المسرح في الحياة السودانية - دراسة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-13-2024, 01:47 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثانى للعام 2013م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-27-2013, 01:50 AM

عماد البليك
<aعماد البليك
تاريخ التسجيل: 11-28-2009
مجموع المشاركات: 897

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المسرح في الحياة السودانية - دراسة (Re: عماد البليك)

    بدايات:
    "افتح الشنطة"، هكذا نهرني ذلك الأفندي في مطار الخرطوم... نصف قميصه خارج بنطاله.. وبين أسنانه وشفته السفلى "سفة".
    فتحت الشنطة جاس بأصابعه الخبيرة في قعرها. أخرج جلد الأفعى الاستوائية الكسول الذي كنت أحمله هدية لأحد الأصدقاء بالأحرى بناء على طلب زوجته التي نفسها في حذاء وشنطة من ذلك الجلد.
    "ده شنو؟" سألني مستنكرا.
    "جلد أصلة.. ماله؟" أجبت متسائلا.
    "يا سلام.. الحركات دي أحسن تبطلوها".. ثم ألقى عليّ درسا في الوطنية والبيئة والقانون.. واختتم محاضرته بشتم كل المغتربين..
    (ص6- عبق الأرض – عبد المنعم علي الأمين – 2003 – مطابع دار الشرق – الدوحة)

    هذا المشهد التمثيلي الواقعي الذي حدث في مطار الخرطوم ذات يوم كما يرويه لنا عبد المنعم علي الأمين في كتابه "عبق الأرض"، يجسد حالة من حالات التمسرح اليومي في الحياة السودانية.. والفضاء هنا المطار.. والشخص الذي يقوم بمهمة الممثل هو "موظف الجمارك" الذي كان من الممكن أن يؤدي دوره بـ "لياقة وأدب".. دون أية حاجة إلى كل هذه "التمثيلية" كما يسميها السودانيون.. أو "المسرحية".. والتي حاول عبد المنعم أن يرد سببها إلى "المزاج الشخصي" أو أمور أخرى كمشاجرة مع الزوجة أو عدم الإفطار أو "ليس في صندوقه فكه" وغيرها من الأسباب.
    فالموظف هنا يخرج عن الدور الذي يجب أن تحتله طبيعة العمل المناطة به. كان من الممكن أن يسأل بطريقة بسيطة ومهذبة ويوضح.. ولكن تماديه في إلقاء الدروس بقدر ما يعني انعكاسا لحالة أو مزاج نفسي أو شخصي إلا أنه يعكس في الوقت نفسه، صورة للمزاج السوداني في وظيفة عامة.. ويعني بدرجة ثانية وفق مفهوم "الطقوس".. كيف يتحول طقس العمل اليومي في الجمارك إلى "حالة تمثيلية" يتم توارثها عبر أجيال من الذين يمارسون المهنة، مع الاستثناءات طبعا.. وهذه "الطقوس" المرتبطة بالمهن نجد لها صور ذهنية تمثيلية لدى الشرطي السوداني وسلوكه مع الجمهور، وكذلك سائق الحافلة والكمساري، والسمسار الذي يراوغ ويمارس شتى الصور التمثيلية والممسرحة لكي يصل إلى مبتغاه أو هدفه، وهو الذي دخل المهنة في البداية بالموهبة فقط.. إن جاز التعبير.. ورأى كيف تمارس الأمور وتمثل الأحوال ودأب على الحال يتقلد ويتعلم حتى انتهج طريقته الخاصة.
    ولكي ندرك مضاد الصورة التي أوردها عبد المنعم الأمين فإنه في كتابه نفسه يأتي على المضاد ساعة يورد كيف أن موظف الجمارك نفسه ولكن في مطار آخر يفتح الشنطة ويغلقها ويتأكد من وجود "جلد الأصلة" ورغم تأكيد المسافر أنه يحمل هذا الجلد، إلا أن الموظف ينظر إليه كأنه يقول له أنت "عوير ولا شنو!" (ص7).. وكأن الأمين يريد أن يرينا اختلاف المزاج أو حالة الفعل التمثيلي والممسرح بين الموظف السوداني وقرينه في بلد آخر. فالموظف السوداني أوجد حالة درامية "هائلة"، وهي استقطاع لجزء من الحياة وفعل بقدر ما يجلب التضايق للنفس، إلا أنه يعبر عن الترويح الذاتي والتزجية للروح في المقابل للشخص الممارس الذي أدمن هذا الفعل اليومي.
    وهنا يكون السؤال عن سبب هذه الحالة المزاجية أو إنتاج مثل هذا النوع من المسرح الدرامي الواقعي المعاش، بحيث أن الجميع في الصالة بالمطار يتحولون إلى جمهور، ويحدث ذلك في مواقف كثيرة، وباسترجاع الذاكرة يمكننا الحصول على مواقف كثيرة تتحول إلى "فرجة" وما أكثرها في الواقع اليومي، في الشوارع والأسواق وبوابات المستشفيات وداخل المواصلات العامة وغيرها مع التأكيد على النقطة التي سبق إيرادها وهي خصوصية الطقس والأداء التمثيلي الذي يتفاوت من مجتمع لآخر.
    إن الحالة التمثيلية أو المسرحية الواقعية التجسيدية سواء كان بطلها بوابا في مستشفى يمارس عنته على الذين يريدون الدخول في غير وقت الزيارة الرسمية أو ربما شحاذ "حقيقي" في شارع وسط السوق يطلب العون، أو سمسار يريد أن يصل لنسبته من بيع عقار بعد كساد طويل. هذه الحالة تكاد تتسم بالصدق والتقاطع الحقيقي بين ما تظهره الذات وما تبطنه، بمعنى حدوث تطابق بين الداخل والخارج، وهو ما يجعل الأداء التمثيلي مباشرا وبحيث لا يفكر الشخص بأنه "ممثل" بخلاف من يقف على المسرح الذي سيكون مطالب بالإجادة أو "الإحسان" بأن يصل بنا إلى هذه الحالة من التطابق بين "البراني والجواني" وهذا ما يفرق ممثل عن آخر. ولهذا فإن المسرح ساعة يتحول إلى أداء على الخشبة يكون الوضع قد اختلف لأن الجمهور سوف يتعامل مع "فن"، بخلاف الحالة الواقعية الممسرحة التي لن توصف بـ "فن". وبالانتقال إلى الفن يكون مطلوبا "إتقاء الله في الجمهور" بتعبير عرفات محمد عبد الله ساعة كتب سنة 1932 معلقا على مسرحية "فران البندقية" التي عرضت بأعياد الفطر بملعب نادي الخريجين بأمدرمان والتي كان الدخول إليها بالبطاقات.
    كتب عرفات: "فيا رجال التمثيل اتقوا الله في هذا الجمهور الذي عليه تعتمدون ولا تستغلوا طيبة قلبه بغير حق وقدموا له ما يرتاح إليه وما يفيده، تجدوا من تعضيده ما يسركم وينهض بالفن والبلاد إلى الإمام". (مجلة النهضة- العدد 21- فبراير 1932 ص15-17)، ولئن اختتم عرفات بهذا الكلام فالواقع أنه قدم لنقل دراسة في عدة صفحات ناقدة للمسرحية الإيطالية المسودنة، من حيث الديكور والموسيقى وأداء الممثلين. وهذه الحالة من الوعي بالمسرح، كفن في الحياة.. ربطت المسرح كفن بالفائدة والتقوى، بأن يكون له هدف وغاية ورسالة. وعلى النقيض هل يكون الأداء التمثيلي الواقعي في مسرح الحياة خاليا من الهدف أو الرسالة. صحيح انه مرتبط بهدف، لكنه قد لا يكون مرئيا أومدركا. وهذا هو الفارق بين الواقع والفن. رغم أن المتعة قد تتحق في كليهما.
                  

العنوان الكاتب Date
المسرح في الحياة السودانية - دراسة عماد البليك05-27-13, 00:11 AM
  Re: المسرح في الحياة السودانية - دراسة عماد البليك05-27-13, 01:50 AM
    Re: المسرح في الحياة السودانية - دراسة عماد البليك05-27-13, 03:23 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de