لماذا يكرهنا المصريون؟؟ نشر في جريدة مصرية... ... دكتور زهير السراج

Quote: هذه المقال كتبته بصحيفة الصحافه بعد ايام قليله من المجزره اعيد نشره عبر بوستكم مع تحياتى: ما بين الإستضعاف في الأرض والهوان فيها * قضى حوالى ستة وخمسين سودانياً على ايدي الشرطة المصرية بعد ان قررت السلطات المصرية تفريق إعتصام اكثر من الفي سوداني إعتصموا لاكثر من ثلاثة أشهر بميدان مصطفى محمود بأحد أحياء القاهرة. * القرار حسب إدعاءات الداخلية المصرية تم بناءً على طلب UNHCR وهى إحدى منظمات الأمم المتحدة ويفترض فيها صيانة ارواح من يلجأون اليها، اضافة الى تأمين الحياة الكريمة لطالبي اللجوء السياسي ريثما يتم التحقق من دعاواهم. * معروف ان الشرطة في بلدان الشرق الاوسط على وجه العموم وفي مصر على وجه التحديد تتسم بقسوة لا توصف تجاه المواطنين، وقد زخرت الدراما المصرية بقصص وروايات تعضد هذه البداهة، كذلك اشارت بعض اقلام اصحاب الضمير الحر الى تدني الكفاءة المهنية والاستهانة بحياة البشر والغرور بالقوة المستمدة من الانتماء لجهاز الشرطة تناولت هذه الاقلام فظاعة المشهد فجر الجمعة 30/12/2005 (راجع مقال الاستاذ حسين عبد الرازق بصحيفة الاهالي 4-11/1/2006م). * نقول إن شأن الشرطة المصرية مع شعبها يظل شأناً مصرياً صرفاً فلربما امتلكوا نظريات تقول باستحالة ادارة شؤونهم إلا عبر هذه الاساليب!! * إلا انه وحينما يتعلق الامر بأرواح سودانيين وفي ظل الحديث عن وحدة المصير وما يردده الاعلام الرسمي في كلا الدولتين عن وادي النيل حينها سنتوقف لنقول لكلا الحكومتين إن دماء السودانيين لن تصير ماءً، فقط لأنهم استضعفوا وهاموا بعد ان تقطعت بهم السبل والاسباب وكان قدرهم ان يلجأوا للجارة (الكريمة). * الحكومة السودانية تبرأت من المشكلة برمتها ووصفتها بأنها شأن مصري داخلي لا علاقة للسودان به، وفي هذا لعمري هوان لحكومتنا قبل شعبنا وحقاً يبدو البعض اكثر ذكاءً حينما يصمت. * مسؤولية الحكومة السودانية بدأت حينما استضعفت مجمعات ضخمة من سكان البلاد عقب تطبيق سياسات (حمدي) سيئة الذكر نهاية بإقناع الجميع بأن الحال لم يعد هو الحال، وأن الوطن سيسع الجميع مروراً بمحاسبة من يستخف بأرواح شهداء هذه الكارثة فقط لأنهم يختلفون معه سياسياً. * ومسؤولية الحكومة السودانية مضاعفة، بعد أن صارت حكومة (وحدة وطنية) فمن المفترض ان الكل سواسية أمامها وان يعامل طالبو اللجوء كبشر يدار امرهم تماماً كاولئك المنضوين تحت مظلة (كبار الشركاء) في الحكومة. * لحكومتنا الرشيدة نقول إنه لا رعاياكم ولا جيرانكم ولا المجتمع الدولي سيتعامل معكم باحترام حينما تصمتون على موت رعاياكم وعلى هذه الشاكلة وحينما تواصلون سياسة خارجية ترتكز على الانصياع للابتزاز خصوصاً في التعامل مع الجوار، فبالله عليكم ماهو التبرير الذي يمكن سوقه اذا ما سُئلتم عن الاسباب التي يُعفى بموجبها المصري القادم الى السودان من تأشيرة الدخول بينما يعاني المواطن السوداني الامرين في الحصول على تأشيرة دخول مصر. * مسؤولية الحكومة المصرية تجاه العالم وتجاه جيرانها وفي مقدمتهم السودان ان تثبت ان مكاتب المنظمة الدولية ليست لتزيين قاهرة المعز، وانما هى امتداد لالتزام القاهرة بالمواثيق والمعاهدات الدولية التي تعطي طالبي اللجوء عدة حقوق اولها حق الحياة. * ومسؤولية الحكومة المصرية التي لن يعفيها منها الضوء الاخضر الذي وجدته من المنظمة الدولية هى ان تقنع شعب السودان بجدوى الحديث اصلاً عن المصالح والمصير المشترك. * ليت الحكومة المصرية تتعلم من الدرس الذي قدمته حكومة ناشئة هى حكومة جنوب السودان حينما طلبت من الرعايا المصريين اخلاء جنوب السودان خوفاً على ارواحهم عقب الصدامات بين الشرطة المصرية وطالبي اللجوء السودانيين. فمن زهقت ارواحهم في القاهرة ليسوا من الكلاب الضالة. * مسؤولية الحكومة المصرية ان تستمع للاصوات العاقلة المطالبة بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة، والتأني في الاجراءات المتخذة بشأن اللاجئين كذلك محاسبة كل من تسبب في هذه الفاجعة ودونما تردد. * بقي أن نقول للمنظمة الدولية بضرورة التصرف في عواصم المنطقة تماماً كما تتصرف في العواصم الاوروبية لأن ضعف المنظمات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني في القاهرة أو الخرطوم لا يعني ان من تديرون شأنهم ليسوا بشراً! * أزعم ان محنة طالبي اللجوء السياسي في القاهرة هى من اقسى الاختبارات التي مرت بها العلاقة بين مصر والسودان. * كذلك اقول إنه ودون التصدي لهذه الفاجعة وبشفافية صارمة فإننا لن نضمد الجرح الغائر الذي اصاب الوجدان المصري السوداني المشترك، جراء الدماء التي سالت في ميدان مصطفى محمود.