المكتبة السودانية :..رواية الفحل....الحسن محمد سعيد

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-03-2024, 04:18 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2013م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-04-2013, 10:42 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36976

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المكتبة السودانية :..رواية الفحل....الحسن محمد سعيد (Re: adil amin)

    clip_image144.jpg Hosting at Sudaneseonline.com



    (7)

    وصلنا شقة العجوزة.. استقبلنا عم (دندراوي) البواب بكل ابتسامات الترحاب، وحديثه الذي يكاد يعانقك.. طلب منه الفحل أن يأخذ الأشياء التي جئنا بها معنا، خلال تجوالنا بعض الوقت في مناطق القاهرة ونحن في طريقنا ..
    حينما وصلنا الشقة، رأيت عجباً!!.. شقة في غاية النظافة والترتيب والانسجام.. الزهور المختلفة الأنواع والألوان، موضوعة بعناية في اركان الصالة والممر الذي يقود إلى غرف النوم.. عطرها يريح النفس.. لا أعرف من أين جاء عم دندراوي بتلك الزهريات التي تجّمل المنظر؟!..

    شعرت بالزهو!!... فالزهو مرتع الشيطان وزاد من يقبل على الدنيا.. سألت نفسي: هل هذه فعلاًَ شقتنا التي استأجرناها، وخرجنا منها قبل بضع ساعات؟!.. تعجبت داخلي من هذا الجني الذي يدعى الفحل!!... قدراته خرافية في أن يتعرف إلى الناس بسرعة مذهلة.. يزيل الحواجز بأسلوبه الودود، الذي لا يخلو من بهلوانية!! خلالها يعرف الاسم.. وينشئ العلاقة التي يرغب فيها هو!! كيف استطاع أن يجذب إليه البواب، يعرف اسمه، ويأمنه على أشيائنا، ويترك مفتاح الشقة ينظفها، وينسقها، كأنما يعرفه سنوات؟! أين أدار الحديث معه حول كل ذلك؟! وأين كنت أنا؟! أهي لحظة استحمامي؟! كانت فترة قصيرة، لا تغطي مساحة زمنها، كل ذلك الحوار الذي يقود إلى هذا الترتيب والتغيير الذي أرى!!
    تذكرت ذات أسلوبه مع المضيفة إلسا في الطائرة.. أزال الحواجز وعرف الاسم وأدار الحوار وأخذ ميعاداً.. إنسان يستطيع أن يتعايش مع الكل.. جاءت إلسا طوعه.. وكذلك فعل البواب.. ترك العمارة ونزلاءها وركز على خدمتنا.. واضح أنه حريص على إرضائنا بأي شكل..
    علق معاوية على جمال الشقة ورفاهيتها.. شاركته إلسا الرأي، وكذلك ألمظ.. جاءنا الإطراء الباذخ.. حياة الترف تأتي بشياطين الإنس والجن!! وشياطين الفحل تنتظرنا في شوق. قال معاوية مذهولاً:
    - إيه ده؟ إنتو أولاد بشوات؟! رحم الله داخليات الجامعة!!
    ضحكت عالياً.. قلتُ هازئاً:
    - هذه تجارة الفحل!! إنه يتاجر بين الخرطوم والقاهرة!!
    اندهش معاوية لقولي.. أخذ ينظر إلى الفحل كأنما يستنكر حديثي.. سأله:
    - من أين لك؟
    سارعت بالكلام:
    - أصبح تاجر شنطة مثل جارتنا الحاجة (كتيرة) عندما تذهب كل سنة للحج!!
    وانفجرتُ ضاحكاً!! ضحك معاوية وهو يسأل الفحل:
    - إيه حكايتك؟!
    الفحل لا يمهه مثل كلامي ولا هجومي.. إن أراد أن يصبح بارداً، كان له ما يريد..لم أر شخصاً يسيطر على انفعالاته مثله!! وجّه حديثه لمعاوية، كأني لا أعنيه في شيء:
    - دعك من هذا الفاسق.. الفرق بيني وبينه أنني أُعمل عقلي، أما هو، فهذا الجزء من الجسم معطل تماماً.. كل ما هناك اشتريتُ بعض الأشياء من السودان، التي أعرف قيمتها في مصر.. وبعتها وجاءت لنا بمال وفير، وسيتمتع هذا الجاهل به.. وبدل ما يشكرني يهزئني!!
    قال معاوية ضاحكاً:
    - والله أنت من زمان عقلك أكبر من سنك..
    ثم سأله:
    - كيف عرفت هذه الطريقة؟!
    لم يتردد:
    - لي قريب يعشق مصر.. يسافر إليها كل عام.. هو الذي اشترى لي تلك الأشياء ووضعها في شنطة، وأخبرني أين أذهب بها.. هذ كل ما في الأمر.. وأنت تعرف أنني لا أريد أن أفارق هذا الحقير، ولذلك أخذته معي، ليجعلني في النهاية مثل جارته العطبراوية الحاجة كتيرة!!
    قال معاوية:
    - أعدتم لي ذكريات الجامعة وأيام الخرطوم ولياليها الجميلة.. أين لي كل تلك البهجة؟! لكني مضطر مع الأسف لأغادر بهجتكم الليلة.. وكما أخبرتكم لدي مهام كثيرة عليّ السهر عليها لإنجازها..
    لم نجادله، لأننا عرفنا أنه مزدحم بأعمال تنتظره، على أمل أن نلتقي مرة أخرى قبل أن يعود إلى المملكة المتحدة.. خطا نحو إلسا وألمظ وبلباقته المعهودة، ورقيق أدب الإنجليز الذي تشَرّبه، أطرى جمالهما، برفيع الإطراء وأعذبه، ثم قبل كلاً منهما في خدها وودعهما على أمل اللقاء..
    التفت إليّ مازحاً:
    - أحسدكم على هذه الليلة، الله يرحم أيام (أبو صليب)!!
    ثم إلى الفحل، وكأنما عمره رجع به إلى أيام الثانوي، فداعبه:
    - سنلتقي غداً يا حجة (Too Much)
    وكان وداعاً ضاحكاً، عذب اللحظات.. وخرج على أمل اللقاء.. فأخذت ألمظ تتحدث عن لطفه ورقته وأدبه..
    في هذه الأثناء كان عم دندراوي قد جاء بكل ما لذ وطاب من مأكل ومشرب، لإعداد (قعدة) خرطومية في قلب القاهرة.. وقام بكل طيبة نفس بإتمام الترتيبات اللازمة.. فأشعرنا بأنه من أهل الخبرة والثقة في هذا الميدان، الذي هو مقصد أغلب السياح من أمثالنا..
    ما أذهلنا، هو المسجل (الميكرو) الذي جاءت به إلسا في حقيبة يدرها، ومعه أشرطة لفنانين سودانيين.. أدهشتنا حقيقة ميول هذه الحسناء الأمهرية.. وعند السؤال، قالت بأنها تعشق الغناء السوداني، وإن كانت لا تفهم من لغته شيئاً.. لكن اللحن والموسيقى تميل إليهما لدرجة العشق.. ثم تمادت في حديثها فقالت بأنها تحب السودانيين ورقتهم، وأدبهم في التعامل..
    قطعاً مثل هذا القول يطربنا، فقد أصبحنا لا نملك غيره.. وأخاف أن يكون سبب محنتنا!!..
    كان عم دندراوي قد جهز الصالة بضوء حالم خافت.. وبعد أن جهز كل اللوازم، ودعنا بأدبه الجمّ، وبلهجته الحلوة، ثم خاطب الفحل بصوت خافت:
    - يا باشا، أنا أمشي، تحت الخدمة في أي وقت.. ناديني بالجهاز..
    أصبحنا الأربعة لوحدنا في هذه الشقة الباذخة في كل شيء.. ليلة لم أحلم بها في خيالي.. والفضل دون شك يرجع للفحل ورفقته الممتعة..
    قالت إلسا إنها تميل لإثنين من الفنانين السودانيين: عبدالعزيز محمد داؤد وعثمان حسين.. ومن الطريف أن لديها مجموعة من أغانيهما.. قالت كناقد فني مُتبحّر:
    - عبدالعزيز داؤد يملك صوتاً قوياً، ومَلَكة تطريب بالتلاعب بهذا الصوت.. لا أفهم الكلمات، لكن الصوت يشجيني... أما عثمان حسين فإن موسيقاه الرائعة في حالة تنافس وتجاذب مع صوته الجميل!!..
    هذه الغادة ما زالت تدهشنا بين لحظة وأخرى.. تلك الواقعة لو لم أشهدها بعيني رأسي، لكذّبت ما أسمع.. جمال وثقافة، وحديث كالشهد...
    جاء جهاز التسجيل بأجمل ما في أعماقه.. تُزكيه حواء الإثيوبية بفتنتها الأخاذة، وهي تنداح مساحة متوهجة مع الطرب.. لعبت (الإستلا) بواحات الخدر في النفس، فأشرقت (المرتفعات) بأحلى ما يجود به الزمان..
    يا إلهي.. ما هذا الجسد الذي يكاد يتخلى عن جزئه الأعلى، من كثرة التدافع الحركي في الرقص.. يطفح الصدر كفيضان النيل المتدفق.. وهذا الكفل المتكوّر كقبة الشيخ في قريتنا، لا يملُّ التحدي من الشموخ والاعتداد.. لعله يستدعي مريديه، فيهرعوا إليه.. ومن منا لا يجنح للهرولة؟! ... إنني من المهرولين.. أين هو الصبر؟!..... يا مُغيث!!
    أخذتُ ألمظ جانباً، وقد ذابت فيَّ كلية.. شرعت أصابعي تجوس في ليل الشَعر الكثيف.. أصابع شقية تعرف أنها لن تضل.. تنزلق إلى العنق الأمهري الناعم، فأشعر بالذوبان يحتويني.. اختفى الحياء وترك الميدان لغيره.. أضحيتً أكثر جرأة ونهماً.. تبحث شفتاي عن شيء تعيه ولا تعيه.. مجهول لذيذ يقودني لياقوت النبع.. أصابعي اللعينة وصلت واحة الرمان.. لها ارتجافات واهتزازات، يغيب فيها ومعها الوقار.. يدي المتوسلة وصلت منطقة الرمال المتحركة.. توقفت حركتي، كأنما تسترد أنفاسها المقطوعة، وتأخذ شحنتها الدافعة.. تباطأتُ وأنا أمتص رحيق مُنايَ اللاهث، ثم يبدأ الرحيل المتمهل إلى ما هو اسفل.. واحات نديانه يكتنفها سحر غابات استوائية.. وفي لحظة غاب فيها كل شيء هطل غيث الهضبات.. وأمسى الجسدان كتلة واحدة.. وكان... وكان العناق حتى الصباح.. ما يكتمل إلا ليبدأ من جديد!!
    لم أنم!!.. أخذت أعيد حلمي اليقظان في اجترار متكرر.. كأنني لم أعرف النساء من قبل.. وكازينو النيل الأرزق يشهد أني لكاذب!!
    خرجت إلى الصالة، وحالات من الراحة والرضا تملؤني.. تركت ألمظ نائمة.. وقبل أن أغادر، وقفت لبرهة طويلة أتمعن في حقل الحنطة الذي تجولت في هضابه وسهوله.. تساءلت كمن يُكذّبُ نفسه: أَكُلُّ هذا البهاء كان تحت سطوتي؟! عجيبة أنت أيتها الأقدار!!..
    تذكرت النائب العام في الخرطوم، ذلك البائس المغلوب على أمره، لوعرف بالنعمة التي أنا فيها، لحقد عليَّ وهو تحت مذلة الرئيس، ولطلب منه الإذن بمنحه صلاحياته ليفصلني إيجازياً حقداً ونقمة..
    في الساعة الثانية عشرة ظهراً جاء الفحل من غرفته.. اتجه صوبي.. ابتسامة هانئة تعلو قسماته.. جلس إلى جواري على طرف الكنبة.. حالهُ يقول: أن لديه الكثير من الحديث في أعماقه، يريد أن يفرشه أمامي.. أحسست بذلك من تنهيدته الريانة.. أعرفه جيداً عندما يريد أن يثرثر، وحينما يرغب في الصمت أيضاً.. حالنا مُترع بالأحداث والتفاصيل!!.. تثاقلت!! رغم أني أكثر منه توقاً لبثّ أحداث الليل وهمساته.. لم يمهلني استمتع بتثاقلي.. علق ساخراً:
    - مبروك يا عريس.. بيت مال وعيال!!
    فتح أنبوب مُتعي المرتوية!! أصبحت كماء الخزان المفتوح!! لم أُخفِ عنه شيئاً.. نقلت ما حدث كأنما أعيشه من جديد.. لم أقرأ مجلد ألف ليلة وليلة، ولكني لا أظن أنه كان أكثر سحراً من ليلتي الفريدة..
    واضح أن قولي أمتعه.. استرخى وتمدد في جلسته.. أسند ظهره إلى قائم الكنبة، بعد أن كان يجلس على طرفها متقوساً على ركبتيه.. جاء بثُّه طوفاناً:
    - لقد عرفت النساء في السودان شرقه وغربه، شماله وجنوبه.. وعرفتهن في القاهرة ولندن ولوساكا.. وفي الخرطوم عرفت الإغريقيات والأرمن والهنود.. ولكن يا صديقي أحلف لك صادقاً، لم أرَ مثل هذه الأمهرية التي فاقت نساء الأف ليلة وليلة التي سحرتني يوماً.. كان الليل سجالاً بيننا في سحر لا ينضب حتى خيوط الفجر الأولى.. أشعرتني أن الجنس ثقافة.. كنت أمام محاضرات، فيها شتى أنواع الفنون والإبداع.. باقات من التنوع الذي يجافي الملل.. كانت غجرية على الفطرة، ثم نمرة فتية الشبق، فدوحةً تجمعت فيها كل النساء..
    إنه سيد الحديث.. طفقت أستمع إليه، وهو يضاعف شعور الرضا الذي يحتويني.. هو أكثر حصافة وبياناً مني.. إنه حكاء مبدع.. لاتمله، وبالذات في لحظات المغامرة والجنون.. تركت له الحديث.. لم أقاطعه، فقال:
    - أذكر، وانا طالب صغير في المدرسة الوسطى، قرأت في مجلة الكواكب، عدد قديم وممزق، من ضمن مجلات قديمة، كنت أحرص على شرائها، كلما وفرتُ خمسة قروش، شلن..كنت أشتري تلك المجلات القديمة من عم سعد اليماني، صاحب البقالة الشهيرة عند زنكي الجزارة.. في تلك المجلة، قرأت حديثاً لممثل إيطالي، ذكر فيه مقولة لرحالة عربي (أظنه ابن بطوطة، إن لم تخني الذاكرة) جاء فيها: أن النساء في نظره ثلاث: فارسية، فرعونية، حبشية.. فالفارسية شحيحة في المائدة كريمة في السرير.. والفرعونية كريمة في المائدة شحيحة في السرير.. أما الحبشية فهي كريمة الإثنين.. والآن ثبتت لي مقولة ابن بطوطة، على الأقل في الجانب المتعلق بالمرأة الحبشية.. تصور في لحظة ما، وأنا مع إلسا جاءتني تلك المقولة كالقذيفة، وهي تخرج من أعماق الذاكرة البعيدة!! وشرع هاتف في جوفي يردد: صدقت.. صدقت يا شيخ الترحال والأسفار!!
    قلتُ:
    - لكنك جربت الجزء المتعلق بالفراش، ولم تجرب بعد الجزء المتعلق بالمائدة!!..
    قال مازحاً:
    - ذلك الجانب أعرفه جيداً.. فقد شاهدت بأم عيني حبشية في (نمرة ثلاثة) في الخرطوم تطعم صديقها الذي هو ابن خالي في فمه.. ومائدتها زاخرة بالحَمَام والبيض والشيَّة والسلَّطات، إلى جانب الفول الذي كان يصر عليه.. بل أكَّلتني أنا أيضاً إكراماً لصديقها.. ثم إن الذي عايشته بالأمس لا يصدر عن سيدة بخيلة على الإطلاق..
    ضحكت من قوله.. سألته:
    - يا ترى أين السودانية من هذه النوعيات النسوية؟
    تعالت صيحات قهقهته ومن بينها أجاب:
    - إنت عارف وانا عارف!! (خلينا بس)!! ألا تتذكر (الشايقية) قريبتك التي بطحت زوجها يوم الدُّخلة وركبت على ظهره حتى الصباح، لأنه أخطأ وادعى القوة ؟!

    من المؤكد ضحكاتنا العالية تزعج مدينة.. أدركنا ذلك عندما خرجت إلسا من الغرفة.. وبعد قليل تبعتها ألمظ من الغرفة التي كنا نشغلها.. اعتذرنا.. علقت إلسا:
    - نضحك سوياً!!
    همس لي الفحل بالعربي:
    - كان المفروض أن يكون الفطور جاهزاً!! أخطأنا.. نحتاج شغالة!!
    قمت من مكاني بهمة وأعلنت:
    - سأعمل لكم بناً حبشياً!!
    لحقت بي ألمظ، وتعلقت بظهري وهي تضحك:
    - أنا سأجهز الفطور!!
    ذهبنا إلى المطبخ، وأنا أحملها على ظهري، نتهادى في الصالة الكبيرة إلى المطبخ الذي كان في أول الممر.. سحبتها من ظهري لتكون في مواجهتي.. احتضنتها وقبلتها.. تذكرت أن وجودهما معنا محدود.. توترت أعماقي.. سألتها بانزعاج:
    - متى ستغادران؟!
    شعرت بقلقي من لهجتي المتوترة.. واضح أن انزعاجي أسعدها.. ردت مبتسمة:
    - غداً مساءً..
    قلتُ بالعربي دون شعور مني:
    - الحمدلله!!
    ضحكت كثيراً.. ورددت العبارة بلسانها العجمي، حيث قلبت الحاء هاءً.. ربما سمعت هذه العبارة من قبل.. فكما عرفت هي كثيرة السفر للخرطوم والقاهرة..
    قلتُ فرحاً:
    - ستكونان معنا اليوم وطول نهار غدٍ.. لن تذهبا للفندق إلا قبل ساعة من موعد التحرك للمطار..
    قالت في سخاء وكرم:
    - كما تريد!!
    اكتشفت أن الثلاجة عامرة بأشياء كثيرة.. الفحل لا ينسى شيئاً.. هذه الأمور لا تخطر لي على بال.. لكن الفحل يدير مؤسسة!! واضح أنه كلف عم دندراوي، يُعمِّر الثلاجة بهذه المواد.. أما ما جئنا به أمس فقد أتينا عليه في ليلته..
    جئنا بالساندوتشات والقهوة.. رائحة البن تنعش العليل.. ظهرت علامات الارتياح على قسمات الفحل.. إنه يحب النظام، والإعداد المكتمل..
    أخذت إلسا مع ألمظ في توزيع الساندوتشات والقهوة.. وبعد أن جلستا قالت لألمظ:
    - أخذت تلفون الشقة، وتلفون الفحل في الخرطوم..
    التفتُ إلى الفحل وسألته عن الموضوع.. عرفت منه أنه اتفق مع إلسا أن تأتي مع ألمظ إلينا في الخرطوم.. وحتى هنا في القاهرة خلال إجازتنا هذه متى سمحت ظروف عملهما، مثل هذه الرحلة.. شعرت بأنها بادرة طيبة لعلاقة ستطول.. رحبت بحماس.. وهل نطول؟!
    بعد فترة جاء عم دندراوي.. دعاه الفحل للحضور.. طلب منه أن يبحث لنا عن شغالة، لأن فترتنا ستمتد لشهر او يزيد.. ونحتاج لمن يخدمنا.. رحب عم دندراوي، ولكنه قدم اقتراحاً أن تقوم زوجته بأعمال التنظيف والطبخ وترتيب الشقة، وهو سيقوم ببقية الأعمال الأخرى.. قَبِلَ الفحل، وبالضرورة أنا من بعده.. لقد أصبحت علاقتنا مع عم دندراوي علاقة تجاوزت حدود العمل.. أصبح صديقاً حلو الحديث والتعليق..
    * * *
    جاء معاوية في الساعة الثالثة بعد الظهر بسيارة السفارة.. اقترح من فوره أن نذهب جميعاً لبورسعيد في رحلة قصيرة.. دعاه صديق مصري دبلوماسي في السفارة المصرية بلندن، من أهالي بورسعيد لزيارته وأهله، وقضاء بعض الوقت.. رحبنا جميعا بحماس.. وشعرت أنها فرصة لي لرؤية هذه المدينة الباسلة، التي ترتبط في ذاكرتي بالعدوان الثلاثي على مصر.. ومجد عبدالناصر حينما بدأ يسطع..
    كانت رحلة في غاية الإمتاع.. دون شك، أسعدتنا جميعاً، وبالذات فتاتَيّ (المرتفعات)... من يباشر مهنتهما يعشق المدن والتجوال فيها، والرغبة في الإلمام بكل شيء: الشجر والحجر والبحر والأرض والإنسان!!..
    عدنا من بورسعيد في ساعة متأخرة من الليل.. ودعنا معاوية.. داعب الفتاتين.. قدم لهما دعوته لزيارته في لندن.. قال:
    - السفارة السودانية بلندن في انتظاركما..
    بادرت إلسا.. جاء ردها كسيول الهضبة المتدفقة:
    - وعد علينا.. وسترانا!!..
    كانت ليلتنا الأخيرة معهما.. وكان ما كان!!.. وكان سحر تلك الليلة امتداداً لعلاقات أُخَر في منزل الأملاك ببحري.. وكان زماننا زماناً جوَّاداً كثير العطاء..
    -----------------------
                  

العنوان الكاتب Date
المكتبة السودانية :..رواية الفحل....الحسن محمد سعيد adil amin02-28-13, 09:07 AM
  Re: المكتبة السودانية :..رواية الفحل....الحسن محمد سعيد adil amin02-28-13, 09:10 AM
    Re: المكتبة السودانية :..رواية الفحل....الحسن محمد سعيد جورج بنيوتي02-28-13, 11:58 AM
      Re: المكتبة السودانية :..رواية الفحل....الحسن محمد سعيد adil amin03-02-13, 10:25 AM
        Re: المكتبة السودانية :..رواية الفحل....الحسن محمد سعيد adil amin03-02-13, 10:28 AM
          Re: المكتبة السودانية :..رواية الفحل....الحسن محمد سعيد adil amin03-02-13, 10:29 AM
            Re: المكتبة السودانية :..رواية الفحل....الحسن محمد سعيد adil amin03-02-13, 10:30 AM
              Re: المكتبة السودانية :..رواية الفحل....الحسن محمد سعيد adil amin03-03-13, 11:32 AM
                Re: المكتبة السودانية :..رواية الفحل....الحسن محمد سعيد adil amin03-03-13, 11:34 AM
                  Re: المكتبة السودانية :..رواية الفحل....الحسن محمد سعيد adil amin03-04-13, 10:42 AM
                    Re: المكتبة السودانية :..رواية الفحل....الحسن محمد سعيد adil amin03-04-13, 10:47 AM
                      Re: المكتبة السودانية :..رواية الفحل....الحسن محمد سعيد adil amin03-05-13, 10:25 AM
                        Re: المكتبة السودانية :..رواية الفحل....الحسن محمد سعيد adil amin03-05-13, 10:26 AM
                          Re: المكتبة السودانية :..رواية الفحل....الحسن محمد سعيد adil amin03-06-13, 11:23 AM
                            Re: المكتبة السودانية :..رواية الفحل....الحسن محمد سعيد adil amin03-06-13, 11:26 AM
                              Re: المكتبة السودانية :..رواية الفحل....الحسن محمد سعيد adil amin03-06-13, 11:28 AM
                                Re: المكتبة السودانية :..رواية الفحل....الحسن محمد سعيد adil amin03-06-13, 11:35 AM
                                  Re: المكتبة السودانية :..رواية الفحل....الحسن محمد سعيد adil amin03-07-13, 10:00 AM
                                    Re: المكتبة السودانية :..رواية الفحل....الحسن محمد سعيد adil amin03-07-13, 10:20 AM
                                      Re: المكتبة السودانية :..رواية الفحل....الحسن محمد سعيد adil amin03-07-13, 10:54 AM
                                        Re: المكتبة السودانية :..رواية الفحل....الحسن محمد سعيد adil amin03-08-13, 02:35 PM
                                          Re: المكتبة السودانية :..رواية الفحل....الحسن محمد سعيد adil amin03-09-13, 11:48 AM
                                            Re: المكتبة السودانية :..رواية الفحل....الحسن محمد سعيد adil amin03-10-13, 11:57 AM
                                              Re: المكتبة السودانية :..رواية الفحل....الحسن محمد سعيد adil amin03-28-13, 10:30 AM
                                                Re: المكتبة السودانية :..رواية الفحل....الحسن محمد سعيد adil amin03-31-13, 11:18 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de