قصتي مع مرض نادر وقاتل ... بقلم: بدور عبد المنعم عبد اللطيف

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-13-2024, 05:43 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2013م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-28-2013, 01:59 AM

Ridhaa
<aRidhaa
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 10057

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مرض نادر وقاتل ... بقلم: بدور عبد المنعم عبد اللطيف (Re: Ridhaa)


    وفي الثامن من يوليو من عام andamp;#1633;andamp;#1641;andamp;#1641;andamp;#1641; وفيما كانت مراسم عقد القران تتم في »الصيوان« خارج منزل أهل العروس كانت تتصارع في داخلي مشاعر متباينة هي مزيج من الفرح والحزن .. يجتاحني الفرح العارم وأنا أرى إبني بقلبي مرتدياً بدلة الزفاف فيبدو فيها وسيماً أنيقاً فارهاً مشرق الوجه والوجدان تتناثر حوله باقات التهاني من أهله وأصدقائه وأصدقاء والده وزملائه فأحس بأنني أسعد إنسانة في الوجود وما يلبث أن يلفني الحزن بعباءته الكثيفة السواد فأفتقد في وسط هذا الخضم من العمائم والجلابيب والدي الحبيب وأفتقده بشدة .. أفتقد حضوره المميز وسط هذه الوجوه جميعها والتي أحسها هي الأخرى تشاركني فقد من كان زينة المجالس .



    ثم أنظر حولي في مجلس النسوة فأفتقد أمي الحبيبة التي كانت تقيم آنذاك مع أخي بولاية (فيرجينيا) الأمريكية بعد وفاة والدي العام الماضي فيتضاعف إحساسي بالفقد واليتم ويعتريني القهر والحزن وتطفر من عينيَّ رغماً عني دمعتان - يعلم الله - كم بذلت من جهد لقمعهما .

    وفي الرابع عشر من نفس الشهر غادرت مع زوجي وابنتي الخرطوم تاركين عبد الرحمن لعروسه يمضي معها بضعة أيام ثم يعود لمقر عمله في أبوظبي فيما تكمل هي عامها النهائي بجامعة الخرطوم .

    وأنا أتتبع مسار تلك الأيام على - قلتها - أجدني فيها قد نهلت من نبع السعادة الحقيقية، والسعادة الحقيقية في نظري هي الإنعتاق من إسار الأنانية الضيق إلى آفاق أرحب وأوسع بحيث يستمد حينها الإنسان سعادته من إحساسه بسعادة الآخرين وهم يشاركونه فرحته .

    في تلك الأيام الجميلة تجمع شمل الأهل والأصدقاء والجيران في دارنا الصغيرة .. هرعوا يقدمون لنا العون المعجون بماء الحب والمودة الصافية.

    وفي لحظة تحول ذلك البيت الذي ظل حتى الأمس مهجوراً يروي بمنظره الكئيب والحاوية الباهتة اللون التي تجثم أمامه مأساة المغتربين وقد أمسوا كالمنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى .. عزاؤهم الوحيد أنهم قد أسهموا بقصد أو بدون قصد في حل ضائقة السكن لشريحة بائسة من البشر هي شريحة الخفراء وأسرهم .

    تحول ذلك المنزل الكئيب ويا سبحان الله إلى جنة عرضها السموات والأرض تتلألأ ساحاته بتلك الوجوه النضرة البهية .. وتضج جنباته بأصوات الزغاريد .. وتتمايل جدرانه على دقات الطبول وأنغام الموسيقى.

    ثم أقبل علينا شهر سبتمبر بوجهٍ مكفهر حاملاً معه العواصف والبروق والرعود معلناً لنا بكل قسوة أن حصيلتنا من السعادة كانت أكثر مما ينبغي مما يستوجب منا السداد .. والسداد الفوري .. فجاءت الفاتورة باهظة.

    مات سيف الدولة عبدالرحمن علي طه.. مات من كان ملء السمع والبصر.. مات أخو زوجي وتوأم روحه.. مات أخي سيف الدولة فماتت معه كل معاني الشهامة والشجاعة والرجولة.. إغتال رحيله المفاجئ كل الفرح.. كل الفرح.

    إنتبهت على صوت قائد الطائرة يعلن هبوطنا مطار القاهرة .. لملمت حاجياتي وكفكفت دمعي وغادرت الطائرة .

    في المطار أخذت أدفع أمامي عربة الأمتعة إلى مكتب إحدى شركات تأجير السيارات عندما أحسست بها ثقيلة على غير العادة .. وأنا أبذل جهداً إضافياً لدفعها تقدم مني أحد إخواننا المصريين وتبرع مشكوراً وأرخى الكابحة (الفرملة) المثبتة في عجلتها لتنطلق بعدها العربة منسابة إلى صالة الجمارك .. ثم إلى موقف السيارات لتقلني السيارة الليموزين إلى ضاحية المعادي حيث أقطن.

    في المنزل شرعت أفرغ الحقائب من محتوياتها حين أحسست ببعض الألم في ظهري أرجعته في الحال إلى دفعي عربة الأمتعة قبل إرخاء الكابحة (الفرملة(

    رقدت على السرير الخشبي وأنا آمل أن تعمل مرتبته القوية على استرخاء عضلات ظهري وتغادرني الأوجاع دون الحاجة إلى طبيب أو عقاقير. ويبدو أن تلك أول مرة أخلو فيها لنفسي حين فطنت وأنا أبتلع ريقي لطعم مرارة غير عادية تخالطه.. مرارة طالما ارتبطت في ذهني دائما بالحمى.. تنهدت بارتياح وأنا أذكر وصف المتنبي للحمى..

    بذلــت لها المطــارف والحشــايا فعافتهـــا وباتـــت في عظـــامي
    وهكذا قدَّرت أن حمى المتنبي لابد أنها قد وجدت ضالتها في عظام ظهري فاتخذتها مأوىً ومبيتاً لها.. وضعت ميزان الحرارة تحت لساني.. الميزان يبين أن درجة الحرارة عادية.. إذن لابد أن دفعي لعربة الأمتعة قد تسبب لي في حالة إنزلاق غضروفي.

    طلبت من إبني عمرو أن يحضر لي دواءً مُسكِّناً من الصيدلية المجاورة.. كان للقرص المُسكِّن مفعول السحر.. زالت كل الأوجاع والآلام كأن لم تكن.. ثم رحت في نوم عميق.

    إستيقظت صباح الجمعة وأنا أحس بتحسن نوعاً ما وفي نيتي الإتصال بأخواتي وصديقاتي في المعادي وعلى رأسهن أختنا الكبرى وعميدتنا فوزية مصطفى أبو العلا .

    ولعلي أتوقف قليلاً عند هذه الشخصية والتي قد لا يعرفها الكثيرون لأنها قد أمضت الجزء
    الأكبر من حياتها منذ زواجها بالقاهرة (أي ما يقارب النصف قرن من الزمان) وإن كان اسم عائلتها الكبير في مجال التجارة والإقتصاد قديماً لا يخفى على أحد.

    كانت بداية علاقتي بفوزية في يناير من عام andamp;#1633;andamp;#1641;andamp;#1641;andamp;#1637; عندما عرَّفتني بها -عن طريق التيلفون- إبنة أختها هدى عبدالعزيز ميرغني لتساعدني عند وصولي للقاهرة والتي كنت أنوي الإستقرار فيها لبعض الوقت مع أولادي أثناء فترة دراستهم بالجامعة الأمريكية بالقاهرة .. فكان أن شرحت لها قضيتي وبعد ذلك سارت الأمور.

    وصلت مطار القاهرة مع زوجي وإبني عمرو فكان سائق فوزية بانتظارنا حيث أخذنا إلى الشقة المفروشة التي استأجرتها لنا في المعادي والتي أشرفت بنفسها على تجهيزها بكافة التفاصيل من البطاطين والفرش إلى الثلاجة التي حوت كافة الأطعمة.. وبعد فترة.. ولما رغبنا في شراء شقة كانت فوزية هي الموجه والمرشد والمعين.. وهكذا كانت تلك الإنسانة أول من فتح لنا بوابة القاهرة على مصراعيها وكفانا مؤنة التخبط في تجارب مريرة كالتي يتعرض لها القادم لأول مرة.

    جمعني منزلها العامر بكوكبة من الأخوات والصديقات كن لي وسيبقين أخوات على الدوام أذكر منهن الأخوات عواطف عبدالسلام أبوالعلا.. الدكتورة أمال أيوب.. الدكتورة منى الماحي.. وفاء وحباب عبدالله الفاضل.. ووالدتهما السيدة منيرة.. سمية يوسف هباني.. منى عزالدين مصطفى.. أسماء عبدالقادر علي.. ميمي أحمد يوسف هاشم.. نوال عثمان عبدالمنعم.. ميرفت أبوبكر فريد.. محاسن بخاري.. وأخريات.

    نَظَمَت مجموعتنا بتلقائية وعفوية نادرة نابعة من روحها المفعمة بالإيثار والكرم والمروءة، كما ينظم الناسك حبات المسبحة.. في مزرعتها (عزبتها) الوارفة الظليلة أكلنا المرارة والشية (الشواء) على نغمات أغنيات أحمد المصطفى ونحن نجتر ذكريات الماضي الجميل.. في منازلنا المتفرقة كانت لقاءاتنا المليئة بالحوارات الثرية.
    كان تجمعاً نموذجياً بكل ما تحمله الكلمة من معنى.. ولذلك عندما وقعت الواقعة وسقطت أسيرة الداء اللعين إهتز ذلك الركن الحميم في القاهرة خوف أن ينفرط عقد المسبحة وتتناثر حباته.

    جاءت أصواتهن قلقة واجفة عبر الأسلاك تنشد الطمأنينة على أختهن الغالية.
    أعود فأستميح القارئ لهذه التداعيات والتي لابد منها وأنا منذ البداية قد ذكرت إنني ربما أوغل في بعض التفاصيل لعلمي أنك لكيَّ تعيش تجربة شخص ما معايشة حقيقية وصادقة فلابد أن تجوب معه حواري وأزقة أعماقه وإلا فإن شخصية فوزية في إنفاقها الخفي على الفقراء والمساكين ودور اليتامى تستحق أن تُفرد لها صفحات وصفحات.

    إتصلت بفوزية ولكن لا أحد بالمنزل.. تذكرت أنها تمضي يوميَّ الخميس والجمعة بالعزبة .. عاودني ألم الظهر.. تجاهلت الألم ومضيت في مواصلة أعمال البيت الروتينية .

    في تلك اللحظات خُيل إليَّ أنني بالكاد أحس ملمس (الشبشب) على حافة الجزء الأيسر من قدمي.. توقفت عند ذلك العارض لبرهة ثم واصلت مهامي.


    لم يستطع إستغراقي في العمل أن يصرف إنتباهي إلى أن الأمر تعدى حدود ذلك الجزء من القدم وامتد الخدر والتنميل إلى باطن قدميَّ الإثنين.

    مساء الجمعة هاتفت فوزية بعد عودتها وأخبرتها بأنني أعاني من ألم في ظهري دون أن أتطرق إلى باقي الأعراض كما ذكرت لها إنني إتصلت بآمال أيوب لمعرفة إسم الطبيب الذي تتعالج عنده من آلام الغضروف ولكني لم أجدها .. أيضا قلت لها إنه طالما أن الألم ليس بالحدة بحيث يجعلني أخاطر وأستعجل الذهاب إلى أي طبيب فإنني سأظل مستلقية على ظهري وأتناول القرص المسكن عسى أن يزول الألم من تلقاء نفسه وفعلا نمت حتى الصباح .
    صباح السبت لم يطرأ أي تحسن على وضعي بل إنتابني إحساس جديد بدا لي غريباً وغامضاً. ضعف وفتور يتسللان تدريجياً إلى ساقيَّ مما يجعلني لا شعورياً أستند على الجدران أثناء سيري كمن يخشى السقوط.

    أخبرت فوزية بتلك الأعراض التي تجاهلتها في البداية .. وكعادتها راحت فوزية تجري إتصالاتها بطريقتها الخاصة وعادت لتخبرني أنها قد حددت لي موعداً غداً الأحد الساعة التاسعة صباحاً لدى إستشاري في أمراض المخ والأعصاب كما أشار عليها طبيب من أسرتها بعد أن علم بأعراض الخدر والتنميل .

                  

العنوان الكاتب Date
قصتي مع مرض نادر وقاتل ... بقلم: بدور عبد المنعم عبد اللطيف Ridhaa08-28-13, 01:55 AM
  Re: مرض نادر وقاتل ... بقلم: بدور عبد المنعم عبد اللطيف Ridhaa08-28-13, 01:57 AM
    Re: مرض نادر وقاتل ... بقلم: بدور عبد المنعم عبد اللطيف Ridhaa08-28-13, 01:59 AM
      Re: مرض نادر وقاتل ... بقلم: بدور عبد المنعم عبد اللطيف Ridhaa08-28-13, 02:01 AM
        Re: مرض نادر وقاتل ... بقلم: بدور عبد المنعم عبد اللطيف Ridhaa08-28-13, 02:02 AM
          Re: مرض نادر وقاتل ... بقلم: بدور عبد المنعم عبد اللطيف Ridhaa08-28-13, 02:04 AM
            Re: مرض نادر وقاتل ... بقلم: بدور عبد المنعم عبد اللطيف Ridhaa08-28-13, 02:07 AM
              Re: مرض نادر وقاتل ... بقلم: بدور عبد المنعم عبد اللطيف Ridhaa08-28-13, 02:09 AM
                Re: مرض نادر وقاتل ... بقلم: بدور عبد المنعم عبد اللطيف محمد أحمد الريح08-28-13, 12:54 PM
                  Re: مرض نادر وقاتل ... بقلم: بدور عبد المنعم عبد اللطيف Ridhaa08-28-13, 09:52 PM
                    Re: مرض نادر وقاتل ... بقلم: بدور عبد المنعم عبد اللطيف Barakat Alsharif08-29-13, 06:43 AM
                      Re: مرض نادر وقاتل ... بقلم: بدور عبد المنعم عبد اللطيف عمار عبدالله عبدالرحمن08-29-13, 08:52 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de