|
هل كان شعراً.. استطلاع
|
فى المراحل الدراسية قبل الجامعية.. مرحلة الثانوى العام ثم العالى.. مراحل كانت بنكهة الياسمين وطعم الزمن الجميل.. كان ينطبق علينا ما قاله الشاعر نزار قبانى عندما جاء السودان زائراً فى السبعينات.. قال: كل الشعب السودانى يقرض الشعر ويمتهن السياسة.. نعم فى ذلك الزمن ومايو تحكم قبضتها على أنفاس الوطن كان يتراءى لنا العمل العام فى خطواته الاولى كطلاب.. وكنا نكتب ما نظنه شعراً .. فهل كان شعراً ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ عكفت هذه الايام فى جمع قصاصات قديمة ظللت أحتفظ بها ضمن أشيائى الصغيرة فقد ظلّ لدىّ اعتقاد دائم بأن (( اشيائى الصغيرة هى أنا)).. بجانب هذا الاعتقاد ظلت تلازمنى عادة أخرى طوال مراحلى وحتى اليوم.. أجد فى جمع قصاصات الحياة فرص طيبة لتوثيق ما يستحق، وقد بدأت.. من بين ما كنت أعتقد أنه شعراً هذه الكلمات التى كتبتها فى رثاء زميل لنا بالمرحلة الثانوية حيث تلقيت تعليمى بمدارس مختلطة (الاقباط المصرية بعطبرة).. ذلك الاختلاط المبكر ساهم بقدر كبير فى ان نعيش حياة مليئة بالانسانية فى حد ذاتها ورسمت لنا صوراً مبكرة للتعامل مع قضايا النوع وفهماً عميقاً للعلاقات الانسانية المشرقة بين الجنسين.. رحل زميلنا ( أشرف ) وهذا اسمه، فى العطلة الصيفية.. وفى بداية العام الدراسى كتبت هذه الكلمات، فهل كان شعراً؟
فى رثاء زميل
يا غصن زوى مورق فى ربيعه وهلال خسف قبل ان يتم بدوره مات اشرف مات اشرف فى ربيع شبابه كان بيننا وما كنا ندرى قريباً يكون رقاده أضحى مكانه خالياً الا من أنين حداده مكانه اسوداً ودموعنا تزيد سواده نعى الناعى وفاتك فصدت حديثه الاسماع بكيناك طويلاً عسى الدمع يخفف الاوجاع زميلاً كنت بيننا أخاً توارى وضاع اتاك الموت عجالاً اتالك الموت عجالاً فى يوم مفرع افزاع غدوت عنا واخترت الفراق بلا الوداع افتقدنا وجودك بيننا وأضحى الطرف مدماع أين الزميل هادئ الطبع حسن الاخلاق كنت أظنه فى مطلع العام الجديد سيكون من بين الرفاق وما كنت أظن أن الفراق يولد فراق الحزن عليك أكبر من أن يخطه قلم وتحمله اوراق بت ذكرى بت ذكرى بعد أن كنت واقع مشرق إشراق الذكرى أبقى وانت باق فى ذكرى الرفاق __________________________________________ وفى مرحلة الثانوى العام فى هذه المرحلة كنا قد قضينا بها كدفعة خمسة أعوام كاملة، حيث كنا أخر دفعة جلست لامتحان الشهادة (الوسطى) وبعدها تغير السلم التعليمى وأصبح الابتدائى سته سنوات بدلاً عن أربعة، ثم الثانوى العام ثلاثة سنوات والعالى ايضاً ثلاثة سنوات.. كنا قد انتقلنا الى مدرسة (العمال الوسطى) والتى أصبحت (مدرسة العمال الثانوية العامة) وحتى نتماشى مع النظام الجديد أصبحنا طلاب بالصف (الخامس ابتدائى) بدلاً عن الاولى (وسطى)، ثم أكملنا السلسلة الجديدة (خامس، سادس، اولى عام، تانية عام، ثالثة عام)، بعدها امتحنا الى الثانوى العالى، وبذلك كنا قد قضينا بمدرسة (العمال الثانوية العامة بعطبرة) خمسة سنوات بالتمام والكمال، لذا كانت مرحلة لها طعمها الخاص وجمالها المتميز والفتها التى ما زالت تجمعنا بالكثير من زميلات الدراسة أنذاك.. ومن ملامح تلك المرحلة ما زلت أذكر اساتذتى بها فرداً فرداً وكان أميزهم بالنسبة لنا الاستاذ (كمال حامد) الرجل المعروف، تميزه كان فى أنه ظلّ رائداً لنا على مدى ثلاثة أعوام، وكان معلماً للغة العربية، ومسئولاً عن الجمعية الادبية، وللرجل بصمات فى حياتى فى تلك المرحلة العمرية التى يبدأ فيها التشكيل الحقيقى للانسان كشخصية فى مجتمعه المحدود، ما زلت أحتفظ بمذكرات كتبها بخط يده سطر فيها عن تنبؤاته لتلميذة بدأت اولى خطواتها فى العمل العام على يديه عبر مجلة حائطية اسمها (إشراقة) تيمناً بديوان شعر التجانى يوسف بشير فكنت رئيسة تحريرها، ورئيسة الجمعية الادبية لمدرسة العمال بنات، وطالبة تحاول أن تكتب شعراً ونثراً وتنافس فى مهرجان (اعياد العلم) التى كانت قد ابتدعتها مايو، أحتفظ بكل هذه المكتوبات فى دفتر ثر وهو ما نقلت من بين صفحاته ما جاء فى هذا البوست، ومنه ما أنوى أن أعمل به على توثيق مذكراتى الشخصية فى العمل العام منذ نعومة أظافرى بعد فراغى من الكتاب الذى بدأت طباعته والخاص بجمع لقاءات صحفية أجريتها عبر مجلة (عزة ) التى كنت اصدرها بالتجمع الوطنى والتقيت عبرها بأكثر من اربعين شخصية سياسية ، أعمل على تجميع هذه اللقاءات فى كتاب كنت قد أشرت اليه فى إصدارى الاول (نساء فى مرمى البندقية)، الكتاب تحت عنوان (ساسة السودان.. مقالات ومآلات).. ومن بين ما كتبته فى مرحلة العام كلمات القيتها فى حفل الوداع الذى اقامته لنا اسرة مدرسة العمال باشراف الاستاذ كمال حامد ، جاءت هذه الكلمات المنظومة فى خاتمة الكلمة التى كنت قد القيتها نيابة عن طالبات الصف الثالث (المحتفى بهن)، تحت عنوان:
وفاء ووداع أخذ منها المقطع الاخير والذى يقول: _________________ خمس سنوات مشرقات كالصباح انجلى منها الظلام وعمّ النور البطاح مضت كأنها ساعات مضت مرفوعة الهامات ودعناها بمدمع الطرف الهموع ودعناها بسكب الدموع ودعناها والقلب هلوع انها قد مضت ولكنها فى الضلوع هكذا طريق العلم لنجنى الثمار من أزكى فروع وتعم الفرحة كل الديار تعم الفرحة كل الربوع
العمال الثانوي العامة بنات فهل كان شعرا؟؟؟
|
|
|
|
|
|
|
|
|