|
Re: أسماء عثمان الشيخ ...... واقفةٌ كالنّصلِ، مَمشوقةٌ أمام الرِّيح (Re: محمد عوض احمد)
|
إنْ كانَ بمقدوري تدوينُ مُلخَّصِ تفاصيلٍ مؤلمةٍ للرّبع الأخير من العام 1999م، وأنا أَتَّحدَّر نحو خلاصٍ في الألفية، فكلُّ عقد شبيهُ حدثٍ قاتلٍ يؤدّي إلى وفاةِ العقدِ في الحنايا. سأكتب اجترارَ عقديةٍ تؤولُ إلى أخرى، هكذا(1959م-69-79-89-99-00) تُنهَى بفقدٍ مَهول، ثم تنجبُ مخاضَ عُسرِ مبتدأٍ عصّي التدوين. ليبدأ عقدُاجترارِ حصادِ فقدٍ بمبتدأِ ألفيةِ سُقمٍ لاندري مداه؛ أنا وبلدي(2001-09، فظلامية آخَر 10-11-12-..) فدعوني أُبْحِرُكم نجيعَ شراييني. وُلدتُ في يناير 1953م.عشتُ عمراً يافعاً في حضن الوالد، أنام معه، يُرقِدُنِي في بِرْشِهِ، يلفّني بملاءة حنينه.أَدَّبني منذ الشهور الأولى، ياه لِغَمْرِ التَّذُكر، وصوتُ "إش.. إش" يَبلُوني، أتَحَرْقَص إشارةَ بول، يُربِّت على ظهري، أتبوّل، وأغطُّ وثيرَ ذاك البِرش. أميفطمتني في شهورٍ قلة، فترعرعتُ جائعة تماماً. ثم جاءَ، من غيهبِ الوجد، شقيقي، قاسَمَني دفء الحليب، وطفقتُ أرضعُ عجف الحنان من فم أبي وكلّ شيء. بعمر الثانية علَّمَني قراءةَ القرآن بالملامسة، ومع حركةِ الشّفاه. قرأتُ أولَ قراءةٍ صحيحةٍ في الثالثة.وبالرابعة كتبتُ حروفَ الأبجدية على الرمل.ثم دَفَعَتْ بي والدتي إلى صديقتها المعلِّمة بالمدرسة الأولية للبنات في قرية أُمْ كِرِيْدِم. فارقتُ أبي وإخوتي وأمي نهائياً في نهاية العام 59. انتهى عقد الخمسينيات بفراق أُسْرَتي. بدأتْ أعوامُ الستينيّات بالأسفار الكثيرة بين ديار الحَمَر والمِسِيريّة. تكوَّنَتْ مساقطُ هواجسي أُسْرَةً أخرى، وبلاداً أخرى، وأحوالاً متعدِّدة. ظهورُ الأبقار، عناقريب جلودها. هكذا تيبَّسَت وجداني ليالي الوحدة، الداخليات، المياه الآسنة في سُوْدَرِي، وأُمْ بَادِر، والنّهُود، والمُجْلَد. أكملتُ العقدية البوهيميّة بعودتي إلى أُسْرَتي.ومرحلة المنتصف المتمرِّد، وبداية الكتابة، وقصص الحب العذري، والعمل السياسي؛ أصدقاء الثورة الفلسطينية، الاشتراكيون العرب،... 1969م. في استغراقي وغيبوبتي تشعَّبَت أُسْرَتي، وتضخَّم عددُ أفرادها، فيَباسُ الغربة عنهم حارٌّ غريبٌ ومتمرِّدٌ حتى الآن، ليتني أجرؤ على إنزاله سطوراً وكلماتٍ هي ما فتئت تُلَوِّكُنِي مُرَّ الحنظل إلى اللحظة. حطَّوا رحالَهم أخيراً في مدينة الأُبَيِّض، حيثُ التقيتُ بهم وأنا في مرحلة دراستي الثانوية. بدأَتْ العقدية السبعينيّة برواية "دموع بلا مُقَل"، كتبتُها مع بدايات المدوّنة؛ ذاك النهج البدائيّ في تدوين كلّ ما ألحَظ ويستحقّ التدوين، إلى أن أُنجزَت في 15 يناير 71. الخرطوم، العمارات، المعهد الفني.فشلتُ في الدخول إلى كلية الهندسة، ووُزِّعتُ بكلية العلوم، جامعة الخرطوم. مكثتُ فيها شهوراً قليلةً،ثم رفضتُ الذهابَ إليها، وقرَّرتُ أن أجرِّب فرصتي الثانية في معهد الكليات التكنولوجية، ومعمار بورتسودان.ثم أخيراً قُبِلتُ بالكلية المِهنية. 70-71 عام الشقاء، والمُطاردات،وشوارع الخرطوم. من الجامعة، المعهد الفني، إلى الكلية المهنية، عشقتُ كلَّ عوالم الرعب والخوف ومآسي البلد والزَّمَالة والحب وانكسارات القلب والحياة. ثم عوالم الطيران، الأجواء، المطارات، فنادق الدنيا، قصصها وسقوفها.تزوَّجتُ في منتصف 79، وولجتُ جحيم الزواج الأول. وانتهى عقد السبعينيات بحادث الطائرة التي كنت أتدرَّب عليها، وأوْدَت بحياة الطيّار الذي كان مدرِّبي. فارقتُ تعلُّم قيادة الطائرات، فُقِدَ الحلم والمستقبل. بدأتُ عقديةَ الثمانينات موظَّفةً عند زوجي، وعُدتُ، بعد خلافي معه، إلى الضيافة. هكذا لَعِبَت بي الحياةُ قسوتَها الفظيعة. تكسُّرات الأسرة، وعذاباتي المتواصلة كحريقٍ موجع، وجع البلد، قوانين سبتمبر، الانتفاضة، الإنقاذ، وخلافي الحادّ مع زوجي، وفراق بيتي. كان الفقدُ الجُرحَ الحيَّ النازفَ أبداً. برغم الجحيم الذي عشتُهُ، فقد تعلَّمتُ كيف أدير الحياة القاسية، في جميع تقلُّباتها. كلّ تلكم الحكايا المؤلمة، وهذه العقدية اللئيمة المظلمة. بدأ عقد التسعينيّات بالطلاق، وزواج آخر أفظع، استئصالي من الطيران مثل دُمَّلٍ سرطانيّ. مَرِضَ أبي، وبفقده فقدتُ هَدْيَه، ابتسامتَهُ ورفقتَهُ الحبيبة. لعقدين من الزمّان كان الفقدُ عظيماً، ومتواصلاً، وعصيّاً على الوصف. عقدان تَوَسَّدَا همِّي وحزني وقلمي ودفتري. ولكنها كانت سنواتُ العطاء الذهنيّ، كتاباتي، صداقاتي، أجمل الأصدقاء والصّديقات. كم حلمتُ بكتابتها، وآن لي تَدوينُها وعرْضُ القليل منها، لتقرأوني وتشاركوني هذياناتي، أستميحُكُم العُذر...
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
أسماء عثمان الشيخ ...... واقفةٌ كالنّصلِ، مَمشوقةٌ أمام الرِّيح | محمد عوض احمد | 04-29-13, 10:07 AM |
Re: أسماء عثمان الشيخ ...... واقفةٌ كالنّصلِ، مَمشوقةٌ أمام الرِّيح | محمد عوض احمد | 04-29-13, 10:10 AM |
Re: أسماء عثمان الشيخ ...... واقفةٌ كالنّصلِ، مَمشوقةٌ أمام الرِّيح | محمد عوض احمد | 04-29-13, 11:25 AM |
Re: أسماء عثمان الشيخ ...... واقفةٌ كالنّصلِ، مَمشوقةٌ أمام الرِّيح | محمد عوض احمد | 04-29-13, 01:12 PM |
Re: أسماء عثمان الشيخ ...... واقفةٌ كالنّصلِ، مَمشوقةٌ أمام الرِّيح | محمد عوض احمد | 04-29-13, 08:05 PM |
Re: أسماء عثمان الشيخ ...... واقفةٌ كالنّصلِ، مَمشوقةٌ أمام الرِّيح | nassar elhaj | 04-29-13, 08:10 PM |
Re: أسماء عثمان الشيخ ...... واقفةٌ كالنّصلِ، مَمشوقةٌ أمام الرِّيح | محمد عوض احمد | 04-29-13, 09:26 PM |
Re: أسماء عثمان الشيخ ...... واقفةٌ كالنّصلِ، مَمشوقةٌ أمام الرِّيح | محمد عوض احمد | 04-29-13, 09:52 PM |
Re: أسماء عثمان الشيخ ...... واقفةٌ كالنّصلِ، مَمشوقةٌ أمام الرِّيح | عبد العزيز محمد عمر | 04-29-13, 09:56 PM |
Re: أسماء عثمان الشيخ ...... واقفةٌ كالنّصلِ، مَمشوقةٌ أمام الرِّيح | محمد عوض احمد | 04-29-13, 10:12 PM |
Re: أسماء عثمان الشيخ ...... واقفةٌ كالنّصلِ، مَمشوقةٌ أمام الرِّيح | محمد عوض احمد | 04-29-13, 10:21 PM |
|
|
|