوت أشباح د. نافع elsharief07-08-11, 05:12 AM
                Re: لكي لا ننسى .. ضحايا بيوت أشباح د. نافع elsharief07-08-11, 05:22 AM
                  Re: لكي لا ننسى .. ضحايا بيوت أشباح د. نافع elsharief07-08-11, 05:29 AM
                    Re: لكي لا ننسى .. ضحايا بيوت أشباح د. نافع Amani Al Ajab07-08-11, 03:53 PM
                      Re: لكي لا ننسى .. ضحايا بيوت أشباح د. نافع Amani Al Ajab07-08-11, 03:59 PM
                        Re: لكي لا ننسى .. ضحايا بيوت أشباح د. نافع معاوية عبيد الصائم07-08-11, 04:23 PM
                        Re: لكي لا ننسى .. ضحايا بيوت أشباح د. نافع Afraa Sanad07-08-11, 04:35 PM
                          Re: لكي لا ننسى .. ضحايا بيوت أشباح د. نافع Amani Al Ajab07-08-11, 05:18 PM
                            Re: لكي لا ننسى .. ضحايا بيوت أشباح د. نافع مهيرة07-08-11, 05:28 PM
                              Re: لكي لا ننسى .. ضحايا بيوت أشباح د. نافع هشام المجمر07-08-11, 06:16 PM
                                Re: لكي لا ننسى .. ضحايا بيوت أشباح د. نافع Amani Al Ajab07-09-11, 04:24 PM
                                  Re: لكي لا ننسى .. ضحايا بيوت أشباح د. نافع عبد الملك يوسف الملك07-09-11, 05:11 PM
                                    Re: لكي لا ننسى .. ضحايا بيوت أشباح د. نافع Amani Al Ajab07-09-11, 06:01 PM
                                      Re: لكي لا ننسى .. ضحايا بيوت أشباح د. نافع Souad Taj-Elsir07-09-11, 11:29 PM
                                        Re: لكي لا ننسى .. ضحايا بيوت أشباح د. نافع Amani Al Ajab07-10-11, 00:50 AM
                                          Re: لكي لا ننسى .. ضحايا بيوت أشباح د. نافع عمر ادريس محمد07-10-11, 01:09 AM
                                            Re: لكي لا ننسى .. ضحايا بيوت أشباح د. نافع Amani Al Ajab07-10-11, 01:25 AM
                                          Re: لكي لا ننسى .. ضحايا بيوت أشباح د. نافع خالد العبيد07-10-11, 01:42 AM
                                            Re: لكي لا ننسى .. ضحايا بيوت أشباح د. نافع خالد العبيد07-10-11, 01:44 AM
                                              Re: لكي لا ننسى .. ضحايا بيوت أشباح د. نافع خالد العبيد07-10-11, 01:46 AM
                                                Re: لكي لا ننسى .. ضحايا بيوت أشباح د. نافع Amani Al Ajab07-10-11, 02:24 AM
                                                  Re: لكي لا ننسى .. ضحايا بيوت أشباح د. نافع Amani Al Ajab07-10-11, 03:47 PM
                                                    Re: لكي لا ننسى .. ضحايا بيوت أشباح د. نافع Amani Al Ajab07-10-11, 07:24 PM
                                                      Re: لكي لا ننسى .. ضحايا بيوت أشباح د. نافع Amani Al Ajab07-11-11, 08:34 PM
                                                        Re: لكي لا ننسى .. ضحايا بيوت أشباح د. نافع Mustafa Mahmoud07-11-11, 09:31 PM
                                                          Re: لكي لا ننسى .. ضحايا بيوت أشباح د. نافع Amani Al Ajab07-16-11, 03:54 AM
                                                            Re: لكي لا ننسى .. ضحايا بيوت أشباح د. نافع Amani Al Ajab09-19-11, 09:22 PM
                                                              Re: لكي لا ننسى .. ضحايا بيوت أشباح د. نافع abdelrahim abayazid09-20-11, 12:42 PM
                                                                Re: لكي لا ننسى .. ضحايا بيوت أشباح د. نافع باسط المكي09-20-11, 12:55 PM
                                                                  Re: لكي لا ننسى .. ضحايا بيوت أشباح د. نافع Nasr11-09-11, 10:55 PM
                                                                    Re: لكي لا ننسى .. ضحايا بيوت أشباح د. نافع HASSAN HAYDAR11-10-11, 01:38 AM
                                                                      Re: لكي لا ننسى .. ضحايا بيوت أشباح د. نافع صديق الموج11-10-11, 01:51 AM
                                                                        Re: لكي لا ننسى .. ضحايا بيوت أشباح د. نافع Elbagir Osman11-10-11, 03:40 AM
                                                                          Re: لكي لا ننسى .. ضحايا بيوت أشباح د. نافع Nasr11-10-11, 04:42 AM
                                                                            Re: لكي لا ننسى .. ضحايا بيوت أشباح د. نافع خالد العبيد11-10-11, 04:52 AM
                                                                            Re: لكي لا ننسى .. ضحايا بيوت أشباح د. نافع عادل نجيلة11-10-11, 06:23 AM
                                                                              Re: لكي لا ننسى .. ضحايا بيوت أشباح د. نافع Amani Al Ajab11-10-11, 05:18 PM
                                                                                Re: لكي لا ننسى .. ضحايا بيوت أشباح د. نافع Amani Al Ajab11-10-11, 10:09 PM
                                                                                  Re: لكي لا ننسى .. ضحايا بيوت أشباح د. نافع Amani Al Ajab11-11-11, 03:01 PM
                                                                                    Re: لكي لا ننسى .. ضحايا بيوت أشباح د. نافع نجلاء قرافي11-11-11, 06:57 PM
                                                                                      Re: لكي لا ننسى .. ضحايا بيوت أشباح د. نافع طارق ميرغني11-11-11, 08:18 PM
                                                                                        Re: لكي لا ننسى .. ضحايا بيوت أشباح د. نافع Amani Al Ajab11-12-11, 02:53 AM
                                                                                          Re: لكي لا ننسى .. ضحايا بيوت أشباح د. نافع Amani Al Ajab11-12-11, 02:45 PM
                                                                                            Re: لكي لا ننسى .. ضحايا بيوت أشباح د. نافع Amani Al Ajab11-13-11, 08:17 PM
                                                                                              Re: لكي لا ننسى .. ضحايا بيوت أشباح د. نافع Nasr12-12-11, 07:34 PM
                                                                                                Re: لكي لا ننسى .. ضحايا بيوت أشباح د. نافع Amani Al Ajab12-13-11, 04:44 PM
                                                                                                  Re: لكي لا ننسى .. ضحايا بيوت أشباح د. نافع Amani Al Ajab12-13-11, 05:47 PM
  Re: لكي لا ننسى .. ضحايا بيوت أشباح د. نافع معاوية عبيد الصائم12-14-11, 06:11 PM
    Re: لكي لا ننسى .. ضحايا بيوت أشباح د. نافع Amani Al Ajab12-29-11, 07:08 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de