|
Re: سابرينا ... ( قصة حقيقية من واقع الغبينة ) (Re: ابو جهينة)
|
أقف خجِلة من هذه المشاعر الفياضة .. و لكن عفوية الجميع تجعلني أتقبَّل هذا الإحساس السخي بنوع من الرضا و الاستكانة .. جَدًّة ( سوسن ) تفرسَّتْ في وجهي طويلاً ثم قالت ( سبحان الله ) .. ثم أخذتْ تداعب مسبحتها و هي تتمتم بكلمات مبهمة ... بينما تقف غير بعيدة تسترق النظر نحوي بين الفينة و الأخرى. أحسستُ بنوع من الغضب .. فحمْلقتها نحوي جعلتْني أشعر بذلك الإحساس الذي كان ينتابني عندما كان يتحدث أخي عن أهل أبي .. و عن المعارك ... طوال ذلك اليوم كان أبي يشغل جُل تفكيري .. يومئذ سيطر خياله على تفكيري حتى غلبني النعاس .. رأيت حلماً جعلني أصحو فزِعة ( كانت أمي تناديني لأرى جثة والدي معلقة على شجرة الجميز الضخمة أمام منزلنا هناك .. كان ميتأً و يناديني بصوت مخنوق ...) . و العرق يتصبب غزيراً مني .. لم أحدث زوجة خالي عن سبب صرخة الفزع التي أطْلقتها جاحظة العينين .. أول شيء فعلْته صباح ذاك اليوم .. أن بحثتُ عن ( سوسن ) في مكان لقائنااليومي ... بحثتُ طويلاً و لكن لا أثر لها ... سألتُ عنها الجميع .. علمت سبب تغيبها بنهاية اليوم الدراسي .. فقد توفى شقيقها بالجنوب ... داس على لغمٍ مشكوك في أمر مَن زرعه هناك بين السابلة ... فكل فريق يتهم الآخر .. و كل مقتول يحْمِلُ أوزار غيره مِمن سبقوه في الموت .. و يدوس على زنادٍ ملتصق بسبابته إلتصاقاً و لا فكاك منه ... هرعْتُ إليها و حزن جارف يدفعني بأن أكون بجانبها ... أخذتني بين ذراعيها و راحت تبكي ... و جموع النساء تبكين .. تارة مع سوسن و تارة تنحني إحداهن و تعانقني نائحة ... فأستسلم و راحة مجهولة تندلق على روحي ... أحسسْتُ بأن العزاء يطال أخي و أبي .. كأن جثثهم ستخرج بين لحظة و أخرى مع جثة شقيق ( سوسن ) ليحملها الرجال إلى المثوى الأخير ... كأني بأمي تقف مع المعزيات بقامتها المديدة تبحث عني ... في اليوم الذي تلا آخر أيام العزاء .. .......... وقفتُ أمام لوحة إعلانات معلقة في إحدى أروقة الجامعة أقرأ النعي المكتوب عن شقيق ( سوسن ) ...كان أمراً عادياً أن نقرأ يومياً نعياً عن زملاء ذهبوا و لم يعودوا .. وجدت أسمه الثلاثي مكتوباً بخط كبير ... و بين قوسين كان هناك ذلك (اللقب) الذي يذيل إسمه .. لطمني اللقب على وجهي ..
|
|
|
|
|
|
|
|
|