|
عدد الذين يعتنقون الأفكار الشيعية في عموم السودان من بين 34 مليوناً لا
|
تجارة الخوف!
على عدة حوائط بمساجد الخرطوم تنتشر لافتات تحذر من الشيعة في السودان وتصفهم بالخطر القادم.
في أول أيام احتلال أبو كرشولة من قبل ما تسمى بالجبهة الثورية أديت صلاة الجمعة في إحدى المساجد الكبرى بالخرطوم كانت درجة الحرارة تلامس الـ50 والبلاط يصلي أقدامنا، كانت الخطبة في جزئها الأول والثاني تتحدث عن الشيعة كتحدٍ ماثل لا بد من مواجهته.
لم تأت أبو كرشولا إلا عرضاً في سياق أدعية الختام لنصرة المسلمين في أفغانستان وسوريا والعراق والصومال! انتابني شعور أن محاربة ومواجهة الشيعة أجندة عابرة للحدود لا علاقة لها بمنتج أزمات الواقع السوداني. مصدر الشعور أنني لم ألحظ أي نشاط شيعي يعطي مبرراً لاعتبار الشيعة أكثر خطراً على الشعب السوداني من الانحرافات السلوكية والمخدرات في الجامعات ومن الفقر والفساد ومن أمراض الايدز والسرطانات والحروب.
كان علي ألا أكتفي بهذا الانطباع وألا أستسلم لذلك الشعور وألا أبني عليه قناعة جازمة إلا بعد التحري والتوثق وشرعت في البحث والتقصي ووجدت أن انطباعي تسنده وقائع ومعلومات، كشفت لي وجود تهويل قصدي لخطر الشيعة في السودان.
من خلال نشاطي المجتمعي والصحفي والخاص لم ألتق بأشخاص يروجون للفكر الشيعي، صحيح التقيت بعض الأفراد لهم قناعات شيعية أو لهم تعاطف مع الشيعة أو رموزهم، لكن وجدت أكثر من أولئك من هم لا دينيين أو من يعتنقون أفكاراً شاذة.
لا يوجد مسجد في كل السودان يروج لأفكار الشيعة أو يتبنى أقوالهم الشاذة في الصحابة رضوان الله عليهم، وليس للشيعة صحف تنقل ما يقولون ولا كتاب يدافعون عن تلك الأفكار أو يتبنونها.
الأمر لم يصل طور الظاهرة حتى تطلق صفارات الإنذار كل هذا الضجيج، و الظاهرة مصطلـح يُـطلق على أمــر أصبــح منتشــراً أو هي السلوك المستهجن من قبل المجتمع والذي يظهر فجأة أو بالتدريج ويبدأ بالانتشار بصورة سريعة. ، ولم يكـن له وجــود من قبل .فــيُـستخدم اللفظ من الفعـل ( ظهـر ) ، أي بــان و وضـح !
في العاصمة الخرطوم التي يفوق عدد سكانها السبعة ملايين وتوجد بها مقابر لليهود وكنائس رسمية وعشوائية لمختلف الطوائف المسيحية وبها خمسة آلاف مسجد معظم أئمتها سلفيون وإما صوفيون أو تقليديون لا توجد سوى حسينية واحدة للشيعة!
المعلومات تقول إن عدد الذين يعتنقون الأفكار الشيعية في عموم السودان من بين 34 مليوناً لا يتجاوز عددهم 1500 مواطن فقط!
إذا كان الوضع على هذا الشكل ما الذي يجعل الشيعة في مقدمة المخاطر التي تواجه الشعب السوداني حتى تنبري لها المنابر وتحشد لها الصفوف وتشوه الحوائط بالملصقات وتوفر الإمكانات الإعلامية والدعائية لمواجهة خطر متوهم أو بالأصح مختلق. أسوأ أنواع الاستثمارات في سودان هذه الأيام هو الاستثمار في الخوف والتربح به !
ضياء الدين بلال
|
|
|
|
|
|
|
|
|