كيف يختار ابنك او اخوك تخصصه الجامعي؟

Quote: إهداء لفواز الشمري .. عبدالله المديفر في سن الطفولة يتعلق الإنسان بوالديه ، ويتأثر بهما وبسلوكهما وعاداتهما ، وتتشكل في هذه البيئة الأسرية معالم شخصيته الأساسية ، وبعد ذلك يدخل المعلم على خط التأثير والتشكيل ، وفي سن المراهقة يبدأ الشاب بالتعلق بمجتمع الأصدقاء ، ويسكب طاقته العاطفية في نهر أصدقائه وأقرانه بعد أن يتحرر بالتدريج من مفعول بيئته الأسرية ، وبعد سن العشرين ينطلق في رحلة تعلق جديدة يبحث فيها عن الجنس الآخر ، ويربط حياته ببيئة أنثى تحتويه ، وبعد الأربعين تولد بيئة أخرى للتعلق تحمل في طياتها أجندة عائلية . إنها رحلة الحياة الممتدة التي تغيرنا بتغيرها ، وأهدف من هذا الاستعراض إلى استشعار «قانون المراحل» الذي نربح حياتنا إن أعملناه ونخسر كثيراً إذا عطلناه ، وفقه هذا القانون يجعلنا نضع خططنا وفق احتياجات كل مرحلة ، فمن الخطأ أن أخطط للسنوات العشر القادمة من منطلق حاجاتي ورغباتي الآن ، فأنا بعد عشر سنوات لست أنا اليوم ، ومتطلبات حياتي هناك ليست هي متطلباتها هنا ، وبهذا الفقه المرحلي نتمكن من تحديد خياراتنا بشكل أفضل . كثير من الشباب دخل الجامعة التي يتواجد بها أصدقاؤه ، ودرس تخصصاً فرضته رغبات الرفاق والأصحاب ، فأنا مع «الشلة» في أمان ، وهذا التصرف لا يقدم عليه إلا من عطل «قانون المراحل» ، فخياراتنا العملية المستقبلية يصنعها في أحيان كثيرة مزاج السكن والصحبة اليوم ، فيبحث عن الوظيفة التي تجعله قرب استراحة أصدقائه الذين اختطفوا قلبه لدرجة أنه لا يستطيع العيش بدونهم !. فقد الكثيرون الفرص المذهلة لأنهم أغمضوا أعينهم عمداً عنها ، وكانوا يخططون للرجوع لمتعتهم السابقة ، ولم يفكروا أن الحياة الناجحة والسعيدة هي التي تتقدم في مراحلها . أذكر أني في أول مغادرة حقيقية عن مدينتي لم أسكن مع الأصدقاء الذين أحبهم وهم من نفس الحي الذي أسكن فيه ، وذلك لأن كل أحاديثهم منصبة على فكرة الرجوع إلى البلدة التي خرجوا منها ، وكانوا يرددون دوماً ( ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون ) ، وكانوا يبحثون عن أقرب الفرص التي تعيدهم للبلدة المحبوبة ، وبعد أن رجعوا عاشوا حياة تقليدية قتلت كل المهارات المتميزة التي يتمتعون بها ، ولسان حالهم يقول : ( واعبد ربك حتى يأتيك اليقين ) . أهدي هذا المقال للجميل فواز الشمري الذي لقيته صدفة في الطائرة وكان يقول لي : ( وظيفة بالمرتبة الرابعة بحايل أزين من وزير بالرياض يابعد حيي ) .