تدني التعليم الجامعي بالسودان-أمثلة لمواقف تثير الحزن وأخرى تثير الضحك

Quote: وأبدأ بتعليق سريع عن القضية الفرعية التي تتعلق بترتيب جامعاتنا في قائمة شنغهاي، فكما يقولون اذا عرف السبب بطل العجب، فقواعد ترتيب الجامعات في تلك القائمة ترتبط أساسا ليس بأعداد الطلاب ولا بالعملية التعليمية في مرحلة الدرجة الجامعية الاولي، وانما ترتبط فقط بخريجيها ممن يعملون في البحث العلمي وبأعضاء هيئة التدريس فيها وما ينتجونه من البحث والنشر العلمي والحاصلين منهم علي جائزة نوبل والنشر في مجلتي ساينس وناتشر بالذات، وعلي هذا الأساس فان ترتيب الجامعات في القائمة الصينية يرتبط بقضية البحث العلمي، وهي قضية لتخلفها عندنا أسباب كثيرة أقلها مشكلة الأعداد الكبيرة، وأكبرها هي مشكلة التمويل والهدف من البحث العلمي ذاته ومن يطلبه. أما عن نظام الثانوية العامة ومجانية التعليم وما ينتج عنهما من الأعداد الكبيرة في الجامعات الحكومية، فأعتقد أنها كلها قضايا تتعلق بقضية واحدة هي القدرة علي دفع تكلفة التعليم، أو لنقل عدم قدرة الغالبية الساحقة من المصريين علي دفع التكلفة الحقيقية للتعليم الجامعي، وهي معضلة لا يمكن أن يكون لها حل جذري الا بجعل غالبية المصريين قادرين علي تحمل تكلفة تعليم أبنائهم، كيف ذلك؟؟، نفكر، في الغرب التعليم قبل الجامعي مجاني بالكامل، ولديهم مقعد دراسي لكل تلميذ، أما في التعليم الجامعي فتكلفة التعليم (الرسوم الدراسية) تبلغ في المتوسط 20% من دخل رب الأسرة، ومع ذلك هناك منح مجانية وهناك في غالبية الحالات القروض الدراسية لمن لا يقدر علي الدفع، ثم يسدد القرض علي عشرات السنين، هكذا يحلون مشكلة التمويل، أما أن نلقي بالمشكلة علي كاهل المصريين، اما أن تدفعوا تكلفة التعليم أو يلقي أبنائكم في الشارع فهذه عودة للوراء، اما موضوع نظام الثانوية العامة والأعداد الكبيرة، فمرة أخري ماذا يفعل الغرب المعروض من أماكن الدراسة أكبر بكثير من الطلب عليها، الجامعات كلها لها نظام واحد في المصروفات وغيره، عندنا طبعا علي كل لون يا تعليم، المهم..طالما أن العرض والطلب متناسبان فالعلاقة حرة بين الطرفين، الجامعات تضع الشروط والمتطلبات التي تراها، والطالب يختار من بين المعروض الكثير ما يناسبه وما يستطيع تحقيق شروطه، أما عندنا، فكيف نقلدهم من حيث تحرير العلاقة جزئيا (نظام الثانوية الجديد) في حين أن علاقة العرض والطلب عندنا مختلفة تماما، فالطلاب في غالبيتهم العظمي لا يستطيعون دفع تكلفة الجامعات التي يمكن أن تقبلهم بغض النظر عن مجموع الثانوية، والجامعات شبه المجانية لا يمكن أن تقبل كل الطلاب غير القادرين علي الدفع، فماذا نفعل؟؟، في الوقت الحالي وفي ظل عدم قدرة الغالبية العظمي علي تحمل تكلفة التعليم الجامعي، وفي ظل عدم قدرة الجامعات علي قبول الجميع بغض النظر عن قدرتهم المالية، فلا حل سوي مكتب التنسيق الحالي، ولا حل سوي الأعداد الكبيرة، أما غير ذلك فهو التفاف علي كل ما سبق توضيحه، صحيح أن المجانية لا يمكن أن تستمر الي الأبد، لكن لابد أن تتوفر بدائل ممكنة أمام الناس كما يفعل الغرب، وما لم تتوفر البدائل فسنعود الي عصر التعليم للقادر (في الجامعة الأمريكية)، وولاد الغلابة (مثلي) لا يتعلمون أو علي الأقل يا دوب يفكوا الخط. ... .. .