أمسى مضى ! و ( غداً نكون كما نود ! ) .... ويالها من عبارات !
لست أدرى لماذا تُعذِّبًنِي هذا العبارات الشفيفة ، الوافية ، وتغلغلني إلى حد الإنصهار والذوبان ! .. فلم يحدث أن قيلت إلا أبكتني بكاءً مراً ، وسلبتني كياني وروحي ، وأرتحلت بي إلى مابعد الوجود .. خارج إطار هذا الإطار المعهود ،، وبعيداً عن هذا الكيان الملموس ، والأفق المحدود ! وطفرت بي إلى تلك الأُطر الواسعة ،الرحبة ، البعيدة ، وهاتيك الآفاق اللا محدودة ! ولم أسمع في حياتي أصدق وأجمل وأعمق وأوفى من هذا المزيج ( الفني ، الأدبي ، الموسيقي ، المموسق المتسق ، الممتزج ، والمنسجم إلى أقصى الحدود ! ) .. والمتمثل في المقطع الموسيقي المنصهر مع هذا الجزء من ( ولى المساء ) ، وخاصةً هذه الميلودية اللحنية المتحدة مع عبارة ( غداً نكون كما نود ) ( وغداً تجف مدامعي ) و ( غداً تعود مباهجي وتزول عن نفسي الكروب ) .. بحيث لا يمكننا أن نعلم حقيقة إتساق هذا المزيج ، وحقيقة ما إذا كان هذا اللحن أولاً ، أم أن الكلمات هي التي كانت الأولى ؟! ... أم كانا معاً ساعة نزولهما وامتزاجهما ، عند ذاك التنزل الدفيق ، والفيض الرهيب ، على صدري ، حسن عوض أبوالعلا ،، وسيد خليفة ؟! ( غداً نكون كما نود ونلتقي عند الغروب ! ) .. عبارة شافية ومعبرة وقارئة للمستقبل الباهر المأمول ! وهي في رأيي المتواضع ، قد تكون الأجمل والأروع والأصدق من أي عبارة قالها الشعر والشعراء ، في الشرق أوالغرب ، أو أى مكان على هذه الأرض ، على مدى التاريخ والأيام والعصور ! .. وفي ظني أنها أكبر من الشعر ، ومن الإطار الذي صاغها فيه الشاعر المبدع ، حسن أبوالعلا ! .. وهكذا تتساقط المعاني والأفكار ، رطباً جنيا ، على قلوب الفنانين ، وأفئدة العاشقين المحبين .. سواء أن كانت بقصد أو بدون قصد ! وغالباً ما تتنزل المعاني البعيدة ، من المعنى القريب الذي عناه الشاعر أو الفنان ، حتى ولو من دون علمه ! .. فكأنما هنالك معنى ظاهر ، ومعنى باطن ، ومعنى قريب ومعنى بعيد منطلق بالأحاسيس والمشاعر والأخيلة ، إلى مالا نهاية ! وليس بالضرورة أن يكون مطابقاً للمعاني القريبه التي احتواها قصد الشاعر أو المبدع أو الفنان ! وعلى سبيل القياس فإن هذه العبارات المدهشة التي جاءت على مخيلة الكاتب ، كانت يمكن أن تكون أو تجىء هكذا : ( غداً نكون كما نود ونلتقي عند الشروق ! ) ... أو أنها تجىء كاشفة للمستقبل ومبشرة بما وراء تلك الأزمنة ، وما خلف تلك العهود ،، حينما تجىء قائلةً : ( غداً نكون كما نود ونلتقي عند مطلع الفجر الجديد والأزمنة الفريدة ! ) .. فياله من بيت شعر مدهش ! .. ويالها من عبارات ! إختصرت الماضي والحاضر ، وقفزت بنا إلى حيث لا حيث ، وعند لا عند ! على ذاك الحيز الآخر ، والعوالم الأخر !
ولكنها حتماً قد جاءت منبثقة من ذلك الشلال الغزير ، من فيض ذاك اللحن المندلق على مخيلة الفنان المدهش ( سيد خليفة ) ، حين استغراقه وتساميه ، لإستجلاب ذلك الرزم والنغم الحنون ، الفائق التحنان ! وذاك الشجن الخرافي ، المختبي خلف تلك السموات العلا ، وعلى تلكم الأزمنة السامقة ، الهلامية ، الرفيعة ، الثرية ، التي ليس لها مثلاً ، ولا مثيلاً من الأزمان !
ولى المساء ! أغنية ليست من هنا ! ولا من هذا الزمان ! ... ولكنها أتت من ذلك المستقبل الآتي الذي ، لطالما كان حاملاً للبشرى وللمعاني وللمضامين الأُخر ! ولتلك الأحلام والآمال والأماني المُذهِلة والمستحيلة ! ولهاتيك الكنوز والدرر والنفائس المكتنزة في رحم مقبلات الأيام ، والعصور ، والأزمنة الجديدة ! عند تلك الأمكنة الدائمة المجد ، والروعة ، والجمال ، والعبق ، والخضرة والنضار ، والجِدة والإبتكار !
( غداً نكون كما نود ونلتقي عند الغروب .. غداً تعود مباهجي وتزول عن نفسي الكروب )
فهل حقاً سنكون كما نود ،، وتعود مباهجنا ، وتزول هذه الكروب ؟!!!
فيالها من عبارات مدهشة ومعبرة وشافية !
( ويا الله ! يا الله ! يا الله ! ... كم هي محزنة ومُبكية ، عند امتزاجها بهذا اللحن الوجودي الخرافي ! )
رحم الله حسن عوض أبوالعلا ، وسيد خليفة
وعمار السنوسي بالتأكيد ،، هو أحسن من يؤديها بعد العملاق أبوالسيد
العنوان
الكاتب
Date
( غداً نكون كما نود ! ) ، يالها من عبارات ! أكبر من إطار الشعر!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
مامون أحمد إبراهيم
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست