الأبيض عروس الرمال حينما تشع ذكراها // بقلم: طاهر محمد علي //

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-04-2024, 07:46 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-26-2015, 10:50 PM

مازن عادل النور
<aمازن عادل النور
تاريخ التسجيل: 07-07-2010
مجموع المشاركات: 712

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأبيض عروس الرمال حينما تشع ذكراها // بقل� (Re: مازن عادل النور)



    Quote:
    الأبيض عروس الرمال.. حينما تشّعُ ذكراها.. ((الحلقة الثامنة))
    إلى: العميري "المُغنيّ الكروان".. أديني من نورك وميض.. شان أنوّر وأبقى طولك
    =========================
    بقلم: طاهر محمد علي طاهر
    الغِنَاء والشَّعِر والموسيقي، ثلاثتهم ترياق منحه الله لمدينة الأبيض، وتسميتها بعروس الرمال ما هو إلاّ عنواناً للمحبة، والمعزة، وفخر الأجيال وانتمائهم لها.. إنها عروس الرمال.. وما عليك إلاّ أن تملأ الآفاق باسمها زهواً.. وترش عبيرك علي الوجود كما تشاء..
    عبر مشواري في مهنة "الورّاق" أو صاحبة الجلالة "الصحافة" كما يحلو تسميتها، كنتُ أكتب في تاريخ معين كل عام رسالة عبر زاويتي الصحفية "همس الغروب" والاسم مقتبس بالمناسبة من الهام الأبيض التي تغرب عندها الشمس، مثلما يفخر أهل كسلا بقولهم "من هنا تشرق الشمس" فنحن تغرب عندنا الشمس ليبدأ المساء بهمسه وأنسه وأسماره.. رسالة كل عام كنت أضعها في بريد أحد المبدعين الذين كانت الأبيض أرض ميلادهم، لكن قلقه الإبداعي لم يجعله يمكث فيها طويلاً لينطلق إلى أفاق رحبة، ليصول ويجول في ساحات الإبداع، بعد أن كتبت له عروس الرمال شهادة الميلاد والنشأة والدراسة، وفي خانة الصفة "مبدع" لا منافس.. إنه عبد العزيز عبد الرحمن العميري..
    تري من هم آل العميري؟؟ ومن أي بيت خرج ذلك الكروان المسمى عبد العزيز؟؟
    جذور أسره العميري تعود إلى جنوب مصر، المتاخم للشمال السوداني، وهم من جعافرة الصعيد حيث استقر بهم المقام في مدينة دنقلا، وانتقل عميد الأسرة عبد الرحمن العميري إلى حي أبوروف بأم درمان حيث تزوج بالسيدة فاطمه عبد الحميد أبو شنب، امرأة من نساء الزمان المـُخضرّ، ذات ملامح جميلة تعبّر عن أصالة المرأة السودانية بشلوخها المميزة، والحياء الفطري لأمهاتنا العظام.. واستقر بهما المقام في الأبيض حيث اشتغل عبد الرحمن العميري في مجال التجارة العمومية، وكان له دكاناً معروفاً في سوق الابيض جنوب الجامع العتيق، ورزق الحاج العميري بعدد من البنين والبنات، عاشوا في ثبات ونبات بحيّ الربع الثاني، وأنجب العميري شريف، وأحمد، وعبد العزيز، وصلاح، أما بناته فهنّ منيرة وسعدية ورقية وأسماء وست البنات..
    الأستاذ المربي شريف عبد الرحمن العميري تقاعد عن التدريس بعد أن عمل استاذاً في العديد من المدن والقرى، وكان استاذاً ايضاً بمدارس كمبوني بالأبيض، وهو شاعر معروف وله مؤلف في المكتبات، كما أنه قدّم برنامجاً راتباً بإذاعة شمال كردفان عن اللغة العربية، ولديه من الأبناء ياسر صاحب بقالة العميري بشارع سوار الذهب، وجلال المقيم بالولايات المتحدة الأمريكية منذ فترة طويلة وهو من دفعتنا حيث درس الأميرية المتوسطة ومن ثم خورطقت الثانوية، ويحفظ لعمه عبد العزيز العميري الكثير من المواقف والحكايات فقد كان لصيقاً به لفترة من فترات الزمان، ومن أبناء الاستاذ شيف ايضاً، عبد الحميد، وعمار، والتجاني، وهيبة، أما أحمد عبد الرحمن العميري فقد كان يعمل مع والده في دكانه بسوق الأبيض، ويعرفه الوسط الرياضي حيث يعتبر أحد أعمدة فريق التحرير الأبيض "عليه رحمة الله"، له من الأبناء عهد المذيعة بتلفزيون شمال كردفان سابقا، والموظفة بمفوضية الاستثمار، وهي الاخت الكبرى لأشقائها وهم رامي الموظف بمصرق المزارع التجاري، والراحل عبد الرحمن الطالب الجامعي "عوض الله شبابه بالجنة"، وهشام الذي درس القانون بجامعة القانون ويعمل بالمحاماة في مكتب الأستاذة أماني كرار .
    وللسيدة فاطمة أبوشنب زوجة عبد الرحمن العميري، شقيق اسمه عبد العال كان يسكن حي الوحدة بالأبيض جوار التمنة الغربية ومن ابنائه طه وأحمد وخالد وأسامة، وكان من تجار سوق أبو جهل "رحمه الله"..
    أما منيرة العميري فقد تزوجت بسعادة العقيد شرطة عبدالباقي أحمد البشير، وسعدية العميري تزوجت بالسيد علي حسين، ورقية تزوجت بالسيد الشيخ معوض من أهالي الكدرو بالخرطوم، وأسماء تزوجت بالسيد علاء الدين إمام مدثر الحجاز.. هذه هي اسرة العميري حيث لم يقف الابداع عند عبد العزيز وحده، فالأسرة فيها الشاعر والممثل والملحن والمغني..
    ولكن الكروان عبد العزيز العميري للذين لم يشاهدوه لم يكتب لهم أن يروا نموذجاً متفرداً لمعني الفنان الشامل، في رقته وسماحته وطيبة معشره، كان نسيجاً لوحده، وزهرة يانعة في بستان الفن، وطائراً غرّيداً يشجى المسامع، سحراً من الكلمات، والموسيقى، والألحان الموقعة كالهمس، والأمنيات العذبة، يمكنك أن تترك المساحات لأشخاص أخرين يحدثونك عنه، إذا تركت الأمر للأستاذ محمد عثمان الحلاج، أو تماضر شيخ الدين، أو ميرغني كرياكو، أو يحى فضل الله، ومحمد المجتبى موسي، وسيف الجامعة، كثيرون هم من يجدون سلوتهم في الحديث عن العميري، فقد كان اليافع اليانع النضير بالطيبة، والغرير بالموهبة، والرضيع بالنقاء..
    لا أدرى لماذا يذكرني الفتى في صباه وصبابته بالأديب على المك، هل لطبيعته الفطرية، أم لروحه الخفيفة التي ظلت بين الناس على سائر مقاماتهم.. لم يكن مثل كثير من خلق الله فقد تجده في سوق أم درمان مع (العربجية)، وفى شجرة (الزهاجة) علي تخوم الإذاعة السودانية قبل أن تُقتلع من جذورها، وفى المسرح يتحلق حوله الأصدقاء والأحباب ليحكي لهم يومياته، وقصصه، وشخوصه المليحة التي لا تنتهى مواقفها. أو على ضفة النهر الممتد أمام التلفزيون، فقد كان يعشق النيل ومياهه كعشقه لرمال كردفان، وكلاهما صنعا طينته الابداعية..
    يذكر الدكتور محمد علي بابكر الذي يجاور سكن العميري مع خاله في أب روف بعد أن ترك الأبيض وذهب لأم درمان للدراسة، حينها كان د. محمد علي يشاهد عميري وهو يتشكل في بساطة مع لوحة الحياة اليومية في الحي.. أحيانا يصادفه راكبا مع نساء جالسات في (ضهرية) بوكس ذاهب بحمولته إلي عزاء في الاتجاه الذي يقصده، وتارة جالس في حجر يصطاد السمك جوار مركب حسن خاله.. وأحيان أخرى (يدفر) مع آخرين عربة معطلة في شارع البحر وبعد النجاح في تحريكها يواصل معهم إلي الاذاعة ..ومعظم الأحيان تراه ماشيا وهو يغني رائعة الخليل: " ميل وعرّض .. كتّر أمراضي".. انتهي حديث د. محمد علي بابكر، ليعقبه حديث آخر نعضد به حديثنا عن اريحية عميري وبساطته إذ يحكي الفنان سيف الجامعة عن حكايته معه فيقول: ذات يوم وأنا غير موجود في البيت مرّ العميري ووجد باب بيتنا مفتوحاً، دخل لغاية المطبخ فوجد والدتي الحاجة نفيسة رحمها الله في المطبخ، قاليها ازيك يا حاجة بالله ممكن كبريتة عشان أولع السيجارة دي؟
    فانفجرت والدتي ضاحكة يا ولدي انت منو ؟؟
    قاليها: أنا صاحب سيف، وأجلسته وصنعت له كباية ليمون من النوع أبو سكر وليمون تقيل وتلج كتير. ولما رجعت إلى البيت وجدته يقطّع معاها سلطة الغداء ويتونسو ويضحكو..
    وعند وفاة العميري يقول سيف الجامعة: من هول الفاجعة بحثت عن دموعي فلم أجدها.. بحثت عن صرخة لم أجد صوتي، ودخلت غرفتي وأغلقتها عليّ، رحت أعبث في أوراقي، أبحث عن شيء يجعلني أبكي صورته، أحد أقلامه.. أي شيء، لم اجد سوى نص بخط يده بعنوان (يا نديدي).. قرأته وبكيت العميري في لحن يا نديدي، الذي خرج دفعة واحدة:
    يا نديدي.. يا زمان الأغنية الجاية.. وجديدي
    أي صوت راجيهو صوتك.. وأي شريان فيك وريدي
    الزمن قاسي الملامح وانت نوارة قصيدي
    ما اشتكيت لي وردة غيرك
    وما لمست سوى حريرك
    وكلما هاجت شواغل ما نشدت بدل مصيرك
    شوفي كيف الدنيا أخضر من زمان
    وعايني كيف الأفق اوسع من مكان
    هلّ فجرك يا مصابيح انطفي
    تاني وين ضيق المحل لو انت في.
    "انتهي حديث سيف الجامعة"..
    إنه العميري في بساطته.. مجنون بالفن، وعاشق للحياة.. أكتب في كل عام رسالة شوق مجددة في بريده تصادف الرابع من يوليو، ذكرى رحيله المـُرّ، ففي التاريخ نفسه من العام 1989م، رحل سرب النوارس الذى يقوده عميري ليغرد في البعيد.. بعيداً بعيداً..
    في كل عام أرسل رسالتي موسومة بالشوق، فالشعر يسأل عنه، والأعوام مرّت كلها، وفراقه تعدّى مساحات الصبر.. حتى ولو مضت الأيام دون ذكراه تراني ما قصدت نسيانه فهو يعلم أن الحزن يعصر مهجتي، وكم هي اللغة عصية أحياناً.. وهل أي لغة قابلة للحديث عن العميري وعالمه الممهور بالسحر، ورحيله الفجائي الذي سكن وجعاً في خاصرة محبيه !!.
    أكتب عنه ويحتويني شيءٌ يستمد القداسة من نار المجاذيب في ليل الصلوات، والأدعية المستجابة.. حروف تشعل جذوة الحس، ومكمن المخبوء فينا أزماناً..
    أكتب له وعنه حتي تتحقق الرغبة الشاعرية في الموت أو الحياة، فكلاهما كتاب للمسطور فينا.. وأبحث فيما أقوله وأعنيه، في ما ننسجه ونغنيه، لكن لا قدر غير أن نلتقى لنجمع الصبابات، والوجد المسافر في حدقي وحدقه، فنعمر به ليلاً طويلاً.
    يا الله يا عميري.. من نورك المتفلت من مدار القمر الساهر ليشعّ بالوضاءة والسنا، ويهبط كالوحي في دجي الليل الحلوك.
    كيف بالله أنعيك، وأنت تدرك أن المساحات البهية لا يملؤها غيرك.. وهآنذا أستأنس بأجمل أغنياتك في غربتي فهي واحدة من الأيقونات التي تطربني:
    "يا قمر.. أنا ما بطولك
    أديني من نورك وميض.. شان أنّور وأبقي طولك
    يا قمر ليلك غُنايا..وليلك أكتر من حكاية
    فرحة بتطوف المدينة ودعوة لي همس الصبايا
    لما تزعل يا قمر.. أبقي باسم حتى في زعلك معايا
    شان البلد.. كُلَّ البلد تفرح تقول القمـرّة جاية
    ناوية تحضر لمثولك.. أصلوا ما فيها البطولك..
    في كل المساءات الممتدة كحزني عليه أصغي لصداه يمر.. يرتحل بي طوّافاً إلي حيث (عروس الرمال) التي أشهد الله إنه لايزال موسوماً في جسد المدينة، كالمصابيح في جدرانها.. واللافتات المعلقة في كل محالها..
    أعبر في أمسياتي (خور القبّة) فأراه كالترياق يسري، وأعبر مكان سكناه بعد حين فأجد ناصر قاسم بريمة "الشاعر بن الشاعر" يصف لي منزله في الربع الثاني، بمجري خور ناس العميري، أو "الممشى العريض"، وهي الأغنية التي غناها مصطفي سيد أحمد للعميري: مكتوبة في الممشى العريض
    شيلة خطوتك .. لي البنيّة
    مكتوبة بى الخط العنيد ...
    في ذمّة الحاضر .. وصيّة
    شاهدة التواريخ ..
    والسّير والانتظار..
    إلى أن يقول:
    كانوا بتمنوكِ لو ..ترتاحي لحظة على الدرب
    حبوكِ حب.. قدر الحروف .. الحايمه في بطن الكتب..
    ولعل أول من غني من كلمات العميري الفنان حمد الريح من ديوان صدر له، وعمره لم يتجاوز الثامنة عشرة، وغناها حمد الريح موال يقول في كلماته:
    الليلة توبي وارجعي واتلاشى في ليل الضياع حزمات أسى
    واسقي البلاد الما غشاها غنا الدوالي ولا ضحك فيها المسا
    لو كان تفيد حزنك دموع كيفن عيونك تحبسا
    الليلة توبي وعيشي بي أمل السماح
    ما الغايب امكن ما نساك
    امكن مع الأيام هناك يا داب بلملم في الجراح
    امكن سنينو الباعا ليك لليلة ما لاقت صباح
    تلقيهو في دمعات مسافر ولاّ ببكي وسط رياح..
    أحرص دائماً أيام كنت عضواً ناشطاً في دار الكشافة بالأبيض علي زيارة فرقة فنون كردفان، وما من شيء يترآى لي، أو خيّال يعنّ إلاّ صورة العميري وكأنه يسعي ما بين (التبلدية) الجاثمة في الدار، وبين أوتار الكمنجات المشدودة كأنها إليه. وهناك صورة أخرى لاتزال راسخة في ذهني حول هذه (التبلدية) تتمثل في عمنا الشاعر الراحل قاسم عثمان بريمة عندما جئنا يومها لتكريمه قبل الرحيل، وعندما وصل موكب التكريم إلى فرقة فنون كردفان يتقدمه المحتفى به، ذهب يتوكأ علي عصاته نحو التبلدية وألصق رأسه بها وقبلها قبلات جعلت كل المشاركين يزرفون الدمع من تأثير هذه الصورة والوفاء النادر لعم قاسم وحبّه للتبلدي وأرض التبلدي..
    عروس الرمال كانت البدايات الحقيقة والمفتاح السحري لعبد العزيز العميري ليبدأ ممثلاً وشاعراً وملحناً ومغنياً وحكّاءً حاذقاً، التحق فيها بفرقة دامبير المسرحية التي تأسست في السبعينات علي يد أخوة افاضل نذكر منهم الأستاذ ميرغني بانقا شبور، الشهير بميرغني كرياكو، وسميت الفرقة على جبل دامبير الشهير بكردفان، ومن معاصري الفرقة الأستاذ محمد العاص، وكانت تحت اشراف مركز الشباب بالأبيض تحت قيادة الأستاذ العمدة الحاج أحمد عيسى، وعثمان محمد موسى الخير (رحمه الله)، وتتلمذ فيها نجوم المسرح من أبناء المدينة أمثال محمد المجتبى موسى، وفيصل أحمد سعد "كبسور"، ومحمد الحافظ أحمد فضل الله، وعبد الرحمن دقق، وصلاح محمد الحسن وغيرهم.. وقامت الفرقة بتقديم عدة مسرحيات على مسرح فرقة فنون كردفان، وفي ذلك الزمان البعيد كنّا نعلم بعروض المسرحيات من خلال عربة وعليها ميكرفون تطوف علي المدينة لتنبه المواطنين بموعد المسرحية ومكانها.. ومن أوائل المسرحيات التي قدمتها (مدير ليوم واحد)، تلتها مسرحية (السلطان الحائر)، (خطوبة سهير)، و (نافذة على الطريق) والأخيرة هذه كان للراحل العميري دور غنائي فيها وبعد تقديمها مباشرة التحق العميري بمعهد الموسيقى والمسرح بتوصية من الرائد زين العابدين محمد أحمد عبدالقادر "زينكوف" الذي كان وزيراً الشباب والرياضة في حكومة جعفر نميري وقتها.. لينتقل الى العاصمة وفي العاصمة أختار أم درمان الأقرب مزاجاً للأبيض، ليسكن مع خاله حسن عبد الحميد أبوشنب في أبوروف، وفي معهد الموسيقي كان ضمن الدفعة الدفعة السابعة (1975م ـ 1979م) وكان مشروع تخرجه مسرحية (شريط كراب الأخير) للكاتب المسرحي العالمي صموئيل بيكيت، ومن أبرز زملائه الشاعر خطاب حسن أحمد، والدرامي عبد الرحيم قرني، ومحمد بشير دفع الله، والشاعرة عفاف الصادق حمد النيل زوجة ابو عركي البخيت، ومنى عبد اللطيف التي تزوج بها في زيجة لم تمتد طويلاً..
    تجلي العميري بإبداعاته في المعهد، وأسس مع نجوم المعهد محطة التلفزيون الاهلية والتي تحول معظم أفرادها إلى فرقة الأصدقاء المسرحية.. ورغم علاقتي وصداقتي بمعظم أفراد فرقة الأصدقاء إلاّ أن النكران الذي بدا منهم تجاه العميري تقصير لم أسامحهم عليه، رغم معرفتي بمكانته في نفوسهم جميعاً، ولكن الموقف غريب رغم كل مرور كل تلك السنوات التي تجاوزت ربع قرن من الزمان.. ولم يتوقف العميري لحظة من لحظات عمره القصير في تقديم ابداعاته التي جعلت منه نجماً بازخاً، ويذكر له الناس المسلسل الكبير ذائع الصيت " وادى أم سدر" الذي كتبه الأستاذ محمد خوجلي مصطفى، وأخرجه "الشفيع ابراهيم الضو "، وكان العميري ضمن فريق من كبار الممثلين السودانيين أمثال فايزة عمسيب، وانور محمد عثمان، وعوض صديق، الريح عبد القادر، وتماضر شيخ الدين، مريم محمد الطيب، منى الطاهر، وبلقيس عوض، ويحي فضل الله، احمد البكري, وقدم العميري تمثيلاً وغناءً مذهلاً لايزال حاضراً في الأذهان..
    أهـ يا عميري.. طالت السنوات، وما بخلت عليك كلماتي، ولكن ما أنت من يقال فيه حديث عابر، أو كلمات تكتب لتنسى.. فأنت خُلقت لتبقي وشاحاً يزين هامة القرطاس بالشعر واللحن والنغم.
    خُلقت لتكون لحن للحياة، ولـ" بنوت الحلة العامرة عديله وزين" لكن أعذرني فما مع الحروف حيلة، فهل نرثيك جميعنا بعد كل هذه الأعوام ؟! وهل يحق لي أن أنساك، وأنا أكتب كلماتي للأبيض؟؟ وآ..خجلي من كلماتي.. فلايزال صديقك الحلاج (فيلسوف مدينتنا) ينتظر مجيئك في الليالي البكر، ليحكي لك عن قدر أطبق حتي العظم.. ينتظرك لتؤنس وحشته، وترافقه في دنيا (أغني أهلوها سادتها الفقراء).
    هل تصدق إنني لا زلت علي يقين بأنك موجود في داخل كل إنسان!! موجود في كل معني، في عشقنا.. وحبنا، في زحام الناس، وفي براحات البيوت، فأنت يا صديقي أهديت لنا معني الحبيبة، وفضحت بتلك المعاني زيف الحياة، ولخصتها في كلمة واحدة :" لو أعيش زولاً عندو قيمة.. أسعد الناس بوجودي"..
    ومن غريب أن العميري غنى أغنية " كان بدري عليك" للشاعر عبد الرحمن الريح، كأعذب الأصوات، بنبرة بين حزن المناحات والمراثي، وسجع الترنيم والترانيم:
    كان بدري عليك.. والوقت طويل
    والأُنس جميل في سكون الليل
    كل الأفلاك .. كانت يا ملاك.. تنظر لعلاك..
    مشتاقة إليك..
    يا حبيبي تعال.. أغريني دلال
    وأسحرني جمال..
    أنت الآمال.. في المضى والحال
    للعفة مثال.. وعلي الأجيال أنا بفخر بيك
    كان بدري عليك.. تودعني وانا مشتاق ليك..
    ولكنه كتب أغرب القصائد وكأنه يحس بدنو أجله وكان يمازح أصدقائه كثيراً بقوله "أنا حا أموت قبلكم"، والقصيدة تحكي سرها:
    اديني سمعك في الأخير
    أنا عمري ما فاضل كتير
    شالوهو مني الأمنيات
    الضايعة في الوهم الكبير
    و الدنيا ما تمت هناء
    لسه فاضل
    ناس تعاشر
    وناس تضوق طعم الهناء
    بكرة أجمل من ظروفنا
    و لسه جايات المني...
    في أخريات أيامه وتحديداً في رمضان 1989م قدّم العميري عصارة تجاربه عبر الإذاعة السودانية من خلال برنامج بعنوان " كلام في كلام" وهو مختارات شعرية لكبار شعراء العامية في السودان، ختمها بالحلقة الأخيرة من أشعاره، وبعدها سكت الصوت، والوتر، وأسلم الروح لباريها بمستشفى أم درمان.. رحمة الله عليه، فقد كان وردة فواحة من حدائق الأبيض الغناءة ومن مبدعي السودان الذين يندر ان يتكرروا في القريب.
    مع تحياتي.. وتتواصل ذكرياتنا.. "طاهر محمد علي"

























                  

العنوان الكاتب Date
الأبيض عروس الرمال حينما تشع ذكراها // بقلم: طاهر محمد علي // مازن عادل النور11-14-15, 11:15 AM
  Re: الأبيض عروس الرمال حينما تشع ذكراها // بقل� مازن عادل النور11-14-15, 11:30 AM
    Re: الأبيض عروس الرمال حينما تشع ذكراها // بقل� مازن عادل النور11-14-15, 11:36 AM
      Re: الأبيض عروس الرمال حينما تشع ذكراها // بقل� مازن عادل النور11-14-15, 11:39 AM
        Re: الأبيض عروس الرمال حينما تشع ذكراها // بقل� مازن عادل النور11-14-15, 11:51 AM
          Re: الأبيض عروس الرمال حينما تشع ذكراها // بقل� مازن عادل النور11-26-15, 10:30 PM
            Re: الأبيض عروس الرمال حينما تشع ذكراها // بقل� مازن عادل النور11-26-15, 10:35 PM
              Re: الأبيض عروس الرمال حينما تشع ذكراها // بقل� مازن عادل النور11-26-15, 10:50 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de