فى شأن القضاء على حمادة بت ومن ماثله يا هيثم كابو

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-07-2024, 04:27 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2013م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-18-2013, 01:18 PM

هشام المجمر
<aهشام المجمر
تاريخ التسجيل: 12-04-2004
مجموع المشاركات: 9533

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فى شأن القضاء على حمادة بت ومن ماثله يا هيثم كابو (Re: Elawad Eltayeb)

    يا جماعة دقيقة بس

    انتو اكتشفتو البوست ده كيف... كان ماشى براحة براحة .. المهم بجيكم كلكم بعد ما اخلص

    كمان احسن انزل المقال كلو مرة واحدة للفائدة ولو عاوزين تقرو و تناقشو

    Quote: " كلام فى غنى البنات و المغنى وشرحو

    هذا المقال عبارة عن تداعى خواطر و افكار كانت تجوب فى خاطرى كثيرا و السبب الاساسى لكتابته كانت محاولة معرفة لماذا انقرض الغناء بشكله التقليدى وحل محاه ما نراه اليوم من غناء يغلب على كلماته و الحانه طابع أغانى البنات أن لم يكن كذلك مباشرة ولو قارنا ما نسمعه اليوم من جديد بما كان يسمع فى السبعينات من جديد سنجد الفرق شاسع جدا.

    ربما يقول البعض أن الغناء القديم لم يمت و ما يزال حيا و الدليل انتشار اغانى الحقيبة و الاغانى التى يؤديها الشباب لمطربون سودانيون معروفون.

    الواقع أن كل ما يتم فى هذا الاطار هو مجرد اجترار لذكريات قديمة و حنين للماضى لمن ينتمى للسودان القديم بكل ما كان سائد فيه من اشياء تعتبر من القديم الجميل او القديم الذهب كما يقول الخواجات و السبب الذى جعل المطربين الشباب يؤدون بعض هذه الاغنيات هو بالاضافة لجمالها وسلاستها هو التأثير الآتى من الاجيال السابقة وربما عندما ينتهى هذا التاثير سوف تختفى هذه الاغانى فهذه هى سنة الحياة.

    هذه الخواطر لم تزل تتداعى ورغبت بشدة أن اشرككم فيها فلا شئ اجدى واكثر اثراء لأى قضية من طرحها للنقاش البناء.

    اخيرا من المشاكل التى واجهتنى : العنوان فقد عجزت تماما عن ايجاد عنوان لهذا المقال فما ورد فيه قطعا ليس بدراسة و لم يستعمل ادوات الدراسة او منهجيتها العلمية الصارمة وانما هى مجرد خواطر كما قلت وان لم تخلو من محاولة تحليل و سبر غور مختلف المعطيات لمعرفة الاسباب التى ادت الى اضمحلال القديم و طهور لما بين ايدينا من غناء. وأظن اننى خارجت نفسى بعنوان قريب من محتوى المقال.
    فى السبيعينات حينما ظهرت البلابل -و السبيعينات بالمناسبة عقد ثقافة و فنون وصرعات على مستويات عدة منها المظهر فكان الشعر الآفرو و الشارلستون للرجال و اللبس القصير للنساء – حينما ظهرن للناس هادية و امال و حياة طلسم انقسم أهل الكلمة من نقاد واهل الطرب حول ماهية ظاهرة البلابل.

    البعض قال أن البلابل لسن بظاهرة فنية و أنما ظاهرة اجتماعية حدثت نتيجة الانفتاح الاجتماعى الكبير فى ذلك الوقت حيث لم يكن قبلها معروفا على نطاق المجتمع أن تغنى شابات فى مقتبل العمر فى حفلات عامة.إذ كان نشاط الشابات الغنائى فى ذلك الوقت يقتصر على مدارسهن. لذلك عندما ظهرت البلابل ازعج ظهورهن البعض و اتخذ موقفا سلبيا تجاه ما يقدمن من فن رغم أنهن نجحن نجاحا باهرا على المستوى الجماهيرى فاغنيات مثل "مشينا " و "لون المنقة" كان تتردد على كل لسان وربما ساعد فى انتشار شهرتهن ظهور الكاسيت الذى احدث طفرة كبيرة فى تسويق المطربين و اغنياتهم.

    الوسط الفنى الذى تقبل فنانات كبار من قبل من طراز عائشة الفلاتية و منى الخير و ثنائى النغم و أمانى اللائى أتين من اصول اجتماعية مختلفة ولكنهن جميعا اتفقن على الريادة فى الجرأة وتحدى الوضع الاجتماعى القائم على اساس المجتمع الذكورى فاثبتن وجودهن وقدمن فن ظل باقيا مع الايام. هذا الوسط الفنى رفض بعضه ظهور البلابل ليس بسبب رداءة ما يقدمن من فن( رغم أن البعض قال بذلك) ولكن بسبب استنكار الجرأة التى تميزت بها هؤلاء الشابات و اسرتهن وراعيهن بشير عباس.

    بعد هجر البلابل للغناء فى النصف الثانى من السبيعينيات وكل عقد الثمانينيات و التسعينات من القرن الفائت خلت الساحة الفنية من
    الاصوات النسائية التى تتغنى فى الاذاعة اى الاصوات المجازة.

    فى هذا الوقت بالذات بدأت اغانى البنات فى الانتشار على اشرطة الكاسيت واغانى البنات تاريخيا كانت موجودة ومعروفة وكانت مرايا لما يحدث من حراك اجتماعى من خلال أغنيات تعبر فى المقام الاول عن أحلام البنات و امانيهن فى الحياة. اكثر هذا النشاط الغنائى كان ينتعش من خلال حفلات الزواج و تحديدا فقرة رقصة العروس و الجلسات الخاصة وهذه الاغانى كما هو معروف لا يعلم الناس من وضع كلماتها او من صاغ الحانها.

    لابد من الاشارة هنا إلى أن بعض من اغانى البنات صدحت به فنانات و تغنى به فنانون مشهورون فى الاذاعة هذا للتدليل أن هذه الاغانى لم تكن ابدا ذات دور هامشى بل كانت تقع فى صلب النشاط الغنائى السودانى.

    الله لى ليمون سقايتو عشية
    جاهل صغير وحمامة
    الله لية يوم لبسوا الكمامة
    الله لية ودودهو خشم القربة يارب يعود بالسلامة
    ..............
    ابو لى بى يا لبن
    امى قالت لى اخدى ود العم
    قلت ليها لأ اريتو بالعمم
    العيشتو كلها هم

    للحديث عن بداية ذيوع اغانى البنات بصورة كبيرة و انتقالها من الخاص تدريجيا للعام لابد لنا من الحديث عن الوضع الاقتصادى الاجتماعى فى تلك الفترة.

    تميزت فترة اواخر السبيعينات و اول الثمينينات باضطراب اقتصادى اجتماعى كبيرين بدأ هذا الاضطراب بتدهور اوضاع السودان الاقتصادية فى منتصف السبعينات وبدأ الهجرة الكبيرة للمهنيين و الموظفين و العمال المهرة وغير المهرة الى دول الخليج. وجاءت الطامة الاقتصادية الكبرى بتعديل سعر صرف الجنيه السودانى امام الدولار فى 1987 م و الذى إذن لعهد جديد من تفشى الفقر و زيادة تدهور اوضاع الموظفين و المهنيين ممن يشكلون ما يسمى بالطبقة الوسطى مما اجبر عددا متزايدا من هؤلاء على السعى لطلب الهجرة خارج السودان.
    على مستوى السوق المحلى ومع توالى الازمات وظهور نظام الحصص و بدا سطوة البنوك الاسلامية المضاربة فى السلع وظهور السوق الموازية فى تجارة العملة ظهر العديد من الاثرياء الجدد الذين لم يكن يحلمو بهذا الثراء تميز اغلبهم بمؤهلهم التعليمى المتدنى ولكن بذكاء فطرى حاد فتاجروا بكل شئ و اكتنزوا الاموال وصاروا هم من يفرض الذوق والفن على الناس و صارت جلساتهم المترفة الخاصة فى مزارعهم و مخابئهم تجارة رائجة عند تجار الكاسيت فانتشرت اصوات مغنيات لم يسمع بهم احدا من قبل
    فى ذات الوقت وبدول المهجر ( دول الخليج) كان المغتربون يتلقون رواتب مجزية ارتفعت قيمتها مع تدهور قيمة الجنيه السودانى فظهرت مظاهر اليسر على بعضهم الذى كان يأتى فى اجازات للوطن الام مشتاقا لتلك الجلسات الخاصة -التى تسربت احداثها و مافيها من غناء و مرح وهرج عبر الكاسيت -وما فيها من ترفيه يفتقده فى بلاد المهجر.

    هؤلاء و هؤلاء اغدقوا على الفنانات فظهرت اسماء بعضهم فى الاغانى

    هبل هبل يا ....... ودالجبل
    كما ظهرت الاغانى التى تناولت مواضيع اجتماعية بعضها يخص المرغوب لدى البنات ما مهن الرجال وسياراتهم واوضاعهم الاجتماعية

    حبيبى فنتاستك و بضرب بوهية بوماستك
    لما خلعتو خلعة و كسرت فيهو الضلعة

    بعض الاغنيات دون شك كان يحمل تلميحات جنسية بعضها كان جريئا اكثر وفى تلك الفترة بالذات ظهر ما يسمى برقص " الكشف" الذى كان جديدا فى شكله جريئا فى حركاته وكانت بطلاته هؤلاء الفنانات اللائى انتقلن من الخلف او من الغناء فى المخابئ الى الغناء فى العلن مقدمات رقصهن بكل أقدام فذاعت شهرتهن أكثر و احدثن رجة اجتماعية كبرى ومن حضر ذلك الوقت لابد أن يذكر كيف صرح العديد من كبار المطربين أنهم ضد هذا النوع من الرقص و ما يصاحبه من غناء واذكر واحدا منهم قال بالحرف فى تلفزيون السودان: لو كنت فى حفلة وقام واحد ولا واحدة رقص كشف سأوقف الغناء" ولكن الموجة العاتية كانت اكبر من هؤلاء بل غيرتهم فصاروا يغنون فى هذا الجو وربما يشاركون الرقص مع جمهورهم.
    هذا الحراك الاجتماعى الطاغى الذى كان حديث الناس الشاغل فى ذلك الوقت و الذى اصطحب معه انعطافات سياسية كبيرة بدأت ن وصول جحافل الاسلاميين الاولى فى اعقاب المصالحة الوطنية عام 1977م ودخولها السوق من خلال البنوك االاسلامية وافرازها لقوة مال و اثرياء ظلوا على الهامش الاجتماعى او قل فى الخفاء لأن زملائهم من الرأسمالية الطفيلية زات النزعة المائلة للتمتع بمباهج الحياة خطفوا منهم الاضواء هؤلاء بداوا فى التحرك بشدة فى رسم شكل جديد للحياة الاجتماعية فى السودان يمثل ما آمن به بعضهم من قيم كما يقدمهم كقيادات و نجوم للحياة الاجتماعية الجديدة التى يتصورونها. ونتيجة لضغطهم المتزايد على الريس السابق نميرى مع تضخم ظاهرة الفلتان الاجتماعى و بدأ الحرب ضدها أعلاميا من جانب هؤلاء ظهرت مشاريع مثل تعديل القوانين حتى تتماشى مع الشريعة الاسلامية على حياء اولا ومن ثم بقوة حتى انتهى الامر باعلان قوانين سبتمبر 1983م

    هذه الصدمة اربكت المجتمع وخاصة الفنى الذى لم يكن متحضرا لها وربما عبرت عنها بعض الفنانات وخاصة فيما يخص منع الخمور ومحاولة ايجاد البدائل المحلية

    بيرة مافى .. و يسكى مافى ... بنشرب عرقى صافى

    هذه الاغنيات ظهرت عقب اعلان قوانين سبتمبر التى فشلت فى ايقاف ما كان سائدا من اجواءإجتماعية يسندها جانب هام من الراسمالية الطفيلية الغير مرتبطة بالاسلام السياسى والتى كان بعضها على علاقة قوية بالنظام وقد ظن الكثير منهم أن نميرى اخذته لوثة عقلية باعلان هذه القوانين فأوقفوا نشاطهم حينا وما لبسوا أن عادوا لنفس جلسلتهم التى ظهرت فيها الاغنيات التى سبق ذكرها.
    لم يعجب الحال من كانوا وراء اصدار قوانين سبتمبر فظلوا يضغطون على الرئيس تارة و يوهمونه بانه الامام تارة وان الامارة الاسلامية الوليدة مهددة وخاصة بعد تمرد بور و ظهور الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة جون قرنق على المسرح السياسى فشعر اللنميرى انه لابد أن يعمل شيئا للوضع السياسى و الاجتماعى المنفلت وكان الجمهوريون حلفائه السايقين قد انقلبوا عليه واصبحوا يحرضون الناس ضد قوانين سبتمبر مما اعتبره تحريضا ضده شخصيا أو هكذا تم افهامه من آخرين لذلك اعلن النميرى حالة الطوارئ فى ابريل 1984 م وما صاحب هذه الحالة من انتهاكات جسيمة من أجهزة الامن طالت الكثير من الناس.

    فى تلك الفترة و التى استمرت عاما تقريبا لزمت اغلب الفنانات بيوتهن و بعضهن سافر خارج السودان وخفتت الاصوات لأن المجتمع كان يتعرض لحملة شرسة اصابته بالصدمة فانذوى الفن والغناء وبدأ الاجهزة الرسمية بث المدائح النبوية والاناشيد الدينية بدلا عن الغناء.
    الوضع السياسى و الاجنماعى المتوتر و الذى وصل لقمة احتقانه فى اعقاب إعدام الشهيد محمود محمد طه شهد انفجارا كبيرا فى مارس ابريل 1983م وكان هذا الانفجار ردة فعل سياسية و اجتماعية كبيرة لظروف القمع الكبير التى تعرض لها الناس فى ذلك الوقت. لابد القول هنا أن ما شهده الناس من تكبيل للحريات وقمع فيما يخص حياتهم الخاصة و اصرار السلطات على التدخل فى امرهذه الحياة اسهم اسهاما مباشرا فى
    استجابة الناس للخروج للشارع حتى اسقاط النظام.

    عندما اطاحت انتفاضة ابريل بنظام مايو عاد معظم الفنانين و الفنانات ممن تركوا البلد اليها مرة اخرى ولكن هذه الفترة شهدا انتعاشا للآغنية الوطنية وذلك لأن حدث الانتفاضة فرض نفسه كما ان الفئات التى لمعت بعض الانتفاضة كانت الفئات الوطنية ممن لهم علاقة قوية بالثقافة و الفن فيما انزوت مؤقتا الراسمالية الطفيلية بشقيها الاسلامى و غير الاسلامى. لكن جو الحرية اسهم فى عودة المطربات للغناء مرة اخرى فانتعش سوقهن وان لم يشابه انتعاشهن الكبير فى الفترة مابين 1987 – 1983م.
    لكن الوضع لم يستمر كثيرا هكذا فما لبثت الرأسمالية الطفيلية المتأسلمة أن عادت الى سطح الحياة السياسية و الاجتماعية والاقتصادية بما لها من موارد كبيرة و بدعم سياسى خفى من المجلس العسكرى الانتقالى . تمكنت هذه القوى من الحضور بفاعلية فى البرلمان المنتخب ومن ثم الانضمام للحكومة والابقاء على قوانين سبتمبر و اخيرا تمكنت من تحقيق حلمها بالسيطرة الكاملة على البلاد فى اعقاب انقلابها واستلامها للسلطة فى يونيو من العام 1989م.

    أعقبت انقلاب ثلاثين يونيو 1989م حالة من القمع والارهاب لم تشهد لها مثيلا طول تاريخها الحديث وقد شمل القمع والارهاب كافة مناحى الحياة السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية. لإاعدم المعارضون وشردوا واعتقلوا و اسكت صوت المغنى الا من تغنى " للثورة" الوليدة كما أن حظر التجول الطويل الذى فرض فى اعقاب الانقلاب ولم يرفع الا بعد سنوات منه اسهم فى خفوت النشاط الانسانى عموما وخاصة النشاط الفنى ولابد هنا من ذكر اكبر هجرة للفنانين فى تاريخ السودان حدثت و بالاخص للقاهرة لأنها الاقرب و مناخ الحرية النسبى يمكن الفنانين و الفنانات من ممارسة حياتهم الخاصة بالشكل الذى يريدون دون حسيب أو رقيب.

    منذ قدومها فرضت الانقاذ نظاما اجتماعيا صارما على الجميع حسب رؤيتها المتشددة. جاءت وجاءت معها احلامها و مشاريعها فى اعادة صياغة الانسان السودانى و رؤيتها لكيف يمكن أن يعيش الانسان ليتماشى مع ما معتقداته وكان الاسم المثير لكل ذلك العرض " المشروع الحضارى" وقد صادف هذا هوى القمع السياسى فى نفسها فاصبح القمع مركبا. فرض على الناس توقيت لمتى وكيف يحفلون بمناسباتهم الخاصة ففرض توقيت معين بعده يتوقف الغناء والويل لمن يخالف هذا التوقيت ولكن الانقاذ بكل جبروتها وقوتها لم تستطع فرض الفصل بين الجنسين فى المناسبات الخاصة

    فى هذا الوقت احتار الناس فيما يفعلون فنقاط الشرطة اصبحت لا تعد بل قرب البيوت ففرض على كل حى نقطة شرطته التى كانت مهامها الاساسية رصد و ضبط سلوك الناس و التدخل فى شأنهم الخاص عوضا عن حمايتهم.

    على مستوى الاعلام توقف بث الاغانى وحلت محلها الاناشيد الجهادية والاغانى التى تمجد " ثورة الانقاذ" واصبحت المدائح النبوية هى البديل الرسمى للغناء.

    اصيب الوسط الغنائى بالشلل تقريبا و اختفى المغنيون و المغنيات وحلت محلهم فرق المدائح المكونة حديثا من طلاب ضغار السن لتلبية حاجة الحكام الجدد فى احتفالاتهم. كل هذا كان يتماشى مع الوضع الاقتصادى المأزوم آنذاك فالنظام الجديد كان فى ورطة مالية ومشقة وعناء كبيرين لتوفير الحاجات الاساسية لتسيير عجلة الحياة اليومية التى كادت أن تتوقف فى بعض المراحل.
    ولعل السؤال الهام هنا كيف تبدل هذا الحال من اضمحلال فى النشاط الفنى و تحديدا الغنائى الى ما نحن عليه الآن كل يوم صوت جديد وخاصة الاصوات النسائية؟

    لابد أن نرجع ايضا لعرض الحالة السياسية والاقتصادية و الاجتماعية فى السودان التى تسببت فى هذا التحول المثير. من نافلة القول هنا أن القمع لم يفضى الى وفاة النشاط الغنائى وانما ربما هو واسباب اجتماعية واقتصادية اخرى احدث تحولا نوعيا فيه ولابد لنا اولا أن نوضح لماذا فشلت الانقاذ بآلتها القمعية الكبيرة من احداث اى تغيير فعلى فيما يخص وأد الغناء و الرقص كجزء من مشروعها الحضارى.
    السبب الرئيسى هو الارث الحضارى الفعلى للمجتمع السودانى و يجب أن نشدد هنا على قوة تأثير الجذر الافريقى لشجرة هذا المجتمع. هذا الجذر الذى يعتبر الغناء و الرقص جزأ اصيلا من أجزاء الحياة التى لا يمكن التخلى عنها بحال من الاحوال وهذه الجزئية مغروسة عميقا داخل المجتمع بوعى او بدون وعى وربما يفسر هذا لماذا يداوم الرئيس ذو التوجه الاسلامى المتشدد على الرقص فى كل مناسبات لقائه مع الجماهير حتى ولو على اغانى الحماسة و انا مقتنع تماما أن الرئيس البشير يدرك أن ما يفعله يجعله يتفاعل مع الجماهير اكثر لأن الرقص احد اشيائها الاصيلة و المحببة فى الحياة.

    السبب الثانى هو مقاومة هذا المجتمع لما فرض عليها نظام وقد تمت هذه المقاومة السرية باشكال مختلفة فقد ابتدع البعض ما يسمى بالاوفر نايت وهو حفل مغلق يدار واراء الابواب المغلقة و لا يخرج المشاركين فيه حتى الصباح غير أن الاختراق الاكبر جاء من النسوة من الفئات المجتمع التى ما زالت تتمتع باليسر وهن بالمناسبة من يقود الموضة فى كافة مناحى الحياة و تحاول فئات اخرى تقليد ه ما تفعله هذه الطبقات لأنه يمثل قمة ما يصبو له الناس فى ذلك المجتمع. هؤلاء النسوة مددن ايام احتفالات الزواج او اضفن لها اشياء مثل " القيدومة " التىكانت قد اختفت فى السبيعينات و الثمانينيات تقريبا كما ظهرت ما اصطلح على تسميته ب "حنة العروس" وعادت الصبحية للظهور بشدة بعد أن كادت ان تندثر كل هذا تمديد لزمن الفرح الذى اصبح قصيرا بموجب قوانين الحكومة فالزمن الذى كان يستهلك فى ليلة واحدة سابقا " الدخلة" صار ممتدا يستهلك فى عدة ايام الآن مما اسهم هذا فى وجود مساحة اكبر للغناء و خاصة للمغنيات.

    فى النصف الثانى من اتسعينات استقر نظام الانقاذ بعض الشئ و نجح فى استخراج البترول و بدأ تدفق الاموال و تراكمها لدى افراد الفئة الحاكمة مع امتناع الحكومة عن استخدام المال لرفع الفقر الذى تفشى بشدة فى اعقاب سياسة التحرر الاقتصادى التى تبناها النظام منذ بداية التسعينات.

    لابد من الاشارة هنا أن النصف الثانى من التسعينات شهد تحولا كاملا فى السوق أدى الى سيطرة التجار التابعين للنظام والحزب على كل مصادر الثروة واعمال التجارة فى السودان و قد بدا هذا الامر بعد تنفيذ الانقاذ لآنقلابها الاقتصادى فيما يسمى بتغيير العملة فى العام 1991م.
    ألان صار التنفيذيون الكبار و تجار الحزب هم من يمتلك و يراكم الثروة و كان لابد أن يكون لهذا التراكم اثر على المستوى الشخصى لهؤلاء الافراد و لرؤيتهم فى كيفية التمتع بالمال و الحياة فبادر الكثيرون منهم لارضاء شهوة الفرج و بالحلال متعللين بالآية الكريمة " انكحوا ما طاب لكم من النساء..الى آخر الآية

    فى ذات توقيت بداية و استمرار تراكم الثروة فى يد هؤلاء كان الحكم يبتعد تدريجيا عن احلامه فى اعادة صياغة المواطن السودانى و الحزب ينقسم و المشروع الحضارى يموت و يقبر ولم يتبق منه غير شواهد قبره. ما بقى هو السلطة و الحكم و المال المال الذى سال فاغرق النسوة و الشباب من اسر الحاكمين و تجار حزب السلطة . فظهرت المنازل والسيارات الفخمة المظللة و كان لابد أن يجبر تعدد الزوجات هؤلاء الازواج التنازل من بعض الثروة للزوجات الاوائل و اعطاء مثلها للحديثات فظهر المال الوفير لدى الزوجات و الابناء و البنات الذين يعتبرون انفسهم ابناء قادة الدولة و المجتمع و يجب عليهم أن يكونوا من نجومه.
    مع توفر المال يزداد الاتجاه للانبساط و تأكيد النجومية و الريادة فى الموضة وغيرهاو هل هناك انبساط و نجومية غير اقامة الحفلات ببذخ فى اى مناسبة واحضار الفنانات للغناء و الرقص فى هذه المناسبات فيظهر الجديد من الثياب و الحلى وغيرها.
    امتد المال لم يؤمنوا قط بما تؤمن به الدوله ولكنهم يؤمنون جدا بالانتهازية وخدمة السلطان و الجاه فنالوا نصيبهم من الوصل وصاروا من الميسورين يشاركون السلطة فى بعض مالها و لايشاركونها فى فكرها الغريبة أن هؤلا ءـاسوا باصحاب نعمتهم فيما يخص الاستمتاع بالنسوة وصار الزواج أكثر من مرة موضة بين الموسرين . " فصار " راجل المرة ده حلو حلاة " وهو ما يرمز لتطلع الشابات بالزواج بمن لديهم المال و حالهم ميسور فى ظل التدهور المستمر للحالة الاقتصادية للجماهير و انتشار الفقر بمعدلات عالية
    هؤلاء ايضا تجدهم منافسون قويون فى معركة النجومية مقيمون للحفلات بمناسبة و من غير مناسبة فاصبح سوق غناء الحفلات رائجا و مربحا جدا فكثر الوافدين اليه و تراجع سوق المدائح شيئا فشيئا بل تحول بعض مؤديي المدائح الى مغنين بل مغنين يصدحون بكلمات لا علاقة لها من قريب او بعيد بما كانوا يمدحون و السبب أن هذا هو المطلوب فى السوق.

    سنتر الخرطوم ... السهر بالكوم
    قنبلة

    هذه التغيرات الاجتماعية واكبها تغير كبير على المستوى الاعلامى بظهور القنوات الفضائية وانتشارها الواسع بما تبثه من اغنيات و رقص و كليبات بالاضافة لظهور الانترنت و اجهزة المحمول التى تستطيع تسجيل الاغانى و ارسالها عبر الوسائط لمتلقى آخر فحدثت ثورة فيما يخص الغناء و ما تريده الاجيال الجديدة منه.

    يعزى الانتشار الكبير لأغانى البنات و مؤدييها سواء أن كانو نساء أم رجال إلى الآتى

    1- الضغط الكبير الذى وقع على المجتمع نتيجة للظروف الاقتصادية الصعبة و من المعروف أن اكبر من يتحمل هذا الضغط هو المرأة و بما أن أغانى البنات اصلا إرث موجود إستعملت المرأة هذا الارث تخفيفا للضغط الواقع عليها و ترويحا على نفسها

    2- العائد المادى الكبير فى حالة النجاح والذى لا يقارن أبدا بما تجود به أى وظيفة حتى ولو كانت كبيرة مع قلة الوظائف وانتشار البطالة.

    3- بساطة الكلمة وطرافة المفردة و مباشرتها و تطرقها لقضايا لا يمكن للأغانى التقليدية ملامستها وبما أن أغلب اغانى النات لا يعرف لها شاعر فإنها تتيح جرأة كبيرة لكاتب كلماتها وهذه الجرأة تنال أعجاب الشباب ذو النزعة المتمردة والتى تتوق للجديد.

    4- اللحن الراقص الخفيف الذى يتيح حرية تعبير حركى و يقود لنوع من انواع البهجة الجماعية ( كقول الراقصين جب جب بصوت عالى )وهذا فى حد ذاته يمثل تحررا لحظيا من الكل الضغوط.
    يمكن أن القول أن هذه التغيرات الكبيرة قضت على السودان القديم بأشيائه المختلفة ومن ضمنها الغناء بصورته القديمة ( الحديث و الشعبى) و يتشكل الآن سودان جديد لا يعرف أحد ما هى هويته ولا هوية فنونه و فى مقدمتها الغناء.
                  

العنوان الكاتب Date
فى شأن القضاء على حمادة بت ومن ماثله يا هيثم كابو هشام المجمر02-18-13, 07:07 AM
  Re: فى شأن القضاء على حمادة بت ومن ماثله يا هيثم كابو هشام المجمر02-18-13, 07:37 AM
    Re: فى شأن القضاء على حمادة بت ومن ماثله يا هيثم كابو هشام المجمر02-18-13, 10:08 AM
      Re: فى شأن القضاء على حمادة بت ومن ماثله يا هيثم كابو هشام المجمر02-18-13, 10:39 AM
        Re: فى شأن القضاء على حمادة بت ومن ماثله يا هيثم كابو ناذر محمد الخليفة02-18-13, 10:57 AM
      Re: فى شأن القضاء على حمادة بت ومن ماثله يا هيثم كابو دينا خالد02-18-13, 11:45 AM
        Re: فى شأن القضاء على حمادة بت ومن ماثله يا هيثم كابو محمد عبد الماجد الصايم02-18-13, 11:47 AM
          Re: فى شأن القضاء على حمادة بت ومن ماثله يا هيثم كابو عبدالكريم الامين احمد02-18-13, 11:57 AM
            Re: فى شأن القضاء على حمادة بت ومن ماثله يا هيثم كابو ناذر محمد الخليفة02-18-13, 12:05 PM
            Re: فى شأن القضاء على حمادة بت ومن ماثله يا هيثم كابو عوض جاه الرسول02-18-13, 12:23 PM
          Re: فى شأن القضاء على حمادة بت ومن ماثله يا هيثم كابو Galaleldin Abdalla02-18-13, 12:05 PM
            Re: فى شأن القضاء على حمادة بت ومن ماثله يا هيثم كابو عبدالكريم الامين احمد02-18-13, 12:20 PM
              Re: فى شأن القضاء على حمادة بت ومن ماثله يا هيثم كابو عبدالكريم الامين احمد02-18-13, 12:35 PM
                Re: فى شأن القضاء على حمادة بت ومن ماثله يا هيثم كابو ناذر محمد الخليفة02-18-13, 12:42 PM
              Re: فى شأن القضاء على حمادة بت ومن ماثله يا هيثم كابو Elawad Eltayeb02-18-13, 12:46 PM
                Re: فى شأن القضاء على حمادة بت ومن ماثله يا هيثم كابو هشام المجمر02-18-13, 01:18 PM
                  Re: فى شأن القضاء على حمادة بت ومن ماثله يا هيثم كابو هشام المجمر02-18-13, 01:26 PM
                Re: فى شأن القضاء على حمادة بت ومن ماثله يا هيثم كابو عبدالكريم الامين احمد02-18-13, 01:26 PM
                  Re: فى شأن القضاء على حمادة بت ومن ماثله يا هيثم كابو مزمل خيرى02-18-13, 01:49 PM
                    Re: فى شأن القضاء على حمادة بت ومن ماثله يا هيثم كابو saidahmed shami02-18-13, 02:03 PM
                      Re: فى شأن القضاء على حمادة بت ومن ماثله يا هيثم كابو عبدالكريم الامين احمد02-18-13, 07:40 PM
                      Re: فى شأن القضاء على حمادة بت ومن ماثله يا هيثم كابو دينا خالد02-18-13, 08:32 PM
                        Re: فى شأن القضاء على حمادة بت ومن ماثله يا هيثم كابو طارق جبريل02-18-13, 09:24 PM
                          Re: فى شأن القضاء على حمادة بت ومن ماثله يا هيثم كابو هشام المجمر02-19-13, 05:51 AM
                            Re: فى شأن القضاء على حمادة بت ومن ماثله يا هيثم كابو هشام المجمر02-19-13, 06:15 AM
                              Re: فى شأن القضاء على حمادة بت ومن ماثله يا هيثم كابو هشام المجمر02-19-13, 06:33 AM
                                Re: فى شأن القضاء على حمادة بت ومن ماثله يا هيثم كابو هشام المجمر02-19-13, 07:03 AM
                                  Re: فى شأن القضاء على حمادة بت ومن ماثله يا هيثم كابو Elawad Eltayeb02-19-13, 10:46 AM
                                    Re: فى شأن القضاء على حمادة بت ومن ماثله يا هيثم كابو هشام المجمر02-19-13, 01:08 PM
                                      Re: فى شأن القضاء على حمادة بت ومن ماثله يا هيثم كابو بدر الدين الأمير02-19-13, 01:45 PM
                                        Re: فى شأن القضاء على حمادة بت ومن ماثله يا هيثم كابو هشام المجمر02-20-13, 05:54 AM
                                        Re: فى شأن القضاء على حمادة بت ومن ماثله يا هيثم كابو هشام المجمر02-20-13, 09:13 AM
                                          Re: فى شأن القضاء على حمادة بت ومن ماثله يا هيثم كابو داليا حافظ02-20-13, 01:06 PM
                                            Re: فى شأن القضاء على حمادة بت ومن ماثله يا هيثم كابو يحي قباني02-20-13, 03:19 PM
                                              Re: فى شأن القضاء على حمادة بت ومن ماثله يا هيثم كابو هشام المجمر02-21-13, 05:59 AM
                                                Re: فى شأن القضاء على حمادة بت ومن ماثله يا هيثم كابو محمد فضل الله المكى02-21-13, 07:13 AM
                                                Re: فى شأن القضاء على حمادة بت ومن ماثله يا هيثم كابو داليا حافظ02-21-13, 07:36 AM
                                              Re: فى شأن القضاء على حمادة بت ومن ماثله يا هيثم كابو داليا حافظ02-21-13, 09:30 AM
                                                Re: فى شأن القضاء على حمادة بت ومن ماثله يا هيثم كابو يحي قباني02-21-13, 02:08 PM
                                                  Re: فى شأن القضاء على حمادة بت ومن ماثله يا هيثم كابو ناذر محمد الخليفة02-21-13, 04:31 PM
                                                    Re: فى شأن القضاء على حمادة بت ومن ماثله يا هيثم كابو هشام المجمر02-24-13, 12:09 PM
                                                      Re: فى شأن القضاء على حمادة بت ومن ماثله يا هيثم كابو هشام المجمر02-24-13, 01:16 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de