جهازالأمن يمنع نشر مقالات محمدعثمان ابراهيم في السودان بسبب هذا المقال

Quote: خارج الدوام محمد عثمان ابراهيم www.dabaiwa.com أكثر ما سيرهق الحكومات المقبلة، في حال حنثت الإنقاذ بوعدها بتسليم السلطة للمسيخ الدجال، هو عملية المحاسبة على الفساد الفردي والمنهجي على حد سواء. الفساد المنهجي، إذا كان هناك من لايعلم، هو سرقة المال العام لخدمة التنظيم الحاكم وهو فساد لا فرق بينه وبين سائر أعمال اللصوصية الأخرى سوى أنه فساد مبارك يجد بعض الفتاوى التي تبيحه بزعم التمكين. ظهر هذا الفساد منذ بدايات عهد الإنقاذ وكان بعض المسئولين حينئذٍ يمارسون ضروباً من الفساد المالي والإداري بذريعة حماية الثورة ودعم المشروع الحضاري. الحقيقة أن بعض أولئك المفسدين كانوا أغبياء بحيث أنهم لم يأخذوا شيئاً لأنفسهم لكن الغالبية العظمى كانت تعطي التنظيم كثيراً وتأخذ لنفسها نسبة بسيطة تتحول بها من فئة موظفين الى فئة مستثمرين. يمكن لكل قاريء أن يستحضر في ذهنه صورة لأحد هؤلاء وسيجد أي واحد منا أنه يعرف ما يقارب العشرة أو أكثر. هؤلاء المفسدون المنهجيون يحتمون بالتنظيم الذي أفسدوا لأجله ولا تستطيع الدولة محاكمتهم لأسباب لا تخفى! هذه مجموعة شديدة البجاحة حيث يتمترس غالبية هؤلاء بدفوعات تطالب كل من يتهمهم بالفساد بأن يحضر مستنداته وإلا فإنهم سيرفعون عليه دعاوى.. يا أخواننا “ الله دة عرفوه بالعقل ما شافوه” ! واحد موظف صغير عنده بيوت وزوجات وسيارات ويحج كل سنة، هل يحتاج كشف فساده الى وثائق ومستندات؟ حسناً، أسست الإنقاذ الأولى الفساد المنهجي ثم سارت على الدرب الإنقاذ الثانية حتى نيفاشا، ثم الإنقاذ الثالثة حتى انفصال الجنوب، وتواصل الإنقاذ الرابعة السير على ذات الطريق دون ابداع. أقول دون ابداع لأن الفساد المحمي من السلطة له صورة واحدة وهو عمل ميزانية مضخمة لمشروع انشائي يتم عمله دون أي فائدة سوى استغلاله كذريعة للفساد. حدثني مستثمر شريف أنه قدم عطاء لتوريد أعمدة كهرباء في إحدى محليات السودان ففاز عرضه لكن اللجنة طالبته بزيادة سعر العمود الواحد بنسبة تتجاوز المائة وخمسين بالمائة “يا أخواننا انتو قايلين قيامة مافي؟” هكذا رد عليهم. تذكرت عدم الإبداع هذا حين قرأت خبراً في صحيفتنا هذه الأسبوع الماضي يفيد بأن الحكومة قد رصدت مبلغ 810 مليون دولار لمواصلة العمل في خزان سيتيت بشرق السودان. لاحظ هذا المبلغ الضخم لمواصلة العمل في السد على النهر الموسمي الذي لا يعرفه التاريخ ولا تستأنس به الجغرافيا! كم هي إذن كامل كلفة بناء هذا الخزان؟ وعلى كم كيلومتر سيمتد؟ وكم من السكان سيستفيد منه؟ سد مروي كله (وما أدراك ما سد مروي) بلغت كلفته ملياري دولار فهل سيكون سد سيتيت كنصفه؟ أكبر سد في افريقيا يجري بناؤه الآن في اثيوبيا وسيكون السد الرابع عشر من حيث الحجم في العالم تبلغ كلفته كلها أقل من خمسة مليارات دولار فهل سيكون سد سيتيت في خُمس حجم سد الألفية؟ أنا من خلال هذا العمود لا أتهم أحداً بالفساد ـ معاذ الله ذلك ما جرى ـ ولكني أتهم الحكومة ب(الغشامة) وعدم المعرفة. حسناً هذه الحكومة لا تعرف في السدود ولا تقرأ عن تكاليف انشاء السدود حول العالم ولا عن فوائدها أو آثارها الإجتماعية فلماذا تشغل نفسها بما لا تعرف. اقترح الغاء العمل في هذا السد وإذا كانت الحكومة مصرة على الإنشاءات والإعمار، يمكنها بناء سجون جديدة لائقة عوضاً عن هذه السجون القديمة المكتظة في كل مدن السودان فالدنيا ما معروفة !