|
Re: أسماء عثمان الشيخ ...... واقفةٌ كالنّصلِ، مَمشوقةٌ أمام الرِّيح (Re: محمد عوض احمد)
|
. مارس النّار؛ كُرَة؛ حكايةُ كُرَةٍ من جَمْر
كُرَةٌ صغيرةٌ مصقولةٌ من جَمر، مُنقذِفةٌ، وخائفةٌ، على بساطِ النّار. أخذَتْ، في سَيرِها، المنزوعِين من أوتار الوجع؛ والذائبين على شمع التخاذُل.كانوا لا يزالون قضاةَ الزّمان.رأتهم حولَها يمضغون الكلام.مُتوترةً دخلَت قاعة المحكمة. أقنعةٌ على الكَراسِيّ، وعلى المنصّةِ مسخٌ مُتَرَاصٌّ، وخُيَالُ مآتةٍ حاجبُ الباب. خلفَ القضبانِ الحَديديّةِ جمعٌ كثيفٌ من الحمائمِ والعصافيرِ الصّفراءِ والبيضاءِ، تُشَقشِقُ مُنفعلةً ومُتوتِّرة. أمامَها صَفٌّ من الببغاوات على إصرارٍ لاحتلالِ الصّفّ الأماميّ، وينشدون: نحن المجرِمُون نحن المسجُونون نحن التّافهون. على جانبَي الشّباك الحديديّة ثعلبان يسجِّلان. الوطواطُ الكبيرُ حارسُ الكهفِ الكبير ِيقول: كاذبون.. كاذبون. دَخَلَت الكُرَةُ الحمراءُ، لم تجد لها كُرسيّاً، وفُوجئَت بأنّها هي الوحيدة المذنِبَة في كلّ هذا الجمع. عليها الدّفاع عن نفسها برغم أن الحُكم قد صَدَر.عندما وقفَتْ مِن دَحرَجَتِها لتُدافِع، كانت في دَحرجةٍ أخرى، يابسةٍ ومتضخِّمة، تُنادي أُمَّها الحلوب: أين اللّبن.تقولُ كنتُ قانعةً شَبِعةً ومُنعَّمة، من أين جاء الوباءُ إذَن؟. متى جَفَّ ضَرعُ أمي. عبثاً تحاولُ نزعَ القناعِ؛ فقَد أغرقوها بالرّبوات والأبوات والصولجانات. قالوا لها: هذا هو صالونك الأنيق، يمكنك الآن أنْ تُدافِعي عن هذي الحمائم والعصافير، عليكِ أن تُلبِسيها السَّوادَ مَرةً واحدة.كانت الكُرةُ تحاول أن تتدرَّج من الرَّماديِّ إلى السواد، ولكن رغبةً في دَعَةِ الصالون الأنيق. ولماذا تُرهقُ أكثر من نارِهَا الخامدة سوى أن تبدأ بالسَّوادِ مباشرةً. رفعت الحمامةُ البيضاءُ منقارَهَا عقيراً للدفاع. تَبدَّت أجنحتُها كالحرابِ تقول: مالي أراكُم تُغالطون السّواد؟، هل كل هذا يستحقُّ شعار السلام؟. الثعلبُ الكاتبُ يسجِّل، والوطواط يردِّد: صادقون صادقون. عندما هَبَّت الريّحُ العاصفةُ تَلفَّتَ خيالُ المآتة، ليَجِدَ أنَّ الوطواطَ الحارسَ قد صارَ كلاشنكوف تحت سرير الكُرة الناريّة، فاشتعلت البقاع. حمامةٌ صفراء تنوح: آيْ قمريّة.. آيْ سمريّة.. ماني حمامة.. ماني صقريّة. ضحكَت عليها الثعالبُ، ولم يفلحا في تسجيل هذي الأهزوجة. مالَكُم كيف تحكمون؟. حينما انتفَضَ السِّياجُ، وطارت الحمائمُ والعصافيرُ في اتجاهاتِ الضَّوء، مالت الكُرةُ الناريةُ، بعدَ أن أصبحَت رماداً تنثرُهُ على فضاءاتِ المحكمة. والأشباحُ المُسْخُ لم يَعودوا في تلك المنصّة. حَمَلَت قباحتَهم وأقنعتَهم خَذْلَى. مُنكسِراً يُطاردُها تاريخُها الناريُّ الأسمر.
14. مارس في حديثٍ وكتابٍ آخر. رسائل غاضبة إليهِ
أضحى الغضبُ مُنكفئاً ليلةَ السبت الحزينة 15/3/97. كان البردُ نازفاً. أحدُأسوأ أيامي، إذ اتَّحَدَ الغضبُ بالعاصفة وسقوط جبال الرَّمادِ على قُوَّتي ومداخل الأنف. كيف أحببتُهُ ولم أمنحه نفسي؟. هذا الغريرُ لَم يَستطِع، بكلِّ هذا الشباب، أن يتحدَّى صلابتي، برغم هشاشتي تلك اللّحظة، ورغم سُكناه كلّ ميكرومات خَليّاتي وشجني، لم يفلح. لقد غرَزَ أوتادَهُ، وخيَّم نهائياً في نافوخي، ومنه، فاتجاهُ الهربِ هو كلُّ قوِّتي في التفكير. (...). ساعاتٌ، طِوالَ هذا الليل، أمارسُ تعبئةَ القصائدِ وكبحِ جماحها، برغم انهمارها الكثيف، لضم أستطِع أن أَكتُبَها، ويغلبني البول في مقعد الحمّام. أَكتُبُ بعنف، وعندما تلفظُ مثانتي آخرَ قطرةٍ تكونُ القصيدةُ قد تلاشت، وأجدُ أنني، في ذاك المقعد، قد انكفأتُ ساعاتٍ طويلة. يا إلهي!، هل هذا سِرُّ الرُّؤى السّريةِ؟. أمارسُ على نفْسِي تعذيبَها.
15. ليلةٌ أخرَى مِن هذا المارس
تَفتَّحَ مكنونُ سِرِّي القديم وتَدفَّق. مكتب ملحمة شجرة السِّدر في ليلة الأحد 16/3/97، واكتملَت في يومين وليلتين. التقيتُ به مرّةً أخرى. أقاتلُ لهفتي بنصالٍ ميتةٍ، وهو فقط بملمحٍ من بقيةِ التفاتة.ياليتَ شَهوتي الجامحة تُؤجِّل، ولو قليلَ لِجَامٍ، حتى أستطيعَ التحدُّث إليه.كان مُبرمَجاً ومُحدَّداً وواضحاً، أستاذ في جامعة النيلين، شابّ ممشوق، ويكفي أن أعانني على استخراج شهادتي وكفى؛ شهادة البكالوريوس عام 77. ياإلهي !؛ مضت عشرون عاماً لكي أستخرجَ شهادتي وفقَ تغييرِ وضع الجامعة واسمها وملامحها كلّها.وهذا الأستاذ في عمر أصغر أشقائي!، يا إلهي يا أسماء!، لكَم تَكَهَّلْتِ ولا تزالين مراهقةً في ديار الصّبوة والعشق!. ماهذا الذي تفعلين بنفسك؟.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
أسماء عثمان الشيخ ...... واقفةٌ كالنّصلِ، مَمشوقةٌ أمام الرِّيح | محمد عوض احمد | 04-29-13, 10:07 AM |
Re: أسماء عثمان الشيخ ...... واقفةٌ كالنّصلِ، مَمشوقةٌ أمام الرِّيح | محمد عوض احمد | 04-29-13, 10:10 AM |
Re: أسماء عثمان الشيخ ...... واقفةٌ كالنّصلِ، مَمشوقةٌ أمام الرِّيح | محمد عوض احمد | 04-29-13, 11:25 AM |
Re: أسماء عثمان الشيخ ...... واقفةٌ كالنّصلِ، مَمشوقةٌ أمام الرِّيح | محمد عوض احمد | 04-29-13, 01:12 PM |
Re: أسماء عثمان الشيخ ...... واقفةٌ كالنّصلِ، مَمشوقةٌ أمام الرِّيح | محمد عوض احمد | 04-29-13, 08:05 PM |
Re: أسماء عثمان الشيخ ...... واقفةٌ كالنّصلِ، مَمشوقةٌ أمام الرِّيح | nassar elhaj | 04-29-13, 08:10 PM |
Re: أسماء عثمان الشيخ ...... واقفةٌ كالنّصلِ، مَمشوقةٌ أمام الرِّيح | محمد عوض احمد | 04-29-13, 09:26 PM |
Re: أسماء عثمان الشيخ ...... واقفةٌ كالنّصلِ، مَمشوقةٌ أمام الرِّيح | محمد عوض احمد | 04-29-13, 09:52 PM |
Re: أسماء عثمان الشيخ ...... واقفةٌ كالنّصلِ، مَمشوقةٌ أمام الرِّيح | عبد العزيز محمد عمر | 04-29-13, 09:56 PM |
Re: أسماء عثمان الشيخ ...... واقفةٌ كالنّصلِ، مَمشوقةٌ أمام الرِّيح | محمد عوض احمد | 04-29-13, 10:12 PM |
Re: أسماء عثمان الشيخ ...... واقفةٌ كالنّصلِ، مَمشوقةٌ أمام الرِّيح | محمد عوض احمد | 04-29-13, 10:21 PM |
|
|
|