من تجربتي بسجن النساء بأمدرمان دكتورة آمال جبر الله سيد أحمد

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-22-2024, 06:32 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2013م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-09-2013, 06:49 PM

abdelrahim abayazid
<aabdelrahim abayazid
تاريخ التسجيل: 06-19-2003
مجموع المشاركات: 4521

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من تجربتي بسجن النساء بأمدرمان دكتورة آمال جبر الله سيد أحمد (Re: abdelrahim abayazid)

    عدد كبير من السجينات يعرفن بعضهن و أسرهن معرفة عميقة و لهن ذكريت كثيرة مشتركة و معرفة واسعة بالسجن و أقسامه و نزلائه و العاملات و العاملين فيه و ذلك بسبب طول مدة الحكم أو بسبب التردد على السجن خاصة وسط صانعات الخمور البلدية. حدثتنى الكثيرات منهن بأن السجن لا يعنى وقف الصنعة / أي صناعة الخمور و ذلك لأنه لا بديل آخر ، لاحظت أن هذه المجموعة من السجينات أغلبهن متوسطات العمر و يتحدثن بفخر عن أنفسهن و كونهن يعولن الأسر و عن تعليم بناتهن و أبنائهن و مساندة الآخرين و سترة الحال. و دارت بيننا حوارات عميقة و طرائف كثيرة. أذكر أنني عندما علمت بقرار فصلى من العمل للصالح العام شعرت بغضب شديد ، سألتني العديدات منهن عن مرتبي كطبيبة و كان 350 جنيه في الشهر و لم يصدقن ذلك بل كررن السؤال بأن هل ذلك مرتبي في اليوم الواحد ، و إقترحن علىَ ترك مهنة الطب لمهنة أخرى.
    في شهر رمضان حضرت مجموعة من الطالبات من الجامعة الإسلامية و وزعن كمية من المصاحف الفاخرة على السجينات إلا أنهن لم يسألن أنفسهن عن عدد السجينات الملمات بالقراءة و عدد الأميات منهن. طلبت منى مجموعة أن أقرأ عليهن القرآن بصوت عالى في نهاريات رمضان ، لاحظت أن بعضهن كن يمسكن المصاحف بصورة مقلوبة. الأغلبية منهن كانت لا ترى أي تناقض بين مهنة صناعة الحمور و الدين خاصة في رمضان فهن حريصات على الصلاة و الصيام أو (كلو واحد بدربو) كما كن يرددن.
    الكثيرات من السجينات و المتهمات لا يعرفن ماهية جرائمهن أو التهم الموجهة إليهن. بعضهن يعتبرن صناعة الخمور البلدية مهنة عادية كما هي في مجتمعاتهن الأصلية. أما أن تسجن المرأة لعدة أشهر بسبب عدم إستخراج البطاقة الشخصية فقد كان مصدر غضب و إحباط رهيب للكثيرات من اللاجئات خاصة الأريتريات و الأثيوبيات. و من جانب آخر فإن تهمة الشروع في الزنا يبدو أنها أستخدمت كمطية للإنتقام من الكثيرات ، لأنه ليس لها تعريف محدد و تخضع للتقدير الفردي و ربما سوء النية و الطوية بدليل الإختلاف الشاسع جداً في الأحداث و الوقائع و المواقع التي قبضت بها النساء المتهمات بالشروع في الزنا مما لا يمكن من وضعها في تهمة أو مصنفة قانونية واحدة.
    إلتقيت أيضاً بسجينات يعملن في مهنة بيع الجنس أي الدعارة ، أغلبهن في العشرينات و الثلاثينات من العمر. أثار دهشتى في البداية إعتراف الكثيرات منهن بممارسة هذه المهنة المهينة و التي تحطم حياة المرأة. كما أثار غضبى الظروف القاسية التي دفعت بالكثيرات منهن في هذا الطريق. و لكن أسوأ ما عايشت هو وجود قلة ضئيلة من السجينات اللائي حوكمن بإدارة بيوت للدعارة ، عايشت أساليبهن و إمكانياتهن في إصطياد ضحاياهن من داخل السجن. فأؤلاء النساء لهن وضع إقتصادي أفضل من بقية السجينات ، تدخل عليهن عمدان الطعام و اللابس و الصابون و غيره مما يشكل حلم للأخريات في هذه الظروف. كما تسهل مهمة هؤلاء الصيادات وسط بعض السجينات اللائي إنتهت مدة أحكامهن و لا يعرفن مكاناً يتجهن إليه بعد إطلاق سراحهن خاصة اللائي تعرضن للنبذ من قبل أسرهن. لاحظت أن فاطمة إحدى مديرات بيوت الدعارة كانت لها عيون تلتقط صيدها من على البعد و تركز عليهن قبل إطلاق سراحهن و ترتب امور إستقرارهن في منزلها إياه و هي داخل السجن ، و هكذا تستمر الدائرة الشريرة.
    أعتقد أن الزج بفتيات صغيرات في السن في مثل هذه الأوضاع جريمة في حد ذاته. إكرام طالبة يافعة حوكمت بالسجن بسبب تزوير الشهادة الثانوية. أخريات أتهمن بالسرقة من المنازل التي يعملن بها أو إستلام مال مسروق وغيره من هذه الأفعال الطائشة أكثر منها جرائم. تتعرض هؤلاء الفتيات للإستغلال من بعض السجينات و المتهمات الأكبر سناً و من العاملات و العاملين في بعض الأحيان. كما ان تعرضهن لمثل هذه الأوضاع يجعلهن عرضة لإكتساب سلوكيات و مهارات و تجارب ربما تضرهن طوال حياتهن ، و لكن قاضي الطوارئ لا يفكر فيما بعد قراره بالسجن أو في إيجاد وسائل أفضل للإصلاح.
    كانت علاقتي بكلتوم قريبة فهي تعانى من بعض الإضطرابات النفسية. لم تكن تتلقى أي علاج أو متابعة طبية. برفقتها طفل واحد داخل السجن ، تتداول الأخريات في رعايته. عندما تتدهور حالتها الصحية تصاب بنوبات من الهياج و الصراخ و الإساءة للآخرين و تعرضت بسبب ذلك للحبس الإنفرادي في الزنزانة الوحيدة في هذا القسم رغم أنها لم تكن على دراية بحالها أو حال طفلها.
    لقد عرفت مأساة الهجرة و اللجوء لأول مرة ، فالأريتريات و الإثيوبيات تعرضن داخل السجن للكثير من التمييز و الإستغلال و الإستعلاء حتى من قبل السجينات الأخريات و ذلك مرتبط بثقافة متكاملة خاصة في وسط و شمال السودان. منى شابة أريترية لطيفة و مطلعة كانت تحسب الأيام في إنتظار تاريخ إطلاق سراحها حتى تتمكن من السفر لمصر لدراسة الجامعة. و لكن في اليوم المحدد لم يعلن إسمها للخروج. حدثتنى بقلق عن أن إحدى المسئولات عطلت إستخراج البطاقة الشخصية لها لأنها تريدها أن تعمل معها (كخادمة) في منزلها. بالنسبة لمنى كان القرار صعب جداً لأنه يمكن إلقاء القبض عليها أمام بوابة السجن و إعادتها للسجن مرة أخرى لو خرجت بدون بطاقة. قضت منى إسبوعاً كاملاً بعد إنتهاء مدة حكمها و هي تبكى ليل نهار حتى تمت إجراءات إستخراج البطاقة و أطلق سراحهابعد أن قنعت السيدة المسئولة.
    الأيام في السجن تمر ببطء خاصة الليالي. بكاء الأطفال من السخانة و الجوع و الرقاد على الأرض ، الجميع أخلاقهم ضائقة من الإحباط و الإهانة و القلق على من تركن ورائهن. لكن وسط هذا كله كانت هناك الكثير من اللحظات الجميلة و المبهجة ، حينما تكتشف القدرات الكامنة لدى هؤلاء النسوة في مباصرة الدنيا ، وعندما يتبادلن الضحكات و القصص و النكات. أذكر أنه في بعض الليالي و خاصة القمرية منها ترتفع أصوات السجينات بالغناء ، دائماً تبدأ واحدة و تتبعها الأخريات ، أغانى من مناطق مختلفة و بلغات مختلفة. الكثيرات كن معجبات بالواثق صباح الخير الذي إغتاله نميري بتهمة السرقة ، و كن يرددن أغنية للواثق تقول في مطلعها (الواثق صغير في سنو و كل البنات حابنو). و أذكر أنه تم إعتقال مجموعة من النساء لعدة أسابيع خلال تلك الفترة ، لا أنكر أني فرحت بمقدمهن لأن فيه الكثير من التغيير بالنسبة لنا في ذلك الوقت. كانت من بين المعتقلات الأستاذة فاطمة الجنيد (تن تن) و التي كنت أعرفها منذ أيام الجامعة. كان لمشاركاتها الغنائية و الترفيهية الممتعة أثر كبير في تلطيف الجو كما ساعدت في خلق تقارب بين المعتقلات و السجينات ، كانت تغنى للفنانة عائشة الفلاتية و تقلدها حتى من ناحية الوقفة و لبس التوب و النضارة.
    قصدت بهذه الكتابة المساهمة في كشف الحجاب عن واقع النساء و أن أدعو لضرورة كتابة توثيق تجارب النساء في سجون السودان المختلفة و كشف هذه الأوضاع. ما ذكرته مجرد نقطة في محيط من تجارب النساء المختلفات في هذه السجون. أتمنى أن تهتم المنظمات النسائية و الحقوقية بهذه الفئات من النساء. و تنبع أهمية الإرتقاء بالنظام القانوني و العدلي في علاقته بالنساء و الثقافات المختلفة و تطوير مفاهيم العقاب و الإصلاح و المؤسسات المرتبطة بهما لتسهم في الإرتقاء بسلوك و قيم الإنسان بدلاً من المهانة و الغبن.
                  

العنوان الكاتب Date
من تجربتي بسجن النساء بأمدرمان دكتورة آمال جبر الله سيد أحمد abdelrahim abayazid03-09-13, 06:43 PM
  Re: من تجربتي بسجن النساء بأمدرمان دكتورة آمال جبر الله سيد أحمد abdelrahim abayazid03-09-13, 06:45 PM
    Re: من تجربتي بسجن النساء بأمدرمان دكتورة آمال جبر الله سيد أحمد abdelrahim abayazid03-09-13, 06:47 PM
      Re: من تجربتي بسجن النساء بأمدرمان دكتورة آمال جبر الله سيد أحمد abdelrahim abayazid03-09-13, 06:49 PM
        Re: من تجربتي بسجن النساء بأمدرمان دكتورة آمال جبر الله سيد أحمد صلاح عباس فقير03-09-13, 07:42 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de