كوّه يوسـف كـوّه الشبل! بقلم. أدوارد لينو أبيى

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-11-2024, 11:40 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثانى للعام 2013م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-06-2013, 07:43 AM

Deng
<aDeng
تاريخ التسجيل: 11-28-2002
مجموع المشاركات: 52577

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كوّه يوسـف كـوّه الشبل! بقلم. أدوارد لينو أبيى (Re: Sameer Kuku)


    كوّه يوسـف كـوّه الشبل! (3-4)


    أدوارد لينو وور أبيى

    ترجمة : د/ أرثر غابريال ياك

    من بين رفقـاءه عمـره، كان كـوّه، قـائد بلا منـازع. القـيـادة شـئ يُطبـع ويتأصـل في الشخص منـذ الطفـولة المبـكرة. وأنهـا، أيضاً، قـابلـة للتطـور. كـان يمشـي، واضعـاً يـديه خلـف ظهـره، وممسـكاً بعصا، ويـومئ برأسـه، كـوالـده، فاحصـاً أعمـال من الطين والقصب صنعتهـا أيـادي رفقـاءه؛ بيـوت وحيـوانات وطيـور، أسلحـة و مراكب. بإمكـان المـرء أن يـر الأطفـال يستوعبون أوامره وتـوجيهاتـه، بطـاعةٍ، ويقظـةٍ، كما الجنـود يستجيبون لوالـده. أينمـا وُجِـدَ، وُجِـدَ الأطفـال. كـان الأطفال يجتمـعون تحت شجـرة تين وارفـة، ليتلقـون تعاليمهم ويلعبـون ألعابهم.

    هـذا الصبـي اللعـوب، كثير الكـلام، كان بعيـداً عن الشجـار أو إفتعـال عـراك، ربـما أنـه قـد شعر بـأنه قـائد؛ صفـةُ إستنسخها من والـده. فعنـدما يـكون وسـط زمـلائه، تجـده يغير من سلـوكه، وتصبح لغتـه حـازمة، صارمـة كقـائد! كــان، كـوّه، يبـدو كشخـص يعـرف أهميـة أن ينـأى المـرء بنفسـه من البـلاء وما يُثيـر الخلاف لكـي يتم حلهــا تباعاً. لقـد كـان يقـوم بحل الخلافات التي تحـدث بين أقـرانـه. وأينمـا صرخ طـفل أو بـكى تجـد الناس سـائلين: دا منو، آه؟ كـوّه! يـا كـوّه! في شنـو حصـل؟ دا كـوروراك بتا شنـو؟ آه..، دا منـو؟” حينهـا يقـفز كـوّه، دون خـوف، ويفـرض نفسـه كفاضٍ للنـزاع أو قـد يستنجـد بشخص أكبر ليتـدخل. ورغـم صغـر سن كـوّه إلا أنـهه كان قـد فـرض نفسـه كصـانع سـلامُ شجـاع، في أرضٍ كانت تظمـأ للسـلام.

    كـان، كـوّه، يـلجـأ إلـى مشـاركة أقـرانه كل شـئ يملـكه، وقـد كانت تلـك خصـلةُ عُـرِف بها وسـط زمـلائه، و جعلـته أكثر شعبيـةً. فقـد رأيتـه ذات مرة، مُنهمـكاً، وهـو يشـق قطـعة حلـوىٍ بحجـرٍ ليتقـاسمها مع أصحـابه! كـل ذلـك جعل الأطفـال يحبونه، ومنـحه شـهرةً، خـاصةً عنـدما كان يقـوم يفُض خلافـاتهم. كـان ينشـر في الأطفـال أنبـاء عن الـذي وصـل، ومن غـادر وإلـى أين، وعن مـا يحـدُث، ومـا فُعِل، إلـى جانب كل مـا كان يعـرفه. بدون شـك، أن كـوّه، كان علـيمُ بأشياء، بموجب المناخ العام لمنـزلهم الـذي يأتي فيه الأخبـار من كـل أنحـاء الجبـال، ثـم تنتشـر. كان كـوّه يقـلد ويقـقهـه وهو يـروي قصصـه، مصحـوبةً بحركات يـدوية مضحكـةٍ، بينمـا الأطفـال يصغـون إليـه بإنتباهٍ شـديدٍ، وينفجـرون ضاحكيـن، وهو مـا يزال يحكـي قصصـه دون إنقـطاع. كـان، كـوّه، يُحب ويُحـظى بإحتـرام أقـرانه. بالطبع، قد يكـون الأطفال لعـوبين، لكنهـم في الوقـت ذاتـه، أكثـر جديـةً. وعنـدما يفعلـون شيئـا يـكون ذلـك بصـدقٍ وإخـلاصٍ وبـدون إدعـاء!

    قـبل أعيـاد الكـريسماس ورأس السنـة لعام 1998، جـاءتنـي طرود بسكـويت وحلـوى وبلـح معبـأةً في كـرتونـةٍ كبيـرةٍ. كان ذلـك الطـرد الخـاص، قـد بُعِـث إلـىّ من قبل القـائـد، يوسـف كـوّه، من العـاصمة نيـروبـي لأحتفـل بأعياد الكـريسمـاس ورأس السنـة الميـلاديـة التـي كنا أعـدنا لهـا العدة لنحتفـل بهـا علـى طريقتنا المتـواضعة. دائمـاً ما يحتفل الناس، في جبـال النـوبة، معاً، سـواء أن كـان ذلك عيـد كـوربان بيرام، أعيـاد الكريسمـاس، الفـطر، أو عيـد الفصح! فقـد يجـد المـرء في الأسـرة الـواحدة، مسلمون ومسيحيون، غير مؤمنون ومن هم يتبعـون كريـم المعتقـدات الأفريقيـة، كـل هـؤلاء تـألفهم يحتفلـون—دون تمييز— في مناسبة واحدة. لـذا، في تجهـيزاتنا للاحتفال بأعياد الكريسماس ورأس السنة، كـان لدينـا وفـرة من الخمـور المحليـة وثيـراناً للـذبـح وغـذاءً كثيـراً. كـان ذلك يوماً خاصاً يـأتي مرةً في السنـة، عنـدها يـحسُ قلـةً من الأطفال بشعـورٍ جديـدةٍ. وبينمـا كـوّه الصغير يصـول ويجـول، ينتـابه دهشـة عارمـة وهو يكتشـف بأني أمتلـك كميـة كبيرة من الحلـوى والبسكـويت والبلـح وبمقـدرته الحصـول علـى شـئ منها. آنـذاك، لم تـكـن هنالك دكـاكين وأكشـاك، في لـومون والجبال المجـاورة، يمكـن للمـرء أن يبتاع منها شـيئاً. لكن من أين، ولمـن بمبلـغٍ من المـال! في ذلـك اليـوم، ومنـذ أن حل النهـار إلـى وقتٍ متـأخرٍ من المسـاء، لم يغـادر كـوّه مكـان سكـني. فقـد إمتـلأ سعـادةً وحبـوراً بما ظفـر بـه، وآثر أن يقضـي علـيه بمفـرده، في هـدوءٍ وسـلام. وأبـى أن يـذهب إلـى أي مـكان خشيـة أن يضـايقـه الأطفـال. كـان ذلـك هو المـرة الأولـى التي حطـت فيها الحـلوى أرض لـومـون بعـد فترةٍ طويلـةٍ جـداً!

    لم يكـن هنالك من تم مكـافأته بالمـال أو شـئ من هـذا القبيل طيلـة سنـوات التحرير. كنا جميعـاً متطـوعون وليس إلا! لـذلك، كان شـراء شـئ من دُكانٍ أو كُشـكٍ في كل الأراضي المحـررة بجبال النـوبة أمر يمكـن حـدوثه في الحُـلم فقط. لـهذا السبب، إنبـهر أطفالنـا المحرومين، بالأخبار السعيـدة التـي تقـول بأن الحلـوى والبسكـويت والبـلح قـد وصلت، أخيـراً، وبسـلام، إلـى لـومون، علـى الرغم من أنهـا ظلت تحت سيطـرة ال “كـوماندر أدويت”، كـأنها خُـردواتٍ أو ذخـائر. أعتقـد الأطفال بأن تسليمي هذا الطـرد، كـان خطـأً جسيمـاً، و أصبحت أنا، حجـرة عثرة بينهم والحـلوى. وقـد كان ذلـك هو اللُغـز الـذي ظهر جليـاً في وجـه كل طـفلٍ رايتـه. فقـد اعتبرني الأطفال بأنـي قـائد شمـولي جشـع، إستـولـى علـى الحـلوى والبـلح والبسـكويت، فـأخـذوا يبتعـدون عني وإعتباري “أنـكُل سـئ، صعب المـراس” لا يعبـأ بالإطفال، وليس لـديه من بينهـم طفل.

    منـذ ذلك الـوقت، أخـذ كـوّه الصغير، وبمعيتـه أطفال آخريـن، يأتون إلـي، بعـد أن أفـلح هـو في فـك الحصار. وكان يأتون كلما رأوا كـوّه مستيقـظاً. كان يـأتي إلـى مكتبي، وبمسـاعدةٍ ما، يقفـز إلـى كرسي وثير موضوعُ علـى شمالي، ليجلس بـهدوءٍ، وإنتباهٍ، علـى أمـل ان أشعر بـوجوده، وتستعطفـني حالته، ومن ثم منحـه قطعة بلحـاً، أو بسـكويتاً، أو حلـوىً. كان يتصـرف كشخص نـاضج يهتم بي بطريقـةٍ إنتهازية، الأمر الـذي لـم أستسيغـه البتة. فقـلت له ألا يفعل ذلـك مرةً أخرى، وإلا، سـوف لا امنحـه بلحـا، أو بسـكويتا أو حلـوى! أصغ السمع إلـي وأخـذ قـولي هـذا مـاخذ الـجد، مُنكص الـرأس، ومُحـدقاً في الأرض لبـرهة قصيرة. كـان الأطفال، في لـومون و كـاودا، أكثر حظـاً من أقـرانهم في منـاطق أخـرى من جبال النـوبة. وقـد كـانتا من المنـاطق التي تهبـط فيها الطيران، آتيـةٍ بضيـوفٍ من الجنـوب وشـرق أفريقيا والنيل الأزرق، خـاصةً منطقـة جيـدل التي كان بهـا مبشـرين. بعيـداً في المنـاطق الغربية لجبال النـوبة، خاصةً منطقـة سـيلارا، المنطقـة السـابقة للكعـك والحـلـوى والبسكويت قبل إنـدلاع الحـرب؛ أصبـح الأطفـال يبتعـدون ويهربون من الحلـوى والبسـكويت، ويرفضـونها لأنـهم وُلِـدوا، في حُرمانٍ تام، إبان سنـوات الحرب. حلـوين كما كانـوا، لم يعرف الأطفال الحـلوى!

    ذات مرة، شعرت بحُمـى أشبـه بأعراض المـلاريا، وهـذا شـئ طبيعـي لكـل سـوداني! الناس في السـودان يقـولون: ” إن لم تُصـاب بالمـلاريا، فأنت لست سـودانياً” غايـة السـخرية، لكنها، بالطبع، لُغـة مـقززة للنفس! متعبـاً كما كنـت، قررت أن أخـذ قيلـولة في ذلـك النهار. سمـع صديقـي كـوّه بنبـأ وعكتـي الصحيـة وجـاء إلـي، ببطء، وجلس بالقرب منـي وهو يراقبني، كالمـلاك الحـارس، وأنا أغُط في نـومٍ عميق. عنـدما جـاء أحـد حراسـي، همس إليـه كـوّه، مُحـذراً أيـاه أن لا يُصدر صـوتاً أو إزعـاجاً حـتى لا يـوقظنـي لأننـي مريضُ. إلا أن ذلك الحـديث المفترض أن يـكون هامساً، كـان قـد أوقظنـي، فلـم يكـن كـوّه يدرك بأنه كـان غير هـادئـاً. لمحتـه حين أخـذ يضع سبـابته عـلى شفتيـه في إشـارةً واضحـة للصمت التام. نـاديته، بينما كنت أضع الوسـادة علـى وجهـه. حيث لم أعلـم بأنـي صببت عرقـاً غزيـراً وأنا نـائم. مـا برئ أن إستجـاب، كـوّه الصغير، في الحـال، فوقف بطـريقةٍ مثيرة للشفقـة وهو يحـاول أن يخفف وطـأة الحُمـى التي طغت علـيّ بوضع كفـه علـى جبهتـي قـائلاً: ” يـاآه! شنـو، انت عيـان يـا كوماندا؟” “أيـوه، أيـوه.” كان ذلـك ردي، ثم إنقلبت لأراه. ” آها، إنت عندك حُمـى؟ جسمـك سُخُن خلاص. يـا! نجري نكلم ماما عشـان يعمل ليـك مديده، شـاي ولا عصير ليمـون؟ إت عارف، عنـدنا ليمـون. خليني نكلما.” ثم ركـض صـوب المنزل لُخبر أمـه. فقد شعر بأن ذلـك مسـئوليته مباشـرةً!

    في وقـتٍ آخر، وبينما كنا الأثنين في مكتبي، رأيت كـوّه الصغير يقفـز من علـى الكـرسي، بسـرعة، راكضاً نحو رُكـنٍ قصـي يقـع عـلى يميني، بينمـا يحاول، بإهتيـاج شـديد، فـتح زمام (سُستـة) رداءه البني، لكن دون جـدوى. قـد يشعر المرء بأن لسـان حـاله في ذلـك الوقت يقـول: ” هيـا، النجـده، النجـده! بحـق الجحيم، مـاذا بك أيها الـرداء، ماذا بـك؟ وعنـدما لم يفـلح، قـرر كـوّه الصغيـر، إنـزال رداءه، كمـا لـو كان يقشّر قطعـة مــوز ناضج. وعنـدما شعرت بأن ذلك قـد أقلقـه بشـدة، أمسـكت بما كان يضـايقه، قتبـوّل، بإرتيـاحٍ، داخـل المكتـب. فـدخل أحـد الـذين يخـدمون المكتب، وحاول أن يـوبّخـه، لكنـي تـدخلتُ، ” لا، خليـهو براهو!” وعنـدما أفرغ مـثـانته، جلس كـوّه بهـدوٍ. حـدّق، علـى الأرض، بيأسٍ، وقـصد الكـرسي. في ذلـك اليـوم، رأيت جردلاً مملـوءاً خجلاً بـارداً قـد سُكب علـى وجهـه البـرئ، الصغير! رفع عيـونه اللامعـة إتجـاهي، ثم ثبتهما إزاء ذاك الركن، بينمـا ظل هـادئاً. وظهرت علـى أرنبة أنفه حُبيبـات عـرقٍ، وكنـت أرى روحـه المتمزقـة. لقـد شعـر، كـوّه الصغير، بخجـلٍ عارمٍ! مُتـأثراً بعمـقٍ، بما رأيتـه، مددت يـدي إلى درج مكتبي، وملأتها حـلوى ومنحتها أياه دون أن أنبس ببنت شفة. استقبل هديتي، بهـدوء، وإنحنى ببطء، ثم نظر إلـى الجهة الأخرى، منزلقاً من الكـرسي بسهولة، كمنـديلٍ مصنـوعٍ من الحـرير.



    منقول من صحيفة المصير:

    http://almasier.net/news/?p=11114
                  

العنوان الكاتب Date
كوّه يوسـف كـوّه الشبل! بقلم. أدوارد لينو أبيى Deng04-03-13, 05:39 PM
  Re: كوّه يوسـف كـوّه الشبل! بقلم. أدوارد لينو أبيى Deng04-04-13, 08:04 PM
    Re: كوّه يوسـف كـوّه الشبل! بقلم. أدوارد لينو أبيى Deng04-05-13, 07:20 AM
      Re: كوّه يوسـف كـوّه الشبل! بقلم. أدوارد لينو أبيى Sameer Kuku04-05-13, 08:48 AM
        Re: كوّه يوسـف كـوّه الشبل! بقلم. أدوارد لينو أبيى Deng04-06-13, 07:43 AM
          Re: كوّه يوسـف كـوّه الشبل! بقلم. أدوارد لينو أبيى Deng04-07-13, 08:15 AM
            Re: كوّه يوسـف كـوّه الشبل! بقلم. أدوارد لينو أبيى Artiga Gilani04-07-13, 12:44 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de