اهم المقالات فى الشان السودانى ...سياسة ادب وثقافة ..ادخل

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-13-2024, 03:33 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثانى للعام 2013م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-25-2013, 09:16 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اهم المقالات فى الشان السودانى ...سياسة ادب وثقافة ..ادخل (Re: الكيك)

    فِي ذلك فليتنافس المُفسِدون! ..

    بقلم: فتحي الضَّـو
    السبت, 23 آذار/مارس 2013 11:20


    [email protected]
    ما زالت الوثائق تنهال علينا مثلما ينهال على رؤوسنا صقيع هذه البلاد الذي تموت من جرائه الحيتان، كما قال الأديب الراحل الطيب صالح طيب الله ثراه. وفي هذا يطيب لنا أن نستعير مقاربةً أخرى راسخة للزعيم الراحل إسماعيل الأزهري، ونقول كلما سألونا من أين لكم هذه الوثائق؟ أجبناهم بوثيقة أخرى. بين يدينا وثائق جديدة لمشروع قديم لم ير سوى نور الورق ونار المفسدين. أما نحن فقد رأينا نشرها لأننا لا نستطيع معها صبراً حتى نلحقها بالطبعة الرابعة لكتابنا الموسوم بــ (الخندق/ دولة الفساد والاستبداد في السودان) والذي ضمَّ بين دفتيه خزي وعار وشَنار العُصبة ذوي البأس. ولم تستطع مواجهته سوى بمطاردة الكِتاب حيثما حلَّ والتضييق على من يريد اقتنائه ما استطاعوا لذلك سبيلاً. ومن قبل أن نبسط هذه الوثائق بين يدي قراء الصبر شيمتهم والعدل غُرَّتهم، حري بنا أن نستعرض بعض الملاحظات حول خطيئة المنقذين الكبرى (نجلي بها النظر يا صاح) أو كما قال شاعرنا الراحل العظيم سيد عبد العزيز، بالرغم من أنه قصد به وصفاً هو من السمو بمكان حتى وإن تطابق عجز البيت مع فاسدٍ (طرفه نائم وصاحي) وهمو كثر!


    أولاً: على عكس ما زعم البعض، ليس بالضرورة أن تكون الوثائق التي تتسرب وتصل لغُمَار الناس ونحن منهم، هي جهد مفسدين والغين في الفساد نفسه. فالوالغ هم من يتستر على صحبه وهو فيهم، ولا يكشف سرهم حماية لذاته وليس حباً في سواد عيونهم. وعوضاً عن الزعم المذكور نحن نعتقد تواضعاً أن فضح الأسرار غالباً ما يتأتى بإحدى الوسيلتين، إما وخز ضمير متأخر أو لتباين مصالح المفسدين أنفسهم. وبينما الأولى لا يُلقاها إلا ذو حظٍ عظيم، فإن الثانية تظهر عندما تخضع للقاعدة الذهبية التي تقول (إذا اختلف اللصان ظهر المسروق) وهي القاعدة التي أثبتت التجارب صحتها بل وفاعليتها بمرور الزمن. وتعلمون يا سادتي كذلك أن المفسدين يتراصون كأسنان المشط في أقبية الفساد، بيد أن غرائز الحقد والكراهية والشحناء والبغضاء والكيد والحسد تبرز بينهم عندما يتفاضلون في الثراء، فينكشف حينئذٍ السارق ويظهر المسروق!
    ثانياً: المعروف أن العصبة الحاكمة في السودان سرقت السلطة بليلٍ، وطبقاً لهذا المفهوم ليس غريباً على من فعلوا ذلك استحلال كل شيء حتى وإن تضاد مع الدين الذي يتبعون. ومن جهة ثانية فالمعروف أيضاً أن هرم الفساد كلما اتسعت قاعدته كانت وقائعه آيلة للكشف والفضح والتعرية، فما بالك في فساد أصحاب الأيادي المتوضئة والأفواه المتمضمضة، والذي صار له لسان وشفتين وأصبح يُعبر عن نفسه دونما كثير اجتهاد!


    ثالثاً: بل يمكن القول إن فسادهم أصبح ديناً له سنن وفرائض، فيه امتزج الحلال بالحرام وتطابقت بينهما الأمور المتشابهات. وصارت له أسماء غير ما تعارف عليها بنو البشر منذ أن هبط أبوهم آدم إلى الأرض، وأضحت لفاسديه هويات لم تسمع بها أذن ولم تخطر على قلب كائن من الناس، وغدا بشيرهم ونذيرهم وهو الفاسد الأكبر، ومن بيده الثواب والعقاب. ثم وجدنا أنفسنا في يوم كيوم الحشر يستحيل العثور فيه على عفيف شريف طاهر اليدين من ملتهم، لدرجة بات فيها الغول والعنقاء والخل الوفي أيسر منالاً!
    رابعاً: نعم إن ما يميز فساد المنقذين أنه صار مرتبطاً بهوية دينية تدعيها عصبتهم، الأمر الذي أحدث تشويشاً رهيباً في نفوس وعقول الكثيرين، خصوصاً البسطاء الذين جُبلوا على دين الإسلام بالفطرة وتقاصرت امكانياتهم عن التفقه فيما يدعم معتقدهم ويوطد أركانه في سلوكياتهم. مثل هؤلاء رأوا العصبة ترتاد المساجد فشهدوا لها بالإيمان امتثالاً لقول رسولهم الكريم، وفي مناسبات أخر رأوا ذات العصبة وهي تعيث فساداً في الأرض ضجت منه السماء. فما الذي يمكن أن يتوقعه المرء من أناس بنوا مرئياتهم العقدية على خيال محدود وفساد ممدود؟!
    خامساً: في خضم جدلٍ كهذا ليتنا كنا نعيش في دولة عصرية تعتمد على شفافية الاستبيانات والإحصاء وحديث الأرقام الذي لا يكذب، وذلك حتى نستطيع أن نتبين كم عدد الذين دخلوا الإسلام في ظل حكم العصبة ذوي البأس، وكم عدد الذين غادروا ساحته بعد أن رأوا تناقض أقوال الذين يدعون الحاكمية مع أفعالهم. فحينئذٍ ستسقط المزايدات بأمل أن يعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون!


    سادساً: على صعيد آخر، المفارقة أن ثمة فئة تحسبهم في مصاف المتعلمين ولا نقول المثقفين ولا المتفقهين، بعضهم غادر ساحة الحاكمين لأسباب يقولون عنها إنها أيدولوجية وليست سلطوية كما هو معروف لنا. هؤلاء ما زالوا يكيلون بمكيالين إذ يغضون الطرف عن خطايا الحاكمين، في الوقت الذي يسارعون فيه إلى صقل سيوفهم وتطريق حناجرهم بدعوى أن أحد رعايا فسطاط الكفر أساء لدين الله. ونحن نسأل هؤلاء عمن هو المؤذي الحقيقي للعقيدة؟ هل هو من أظهر غير ما أبطن وجعل الدين مطية لتحقيق أهداف دنية أم آخر لا يسوى عند الله جناح بعوضة كما يقولون؟


    سابعاً: في تواصل شئون وشجون الفساد دعونا نهبط للأرض قليلاً متلمسين آثاره السالبة على الناس. إذ لا تعرف البشرية في مسيرتها الدنيوية خطيئة لها آثارها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المدمرة مثلما فعل ويفعل الفساد. فأسوة بما تساءلنا به دينياً من قبل، ليت أهل السودان يتساءلون دنيوياً عن حالهم ووضعهم بين الشعوب والأمم لو أن ثروات بلادهم بكثرتها - كماً وكيفاً - وُزعت بالعدل والقسطاس على الناس ولم تنهبها العصبة نهب من لا يخشى إفقار بلاده!
    ثامناً: في تقديرنا إن الفساد مثل الخمر ما أسكر كثيره فقليله حرام. والسكوت على الفساد يورث الخوف والجبن والخنوع والنفاق والمداهنة. ومن عجبٍ فإن بعض الناس درج على الاستخفاف بحجمه واستصغار شأنه، ولا يدري المرء أهو طعن في مصداقية من انبرى لتعريته صغر أو كبر أم هو تعمُّد مد يد العون للمفسدين ليسدروا في غيهم؟!
    تاسعاً: من العصبة أناس يدعون الطهر والعفاف ويحاولون الظهور بمظهر البرىء، وهؤلاء تعرفهم من لحن القول وادّعاء الذل والمسكنة، في حين يعلم الناس أن العصبة جميعها على قلب رجل واحد وقد بزوا أبناء سيدنا يعقوب في التآمر. إذ عندما يتعلق الأمر بالفساد يدبرون عن الدين ويقبلون على الدنيا، بعضهم لبعض ظهيراً، لإدراكهم أن أي كبش فداء يمكن التضحية به يعني التضحية ببقية القطيع، لهذا عزّ على الناس رؤية أحد سدنتها وقد حوكم، لأنه سيجر من خلفه جيشاً عرمرماً في سياق كشف المستور، ولذا فالفساد هرمي في سلطة العصبة، أي بدءاً بالرئيس "الضرورة" القائل (إذا ما في مفسدين نجيبهم من وين؟) إلى سادن اللجنة الشعبية في المدن والقرى والضواحي!


    عاشراً: صحيح أن العصبة ذوي البأس تيبست جلودهم من أكل مال السحت، وصحيح أنهم ارتدوا أقنعة واقية ضد الحياء والخجل، وصحيح أنه أصابهم وقر فباتوا لا يسمعون، وصحيح أنه حلَّ بهم عمي فصاروا لا يرون فسادهم، وصحيح أيضاً أنهم لا يبالون ولا يرعون وهذا ما دأبوا عليه طيلة سنوات وجودهم في السلطة، ولكن ينبغي ألا يكون ذلك دافعاً للتقاعس أو مثيراً للإحباط، بل من المهم التذكير بأن توثيق الفساد هو واجب وطني ومسؤولية أخلاقية ليوم شره مستطير!


    أحدى عشر: في سلطة الإنقاذ نجد أن الفساد قد اكتسب أشكالاً وألواناً، فلم يتوقف الأمر على الفساد المالي وإنما تبعه الإداري والأخلاقي والاجتماعي والثقافي والرياضي وهلمجرا. وفي خضم ذلك تراهم وقد ابتذلوا حتى الألقاب فلمزيد من التورية تطلق الألفاظ على عواهنها مثل الشيخ والأستاذ والمفكر والدكتور والعارف بالله وخادم القرآن... ألخ، فلا غرو عندئذ أن تشمل وثائقنا هذه اثنان ممن مُنحوا الصفة الأخيرة بكرم حاتمي وثالثهم باسط ذراعيه بالوصيد، مما أكتسب فسادهم هوية جديدة!
    في المحور الثاني أو الجزء الأخير من هذا المقال دعونا نستجلي غموضاً اكتنف وثائق الفساد التي سنطرحها بين أيديكم بشروح في المتون واستظهار الحواشي، لتزيح ما قد يمكن أن يلتبس أمره على البعض في فساد أغطش ليلنا وكسف ضحانا!
    أولاً: لمزيد من الإيضاح نأتي لقراءة خلفية هذه الوثائق، فالمعنيون فيها من العصبة هم قال عنهم المتنبي (ألقاب مملكة في غير موضعها/كالهر يحكي انتفاخاً صولة الأسد) أولهم (المفكر) أمين حسن عمر، ذلك الذي عُرف بنخنخة الكلام وعرجفة المقام وخيلاء الحِسان. وثانيهما (المفكر) حسن مكي وقد قال عنه صديق لنا إنه جرىء فيما لا يعلم، وآخرهم (المجاهد) حاج ماجد سوار الذي ترقى في مدارج عصبته ببطولة صفعه معلماً كاد أن يكون رسولاً!


    ثانياً: في الجانب الآخر من هذه العقود هناك شركة لن تجدها في أرض الواقع (ميدواي سنشري تكنولوجيز المحدودة) مثلما لن تجد مشروعاتها الإنشائية والبالغة وفق نصوص العقد 95 مليون دولار وقد تطاولت أمام عينيك! وصاحب هذه الشركة من الجنوب اللبناني اسمه إسماعيل سدار، وجاء وفي معيته رهط من بني جلدته وآخر أمريكي الجنسية وثالث من رومانيا وبينهم سوداني لأسباب ستضح مراميها.
    ثالثاً: هذه الشركة وأصحابها اختفوا من الوجود.. لماذا؟ حدث هذا بعد أن (وقع الفأس في الرأس) إذ حدثني السيد يوسف (أ) وهو رجل أعمال ممن ينفرون من العصبة وأمثالها. قال لي إنه مدفوعاً بحسه الوطني جمع قرائن ووضعها أمام حاج ماجد سوار تؤكد أن مالك الشركة الذي جاء بقضه وقضيضه وكان يصرف صرف من لا يخشى الفقر، هو ببساطة عميل لجهاز الموساد الإسرائيلي، فبهت الوزير الهمام وعندما أدرك المذكور أن سره إنكشف أو في طريقه لذلك، غادر البلاد خلسة بما خف وزنه وغلا ثمنه، ولم يترك أثراً من ورائه سوى هذا الورق الذي نضعه بين أيديكم!
    رابعاً: وإن سألتم كيف جاءت هذه الشركة؟ نقول لكم وفقاً لمصادرنا، جاء بها وزير الدفاع الأسبق الفريق إبراهيم سليمان بطموح واحد فقط وهو أن يُدرِجوا ابنه هيثم (بمثلما سبق ودرَّج ضباط آخرون العباس شقيق المشير) ولهذا تطالعون إسم ابن الفريق يتلألأ وسط حاملي أسهم الشركة الوهم!
    خامساً: وقع مع هذه الشركة (المفكر) أمين حسن عمر عندما كان وزير دولة في وزارة الثقافة والشباب والرياضة، ووفقاً للمصادر التي سربت لنا هذه الوثائق فإنه وصحبه خصص لهم 20% وهي نسبة غير مرئية في العقد وتسميها العصبة بأسماء شتى ليست الرشوة واحدة منها على أية حال!
    سادساً: لأسباب نجهلها ظل المشروع يداور مكانه لعامين حسومين، بالرغم من أن العقد ينص على التسليم بعد ستة شهور. خلالها غادر (الأمين) كرسي الوزارة وخلفه آخر ذو اسم برّاق (حاج ماجد سوار) وفي العام 2010 وقّع ملحقاً يقضي بتوجيه بنك السوداني في تسريع فتح خطاب الضمان لتعجيل التنفيذ ويقضي بتسليم المشروعات التي تنوء بحملها الورق في نهاية نفس العام (من الأفضل قراءة التفاصيل في العقد) أما المفكر الآخر فقد وقّع مع ذات الشركة عقد لمشروع وهمي أيضاً عبارة عن سكن لطلاب جامعة أفريقيا وقاعات محاضرات، وهي الجامعة التي ظل يرأس مجلس إدارتها حتى تهتك الكرسي الذي يجلس عليه، وقبل شهور قليلة أقيل بواسطة مجلس الإدارة بأسباب لم يكشف عنها النقاب، ولكن تردد أنه متورط في قضية فساد أخرى مع إيرانيين من (الجمهورية الإسلامية) وتلك قصة أخرى!
    سابعاً: السؤال الذي يتوارد للذهن، كيف لعقد بهذه الضخامة في المال والمنشآت لا يمر عبر مجلس الوزراء الذي يفترض فيه أن يجيزه ويخصص له موارده المالية من الوزارة المعنية بذلك؟ وكيف لوزير دولة أن يوقع مثل هذا العقد الذي يفترض أن يكون من مسؤولية الوزير أو الوكيل التنفيذيان؟
    ثامناً: العقد الذي يحتوى على سلسلة فنادق ومنشآت كثر خاص بــ (إنشاء وتطوير مدينة الشباب الرياضية/أرض المعسكرات) ولعلم القراء هذه غير المدينة الرياضية المتعارف عليها والتي زكم فسادها الأنوف هي الأخرى!
    تاسعاً: هب أن هذا العقد ليس فيه رائحة فساد، فالسؤال الذي يتوارد للذهن، هل يقع ضمن أولويات بلد يقبع ملايين من شعبها في معسكرات الذل والهوان في دارفور والحرب مستعرة، وملايين يعيشون على الكفاف في أطراف أخر وبينهم من يموت بأمراض الفقر، إن لم يقتلهم العطش أو المسغبة!
    عاشراً: ترى ما الذي حمله معه العميل الهارب من أسرار ذات صلة بالهجمات الإسرائيلية التي استباحت البلاد مثنى وثلاث ورباع؟ وكم من عميل مثله يعيش في دولة المشروع الحضاري؟
    هذا ما عنّ لنا من قراءة عجلى لهذه الوثائق، أما أنتم يا سادتي، فطالعوها بتأن وإمعان ربما وجدتكم أكثر مما ذهبنا إليه. فمن ما يحمد لأصحاب الضمائر اليقظة أنهم سواء في أزمنة الديمقراطية أو غياهب الديكتاتورية يظل القلم الذي يحملونه أشد مضاضة على المفسدين من وقع الحسام المهند!
    آخر الكلام: لابد من الديمقراطية وإن طال السفر!!
    نظراً لكثرة الوثائق فقد وضعناها في فيديو (يو- تيوب) وهو على الرابط التالي، بالطبع يمكن استخدام المعينات التقنية لتكبير وتثبيت كل وثيقة لحين قراءتها على مهلٍ. http://www.youtube.comيرجي نسخ الرابط وتشغيله من المسطرة


    ----------------

    اتحاد الكتاب السودانيين: تحديث التخلف ..

    بقلم: د. حيدر إبراهيم
    الخميس, 21 آذار/مارس 2013 11:56



    منهم ومتبري منهم

    الشيخ فرح ود تكتوك


    قررت في البداية تجاهل بيان اتحاد الكتاب السودانيين عن جحود مدير مركز الدراسات السودانية،بهدف عدم إثارة معارك جانبية سوف تثير الشماتة.
    كما أنني فهمت البيان في حجمه الطبيعي باعتباره تصفية حسابات شخصية من قبل عضوين فقط، قاما باختطاف مؤسسة ديمقراطية، وللأسف تمثل –افتراضا-عقل وضمير هذا الشعب المغلوب علي أمره. ويضاف الي ذلك أنني مشغول بعمل كبير عن التاريخ الاجتماعي للسودان ولا أريد الخروج من أجوائه للمهاترات التي أجادها اصحاب البيان واعترف بأنني لا أستطيع مجاراتهم في هذه الموهبة الربانية الفريدة.
    استشهد بمقولة الاستاذ ( محمود محمد طه) حين يطلب منه تلاميذه الرد علي اسفاف خصومه: "كل زول يدي العندو". أخوانا في اتحاد الكتاب لو كان عندهم شيء غير العنف اللفظي والمهاترة واغتيال الشخصية، لقدموه. فهم للأسف تربوا في أحزاب أوحت لهم أن القوة في العنف وتقليل قيمة الآخرين وعدم احترامهم طالما لم تشملهم الطبيعة بنعمة الايديولوجية التي احتكرتها هذه الأحزاب التقدمية. فقد قلت في الورشة عن طريق (الاسكايب) أنني عاتب، وهذه كلمة ودودة وشديدة التهذيب،عند الذين ليس في قلوبهم مرض. ولم أصدر بيانا ولم أقل "أشجب" أو "أدين" موقف اتحاد الكتاب.وبيانهم نفسه يقول:-"...( الما رادك ما لامك) كما نقول. ولكن للعتاب شروط منها العلم بحقائق الموقف المستوجب للوم ودقائقه بأفضل مما توافر لحيدر في القاهرة. ورأس هذه الشروط في اللوم أن يقع على بينة من حسن النية".أعلم أن لي نية واحدة هي التي جلبت لي كل هذا الحقد والعداء غير المبرر.ولكن كان البعض يترصد وقرر القيام بحملة الدفتردار التأديبية ويجب ألا يضيع هذه الفرصة.وسكت،
    لكن عندما رأيت خطاب الدورة الكارثة يذكر ضمن أهم إنجازات الاتحاد البيان التأديبي عن جحود مدير مركز الدراسات. وقلت هؤلاء قوم استفزازيون وحقّارين. وتأسيت بأن وضع الندي في موضع السيف فعلا مضر ويجلب لك سوء الأدب. فقد كان عليّ أن استوعب كيف لي، وقد بدأت التدريس عام1966 ويأتي بعض صبية عام2013 ويصفونني بالجحود، رغم كل العمر الطويل الذي أفنيته في خدمة هذا الوطن بلا امتنان ولا طمع. فهذه صفة ########ة لو يعلم من أطلقوها مجانا. ولكن شكرا لهم فقد أجابوا علي سؤال (الطيب صالح): من أين أتي هؤلاء؟ صارت الاجابة واضحة مادام في الجانب الآخر من يصدرون مثل هذه البيانات عن رفاق لهم. فقد أتوا من عيوبنا وقصورنا. وقلت فعلا: كما تكونوا يول عليكم! فهؤلاء معارضون وديمقراطيون يشبهون حكامهم تماما. فلماذا نغضب من لغة نافع والطيب مصطفي واسحاق فضل الله، هل لأنهم إسلامويون؟ عذرا، هناك من يشبهونكم في المعسكر المقابل، يشتركون معكم في الجلافة والعنف والعنجهية.
    كنت أطمع أن يخاطبني رئيس الاتحاد بنفس اللهجة والروح التي خاطب بها ابراهيم غندور رئيس قطاع العلاقات الخارجية بالمؤتمر الوطني، بصفته الاخري كمنسق الملتقي التفاكري (الدوحة) يطلب منه تحديد موعد للقاء أعضاء الملتقي. ولكن هذا الأخ، للأسف، يحمل حقدا جارفا وخالدا، منذ أن عارضت طريقة ترشيحه نفسه لرئاسة الجمهورية. والحقيقة استغرب كيف يستطيع إنسان في مثل هذه السن أن يحمل مثل هذا العبء من الحقد ويتجول به طوال هذا الوقت؟

    *******
    تصور أيها القارئ الكريم أن يفخر اتحاد كتاب في الدنيا في خطاب دورته، بإنجازات تتمثل في تأديب "شبكة الصحفيين" ثم مدير مركز الدراسات السودانية؛ ببيانات رادعة! كنت انتظر أن يعدد الاتحاد، ويسرد عدد الكتب والاصدارات التي نشرها خلال عام الدورة، وعدد المسرحيات التي أخرجها أعضاؤه، والأفلام التي أنتجها منتسبوه، ومعارض التشكيل والندوات والمؤتمرات.هذا مجرد هلاوس،لأن قيادات الاتحاد التي اشتهرت بسبب ابداعها في الشعر والمسرح والقصة،لا يستطيع الشاعر منهم الآن أن يذكر لنا متي قرض آخر قصيدة شعرية؟ ولا المسرحي متي كانت آخر مسرحية ؟فقد باعد الانشغال بالترهات المسافات بين كتابة مسرحية واخري .ولايقدم الروائي أو القاص آخر رواياته أو مجموعات قصصه.
    أما القضية الثانية، وهنا استشهد بخطاب الدورة حرفيا الجزء الخاص بالانجازات،جاء فيه ما يلي:
    " أ/3: لكن، ومع أن العمل العام، بطبيعته، مطروح للنقد والتقويم، إلا أن اللجنة، بقدر ما رحبت بالنقد العفيف، وحرصت على الاستماع إليه يصدر من مواقع الحدب وحسن النية، سواء من داخل الاتحاد أو من خارجه، بقدر ما قامت بواجبها في اتخاذ المواقف الصارمة في الدفاع عن الاتحاد إزاء أية محاولة متعمَّدة لاستهدافه بسوء التفاهم المفتعل، أو التجريح الغوغائي الظالم، أو الإشانة المغرضة لسمعته بالباطل، أو ما إلى ذلك من المتاعب التي ابتلي بها العمل المدني العام في بلادنا للأسف. ومع أننا لم نضطر لمواجهة شئ من ذلك، خلال العام المنقضي، سوى في حالتين فقط، فإنه يجدر بنا التنويه بهما هنا، ولو بشكل مقتضب، وذلك، أولاً، من باب التوثيق، وثانياً من باب التنبيه لأهمية عدم التغافل عن مثل هذه المحاولات، وضرورة مجابهتها بالحسم اللازم، خاصة عندما يكون عدم البراءة فيها جلياً، وذلك كالآتي".
    يذكر الحالة الاولي عن "شبكة الصحفيين ثم يورد حرفيا:"الحالة الثانية: هي المشكلة التي افتعلها، أيضاً، مدير مركز الدراسات السودانية المعطل مع الاتحاد، حيث تحدث عبر الإسكايب إلى ورشة عمل نظمها حزب الأمة بداره بأم درمان في 13 يناير 2012م، منتقداً اتحادنا لكونه لم يصدر بياناً يشجب فيه تعطيل المركز؛ وبخس كل الجهد الذي بذله الاتحاد مع منظمات أخرى،
    ولم يتراجع مدير مركز الدراسات عن موقفه الخاطئ هذا حتى بعد أن علم بكل تلك الحقائق، الأمر الذي اقتضانا، بعد صبر طال أكثر من شهر، إصدار بيان في 16 فبراير 2013م نعينا عليه فيه أنه جَهِلَ ولم يطلب العِلم، وعَلِمَ ولم يعمل بما عَلِمَ! "
    نعود الي الامساك بالقضية من جذرها ونستشهد بالبيان الأصل،لكي نفهم لماذا لم يتراجع مدير مركز الدراسات عن موقفه الخاطيء؟وأركز علي موضوعين التكريم ثم عدم المضي في رفع قضية؟يقول البيان في المستهل:-
    " الاتحاد غير مشحود ليقف مع المركز في محنته، فسالفه على الثقافة السودانية محفوظ عندنا، رغم مآخذ بعضنا الكثيرة عليه؛ ولهذا، بل وربما مع هذا، كرمناه في بعض بواكير مؤتمرات الميلاد الثاني لاتحادنا، ووضعنا صورة مديره في صالة العرفان بدار الاتحاد، وما تزال في موضعها".
    من البداية يطل الخبث واللؤم وسوء الطوية،حين يتحدث البيان عن "مآخذ بعضنا الكثيرة عليه".وكان يجب ذكر المآخذ "من باب التوثيق والتنبيه"كما قال البيان قبل أسطر قليلة.ولكن ترك هذا لخيال وتخمينات المتلقي.ولكن أذكر نيابة عنهم أهم المآخذ، وقد تكررت،وهي:عدم المؤسسية في المركز.وقد أوضحت اختياري في التسيير الأفضل لعمل المركز،خاصة وأنني أعرف جيدا "مؤسسية" التربيطات والشلليات وكيف تجري الانتخابات؟ والقوائم الجاهزة التي يبصم عليها يوم التصويت.وأعلم كل اشكال الاقصاء والاستلطاف وعدم الاستلطاف.ومن مظاهر المؤسسية الزائفة وتحديث التخلف،أن الاتحاد صار أقرب الي الادارة الأهلية يسيره عمدة أوشيخ خط بدرجة بروفسير بمساعدة كوميسار لثقافة هي مجرد سياسوية فجّة تصدر البيانات عن معارك (هجليج) ومصنع اليرموك. فالاتحاد في تنافس مع الاحزاب الكسيحة علي حساب الابداع والخلق. تصور أن الاتحاد عجز عن إصدار دورية منتظمة،ليس لأسباب مالية لأنه حاصل علي منحة معتبرة من الاتحاد الاوربي. ولكن بسبب الفقر في القدرات والموهبة وعدم المثابرة في الكتابة الجادة،والجري وراء أعمدة الصحف اللقيطة غير معروفة المنبت.
    لجأ البيان للتدليس في موضوع تكريمي، فقد وقف (الكوميسار) ضد تكريمي في الدورة الأولي، وشنت بعض الصفحات الثقافية هجوما علي الاتحاد، وأذكر بالتحديد د.وجدي كامل،وتساءلوا عن أسباب استبعادي والمركز عن التكريم؟ولم يرد أحد،ولكن في الدورة الثانية وبمنتهي الفهلوة قررت الإدارة الأهلية تكريمي، وقد رفضت ذلك التكريم واعتبرته مجرد خزعبلات، ولم أحضره ولم استلم درعا أو درقة. واتحدى الاتحاد أن ينشر أي صورة ليّ تثبت أنني قد شاركت في مهازل وألاعيب الاتحاد،واستلمت من مسؤول منهم درعا مثلا.وهذه مسألة تكون عادة موثقة ولا تحتاج للمغالطات.والسؤال مازال قائما بدون رد :- ماذا حدث في الدورة الأولي ولماذا كان الاستبعاد؟
    لقد عاتبت الاتحاد،ليس افتعالا لمعركة ولكن تذكيرا بالدور الحقيقي للاتحاد. لأن وظيفته هي الدفاع عن الثقافة والتنوير،وهنا يتميز عن نقابة النقل الميكانيكي أو عمال البحرية. توقعت بيانا خاصا بالثقافة والمثقفين ثم بعد ذلك يأتي عملهم الجماعي مع الكونفدرالية أوغيرها. ولكن يبدو أن الاتحاد مازال يعمل بعقلية (الكومسومول) والحشد وكثرة التوقيعات.للعمل الثقافي جانب فردي وخصوصي،بالذات هناك في الاتحاد من يتكلم عن الحداثة، ومابعد الحداثة، ودريدا وفوكو، أمثال هؤلاء الحداثيون يجب الا يكونوا مجرد رعية أو قطيع يسيره العمدة.

    أما الأمر المتعلق بالتقاضي، نقرأ معا ثم أرد:-
    " لقد بدا لنا في الاتحاد أن حيدر ربما كان أقلنا عناية باستمرار مركزه في الخدمة الثقافية، أو لعله يرى إمكانية تحقيق هذه الاستمرارية بوسائل أخرى! ذلك أن الكونفدرالية والحملة تواثقتا على رفع دعوى إدارية باسم المنظمات المعتدى عليها لاستنفاد الجانب الحقوقي من المسألة. وطلبتا من القائمين على هذه المنظمات التوقيع على تكليف هيئة المحامين الذين تم تعيينهم للبدء في هذه الإجراءات، وتصادف أن كان الأمين العام للاتحاد هو أحد قادة الهيئة المشار إليها. لكن ممثل مركز الدراسات في الخرطوم اعتذر عن توقيع التكليف بأنه تلقى مهاتفة، لعلها عن طريق الإسكايب أيضاً، من حيدر بالقاهرة، منعه فيها من ذلك التوقيع بحجة أنه لا يثق في جدوى مثل هذه الإجراءات! ثم حدث، بعد ذلك، أن عاد حيدر، من تلقاء نفسه، واتصل بأحد أعضاء هيئة المحامين، معرباً عن رغبته في الانضمام إلى الإجراءات! لكنه ما لبث أن انقلب، بعد أيام قلائل، واتصل بنفس المحامي، معتذراً عن الانضمام، ومبرراً ذلك بأنه لا يريد أن يزجَّ بممثله بالخرطوم في مثل هذه المتاعب".!



    أولا،هذا النص القصير به أربع علامات تعجب-كما يلاحظ القارئ- وهذا لزوم الغمز واللمز،فكيف يمكن أن آمن مثل هذا أن يدافع عني وعن المركز؟هؤلاء أعداء وكانت عدواتهم أشرس وأخبث من جهاز الأمن. فقد قاموا منذ قيام المركز بنشر دعاية التمويل الأمريكي، لن أدخل الآن في تفاصيل الحرب القذرة التي أطلقوها في القاهرة منذ مولد المركز. ولكن اكتفي بتوضيح فحوى البيان. ولابد من القول أنني لم أطلب أي مساندة قانونية لأن لديّ طرق أخري. ولكن ما حدث بالضبط، هو أنه بعد محادثة مع الاستاذ معز حضرة المحامي، طلب مني ارسال تفويض قانوني ووافقت. كتبت التفويض ولكن اتصلت بالاخ معز مستفسرا عن أسماء المحامين القائمين بالأمر. وبعد أن عرفت الأسماء، لم أرسل التفويض لأنني وجدت أسماء ليست مؤهلة انسانيا للدفاع عن المركز، لأنهم ليسوا أصدقاء حقيقيين ولم يقفوا معه ايجابيا في الماضي. وهم الآن يريدون" شو إعلامي" يكرس مسرحية الدفاع عن حقوق الانسان والحريات.قلت للاخ حضرة هؤلاء ممثلون سيئون، فقد تم تزوير الانتخابات كاملة ولم يرفعوا ولا قضية واحدة. أما الفساد فالمراجع العام ينشر لهم البينات القاطعة ولم يتبرع أي استاذ بتبني قضية وملاحقة المفسدين.هذه أولويات عامة وقوية وتهم الشعب السوداني كله. والآن يقبع في السجن منذ شهور: انتصار العقلي، ود. محمد زين، وعبدالعزيز خالد، والمفتي، والكودة. وسيتكرر معهم الاهمال الذي تعرض له علي السيد ورفاقه عام2007.


    رفضت دفاعهم لأن علي رأسهم أستاذ كبير وناشط عالمي،جاء مرة للمركز بكتاب يريد نشره وطلب منّا تجهيزه فقمنا بذلك، وأرسلنا المخطوطة له خارج مصر.وظللنا ننتظر لإكمال المهمة، وكانت المفاجأة حين وجدنا الكتاب يصدر من دار (المستقبل العربي) لصاحبها الاستاذ ( محمد فائق) رئيس المنظمة العربية لحقوق الانسان. وتزحلقت علي الموقف لأنه تكرر، ولكنني فجعت حين قابلت الاستاذ (هاني مجلع)، ممثل مؤسسة فورد بالقاهرة، وذكر ضمن الحديث أنهم مولوا كتاب فلان. وهنا فهمت،نظام شيلني واشيلك، فالمؤلف له مصالح مشتركة مع ( فائق) فلماذا يضيعها من أجل مركز الدراسات السودانية؟مثل هذا غير مؤهل أخلاقيا في هذه الظروف لأن يدافع عننا. أما الحادثة الثانية، فقد كانت خلال الاحتفال باليوبيل الذهبي للاستقلال،حيث اكتشفنا أن تكلفة احضار الفنان( مارسيل خليفة) عالية،قلنا نعمل تذاكر اكرامية ب50 جنيه لاصدقاء المركز.ذهب أحد أعضاء المركز لأحد الاسماء التي ستدافع عننا،فرد عليه: والله أنا المركز ده مليم واحدة ما ادفعها له! كويس موقف نحترمه ولكنه جاء للحفل في كامل مشمشه وهندامه مصطحبا بعض من يحب.طبعا يستحيل أن أقبل أن يكون لمثل هؤلاء فضل الدفاع عن المركز لانهم ليسوا اصدقاء حقيقيين وصادقين.
    في النهاية أنا حزين أكثر مني غاضب،أن تدار أعلي مؤسسة ثقافية بعقلية القطيع ،وحقيقة هناك اشخاص أحترمهم كنت أريد أن أعرف هل صوتوا علي هذا البيان بالموافقة وبنفس هذه اللغة والنفس والروح؟
    أما مظاهر التخلف المخلوط بحداثة مغشوشة،فهي:-
    1: أين التداول وروح الشباب ولماذا الكنكشة في ان يرأس الاتحاد عام2012 شخص كان علي رأس (أباداماك) عام1965؟ لماذا نلوم الصادق المهدي الذي صار رئيسا في ذلك الحين؟
    2: أين هو وجود الاتحاد في النشاطات الاقليمية والدولية؟ وهل تكفي ندوات "أغاني البنات" التي أوردها خطاب الدورة في الانجازات،دليلا علي حيوية الاتحاد؟
    3:عنوان الندوة السنوية هذا العام ،وهو:"نسبنا الحضاري"منتهي الانصرافية وسوف تكرر سؤال: هل نحن عرب أم أفارقة بعد فصل الجنوب؟هذه القضية الوهم والماسخة.لماذا لا نتحدث عن المستقبل ونطرح أسئلة ثقافة المستقبل من تعليم، وعقلانية، ودولة حديثة، وتكنولوجيا، وعولمة، وتجديد ديني؟سوف يأتي المشاركون بأوراق تمت تلاوتها عشرات المرات في ندوات سابقة،وهي نفسها مع تغيير التاريخ فقط.أنه الكسل الفكري والتصحر الثقافي الذي جعل المثقف السوداني يهتم بجحود زميل اكثر من اهتمامه بفكرة جديدة أو كتاب جديد.
    إن السودان يتقدم بخطوات سريعة من حالة الدولة الفاشلة إلي حالة الدولة المنهارة ،ويقترب من الدورة الخلدونية في التفسخ والانحلال.ولا يمكن تجنب السقوط إلا إذا أبعدنا هؤلاء الطواويس والنرجسيين من قيادة حركة الفكر والثقافة،لأن السمكة تفسد من رأسها ورأسنا قد فسد تماما.أفيقوا من هذه الاحقاد والضغائن وأحلام العصافير،أنكروا ذواتكم مرة واحدة في هذا الزمن الحرج من مصير الوطن.




    ---------------------

    المُعْضِلَةُ اللُغَويَّةُ فِي النِّزاعَاتِ السُّودانيَّة! .

    . بقلم/ كمال الجزولي
    الخميس, 21 آذار/مارس 2013 11:53


    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    من بين كلِّ مشكلات بناء الدَّولة الوليدة في جنوب السُّودان، بعد انفصاله في عقابيل حرب أهليَّة ضروس لم تتوقف، منذ 1955م، سوى لسنوات معدودات، ما تنفكُّ المشكلة اللغويَّة تطلُّ برأسها، وبإلحاح استثنائي، في أيَّة مناسبة، حتَّى لو كانت ورشة عمل تدريبيَّة كالتي أقيمت بجوبا، مؤخَّراً، حول حقوق النِّساء، حيث انطرح مطلب كتابة الدُّستور باللغات المحليَّة كضرورة لتيسير فهم النُّصوص، حسب النَّائبة البرلمانيَّة فويبي فونا (المصير الإليكترونية؛ 18 يناير 2013م). كذلك من بين كلِّ هموم الحركة الشَّعبيَّة/شمال، في مناطق سيطرتها بجبال النوبا بجنوب كردفان، حيث ستكمل الحرب الأهليَّة الجَّديدة عامها الثاني بعد ثلاثة أشهر، ما تنفكُّ نفس المشكلة تطلُّ برأسها في أيَّة مناسبة، حتى لو كانت الامتحانات النهائيَّة لتلاميذ يدرسون بالإنجليزيَّة، وفق المنهج الكيني، تحت إشراف إدارة التَّعليم بالحركة، في ظروف الحرب، وتشرُّد عشرات الآلاف بين معسكرات اللجوء والنزوح (مركز جنوب كردفان الإعلامي؛ 22 فبراير 2013م).
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    (1)
    تركيزنا على هذين النَّموذجين ليس، فقط، بجامع الآيديولوجيَّة والقيادة السِّياسيَّة لدى "الحركة الشَّعبيَّة" في كليهما، رغم أن ذلك قد يكون كافياً في حدِّ ذاته، بل، أيضاً، بجامع التَّناقض بين توفُّر عنصر الفدائيَّة لدى بعض المجموعات الإثنيَّة غير المستعربة/غير المسلمة في بلادنا، والتي تقاتل ضدَّ ما تعتبره استضعافاً لها، من جهة، وبين افتقار نفس هذه المجموعات، من جهة أخرى، إلى عنصر الوعي بذاتها على صعيد مكوِّنها الثَّقافي! وتأكيداً لهذه المفارقة، ما من أحد، بالغاً ما بلغت عداوته للحركة الشَّعبيَّة في الجَّنوب سابقاً، وفي جنوب كردفان وغيرها حاليَّاً، يمكن أن ينكر روح الفداء التي ظلت تتحلى بها هذه الحركة في حربها مع المركز. مع ذلك، عند بلوغها الاستقلال في الجَّنوب عام 2011م، وبدلاً من أن تعمل على تطوير إحدى اللغات المحليَّة لتصبح اللغة الرَّسميَّة للدَّولة الوليدة، لجأت لاعتماد الإنجليزيَّة على هذا الصَّعيد، مواصلة لمكابرة سياسيَّة قديمة ظلت تتمثَّل في الدَّفع الحثيث من جانب أقسام مختلفة من الإنتلجينسيا الجَّنوبيَّة نحو إقصاء العربيَّة التي هي، في المقام الأوَّل، لغة أفريقيَّة، مثلما ظلت تتمثَّل في الإصرار العنيد على تضمين الإنجليزيَّة في النُّصوص الدُّستوريَّة كلغة رسميَّة للجَّنوب، رغم أنها ليست لغة أفريقيَّة، دَعْ انحصار استخدامها بين أقليَّات النُّخب المتعلمة. كذلك جرى، في بعض سياقات هذا التَّخبُّط، اقتراح السَّواحيليَّة، أيضاً، كلغة للإقليم (Nile Mirror, Feb. 1974). وقد يجدر بنا أن نشير، هنا، إلى أنه لم يشذ عن تلك المكابرة سوى البرنامج الذي اختطه جـوزيف قـرنـق، إبَّـان توليـه وزارة شـئون الجَّـنوب قبيـل إعدامـه (1969م ـ 1971م)، حيث شرعت إدارته، بتأثير، ولا ريب، من برنامج الحزب الشِّيوعي الذي كان ضمن قيادته، في دراسة تبنِّى إحدى لغات الجَّنوب، كالدينكا الأوسع انتشاراً، لتكون لغة الإقليم القوميَّة. بل لعلَّ اللافت هنا، بوجه خاص، أن جوزيف قد جعل من تلك المهمَّة أولويَّة تسبق حتَّى التَّنقيب عن النَّفط الذي اعتبر استخراجه، في ظروف استمرار الحرب الأهليَّة، سبباً إضافيَّاً للتباعد بين الشَّمال والجَّنوب!



    (2)
    وفي تقرير خاص نُشر مؤخَّراً (موقع "نيلان" على الشبكة؛ 14 فبراير 2013م)، طرح أبراهام داليانق ثلاث مفارقات في غاية الأهميَّة حول تجليَّات هذه المعضلة اللغوية في دولة الجَّنوب الوليدة: المفارقة الأولى أن الإنجليزيَّة ما تزال بعيدة عن أن تكون اللغة الرَّسميَّة، لأسباب عملية ليس أقلها أن أغلبيَّة الرَّسميين تلقوا دراساتهم بالعربيَّة في الخرطوم. أمَّا المفارقة الثَّانية فهي أن العربيَّة ما تزال تمثِّل أداة التَّواصل اليوميَّة lingua franca بين مختلف المجموعات الإثنيَّة، رغم أن الشَّكل السَّائد منها، والذي يُعرف بـ "عربي جوبا"، يمزج، بصورة شديدة الخصوصيَّة، بين العربيَّة العاميَّة وبين ألفاظ وتصاريف غير عربيَّة، لكن قدرة الجَّنوبيين على استخدام هذه اللغة تتفاوت من منطقة لأخرى، فعلى حين يستطيع الجَّميع، مثلاً، فهمها والتحدُّث بها في الولاية الاستوائيَّة الكبرى، لا تستطيع ذلك سوى القلة في ولاية البحيرات، ما يجعل الاستعانة باللغات المحليَّة، عن طريق الإعلام المسموع عبر محطات الـ FM المتعدِّدة، ضرورة ملجئة. وأمَّا المفارقة الثالثة فهي أن نفس الدُّستور الانتقالي لسنة 2011م الذي فرض الإنجليزيَّة "لغة رسميَّة عاملة"، أوجب أيضاً احترام، وتطوير، وتعزيز هذه اللغات المحليَّة التي تتكلمها نحو 64 قبيلة.
    هكذا يمثِّل الافتقار إلى لغة جامعة موحِّدة، فضلاً عن تفشِّي الأميَّة بأحد أعلى معدَّلاتها في العالم، واحداً من أكبر التَّحدِّيات الشَّاخصة في أفق التَّواصل عبر الإعلام المقروء بالذات، خصوصاً مع سكان الرِّيف.
    من جهة أخرى تتَّخذ هذه المعضلة اللغويَّة أحد أبرز وجوه تجليَّاتها، في الدَّولة الوليدة أيضاً، على مستوى التعليم الجَّامعي. فمَن تلقوا تعليمهم العام بالعربيَّة في دولة الشَّمال الأم، قبل الانفصال، ثمَّ التحقوا، بعده، بجامعات الجَّنوب، يعانون الأمرَّين من التعلم بالإنجليزيَّة. وقد فسَّر أحد هؤلاء سبب رسوبهم في الامتحانات بأنَّهم، ببساطة، لا يستطيعون فهم الأسئلة! ووفقاً لراديو "مرايا إف إم" أضحت أجندة صراعات الطلاب تشمل حتَّى لغة التَّدريس، فخلال عشرة أيام فقط تمَّ تنظيم احتجاجين كبيرين على تلقي المحاضرات بالإنجليزيَّة في جامعتين مختلفتين! وفي ذلك، بالقطع، أثر من الإضعاف الممنهج الذي تعرَّضت، وتتعرَّض له الإنجليزيَّة، كلغة للعلم الحديث، ضمن تخبُّط السِّياسات الرَّسميَّة في الدولة السُّودانيَّة منذ انقلاب 1989م، مِمَّا يلقي على عاتق دولة الجَّنوب الوليدة بمهمَّة دعم وتعزيز مقدرات الطلاب، على الأقل في مستوى التَّعليم الجَّامعي، ورفع تأهيلهم لاستخدام الإنجليزيَّة كلغة للأكاديميا، باعتبار أن ذلك أضحى، منذ زمن بعيد، ولأسباب عدة، من ضرورات العصر؛ لكنه لا ينهض، إطلاقاً، كمبرِّر لإهدار قضيَّة تطوير اللغة المحليَّة، سواء في مستوى التَّواصل، أو الاستخدام الرَّسمي.
    هنا تبرز أهميَّة العربيَّة؛ فعلى حين تثور، حاليَّاً، المشكلة الخاصَّة بلغة التَّعليم الجَّامعي في الجَّنوب، تكاد لا تنتطح عنزان على كون العربيَّة ما تزال تؤدِّي دورها في كلا الاتِّجاهين: لغة للتخاطب بين المختلفين الإثنيين في الشَّارع، وفي الجَّيش الشَّعبي، بصفة خاصة، منذ عهد قيادة جون قرنق، وحتى قيادة سلفا كير، حاليَّاً، ولغة، كذلك، للتفاعل الاجتماعي للطلاب أنفسهم، بل حتَّى لنشاطهم السِّياسي في الحرم الجَّامعي خارج قاعات المحاضرات.


    وهكذا، في حين يبدو، على هذه الخلفيَّة المعقدة، أن الطريق ما يزال طويلاً أمام دولة الجَّنوب لتطوير لغة واحدة جامعة، إزاء ضرورات التنوُّع الإثني، ومهام إدماج العائدين من الشَّمال، فإن المرء ليدهش من المنهج العدمي الذي تهدر به نخبة الحركة الشَّعبيَّة الحاكمة اللغة العربيَّة، مع أنَّها اللغة الوحيدة المؤهَّلة، حاليَّاً، رغم الكثير من التَّعقيدات، ورغم عهود الصِّراعات المريرة، كي تكون، ليس، فقط، لغة التَّواصل الاجتماعي اليومي، بل ولغة المعاملات الرَّسميَّة، لينقلبوا يبحثون، بشقِّ الأنفس، عن لغة "أخرى" تجمع وتوحِّد أشتات التَّكوينات القوميَّة شديدة التَّنوُّع!


    (3)
    الوضع في جبال النوبا بجنوب كردفان لا يختلف كثيراً. وفي مبحثنا بعنوان "جبال النوبا الإنجليزيَّة"، المنشور منذ ما يربو على العقد، قبل أن يُعاد نشره كفصل ضمن كتابنا بعنوان "الآخر" الصَّادر عن "دار مدارك" عام 2004م، كنا قد نبَّهنا إلى خطورة نفس المنهج العدمي الذي تعاملت به الحركة الشَّعبية مع قضيَّة اللغة في مناطق سيطرتها بالجِّبال، عقب اتِّفاقها مع الحكومة، مطالع الألفيَّة، على وقف إطلاق النَّار واقتسام النُّفوذ في جنوب كردفان.
    لقد كان المأمول، وقتها، أن تفتح ترتيبات السَّلام هناك طريقاً سالكا لبسطه على مستوى السُّودان كله، بما يحافظ على وحدة شعوبه، وسلامة أراضيه؛ أي أن يشكل سلام الجِّبال نموذجاً يحتذى في مناطق النِّزاعات السُّودانيَّة الأخرى، خصوصاً دارفور. غير أن الآيديولوجيَّة التي تبنَّتها الحركة لم تكن لتساعد على ذلك، حيث سعت، في ما يتَّصل باللغة مثلاً، للترويج، على أوسع نطاق في أوساط النوبا، للفكرة الزائفة حول أن الإنجليزيَّة هي لغة "التَّحرير!"، بينما العربيَّة هي لغة "الطغيان!"، أو القاطرة التي نقلت إليهم الشَّريعة الإسلاميَّة وسلطة الخرطوم! ولم تصعب على مراسل إحدى المحطات الأجنبيَّة ملاحظة أن تلك المشاعر العدائيَّة تجاه اللغة العربيَّة إنما تلخِّص الكثير من العداوات الثقافيَّة، والدِّينيَّة، والعرقيَّة، والسِّياسيَّة (موقع "بي بي سي"؛ 21 يوليو 2004م).
    ونسبة لندرة من تلقوا تعليماً يمكنهم من تدريس الإنجليزيَّة هناك، بسبب الحرب الأهليَّة التي دارت رحاها، في تلك المناطق، لعشرات السنين، فقد اضطرت الحركة لاستيراد مدرِّسين من كينيا ويوغندا! وروى المراسل، في بعض تقاريره، أن التلاميذ والمدرِّسين بمدرسة كاودا أبلغوه بأنهم، في منطقتهم تلك، يتحدثون الإنجليزيَّة فقط؛ كما أكد له مرافقه جوما إبراهيم، المفتِّش بمدارس الجَّيش الشَّعبي، قائلاً: "نحن هنا نتحدث بالإنجليزيَّة فقط. غير مسموح للأطفال التَّحدُّث بالعربيَّة في المدرسة". ويستطرد المراسل في ملاحظته قائلاً إن تلك السِّياسة ليست، في حقيقتها، غير ردِّ فعل، أو تمظهر معكوس، لنظام آخر، حيث كان التَّحدُّث باللغات المحليَّة، على أيام هيمنة حكومات الخرطوم على الجنوب، ممنوعاً داخل المدارس؛ وكان المدرِّسون الشَّماليون يحضُّون التلاميذ على التَّحدُّث بالعربيَّة. لكنه ما يلبث أن يستدرك قائلاً إن ما يتمخض، مع ذلك، عن جهود تعميم الإنجليزيَّة مختلف، فعليَّاً، على أرض الواقع؛ ويدلل على ذلك بأنه، وهو يغادر المدرسة، مرَّ بفتيات يرددن أغنية، أثناء لعبهنَّ في الباحة، ولما سأل مرافقه جوما عن لغة تلك الأغنية أجابه الأخير بشيء من التَّردُّد: "نعم، كما ترى .. إنهنَّ ينشدن بالعربيَّة!" (المصدر).
    هكذا تكذِّب معطيات الواقع ترويجات الآيديولوجيَّة! فالعربيَّة في جبال النوبا، كما في غيرها من المناطق، أوسع انتشاراً، وأعمق تأثيراً، من الدِّعاية الانفصاليَّة بالغاً ما بلغت من الكثافة والنشاط. وربَّما تكفي، على هذا الصعيد، ملاحظة المراسلين الأجانب أن الأوامر يجري تناقلها بين صفوف جيش الحركة باللغة .. العربيَّة! وأن عمال الإغاثة السُّودانيين الذين يديرون مشروعات للجمعيَّة الخيريَّة التَّابعة للكنيسة النرويجيَّة في كاودا يعقدون اجتماعاتهم المسائيَّة اليوميَّة بالإنجليزيَّة، بينما يتبادلون أحاديثهم خارج الاجتماعات .. بالعربيَّة! واعترف أحد ضبَّاط جيش الحركة بأنه يتحدَّث العربيَّة بطلاقة أكثر حتَّى من لغته الأصليَّة، وإن كان ذلك، كما قال، يشعره بالخزي (المصدر).

    (4)
    يجدر بالحركة الشَّعبيَّة، من موقعها في ريادة حركة الهامش، أن تعيد النظر في سياستها اللغويَّة بوجه عام، وفي سياستها إزاء العربيَّة على نحو خاص، فهي تتنكب الجَّادة بشأنها مرَّتين: مرَّة حين تتعاطى معها كجزء من مكونات البنية الفوقيَّة superstructure، كالأعراف، والتَّقاليد، والمعتقدات، والأمزجة، فتستهدفها بالكراهة والرَّفض، بينما هي ليست كذلك، ومرَّة أخرى حين تسعى، حتَّى وفق الافتراض، جدلاً، بأنها كذلك، إلى محوها وهدمها بالقرارات، والتَّعليمات، والأوامر!
    العربيَّة هي اللغة الأفريقيَّة الوحيدة الأكثر تأهيلاً لأن تكون أداة تواصل بين مفردات أمَّة، كأمِّتنا، لم تعبُر طور التَّكوين، بعد، ولأن تضحى حامل ثقافة المشروع الدِّيموقراطي للوحدة المتنوِّعة في بلادنا، إذا تمَّ تخليصها مما شابها، تاريخيَّاً، وعلق بها، من عيوب الاستعلاء والتَّعصُّب البغيضين. وربَّما كان من دلائل تمام هذا التأهُّل أن العربيَّة ظلت تتفاعل، بتلقائيَّة وسلاسة، مع غيرها من اللغات الوطنيَّة في بلادنا، برغم أدواء السِّياسات الرَّسميَّة، فما انفكت تتشقق، شعبيَّاً، إلى لهجات عربيَّات كثر، كعربي أم درمان، وعربي جوبا، وغيرهما شرقاً وغرباً.
    ولعل المفارقة تبدو جليَّة، هنا، حين نذكر كيف أن مانفستو الحركة الأوَّل (1983م) حمَّل الاستعمار وحده وزر "التَّفريق" بين أبناء الوطن الواحد "ليسود"! والمقصود من ذلك، بالطبع، ما سمى بـ (السِّياسة الجَّنوبيَّة) التى استنَّتها الإدارة البريطانيَّة خلال الثلث الأوَّل من القرن العشرين، وأقامت هيكلها الأساسي على ترسانة من القوانين والإجراءات الرَّامية لاستبعاد المؤثِّرات الشَّماليَّة، وإعاقة التَّقارب بين شطري الوطن الواحد، آنذاك، كقانون الجَّوازات والتَّراخيص لسنة 1922م، وقانون المناطق المقفـولة لسنة 1929م، واللذين قُصد منهما أن يصبح الجَّنوب، فضلاً عن جبال النوبا الشَّرقيَّة والغربيَّة، أرضاً أجنبيَّة بالنِّسبة للسُّوداني الشَّمالي، وإلى ذلك قانون محاكم زعماء القبائل لسنة 1931م، وفرْض الإنجليزيَّة لغة رسميَّة للجَّنوب، وتحديد عطلة نهاية الأسبوع فيه بيوم الأحد، وتحريم ارتداء الأزياء الشَّماليَّة على أهله، وابتعاث طلابه لإكمال تعليمهم في يوغندا، وما إلى ذلك.
    على أن المفارقة ما تلبث أن تزداد جلاءً حين نذكر، أيضاً، أن الأمر لم يحتج، برغم كلِّ تلك السِّياسات وتطبيقاتها، طوال ما يقارب نصف القرن، إلى أكثر من إبداء حسن النيَّة، عن طريق الوعد بتلبية أشواق الجَّنوبيين للحكم الفيدرالي، كي يصوِّت نوَّابهم، في أوَّل برلمان، مع إعلان استقلال السُّودان .. الموحَّد!


    ------------------

    انظروا إلى "الحزب الحاكم" متورطاً ..

    بقلم: خالد التيجاني النور
    الخميس, 21 آذار/مارس 2013 12:01


    [email protected]

    لولا أنني أعرف الأستاذ فيصل محمد صالح زميلاً عزيزاً غاية في التهذيب وصحافياً مهنياً متميزاً وكاتباً رصيناً لما ترددت في وصف إيقاعه ب"المؤتمر الوطني" في "ورطة عظيمة" بأنها فعلة تنطوي على قدر غير قليل من"اللؤم السياسي", ف"المؤتمر الوطني" الذي تسميه الصحافة من باب التدليل والحذلقة أحياناً ب"الحزب الحاكم", وقع جراء ذلك في "شر أعماله" وفي مأزق لن يكون خروجه منه ممكناً أو سهلاً بغير كلفة عالية تفقده برجه "العاجي" أو "الصدقية" التي يغدقها على نفسه.
    والقصة أن فيصلاً, بحس صحافي عال, التقط خبراً مر به الجميع بلا اهتمام مع خطورة دلالته, وقد تكسرت النصال على النصال مع كثرة الأخبار المفجعة والموجعة في بلادنا حتى لم يعد يبالي بها الكثيرون. فقد تواترت أنباء صحافية أن "المؤتمر الوطني" يتباهى بأن الحزب الشيوعي الصيني تبرع له بأموال لبناء برج فاخر من الطوابق ذات العدد ليكون مقراً لرئاسته. وما كان في ذلك من غبار لو أن مديري "المؤتمر الوطني" اتسموا بقدر من التواضع وعدم مغالطة الواقع واعترفوا أن نظامهم مثل نظام حليفهم الصيني نظام حزب واحد يملك أن يفعل ما يشاء دون أن يتشدق بالديمقراطية وإن أقام مسرحاً لها, ويا دار ما دخلك شر.
    وبمناسبة العلاقة الاستراتيجية التي يقول المؤتمر الوطني "الإسلامي" إنها تربطه بالحزب الشيوعي الصيني (....) ضع ما يناسبك في الخانة الخالية, والتي لم نسمع بحمد الله فتوى ضدها مما يؤكد أنها حلال بلال, فإنني اقترح على الرفاق هنا من باب الترفيه أن يحولوا تنظيمهم إلى الحزب الشيوعي الصيني – فرع السودان عسى أن ينالهم رضا "المؤتمر الوطني" ويتركهم في حالهم او يجدوا لهم نصيباً من خيرات بكين, وربما يصبحوا شركاء في السلطة. بيد أن ما يحير المرء حقاً ولا يجد له تفسيراً لماذا يعشق حزبنا الحاكم الشيوعية الصينية ويعتبرها حليفاً استراتيجياً و"يكجن" الشيوعية السودانية ويعتبرها رجساً من عمل الشيطان.
    ما علينا نعود إلى موضوعنا ففي خطوة تدل على حسن إدراك وحس وطني عال وجه فيصل بلاغاً صحافياً مفتوحاً إلى مجلس الأحزاب ثم أتبعه بإجراء قانوني برفقة محامين في مواجهة "المؤتمر الوطني" الذي خرق القانون الذي يجرم تلقي الأحزاب السياسية أموالاً من جهات أجنبية. لأن في صنيعه الحسن هذا اختبار جدي للنظام السياسي, وللنظام العدلي وفق قواعد اللعبة التي وضعها "المؤتمر الوطني" نفسه لا بقواعد لعبة غيره, كما أن من شأن هذه الخطوة أن تكشف عيوبه على رؤوس الأشهاد إن تنكب طريق تطبيق القانون.
    ويحي فيصل بخطوته هذه سنة حسنة في السعي لتأسيس حكم القانون وشفافية الممارسة السياسية, وإن بدا الطريق طويلاً, إذ يخطئ المعارضون بانتهاج سياسة عدمية باعتزال هذا الدور المهم, وما من شئ أكثر راحة للطبقة الحاكمة من تركها تطلق وعوداً وشعارات ثم لا تجد من يختبر جديتها. صحيح قد لا يكون المناخ القانوني ملائماً تتوفر فيه شروط العدالة الواجبة, لكن الإصلاح والتغيير لا يأتي بالزهد والجلوس على الرصيف, بل بالخوض في وحل الواقع حتى ينبلج الصباح.
    ومأزق "المؤتمر الوطني" يأتي من إصراره على الزعم أن البلاد تعيش في بحبوحة نظام ديمقراطي كامل الدسم, وفي دولة يحكمها القانون, وأنه حزب ديمقراطي يحكم بأغلبية منتخبة شعبياً, ليس ذلك فحسب لا يفتأ قادته يتحدون معارضيهم بأن ينازلونهم في الانتخابات المقبلة, ومن يسمع مثل هذه التصريحات الولهى بالديمقراطية والاحتكام إلى الاختيار الشعبي يكاد يظن آثماً أن "المؤتمر الوطني" جاء إلى السلطة محمولاً على أعناق الجماهير متناسياً أنه ربيب نظام جاء إلى الحكم بإنقلاب عسكري, وأنه حزب تم تصنيعه لإكمال الديكور السياسي للطبقة الحاكمة حتى أن أغلب الإسلاميين الذي صنعوه يفضلون الجلوس على الرصيف ولعنه في الظلام بدلاً من الانخراط فيه ولذلك ظلت تسيطر عليه وتحتكره فئة قليلة على مدار أكثر من عشرين عاماً. والسؤال ما دام مديرو الحزب الحاكم مولعون إلى هذه الدرجة بالديمقراطية والانتخابات فلماذا لم ينتظروا صناديق الاقتراع في العام 1989؟.
    تصرف "المؤتمر الوطني" وهو يقبل الهدية الصينية دون أن يرف له جفن, بل ويتباهى بإعلان ذلك, في مخالفة واضحة لأحكام القانون التي تجرم حصول الأحزاب السياسية على هبات أجنبية, وهو قانون هندسه دهاقنة الحزب وليس غيرهم, تصرف ينم عن شئ واحد الفقدان الكامل للحس السياسي, وتدني الكفاءة والحنكة السياسية, وهو على أي حال يكشف العقلية الحقيقية التي يتعامل بها المؤتمر الوطني مع نفسه قبل غيره, فهو لا يرى نفسه حزباً سياسياً مسؤولاً وواعياً عليه أن يحسب تصرفاته بدقة وأن يتحرى احترام قواعد اللعبة التي صنعها بنفسه, بل يتعاطى السياسة بعقلية مصلحة حكومية ملحقة بالجهاز التنفيذي للحكومة وليس قائداً لها كما يفترض.
    ولذلك يتعامل مديرو "المؤتمر الوطني" مع حزبهم باعتباره جهازاً بيروقراطياً حكومياً لا يستطيع الفطام من ثدي الامتيازات والمساعدات الحكومية المفتوحة خزائنها أمامه بلا قيود, بدلاً من أن يستمد وجوده الحقيقي من قواعد شعبية فعلية تمده بأسباب الحياة وتضمن له الوجود خارج مظلة السلطة. وما يبدو من وجود قاعدي لا يعدو أن تكون تحالف مصالح معهود طالما خبره الناس في ظل الأنظمة الشمولية, وهي مصالح ليست بالضرورة كلها ذاتية, ولكن تقتضيها أيضاً تحقيق مصالح جماعات اجتماعية تتحالف عادة مع أي سلطة تملك الثروة لتحقيق مطالب ومكاسب معينة, وهي ولاءات متحولة لن تصمد بمجرد فقدان السلطة لأنها ستتحول إلى صاحب السلطة الجديد. ولذلك تتبخر مثل هذه الأحزاب الاصطناعية الشمولية بمجرد خسارة السلطة.
    والمازق الحقيقي أن مديري "المؤتمر الوطني" يتعاملون مع استحقاقات العمل السياسي ويتعاطون مع خصومهم باعتباره حزباً صنع على عين السلطة, وأنه وجد ليخلد في السلطة بأية وسيلة, ولا يتصور نفسه لأي سبب خارج أسوارها أو بعيداً عن ظلها, ولا يبدو مستعداً لأي خيار غير تصور نفسه جزءً من لعبتها, ومن أجل ذلك يبدو مستعداً للذهاب بعيداً ليضمن الخلود فيها, وما إبداء استعداده لمنازلة خصومه انتخابياً إلا لأنه يضمن أن تكتيكاته المعروفة ستحقق له هذا الهدف, وفكرة تداول الحكم أو خروجه من اليد لأي طرف آخر, والتحول للمعارضة يبقى مجرد حلم ليلة صيف. فالطبقة الحاكمة لم تقبل بتدوير السلطة وتبادلها سلمياً حتى داخل "المؤتمر الوطني" نفسه ولا حتى في "حركته الإسلامية" فكيف ينتظر أن تقبل للأخرين ما تحرمه حتى على مواليها.
    بتلك العقلية لا يرى "المؤتمر الوطني" نفسه ملزماً بقواعد اللعبة حتى على ضوء تلك القوانين التي وضعها بنفسها معطياً نفسه الحق تجاوزها متى ما شاء لأنه يعرف أنه ليس هناك من يستطيع محاسبته أو مساءلته على الخروج عليها, ولذلك يبقى الدستور والقانون مجرد كلمات منمقة وهبات تمنح أو تمنع حسب حسابات السلطة ومزاجها السياسي, وليست حقوقاً اصيلة بمقتضى العدالة والنزاهة, وهي طريقة تحاكي فعلة مشركي مكة الشهيرة الذين يقال أنهم كانوا يصنعون آلهتهم من العجوة فإذا جاعوا أكلوها.
    وليست تلك هي المكشلة فحسب فقادة الحكم يعطون أنفسهم الحق في محاكمة خصومهم على الهواء, يتهمونهم بتصريحات صحافية, ثم يحاكمونهم مباشرة, ثم يطلقون الأجهزة التنفيذية لتنفيذ أحكامهم, وأما من يفترض بهم إقامة العدالة وحراستها و فلا عزاء لهم إذ يبدو أنهم مشغولون جداً بمطاردة صغار اللصوص وبؤساء المجرمين. إذ طالما "شالت" الحكومة حال خصومها سواء كانوا سياسيين أو جميعات مجتمع مدني معترف بها رسمياً, أو صحافيين أو غيرهم تطاردهم بتهم تلقي أموال أجنبية, وتزيدها من تهم الخيانة والعمالة, والسؤال ما الذي يجعل ما يجرمه قانون الحكومة نفسها حرام على الجميع وحلال عليها؟!!
    كيف سيبرر "المؤتمر الوطني" فعلته بتلقي أموال أجنبية ويعلنها جهاراً نهاراً دون أدنى وازع بمخالفة القانون أو المسؤولية الأخلاقية, وهو الذي طفق يوزع شهادات الوطنية على البعض ويحجبها عن بعض مواطنيه لمجرد اختلافهم معه في الرأي, أهذه هي عدالة الشريعة في ظنهم التي طالما تغنوا بها شعارات وأزوروا عن استحقاقاتها , ألم يقرأوا مقومات ومقتضى العدالة التي أثبتها الحق عز وجل في كتابه العزيز "ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا, اعدلوا هو أقرب للتقوى", هل بعد هذا الهدي الواضح من سبيل لجرأة على الحق باسم رب العالمين.
    صحيح يستطيع "المؤتمر الوطني" ببعض الفهلوة, وكثير من قوة العين الخروج من هذه الورطة, أو ببعض الذكاء إن وجد من يحسن تدبر سبيل يجنبه هذا المازق اللزق الذي وجد نفسه فيه متلبساً لأن مديريه لا يحسنون التصرف خارج دائرة العقلية البيروقراطية, ويثبتون أكثر من ذلك انهم لا يأبهون بالقانون أو لا يلقون له بالاً, و"أن الأمر كله عندهم صابون", فالديمقراطية التي اكتشفوا محاسنها أخيراً وينادون الخصوم لمنازلتهم باسمها انتخابياً, هي مسألة أكثر من مجرد صناديق اقتراع, هي قبل ذلك سيادة حكم القانون, حقاً لا قولا, وتكافوء الفرص, والشفافية والنزاهة, وأن ينطلق الجميع للسباق من منصة واحدة, ولكن أن يقيد أرجل وايدي خصومه ويعصب عيونهم ثم يدعوهم للتسابق فذلك مما يثير السخرية.
    وفعائل "المؤتمر الوطني" المنكرة هذه لا يرميه بها خصومه ممن يستسهل قادته اتهامهم حتى بالخرج من الملة, بل يأتي من أقربين لا يستطيعون التشكيك في نياتهم تجاه الحكم أو ضمهم في زمرة الخوارج, وها هو الأستاذ الطيب مصطفى يكتب في عموده منتقداً تضييق الحكومة وحزبها الحريات على الأحزاب السياسية بما فيها للمفارقة حزبه الذي يعتبره كثيرون وجهاً آخر للمؤتمر الوطني, أو حتى الحزب الحقيقي الخفي لبعض كبار قادته.
    انتقد الطيب مصطفى بشدة نائب رئيس "المؤتمر الوطني" د. نافع ونعى عليه تخطي الحدود في معاركه التي لا تنتهي بانتقاده لقوى المعارضة المصرية التي نعتها بعدم الديمقراطية لمعارضتها لحكم مرسي في وجود رئيس حزب العدالة والحرية الحاكم بمصر الذي نأى بنفسه عن الخوض في ذلك, ######ر الطيب من الديمقراطية المزعومة في السودان قائلاً له بالحرف"لن تستطيع يا نافع أن تقنعنا نحن في الأحزاب السودانية أنك تتيح لنا ما يمكننا من مزاولة العمل السياسي الديمقراطي, وانك وحزبك وحكومتك ترموننا في اليم مكتوفين وتأمروننا ألا نبتل بالماء".
    وتساءل عن كيفية ممارسة العمل السلمي الديمقراطي, بما يقطع الطريق على الحركات المسلحة, والأحزاب ممنوعة من مخاطبة جماهيرها إلا من داخل دورها. بالطبع في الوقت الذي يسرح فيه المؤتمر الوطني ويمرح في طول البلاد وعرضها بإمكانيات الشعب التي تتحكم فيها الحكومة, وباحتكار وسائل الإعلام الحكومية كافة لأنشطة "المؤتمر الوطني". ووجه الطيب مصطفى سؤالاً حارقاً هل كان مديرو المؤتمر الوطني سيرضون لأنفسهم هذه الحالة من تكميم الأفواه والقدرات إن كانوا في المعارضة, وتساءل عبثاً عن موقع ما يحدث عن المشروع الحضاري, وعن عدالة الإسلام وشريعته؟.
    كل هذه اسئلة منطقية, ولكن المشكلة إلى من توجهها, فالطبقة الحاكمة تفترض أن المطلوب من معارضيها أن يسبحوا بحمدها وأن يمكونها من الخلود في السلطة, لا أن يعارضوها, لأنه تكرمت عليهم وسمحت لهم بقدر محدود من النشاط, يضيق ويتسع وفق حساباتها, لا بحكم الحرية المكفولة بالدستور, ولا بحق القانون المفترض تساوي الجميع أمامه, وتقتضي قواعد الشريعة الحق أن الجميع سواسية أمام القانون لا فرق بين رئيس ومرؤوس "ولو كانت فاطمة بنت محمد" دعك من هوى أدنى من مقامها بما لا يقاس. فالحرية حق كفله الحق عز وجل لعباده, "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً" والحق في الحرية الذي يعتقد هؤلاء أنها منحة يملكون أن يعطوها أو يمنعونها لا يمكن عدادها في باب الحرية أصلاً, وتفقد قيمتها ابتداءً عندما تصبح هبة.
    وما يثير الاستغراب حقاً ليست هذه التغول على مقاصد الإسلام وتجير شعاراته لصالح فئة لا ترى لوجودها في السلطة بديلاً, بل هذه القدرة العجيبة من الجرأة على رب العالمين, هؤلاء الذين ينصبون أنفسهم قضاة باسمه تعالى ليمنعوا على خلقه ما لم يمنعه عليهم. ويختصرون في نقائصهم الإنسانية كل قيم الدين حتى باتوا بفعائلهم هذه يصدون عن سبيل الله حقاً. لا نريد أن نفسد على قادة الحكم بهجة سلطتهم, بل لدينا رجاء واحد افعلوا ما يحلو لكم فقط رفقاً بالإسلام, ورحمة بعباد الله.
    يواجه قادة المؤتمر الوطني مأزق أخلاقياً قبل ان يكون دينياً, وزد عليه مأزقاً وطنياً فلو ان حال البلاد بعد ربع قرن من سيطرة الطبقة الحاكمة عليه كان مما يسر لقلنا لا تثريب عليهم و"مبروك عليهم" أما وان حال البلاد مائل إلى درجة لا تحتاج إلى مغالطة الواقع سياسياً واقتصادياً وعسكرياً ويواجه بوادر تحولات اجتماعية خطيرة, وتفككاً غير مسبوق بعد تقسيمه, وانفلات أمني توشك أن يفقد الدولة السودانية معنى وجودها, فذلك كله أدعى لأن يوقف مديرو "المؤتمر الوطني" الأسلوب البهلواني الذي يحاولون به معالجة أمور البلاد الخطيرة التي لا تحتمل الجدل البيزنطي, ومن المؤكد أن قادة "المؤتمر الوطني" يدركون في قرارة أنفسهم أكثر من أي طرف آخر الهاوية التي يقودون إليها البلاد.
    والحديث عن الانتخابات القادمة باعتبارها هي الحل, ترف في غير محله, فحال البلاد لن ينتظر انتخابات لا تتوفر لها أدنى الشروط الموضوعية لتستحق أن يراهن عليها باعتبارها مبادرة جدية. كما أن الأصرار على هذا السيناريو الانتحاري التمسك بالسلطة بأي ثمن ولو كان ذهاب ريح ما تبقى من الوطن لن يورثهم إلا خسارة في الدنيا قبل الآخرة, ومن العظات في التاريخ وفي الواقع المعاصر ما يغني, والشعوب أبقى من حكامها ولن تنتظر حتى تساق إلى هذا المصير البائس وهي تنظر يائسة.
    ولكن من يقنع مديرو "المؤتمر الوطني" أن الأمر لا يتعلق بصراع مستميت للتمسك بالسلطة مهما كان الثمن في مواجهة معارضين, بل يتعلق اساساً بمسؤولية تجاه مواطنيهم الذين لا ينبغي أن يدفعوا ثمن تنازع عبثي على السلطة بين المتناحرين عليها.

    عن صحيفة إيلاف السودانية
                  

العنوان الكاتب Date
اهم المقالات فى الشان السودانى ...سياسة ادب وثقافة ..ادخل الكيك01-20-13, 10:12 AM
  Re: اهم المقالات فى الشان السودانى ...سياسة ادب وثقافة ..ادخل الكيك01-20-13, 10:51 AM
    Re: اهم المقالات فى الشان السودانى ...سياسة ادب وثقافة ..ادخل الكيك01-21-13, 06:56 AM
      Re: اهم المقالات فى الشان السودانى ...سياسة ادب وثقافة ..ادخل الكيك01-22-13, 05:46 AM
        Re: اهم المقالات فى الشان السودانى ...سياسة ادب وثقافة ..ادخل الكيك01-22-13, 06:28 AM
          Re: اهم المقالات فى الشان السودانى ...سياسة ادب وثقافة ..ادخل جعفر محي الدين01-22-13, 06:56 AM
            Re: اهم المقالات فى الشان السودانى ...سياسة ادب وثقافة ..ادخل الكيك01-24-13, 07:59 PM
              Re: اهم المقالات فى الشان السودانى ...سياسة ادب وثقافة ..ادخل الكيك01-26-13, 09:52 PM
                Re: اهم المقالات فى الشان السودانى ...سياسة ادب وثقافة ..ادخل الكيك01-28-13, 08:54 PM
                  Re: اهم المقالات فى الشان السودانى ...سياسة ادب وثقافة ..ادخل الكيك01-31-13, 10:06 PM
                    Re: اهم المقالات فى الشان السودانى ...سياسة ادب وثقافة ..ادخل الكيك02-02-13, 12:29 PM
                      Re: اهم المقالات فى الشان السودانى ...سياسة ادب وثقافة ..ادخل الكيك02-03-13, 07:57 PM
                        Re: اهم المقالات فى الشان السودانى ...سياسة ادب وثقافة ..ادخل الكيك02-06-13, 08:55 PM
                          Re: اهم المقالات فى الشان السودانى ...سياسة ادب وثقافة ..ادخل الكيك02-06-13, 09:45 PM
                            Re: اهم المقالات فى الشان السودانى ...سياسة ادب وثقافة ..ادخل الكيك02-08-13, 12:40 PM
                              Re: اهم المقالات فى الشان السودانى ...سياسة ادب وثقافة ..ادخل الكيك02-08-13, 08:26 PM
                                Re: اهم المقالات فى الشان السودانى ...سياسة ادب وثقافة ..ادخل الكيك02-09-13, 09:28 AM
                                  Re: اهم المقالات فى الشان السودانى ...سياسة ادب وثقافة ..ادخل الكيك02-10-13, 09:02 PM
      Re: اهم المقالات فى الشان السودانى ...سياسة ادب وثقافة ..ادخل الكيك02-11-13, 08:36 AM
        Re: اهم المقالات فى الشان السودانى ...سياسة ادب وثقافة ..ادخل الكيك02-14-13, 04:38 PM
          Re: اهم المقالات فى الشان السودانى ...سياسة ادب وثقافة ..ادخل الكيك02-14-13, 10:10 PM
            Re: اهم المقالات فى الشان السودانى ...سياسة ادب وثقافة ..ادخل الكيك02-17-13, 05:01 AM
              Re: اهم المقالات فى الشان السودانى ...سياسة ادب وثقافة ..ادخل الكيك02-18-13, 10:18 AM
                Re: اهم المقالات فى الشان السودانى ...سياسة ادب وثقافة ..ادخل الكيك02-20-13, 08:11 AM
                  Re: اهم المقالات فى الشان السودانى ...سياسة ادب وثقافة ..ادخل الكيك02-20-13, 08:48 PM
                    Re: اهم المقالات فى الشان السودانى ...سياسة ادب وثقافة ..ادخل الكيك02-21-13, 08:27 PM
                      Re: اهم المقالات فى الشان السودانى ...سياسة ادب وثقافة ..ادخل الكيك02-23-13, 12:13 PM
                        Re: اهم المقالات فى الشان السودانى ...سياسة ادب وثقافة ..ادخل الكيك02-25-13, 07:26 PM
                          Re: اهم المقالات فى الشان السودانى ...سياسة ادب وثقافة ..ادخل الكيك02-26-13, 07:25 PM
                            Re: اهم المقالات فى الشان السودانى ...سياسة ادب وثقافة ..ادخل الكيك02-28-13, 11:16 AM
                              Re: اهم المقالات فى الشان السودانى ...سياسة ادب وثقافة ..ادخل الكيك03-01-13, 10:13 PM
                                Re: اهم المقالات فى الشان السودانى ...سياسة ادب وثقافة ..ادخل الكيك03-05-13, 09:36 AM
                              Re: اهم المقالات فى الشان السودانى ...سياسة ادب وثقافة ..ادخل الكيك03-06-13, 07:07 AM
                                Re: اهم المقالات فى الشان السودانى ...سياسة ادب وثقافة ..ادخل الكيك03-18-13, 05:35 AM
                                  Re: اهم المقالات فى الشان السودانى ...سياسة ادب وثقافة ..ادخل الكيك03-25-13, 09:16 AM
                                    Re: اهم المقالات فى الشان السودانى ...سياسة ادب وثقافة ..ادخل الكيك03-31-13, 11:20 AM
                                      Re: اهم المقالات فى الشان السودانى ...سياسة ادب وثقافة ..ادخل الكيك04-03-13, 06:24 AM
                                        Re: اهم المقالات فى الشان السودانى ...سياسة ادب وثقافة ..ادخل الكيك04-08-13, 06:36 AM
                                          Re: اهم المقالات فى الشان السودانى ...سياسة ادب وثقافة ..ادخل الكيك04-10-13, 08:58 AM
                                            Re: اهم المقالات فى الشان السودانى ...سياسة ادب وثقافة ..ادخل الكيك04-13-13, 10:11 AM
                                              Re: اهم المقالات فى الشان السودانى ...سياسة ادب وثقافة ..ادخل الكيك04-14-13, 04:56 AM
                                                Re: اهم المقالات فى الشان السودانى ...سياسة ادب وثقافة ..ادخل الكيك04-16-13, 05:09 AM
                                                  Re: اهم المقالات فى الشان السودانى ...سياسة ادب وثقافة ..ادخل الكيك04-22-13, 11:12 AM
                                                    Re: اهم المقالات فى الشان السودانى ...سياسة ادب وثقافة ..ادخل الكيك05-07-13, 09:19 AM
                              Re: اهم المقالات فى الشان السودانى ...سياسة ادب وثقافة ..ادخل عبدالله الشقليني05-07-13, 03:32 PM
                                Re: اهم المقالات فى الشان السودانى ...سياسة ادب وثقافة ..ادخل الكيك05-20-13, 05:41 AM
                                  Re: اهم المقالات فى الشان السودانى ...سياسة ادب وثقافة ..ادخل الكيك05-27-13, 07:39 AM
                                    Re: اهم المقالات فى الشان السودانى ...سياسة ادب وثقافة ..ادخل الكيك05-30-13, 11:00 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de