|
جيدلكم ياشماليين- السودان أصفر اللون في عالم مُخضر
|
نظرة متحسرة:السودان أصفر اللون في عالم مُخضر
تميز السودان خلال فترة البترول بأنه كلما زادت معدلات النمو الاقتصادي تزايد معها معدل البطالة السافرة حتى وصل 20% والمنحنيين متناسبين عكسياً تماماً. (عكس ما هو متوقع)
وتميز معدل البطالة في نفس الفترة بمؤشر غريب جداً وهو أنه يتزايد كلما زاد المستوى التعليمي للشخص حيث لن يواجه الأمي أزمة عمل لكن تتضاعف عند الخريج الجامعي لتتجاوز 40%.
هذا المؤشر يا إخوتي من أخطر المؤشرات التي تدمر المجتمعات على مستوى العالم , إذ سيؤدي إلى إزدراء المجتمع لأهمية العلم ودوره في تحسين المستوى الإقتصادي للفرد والمجتمع, وسيكون التساؤل الرائج في أفواه الشباب :لماذا أتعلم؟ أنظر للمتعلمين وشهاداتهم المعلقة على الجُدر وبؤسهم المعلق على سحناتهم, أتريدني تعساً/تعسة إضافية؟ وعبّرت عنه عقد الجلاد بكلمات أغنية: "قالوا العلم ممحوق وكتر الفهم ما بيحوق وآخر الزمن يا ناس ودو الولد للسوق".
كما أود التنبيه لوجود إرتباطات إحصائية قوية correlations بين تعاطي المخدرات والمستوى التعليمي ويصل ذروته في الجامعات وقد أرجعت هذا الإرتباط لدرجة الاحباط التي انتابت الجامعي نتيجة تراكم عدد العاطلين الجامعيين , ففي حين لا يتعدى معدل متعاطي المخدرات في عامة السودان جزء من الألف يتصاعد بحدة ليصل إلى 20% إي واحد من بين كل خمسة طلاب جامعيين متعاطٍ للمخدرات وفقاً لإحصائية للجنة القومية لمكافحة المخدرات. كما توجد إرتباطات موثقة بين معدلات البطالة والجريمة .
كانت ثورة التعليم -مهندسها البروفسير ابراهيم احمد عمر وزير التعليم العالي الأسبق -التي انتهجتها الإنقاذ بالتوسع الأفقي غير المدروس هي أولى مسببات إرتفاع نسب البطالة -كان معدل البطالة في حدود 10% - لعدم وجود دراسات تقوم بملائمة مخرجات التعليم باحتياجات سوق العمل , كذلك إنهيار التعليم المهني قضى على شريحة مقدرة يحتاجها سوق العمل , بالإضافة إلى المآخذ الكثيرة على جودة التعليم العالي.
ترافقت ثورة التعليم العالي مع سياسة تحرير الإقتصاد التي كان مهندسها الأستاذ عبدالرحيم حمدي ولكنه للأسف لم يضع الإعتبار الكافي لمدى حدة التأثيرات السالبة للبطالة على المجتمع السوداني وكان رده أن البطالة موجودة في كل الدول "ألمانيا فيها بطالة" وهو أمر صحيح لكن تأثيراتها قليلة لوجود مرتبات للعاطلين عن العمل ورعاية إجتماعية وصحية وغيرها , كما أن فترتها لا تطول , خلاف السودان كان لها تأثير حاد على النسيج الإجتماعي.
إنهيار القطاعات الإقتصادية المحركة للقوى العاملة مثل القطاعين الزراعي والصناعي كان لها أبرز الأثر في زيادة معدلات البطالة.
استبعدت أن سبب البطالة ذاتي ناتج عن عدم الرغبة في العمل (عواطلية) إستناداً على مؤشر زيادة نسبة الخريجين الذين يعملون في الأعمال الهامشية, فمن يرضى بالاعمال الهامشية مؤكد أكثر رغبة في العمل ضمن مجاله المعرفي.
من البديهي أن هناك تأثير للعمالة الأجنبية على معدلات البطالة لكن لا توجد (لم أتحصل على)إحصائيات تحدد نسبة هذا التأثير
لا يمكن بأي حال تجاهل ما يخلفه الفساد والمحسوبية في معدلات البطالة لكن يصعب الوقوف على مدى تأثيرها الفعلي لربما في أوقات أكثر رحابة وشفافية يمكن تحديد ذلك, لكن القاعدة عموماً عندما يتعلق الأمر بالفساد هي أن ما خفي كان أعظم.
لم تُجد المحاولات المبذولة من قبل الحكومة للحد من البطالة حظها من النجاح ولا أتوقع لها نجاحاً طالما كان التعليم العالي والعمل يعملان كجزر معزولة عن بعضهما البعض, فهي تقدم بعض النجاحات المؤقتة لكن العام التالي يحمل لها سيلاً أكبر من مخرجات التعليم غير المتلائمة مع سوق العمل , فيركد المتبقي من الأعوام السابقة بالإضافة إلى العام الحالي والذي يليه ليتضخم معدل البطالة في حلقة أو دوامة متواصلة
الخارطة المرفقة لمعدلات البطالة في العالم مدرجة بدرجات اللون الأخضر ونلاحظ أن العالم منهمك في العمل فين حين أن السودان شحب لونه وأصفر من البطالة, والدول باللون الرمادي لا يتوفر لديها إحصاءات عن معدل البطالة وأغلبها في وسط افريقيا.
(عدل بواسطة أسامة العوض on 03-27-2013, 06:02 AM)
|
|
|
|
|
|