|
Re: مشاركة الحزب الديمقراطي الليبرالي في مؤتمر القوى الديمقراطية بالق (Re: Abdel Aati)
|
ورقة الاستاذ قصي همرور شيخ الدبن والتي قدمها نيابة عنه الاستاذ فداء الطيب عبد الله
Quote: مسائل حول التنمية الريفية في السودان ورقة نقاش أولية
قصي همرور فبراير 2013
تصدير:
أبلغني الأخ العزيز عادل عبدالعاطي، في رسالة خطية خاصة، بأن عددا من تجمعات المعارضة الديمقراطية يعدّون "لتنظيم مؤتمر برامجي - سياسي لمستقبل السودان من وجهة نظر المعارضة، في الفترة 8-10 ابريل بالقاهرة"، وأبلغني أنه قد تم اقتراحي من طرف الحزب الديمقراطي الليبرالي لتقديم ورقة عن "محاربة الفقر وتنمية الريف"، كتمهيد ودعم للجنة تكون مكلفة بصياغة السياسات في هذا الامر.
كانت المهلة التي أمهلنيها الأخ العزيز عادل هي ما لا يزيد عن خمسة أيام، وأنا أثق في بلاغ عادل هذا وقبلت تقديم الورقة، لكني فقط اعتذرت بأني لن أتمكن من كتابة ورقة ضافية ومُحكمة في مهلة وجيزة كهذه، ولهذا أخطرت عادل بأني سأحاول تجميع ورقة نقاش "مفاهيمية أولية" مبنية على كتاباتي السابقة في الموضوع وعلى معلوماتي العامة عن الرؤى والقضايا المتعلقة بالتنمية الريفية في عموم افريقيا. هذا ما أرجو من القراء توقعه أدناه: ورقة نقاش مفاهيمية أولية، قد تصلح لاستهلال النقاش وتأطير المفاهيم الأساسية والتحديات الاستراتيجية العامة، لكنها بالتأكيد لا تصلح كمرجع وافي لصياغة السياسات في هذا الأمر، فذلك عمل يقتضي مزيدا من البحث والجهد والزمن.
ولتبيان خلفيتي التي تؤهلني – نظريا – لكتابة هذه الورقة، أقول إني حاليا طالب دكتوراة في الدراسات الريفية (تخصص التخطيط والتنمية)، كما أن خلفيتي السابقة للدكتوراة تجمع بين الهندسة التقنية ودراسات السياسات العامة. لي بعض المقالات البحثية المنشورة المتعلقة بقضايا التقنية والتنمية.. هذا التبيان البسيط لازمة من لوازم الخطاب الجاد في مواجهة القضايا الجادة، لكنه لا يقول شيئا بنفسه، وإنما المحتوى – أدناه – هو ما يتعرض للتقييم، فإن كان فيه فائدة حقيقية فسيلمسها القراء، وإن لم تكن فيه فائدة فليست هناك أي عبرة بالخلفية الأكاديمية للكاتب.
النقاط المفاهيمية، أو محاور النقاش، التي ستتناولها الورقة هي: - ماهية التنمية الريفية، وأولويتها في السياق السوداني - ظاهرة التسميم المتبادل بين المناطق الريفية والمناطق الحضرية - قطاع الإنتاج الريفي كرائد للتنمية - البنية التحتية الريفية، وآلية السوق - تنمية المرأة: العمود الفقري
ماهية التنمية الريفية، وأولويتها في السياق السوداني:
إن عبارة "التنمية الريفية" تشي تلقائيا ببعض الانحياز، فكأن عبارة "التنمية" لوحدها مختصة بالمناطق الحضرية.. آخرون يرون أن مصطلح التنمية مرتبط بالتخطيط الحكومي المباشر، أو بمشاريع العون الإنساني التي تقودها المنظمات الدولية، أو الاثنين معا.. هذا عموما الاستعمال الاصطلاحي، لكن التنمية – كعملية – لا يمكن تعريفها بصورة مجردة، وإنما تتعرف دوما في محيطها (أي "تنمية" ماذا)، فلا بد من معرفة موضوع التنمية حتى تتعرف التنمية نفسها.
كلمة "التنمية" لغة تعني الزيادة، في الكم والكيف، وهي في الاصطلاح تعني الزيادة بفعل تخطيط واعي ومقصود، أي زيادة موجهة لتحقيق أهداف مرسومة[ ].. وبينما هنالك تفريعات على مصطلح التنمية، مثل "التنمية الاقتصادية" و"التنمية الاجتماعية" و"التنمية التقنية" و"التنمية البشرية"، الخ، إلا أن البديهة تؤدي إلى أن أغراض جميع مسارات التنمية التي يتخذها الإنسان إنما هي من أجل الإنسان نفسه.. بهذا فإن جميع تفريعات التنمية هي في أصلها "تنمية بشرية"، وتقصد زيادة الفائدة المادية والنفسية للبشر، بواسطة تخطيط وتنفيذ مدروس وقابل للتقييم الموضوعي.
أما أولوية الريف في السياق السوداني، فهو ممدود من واقع السودان، وهذا الواقع ممدود من واقع عموم افريقيا أيضا، حيث يقطن حوالي 70% من السكان في المناطق الريفية،[ ] وحيث توجد معظم الموارد الطبيعية، الأساسية، لابتدار مسيرة التنمية (الموارد الزراعية والحيوانية والمعدنية، الخ، إضافة لمورد الطاقة البشرية بطبيعة الحال).
لعل هذا القول من البديهيات، لكن الحاجة إليه تكمن في أنه غير معمول به حتى الآن.. ما زالت معظم التوجهات التنموية في الدول الفقيرة والنامية، كالسودان، منصبة في نماذج تنمية ذات مركزية حضرية، لا ريفية.. السبب الأكبر في ذلك يعود – في عمومه – إلى أن المسؤولين عن تخطيط برامج التنمية، بسبب مؤهلاتهم المهنية/الأكاديمية وبسبب تحكمهم في السلطات (بحق أو بغير حق) ينتمون عموما لفئات حضرية، تستثمر في تمديد نمط الحياة الحضرية ومجمل رخائها.. هؤلاء المسؤولون ينتمون للحياة الحضرية سواء بالوراثة أو بالاكتساب، فهم إن لم يكونوا وُلدوا وترعرعوا في المناطق الحضرية، نراهم على الأقل تحولوا لها – بعد حصولهم على امتيازات التأهيل المهني أو السلطة – بصورة تجعلهم يتماهون مع الفئات الحضرية ويطمحون في مستقبلهم فيها أكثر.. هذا التماهي مع الحياة الحضرية يكمن في امتيازات المعيشة الحضرية على الريفية، خصوصا في البلدان الفقيرة والنامية، فالمراكز الحضرية فيها خدمات أساسية، وبنية تحتية، ووسائل ترفيه، وفرص نشاط اقتصادي متنوع، وإمكانية تحصيل التعليم والوجاهات الاجتماعية، أفضل جدا مما هو متاح في الأرياف.
لكن المشكلة تكمن تماما في ذلك المأزق الدائري، وهو أن المعيشة الحضرية أفضل من المعيشة الريفية لأن المعيشة الحضرية تستحوذ على نصيب غير منصف من اهتمام وموارد البلاد، وعلى حساب الريف، فتكون النتيجة هي نفسها تلك التي تجتذب السواعد والطموحات الخلاقة نحو الحضر وبعيدا عن الريف، فتبقى بذلك المناطق الحضرية عاكفة على الاستزادة من مزايا العيش الحضري، ويبقى بذلك الريف مظلوما من السلطات المركزية وطاردا لأبنائه وبناته ذوي الطموح المشروع.
ظاهرة التسميم المتبادل بين المناطق الريفية والمناطق الحضرية:
ذلك المأزق الدائري، المذكور في الفقرة أعلاه، هو ما يؤدي لظاهرة التسميم المتبادل، بدل التعاون المتبادل، بين الريف والحضر.. هذه الظاهرة واضحة للعيان في الدول الفقيرة، ومصطلح "التسميم المتبادل" مأخوذ من فريتز شوماخر، الكاتب المعروف في مجال التنمية المستدامة والتقنية وسيطة.[ ]
هذه الظاهرة المشهودة كالآتي: بما أن سياسات التنمية، عبر تاريخ السودان، أعطت العاصمة والمناطق الحضرية أكثر من حقها، وعلى حساب الريف، فبهذا أجبروا أهل الريف المهمشين على النزوح المستمر للمناطق الحضرية، وخصوصا العاصمة، وصارت المدن نفسها غير قادرة على النمو المستمر لاستيعاب عدد السكان المتضخم بعجلة مخيفة، وبهذا افتقر الريف للثروة البشرية – المهمة لنشاطاته الاقتصادية التي تتطلب عمالة بشرية أكثر – في حين انهارت البنية التحتية للمدن تحت وطأة التضخم السكاني التي لم تكن مستعدة له، وهكذا فسد الريف وفسدت المدينة معا.
هذه الإشكالية الاستراتيجية فطن لها من فطن من حركات المعارضة السودانية، واقترحوا لها حلولا عامة، تتشابه في عمومها، لكنها لم تتعرض للتطبيق بعد.. ومن الواضح أن هذه الحلول لا بد وأن تركز على الريف أكثر من غيره.. تحدث الاستاذ محمود محمد محمد طه، مثلا، منذ أولى سنين الاستقلال، عن أن نظام التعليم العام الموروث من سنين الاستعمار لا يخدم أهداف بناء وطن سوداني مستقل ومعتمد على ذاته – فذلك لم يكن هدف المستعمر حين أنشأ ذلك النظام التعليمي أصلا، بل كان هدفه العكس تماما، إضافة للفرق الشاسع بين بيئة وأولويات المستعمر وبيئة وأولويات السودان المستقل، ما يجعل من غير المنطقي أن يستطيع المستعمر تصميم نظام تعليم يستوعب حاجة السودان وظروفه.. استنتج الأستاذ محمود أنه لا بد من إعادة هيكلة النظام التعليمي، بفلسفة تعليم جديدة، تخدم أغراض بناء السودان الحر المستقل (وأهداف التعليم العام هي نفسها أهداف التنمية البشرية، وهي نفسها، في أهداف التنمية عموما).. في تقديمه لمعالم نموذج مختلف للتعليم العام في السودان، ركز الأستاذ محمود على جعل نظام التعليم موائما للبيئة السودانية، ماديا ونفسيا، وعليه فقد حاز الريف على نصيب وافر من الاهتمام في ذلك النموذج [ ].. أعلنت الحركة الشعبية أيضا، منذ بداياتها وبصورة مستمرة، عن طريق قائدها الأيدولوجي الأول، الدكتور جون قرنق، أن التنمية الريفية هي ذات الاستحقاق الأولوي في السودان [ ].. نفس الموقف قالت به أيضا حركة كوش، في بيانها الإعلامي الشهير (مانفستو كوش) [ ].. أيضا، في كتابه "زراعة الجوع"، قام الدكتور تيسير محمد علي بتوثيق وتحليل السياسات السودانية الرعناء، عبر حكومات متعاقبة، وجاهلة أو متجاهلة لأهمية التنمية الريفية، التي أدت في النهاية لانهيار قطاع التنمية الزراعية في السودان التي كانت – وما زالت – قادرة على أن تكون سلة غذاء افريقيا، بما حبيت به من الموارد الطبيعية.[ ]
|
يتبع ....
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
مشاركة الحزب الديمقراطي الليبرالي في مؤتمر القوى الديمقراطية بالقاهرة | Abdel Aati | 04-17-13, 09:08 AM |
Re: مشاركة الحزب الديمقراطي الليبرالي في مؤتمر القوى الديمقراطية بالق | Abdel Aati | 04-17-13, 09:12 AM |
Re: مشاركة الحزب الديمقراطي الليبرالي في مؤتمر القوى الديمقراطية بالق | Abdel Aati | 04-17-13, 09:14 AM |
Re: مشاركة الحزب الديمقراطي الليبرالي في مؤتمر القوى الديمقراطية بالق | Abdel Aati | 04-17-13, 09:19 AM |
Re: مشاركة الحزب الديمقراطي الليبرالي في مؤتمر القوى الديمقراطية بالق | Abdel Aati | 04-17-13, 09:21 AM |
Re: مشاركة الحزب الديمقراطي الليبرالي في مؤتمر القوى الديمقراطية بالق | Abdel Aati | 04-17-13, 09:22 AM |
Re: مشاركة الحزب الديمقراطي الليبرالي في مؤتمر القوى الديمقراطية بالق | Abdel Aati | 04-17-13, 09:25 AM |
Re: مشاركة الحزب الديمقراطي الليبرالي في مؤتمر القوى الديمقراطية بالق | Abdel Aati | 04-17-13, 09:26 AM |
Re: مشاركة الحزب الديمقراطي الليبرالي في مؤتمر القوى الديمقراطية بالق | Abdel Aati | 04-17-13, 09:29 AM |
Re: مشاركة الحزب الديمقراطي الليبرالي في مؤتمر القوى الديمقراطية بالق | Abdel Aati | 04-17-13, 09:35 AM |
Re: مشاركة الحزب الديمقراطي الليبرالي في مؤتمر القوى الديمقراطية بالق | Abdel Aati | 04-17-13, 11:39 PM |
Re: مشاركة الحزب الديمقراطي الليبرالي في مؤتمر القوى الديمقراطية بالق | Abdel Aati | 04-17-13, 11:40 PM |
Re: مشاركة الحزب الديمقراطي الليبرالي في مؤتمر القوى الديمقراطية بالق | Abdel Aati | 04-17-13, 11:43 PM |
Re: مشاركة الحزب الديمقراطي الليبرالي في مؤتمر القوى الديمقراطية بالق | Abdel Aati | 04-17-13, 11:44 PM |
Re: مشاركة الحزب الديمقراطي الليبرالي في مؤتمر القوى الديمقراطية بالق | طلعت الطيب | 04-18-13, 01:42 AM |
Re: مشاركة الحزب الديمقراطي الليبرالي في مؤتمر القوى الديمقراطية بالق | Abdel Aati | 04-19-13, 08:28 AM |
Re: مشاركة الحزب الديمقراطي الليبرالي في مؤتمر القوى الديمقراطية بالق | Abdel Aati | 04-19-13, 08:34 AM |
Re: مشاركة الحزب الديمقراطي الليبرالي في مؤتمر القوى الديمقراطية بالق | نايف محمد حامد | 04-19-13, 08:54 AM |
Re: مشاركة الحزب الديمقراطي الليبرالي في مؤتمر القوى الديمقراطية بالق | Abdel Aati | 04-19-13, 09:04 AM |
Re: مشاركة الحزب الديمقراطي الليبرالي في مؤتمر القوى الديمقراطية بالق | ثروت سوار الدهب | 04-19-13, 04:07 PM |
Re: مشاركة الحزب الديمقراطي الليبرالي في مؤتمر القوى الديمقراطية بالق | Abdel Aati | 04-19-13, 04:14 PM |
Re: مشاركة الحزب الديمقراطي الليبرالي في مؤتمر القوى الديمقراطية بالق | Abdel Aati | 05-01-13, 10:55 AM |
|
|
|