صعاليك بوادي السودان وهمباتة جزيرة العرب..بين محمد السني والأمين كاكوم

Quote: شامخٌ كصاري المولِد, طويل أزرق على نحافة كأن غبوقِهِ وصبوحِهِ الماء القراح, عيناه لا يعرف البياض إليهما سبيلا, على شفتِهِ العليا أسفل منخرِهِ نبتت(كُبته) من الشعر بدت مثل (كُلّيقة) قش لم يُحْسَن حزمها, رُكِّب أعلى بدنِهِ على ساقين بدت عصاقيلها فصارت أشبه بقائمتي بعير أو ساقيْ ظليم, عندما يتكلم يمر صوته من خلال خيشومِهِ فيصدر بصورة لا علاقة لها بالغُنَّة....ذلكم الرجل هو علي ود عيد ود بلولة كما تخيلته.... لم أره في حياتي فقد أصبحت من مدمني (التصعلُك) في قهاوي سوق الشيخ ابوزيد, ومشاوي سوق الناقة متأخِراً....ولكن تلك الصورة هي التي رسمتها للرجل في مخيلتي من كثرة ما حكى لي عنه صديقهِ الصدوق الأمين البدوي الأمين(كاكوم). وضع ود عيد عصا (النضال) في حي العرب بام درمان, واتَّخذ منه استراحة مُحارب, بعد ان صال وجال في البادية الكردفانية سنين عددا. في ملاذه الجديد بحي العرب ما احتفظ بشيٍْ من متاع البادية إلا بمطِيَّتِهِ التي يتنقل بها بين حي العرب والشيخ ابوزيد والمويلح.... وما احتفظ بشيءٍ من اخلاق البادية, إلا بنخوته ورجولتِهِ, وكرمِهِ وشهامتِهِ,ونقائهِ وسمو أخلاقِهِ, وعِفَّة نفسِهِ وأصالة معدنه, فقد كان ود عيد فارساً ونبيلا.