عندما يتحدّث الكبار ... سميح القاسم فى وداع صديقه محمود درويش.. !

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-12-2024, 05:13 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2013م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-27-2013, 05:12 PM

هشام الطيب

تاريخ التسجيل: 06-06-2008
مجموع المشاركات: 1708

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عندما يتحدّث الكبار ... وداع سميح القاسم لصديقه درويش.. ! (Re: هشام الطيب)


    الرسائل بين محمود درويش وسميح القاسم
    عزيزي سميح
    .. وما قيمة أن يتبادل شاعران الرسائل؟ لقد اتفقنا علي هذه الفكرة المغرية منذ عامين في مدينة استوكهولم الباردة. وها أنذا أعترف بتقصيري لأنني محروم من متعة التخطيط لسبعة أيام قادمة فأنا مخطوف دائما إلي لا مكان آخر. ولكن تسلل الفكرة المشتركة إلي الكثيرين من الأصدقاء تحول إلي إلحاح لا يقاوم.
    كم تبهجني قراءة الرسائل...! وكم أمقت كتابتها لأني أخشي أن تشي ببوح حميم قد يخلق جوا فضائحياً لا ينقصني، حتي تحولت هذه الخشية إلي مصدر اتهامات لا تحصي ليس أفدحها التعالي كما هو رائج!.
    الآن أشمر عن عواطفي، وأبدأ. لا أعرف من أين أبدأ عملية النظر إلي مأساتنا المشتركة. ولكني سأبدأ لأنضبط ولأورطك في انضباط صارم. سيكون التردد أو التراجع قاسيا بعدما شهدنا القراء علينا، وبعدما هنأتك بعيد ميلادك الذي يواصل صناعة الفراغ بين العمر والصورة. كل عام وأنت في خير وشعر حتي نهايات النشيد.
    لن نخدع أحدا، وسنقلب التقاليد، فمن عادة الناشرين، أو الكتاب، أو الورثة أن يجمعوا الرسائل المكتوبة في كتاب. ولكننا هنا نصمم الكتاب و نضع له الرسائل. لعبتنا مكشوفة. سنعلق سيرتنا علي السطوح، أو نواري الخجل من كُتاب المذكرات بكتابتها في رسائل.
    انتبه جيدا، لن تستطيع قول ما لا يقال. فنحن مطالبان بالعبوس، مطالبان بالصدق والإخفاء ومراقبتهما في آن. مطالبان بأن لا نشوه صورة نمطية أعدتها لنا المخيلة العامة، مطالبان بإجراء تعديل ما علي طبيعة أدب الرسائل، أبرزه استبعاد وجوه الشهود وجمالية الضعف الإنساني، فكيف نحل هذه المعضلة التي يجمد بقاؤها الفارغ الطليَّ بين الرسالة والمقالة..؟
    سنحاول إفلات النص من ضفافه، إذ لعل أبرز خصائص الكتابة هي فن تحديد الضفاف الذي يسميه النقد بناء. فلنكسر البناء لتعثر لعبتنا الجديدة علي ساحتها المفتوحة.
    وأصل الحكاية - كما تذكر - هو رغبتنا الواضحة في أن نترك حولنا، وبعدنا، وفينا أثراً مشتركا وشهادة علي تجربة جيل تألب علي نور الأمل وعلي نار الحسرة وأن نقدم اعتذارا مدويا عن انقطاع أصاب ساعة في عمرنا الواحد، و أن نعيد ارتباطنا السابق إلينا و إلي وعي الناس ووجدانهم، لنواصل هذه الثنائية المتناغمة - ثنائيتنا - إلي آخر دقيقة في الزمن، بعدما تمردنا عليها في مطلع التكوُّن الجنيني تمردا كان ضرورياً لبلورة خصوصية لا بديل عنها في الشعر، ثم تجاوزت نزعتها الاستقلالية لتتحول إلي تناحر سفيه قد كان أحد مصادره إحساس الواحد منا بشكل مفاجيء، بقطيعة حوار توصل إلي يتم. لقد كان كل واحد منا شاهداً علي ولادة الآخر، فلنتابع هذه الشهادة.
    ولكن، ما قيمة أن يتبادل شاعران الرسائل...؟
    لسنا بشاعرين هنا. ولن نكون شاعرين إلا عندما يقتضي الأمر ذلك. هل هذا ممكن..؟ لا أعرف إن كنت سترضي بهذا التغييب الملازم لاستحضار إنسانيتنا المقهورة بعدوان الحب والقصيدة، منذ حول العربيُّ الجديد شاعره الجديد إلي موضوع. فماذا نريد أن نقول..؟ لقد فعل الشعر فينا ما تفعل الموسيقي بموضوعها، تتجاوزه للإفتتان بذاتها وأداتها. ولكن أين مكاننا..؟ وأين لحمنا ودمنا..؟ أين طفولتنا..؟ لقد تعبت من المهارة. ولكن أعجبتني حاسة المهارة المنتبهة إلي ذاتها في مجموعتك الشعرية الجديدة. ومع ذلك، إن أكثر ما يعنيني هو إنسانيتك. وهنا تحديداً: أبوك. لقد أعادتني مرثيتك إليه، إلي كرم الزيتون المعلق علي خاصرة السمو الراسخ، وإلي قدرتنا علي الدهشة وسط تبادل الروائح الصلبة في الطبيعة، وإلي الحدود الناتئة الفاصلة بين الفصول. مَنْ لا مكان له لا فصول له. ولكنني مازلت مفتوناً ومجنونا بخريفنا. وخريفنا ليس هو الشجر المدافع عن بذاءة الزهر، ولكنه الرائحة. فكيف ستنقل إليّ هذه الرائحة بالرسائل..؟
    خذني إلي هناك إذا كان لي متسع في السراب المتحجر، خذني إلي مضائق رائحة أشمها علي الشاشة وعلي الورق وعلي الهاتف. فإذا تعذر ذلك فليسمع منك كل الحصي والعشب والنوافذ المفتوحة اعتذاري الجارح.
    من حق الولد أن يلعب خارج ساحة الدار. من حقه أن يقيس المدي بفتحة ناي. من حقه أن يقع في بئر أو فوهة كبيرة في جزع شجرة خروب. من حقه أن يضل الطريق إلي البحر أو المدرسة. ولكن ليس من حق أحد حتي لو كان عدواً، أن يبقي الولد خارج الدار.
    لم نذهب إلي العمر في هذه الطريقة، بل ذهبنا إلي هذا الطريق. هل تذكر هتافك الساطع أبداً علي هذا الطريق ؟ أبداً.. وأن تعرِّج، أو عرج بنا علي منافٍ لم تخطر علي بال آلهة الشر الإغريقية. ولا أفعي جلجامش فعلت ما فعلت بنا بنت الجيران. هل تذكر الشارع الخارج من عكا إلي الشمال العربي، وسكة الحديد الموصولة إلي الجنوب العربي...؟ ولكن، أبداً.. أبداً علي هذا الطريق مهما اشتد مزاح الزمن، ومهما توسع حمار الخواجا بلعام..
    لستُ نادماً علي شيء، فمازلت قادرا علي الجنون وعلي الكتابة وعلي الحنين. ودون أن أتساءل: هل سبقت الفكرة أداتها ليتكاثر عليها هذا الحصار..؟ أصرخ في وجوه الذين يدفعون الفكرة إلي الضجر: إن روحي هناك. وأقول لك: إن أولئك المحتلين، الواقفين بيني وبينك، لا يستحقون أي مقارنة مع أي شر عربي.. عبيد الخرافات، طفيليات العجز المحيط، سلالة الانتقام، لا حق لهم في التصفيق لحماقة الآخرين التي تواصل إنتاجهم المؤقت. وماذا لو انتصروا في غياب..؟ هل يضمن فولازهم القوي النجاح الدائم لفكرة ميتة..؟ وهل تسوق الأداة الحق من الزائل..؟.
    لهذا السبب أحارب الالتباس الخبيث، ولا أمد حنيني علي جسر فردي. فكن أنت جسري الصلب، وقدم لجدل الداخل والخارج عافية التواصل. عوضني عن غيابٍ لأفرح: مادمت هناك أنا هناك. وافتح النافذة المطلة علي العكس. ما كان يطل علي الخارج، فينا، يستدير ليطل علي الداخل، هي الدائرة.. هي الدائرة.
    ويلحون عليَّ ليقتلوني: هل أنت نادمٌ علي سفر..؟ لم يذهب شيءٌ عبثاً، لم يذهب. وقد حاولنا أن نضخ الوعد بما أوتينا من لغة وحجارة ودم، ومازلنا نحاول البقاء والسير. لن ينكسر الصوت ما دام شعبي حيا.. حيا.. حيا، ومادام للأرض يوم هو هوية العمر. فلماذا يساق فردٌ واحد إلي سؤال: هل أنت نادمٌ علي سفر..؟ سُدي أحاول أن أرد السؤال إلي سياقه، فأهمس في آلة تسجيل صغيرة: إذا كان هذا يريحكم فأنا نادم علي سفر..؟
    المكان، المكان، أريد أي مكان في مكان المكان لأعود إلي ذاتي، لأضع الورق علي خشب أصلب، لأكتب رسالة أطول، لأعلق لوحة علي جدار لي، لأرتب ملابسي، لأعطيك عنواني، لأربي نبتة منزلية، لأزرع حوضا من النعناع، لأنتظر المطر الأول. كل شيء، خارج المكان، عابر وسريع الزوال حتي ولو كان جمهورية. ذلك.. ذلك هو ما يجعلني عاجزا عن الرحيل الحر.
    محمود درويش باريس 19/5/1986
                  

العنوان الكاتب Date
عندما يتحدّث الكبار ... سميح القاسم فى وداع صديقه محمود درويش.. ! امير بوب02-27-13, 03:07 PM
  Re: عندما يتحدّث الكبار ... وداع سميح القاسم لصديقه درويش.. ! امير بوب02-27-13, 03:20 PM
    Re: عندما يتحدّث الكبار ... وداع سميح القاسم لصديقه درويش.. ! هشام الطيب02-27-13, 03:23 PM
      Re: عندما يتحدّث الكبار ... وداع سميح القاسم لصديقه درويش.. ! امير بوب02-27-13, 03:28 PM
        Re: عندما يتحدّث الكبار ... وداع سميح القاسم لصديقه درويش.. ! Hatim Alhwary02-27-13, 03:33 PM
          Re: عندما يتحدّث الكبار ... وداع سميح القاسم لصديقه درويش.. ! امير بوب02-27-13, 03:48 PM
            Re: عندما يتحدّث الكبار ... وداع سميح القاسم لصديقه درويش.. ! امير بوب02-27-13, 03:52 PM
            Re: عندما يتحدّث الكبار ... وداع سميح القاسم لصديقه درويش.. ! امير بوب02-27-13, 03:56 PM
        Re: عندما يتحدّث الكبار ... وداع سميح القاسم لصديقه درويش.. ! هشام الطيب02-27-13, 05:06 PM
          Re: عندما يتحدّث الكبار ... وداع سميح القاسم لصديقه درويش.. ! هشام الطيب02-27-13, 05:12 PM
            Re: عندما يتحدّث الكبار ... وداع سميح القاسم لصديقه درويش.. ! امير بوب03-01-13, 12:06 PM
              Re: عندما يتحدّث الكبار ... وداع سميح القاسم لصديقه درويش.. ! امير بوب03-01-13, 12:15 PM
              Re: عندما يتحدّث الكبار ... وداع سميح القاسم لصديقه درويش.. ! امير بوب03-01-13, 12:25 PM
                Re: عندما يتحدّث الكبار ... وداع سميح القاسم لصديقه درويش.. ! وضاحة03-01-13, 12:47 PM
                  Re: عندما يتحدّث الكبار ... وداع سميح القاسم لصديقه درويش.. ! امير بوب03-01-13, 01:18 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de