تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائرها

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-16-2024, 10:50 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2013م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-26-2013, 11:47 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ (Re: احمد ضحية)

    (3-3): المثقف والسلطة والفجر الجديد و المركزيات الإثنية:

    على خلفية "الغلاط" في الأوساط السياسية, الذي يجري منذ تم الإعلان عن وثيقة الفجر الجديد حتى الآن, نلاحظ كأن الزمن السوداني "واقف" يعيد إنتاج مماحكاته, ومثاقفاته حول كل الشئوون, حتى تلك التي تتعلق بوحدة البلاد أو "فرتقتها"..
    فتوازن الرعب الذي أقامه المؤتمر الشعبي ب(العدل والمساواة), من قبل.. لتدشين - كما زعم حزب الأمة في سالف العصر والأوان "بمعنى الأيام الخوالي لسيء الذكر للتجمع"- غد تشيع فيه الإنقاذ إلى "حثالة التاريخ".. يمثل الآن ميثاق الفجر الجديد لقوى الجبهة الثورية والإجماع, التوازن المعاكس والمضاد في الإتجاه, لذا ليس غريبا أن يستدعى النظام الآليات نفسها التي جابه بها ميثاق أسمرا من قبل, مع تعديلات طفيفة بحكم تغير الزمان والمكان ومواقع الأفراد وجغرافياتهم.
    فإذا كانت حملة النظام الموجهة ضد "الفجر الجديد" تنطوي فيما تنطوي عليه من دلالات على رسالة موجهة لقوى الجبهة الثورية من قبل قوى الإجماع والنظام في الآن نفسه, أكثر من كونها رسالة موجهة من النظام لقوى الإجماع ضمن الجبهة الثورية؟! فإن الغد الذي يحلم به الكبار (الأمة- الاتحادي- النظام بمؤتمريه الوطني والشعبي)على حساب المثقفين والقوى الأخرى, التي لا تشاركهم توجهاتهم الطائفية والإسلاموية, والتي هي في الحقيقة القوى الفعلية, التي خاضت تجربة الصراع المرير ضد الحركة الإسلاموية (الإنقاذ قبل وبعد المفاصلة), في الوقت الذي إستقطبت فيه الحركة الإسلاموية, كوادر الطائفية وأستوزرتهم؟!
    إذا كان الأمر كذلك فأبواب الخيارات المتاحة, لوحدة ما تبقى من السودان, أغلقت بتراجعات قوى الإجماع, وتنصلها عن ما وقعت عليه في كمبالا, بما وسم ب"الفجر الجديد". بل وتأكيدا على ذلك, ما حملته الأخبار التي يبثها جهاز الأمن والمخابرات, عن الإعلان الرسمي لتنظيم القاعدة في الجامعات السودانية! وليس هذا فحسب, بل تهديد عراب الحركة الإسلاموية "الترابي" لقوى الإجماع بالإنسحاب عن تحالفهم, إذا أستمروا في التعاطي مع وثيقة الفجر الجديد؟!
    وفي الحقيقة هذه ليست إستفهامات, بقدر ما هي محطات هامة, لتأمل الكيفية التي تعيد بها قوى السودان القديم, إنتاج ذات ممارساتها المعادية لوحدة البلاد وشعبها, ولقيم حقوق الإنسان والديموقراطية والحداثة والتنوير.
    هذا المعطى يطرح وقفة جادة, لكل القوى الديموقراطية والثورية مع ذاتها. في سبيل انجاز إعادة تأسيس هذا السودان, الذي هان حتى سهل الهوان عليه. وذلك بالحوار مع الجبهة الثورية, والتنسيق معها على أسوأ الفروض, قبل أن يتم تفريغ مشروعها "الفجر الجديد" من كل القيم النبيلة التي يتشاركها معها كل الأحرار والديموقراطيون والمثقفون, في هذه البلاد المغلوبة على أمرها.
    *وبطبيعة الحال يعيد مثل هذا النقاش طرح:مسألة الوحدة.. وحدة القوى الجديدة, إلى السطح مرة أخرى. كحلقة مفقودة لحل ألغاز وشفرات الفشل المزمن للدولة السودانية. وإبرازها مجددا, خصوصا أن القوى الجديدة عموما بمختلف توجهاتها, هي نتاج لفشل القزى القديمة, وهي الإجابة الصحيحة على الأسئلة التي فشلت القوى القديمة في الإجابة عليها. ولهذا السبب إقترنت نشأتها بتردي أحوال البلاد والواقع, وعجز القوى القديمة عن معالجة هذا التردي, ومن هذا السبب بالذات تأتي شرعية القوى الجديدة في النشأة والتكوين والوجود كصنو للكتلة التاريخية للسودان "الهامش" ولذلك ظلت خطاباتها تعبر عن الحقوق المهدرة في هذه الأجزاء, التي هي عصب البلاد وجدانا وثقافة ودما ولحما!
    * الضمانة المانعة لتفريغ مشروع إعادة بناء الدولة السودانية من محتواه - وكما ظللنا نكرر- تتمثل في مقدار ما بإستطاعتنا تقديمه من تنازلات, للتقارب تجاه بعضنا البعض كقوى ديموقراطية وجديدة, خصوصا إذا أعدنا تجربة المكابرة والتآمر ونقض العهود, بين أطراف العمل السياسي في السودان منذ 1956.
    وبطبيعة الحال السلوك الآيديولوجي القائم على تعتيم الواقع, باعتماده على خطابات مخلخلة, قامت بتحريف قصدي أو غير قصدي للطبيعة الواقعية للسودان. وأدت إلى حجب تنوعه وتمايزاته وتعداداته وتبايناته..
    إذا نظرنا من هذه الزاوية للنظم المتعاقبة منذ1956م نلاحظ أن القوى المركزية في السودان (في طليعتها حزب الأمة والإتحادي= الطائفية بالطبع ) كانت –ولا زالت- آيديولوجيتها التقليدية, أحد الآليات الأساسيه لهذا التحريف واسع النطاق, فحزب الأمة والقوى الطائفية والإسلاموية عموما, يعتمدون على حضور الثقافة التقليدية, في وعى الجماهير.
    بغرض تعبئة هذه الجماهير للإصطفاف حول برامجها التحريفية, للواقع إنطلاقا من الإعتماد على ذاكرة الناس. لا عقولهم!, وغنى عن القول: عندما يتوقف العقل تعمل الذاكرة, فالأمة والإتحادي كطائفة تراثية, تتعامل مع مجتمع تراثي, "فكره بديلا عن واقعه" و"ماضيه ممتد فوق حاضره" المعقد الذي لايكف عن طرح قضية التنوع والمواطنة والدولة, والتي لا يملك لمجابهتها سوى تحريف الواقع.
    ومعكوس هذه الفكرة أيضا هو ما يدفع بالمؤتمر الوطني إلى توحيد مركزه (الإسلاموطائفي عربي= كما رأينا في المواقف الأخيرة للقوى القديمة من ميثاق الفجر الجديد بعد أن وقعت عليه, بإعتبارها جزء من المركز الذي يمثله المؤتمر الوطني), ومن جهة أخرى العمل على تفتيت الأطراف (الهامش) وبالطبع هذا لايتم إلا بتحويل السودان إلى فسيفساء طائفية عرقية, وهكذا تلتقي القوى الإسلاموية، الطائفية، العروبوية مع النظام(المؤتمر الوطني) الذي عمليا يعبر عن منتهى أشواقها, ويتحمل مسئولية هذه الأشواق نيابة عنها؟! خلال تنفيذه المشروع الآيديولوجي المركزي, الذي يمثلهم جميعا, بحكم إستيلاءه على السلطة دونا عنهم!
    *هذا الواقع الشائك والمعقد, يفرض على القوى الجديدة عموما, ضرورة أن يقوم وعيها على أساس تاريخي, أولى خطواته الإسراع في تنظيم الكتلة التاريخية السياسية, وتوحيدها في كيان سياسي يعتبر الشباب والطلاب والمرأة والمثقفين الديموقراطيين والقوى الجديدة, من ركائزه الأساسية- فالكتلة التاريخية تشكلت إجتماعيا في الهامش بوعيه لذاته, لكنها لوحدها دون تحالفها مع القوى التي أشرنا إليها, ستظل تفتقر للبعد القومي المضاد للإثنية والمدني الذي لايؤمن بدور للعمل العسكري إلا في حدود طبيعته المرحلية المؤقتة.
    وقد أشار غيرنا كما أشرنا "في العديد من مقالاتنا منذ 2002 حتى الآن", وأمثل طريق يؤدى إلى تشكيل الكتلة التاريخية على هذا النحو,هو اعتماد مؤتمر عام يجمع كل القوى الجديدة وقوى الهامش والمثقفين والقوى الديمقراطية, ممثلة في حركات الشباب المناوئة لأحزابها القديمة, للعمل على تطوير وثيقة الفجر الجديد, بإستلهام وثيقة جبهة الحراك الشبابي والمدني لتأسيس الدولة السودانية, فوثيقة جبهة الحراك المذكورة, هي جهد وطني وحدوي كبير وقيم له دلالته الكبيرة والعميقة, في تحقيق الدولة السودانية المدنية الديموقراطية الموحدة.. دولة المواطنة والحقوق والحريات والتنمية, التي يتحول فيها شعار (التنوع في إطار الوحدة) إلى واقع حقيقي..
    هذه الدولة المدنية التي نتحدث عنها, لن تستطيع الجبهة الثورية, وحدها دون تحالف أو تنسيق مع المثقفين وتنظيمات القوى الجديدة على إنفاذها، فوثيقة الفجر الجديد وحدها ليست ضمانة كافيه. خاصة أن أيديولوجية الجبهة الثورية, التي تعتمد على الخبرة السياسية, للحركة الشعبية قطاع الشمال والعدل والمساواة, والتي هي أكثر آيديولوجية -من غيرها- مقارنة بقوى الجبهة الثورية الأخرى, مع أن قوى الجبهة الثورية عموما, تعتمد على ترميز الأفراد, إذ ليس ضمن ثقافتها ومعارفها المفاهيم الديموقراطية الجماعية, وهي خبرة مستلهمة من الحركة الشعبية والحركة الإسلامية. على عكس تنظيمات القوى الجديدة الديموقراطية.
    وفي ظني أن شبح زعماء كداوود بولاد وقرنق وخليل, لا يزال يهيمن على ردود أفعال هذه القوى وسلوكها السياسي.
    *وصحيح تماما أن قرنق – على سبيل المثال - استطاع في حياته إعادة طرح "السودانوية" بصورة قوية, لإشعال إحساس المواطن السوداني, بكيانيته وبوجوده المستقل. ومن هنا كان إلهاب المشاعر في الهامش, ليتمخض عن "حركات ثوريه" مثلت حركة داود بولاد المجهضة في مطلع تسعينات القرن الماضي, وحركة يوسف كوة, ثم تحرير السودان, وقبل ذلك الحركة المسلحة لمؤتمر البجا.. نتائجا لها.
    لكن هل كان هذا كافيا؟ أعني الإعتماد على تجربة فرد أو خبرة آيديولوجيا عقائدية شمولية سابقة؟ بديلا عن الإعتماد على تنظيم ديموقراطي, يستلهم الجماعية في نظام أفكار متكامل؟!
    *ماهو الرابط بين الحركات المسلحة (في كردفان ودارفور وجنوب النيل الأزرق وشرق السودان, بل وحتى الحركة الوليدة في شمال السودان؟!).. الرابط هو التهميش لأقاليمهم, لكن السؤال هو كيف نتسامى بهذا السؤال الإقليمي, لنجيب عليه في الإطار القومي؟!.. فتهميش الأطراف ليس منطقا قوميا.. وتهميش الأطراف ليس آيديولوجيا بديلة, إذ يترتب عليه أيضا تهميش الوطن الواحد الموحد ككل, كما أن فكرة الهامش والمركز ليست آيديولوجيا لبناء السودان الموحد, بقدر ما هي منهج لفهم طبيعة الحالة السودانية؟!..
    "إذا تصورنا أن الفكرة التي تحكم علاقة المركز بالهامش, تمثل آيديولوجيا وليس طريقة -لفهم وليس لحل- قضايا السودان, فإننا نصيب مشاريع القوى الجديدة الديموقراطية, في إعادة تأسيس الدولة السودانية في مقتل.
    ففكرة الهامش والمركز هي بمثابة الإلهام الثوري السياسي (وليس الفكري) الذي يمهد الطريق لتأسيس السودان, فهي ليست بديلا عن نظم الإدارة الحديثة والديموقراطية والعلمانية – التي لن تستطيع هذه الفكرة نفسها تبنيها بغرقها في الهامش السياسي وسعيها لتحويله إلى فكري, بالنتيجة "مركزة" المهمشين السابقين, و"تهميش" المركزيين الحاليين!.
    *لذلك عندما نتحدث عن ضرورة تقريب المسافات بيننا, كقوى جديدة وديموقراطية علمانية وليبرالية, فلأننا نرغب في الإستفادة من تجارب بعضنا البعض, في إستلهام التراث الإنساني, وإستلهام المعارف والعلوم التي يقف عندها العالم الآن, لأننا ببساطة ينبغي أن نبدأ من حيث أنتهى الآخرون, وإلا ستكون علاقتنا ببعضنا البعض كقوى ذات توجهات متشابهة, أشبه بجزر معزولة في أرخبيل واسع, وهي معضلتنا ذاتها مع الجبهة الثورية.
    *رب قائل يتسائل عن إمكانية إستمرار الحركات المسلحة, بعد سقوط نظام المؤتمر الوطني, رغم إنتفاء مشروعيتها بعد سقوط النظام؟!.. وهذا شيء وارد.. أن تستمر كأطر تنظيميه محددة ومحدودة بإنتماءها للجبهة الثورية, كتنظيم سياسي وليس عسكري.
    إذ لا يجب أن تكون موجودة, كإطار كبير ومنظم كحركات مسلحة. خصوصا أنها مجرد حركات "ثورية تجريبية" تكونت في الفهم الفكري والسياسي العام, لمتناقضات علاقة الهامش بالمركز, ولم تتكون في سياق فهم سوداني قومي يشمل المركز, فهي لا تتناول قضايا المركز إلا بالقدر الذي يخدم قضيتها الإقليمية. خصوصا أنها كحركات مسلحة ومنذ البدء, نشأت كحركات إقليمية مطلبية, بالتالي لم تعتني بالأفق القومي المعقد, بسبب إنكفائها على هموم ومشاكل الإقليم, وغرقها "الثقافي" في معضلات العلاقة بين الهامش والمركز, ما جعل البعد القومي ضبابيا ومحددا على الدوام بقضيتها الإقليمية, التي تحيل مباشرة إلى المركز كإجابة وليس عاملا ضمن عوامل أخرى عديدة, كما أنه مثل الهامش له أيضا مشاكله, بالتالي نظرتها لنفسها كهامش, بمثابة البديل للمركز, هي نظرة غير صحيحة, بل هي كهامش مطالبة بإزاحة هذين المفهومين مركز/ هامش بالقدر ذاته الذي تطالب فيه المركز بإزاحة هذه المفاهيم, وإحلال وتعميق مفاهيم الديموقراطية والحقوق والحريات والمواطنة والتنمية محل هذه المفاهيم, التي إحلالها لن يكون إلا ناتج جهد جماعي يتعاون فيه المركز والهامش معا, بالمقابل المركز نفسه مطالب بالكف عن النظر لهذه القوى, بأنها قوى جهوية أو عرقية, والعمل معها على حل معضلاته ومعضلاتها, على أساس تعميق البعد القومي الوحدوي, الذي يتأسس في المواطنة الحقة, كأساس للحقوق والواجبات, في ظل دولة ديموقراطية حقيقية, يسهم في تأسيسها الطرفان. بحيث لا يكون هناك مركز وهامش بعدها, بل السودان الديموقراطي الموحد.
    وبطبيعة الحال النوع المعاكس لهذا النوع من طرق التفكير, يؤدي إلى تقوية النزوع الانفصالي – كما حدث في التجربة مع الجنوب- خصوصا بعد الرحيل المفاجئ للزعيم قرنق, إذ وضع رحيله المفاجيء هذه الحركات جميعها, في امتحان صعب يهدد مشروعها بالتصفية, وهذه التصفية لن تكون من جهة المؤتمر الوطني فحسب, بل من قبل الثقافة التقليدية أيضا, والتي هي قوام عقل مركزي ظل يحكم السودان لعقود طويلة, ولذلك ثمة ضرورة تحتم وعى قوى الهامش لا ببعضها البعض بل بالمركز أيضا,وهو الشيء نفسه المطالبة به القوى الديموقراطية الجديدة في المركز, فتلك خطوة ضرورية لتشكيل كتلة تاريخيه ذات بعد قومي على أنقاض الواقع الإثني القائم.
    وعي الهامش بضرورة تصحيح صورته كما تقوم في وعى المركز والعكس - خاصة أن لدينا هوامش وليس هامشا واحدا..هوامش بحاجة أيضا لتصحيح صورتها في بعضها البعض. هو المدخل لأن يكتشف المركز والهامش معا, أنهما مختلفان عما يتصورانه عن بعضيهما! إذ سيتم إكتشاف أوهام لا أساس لها غير الأساس الذي تدعيه, أو يدعى لها. ويصبح هذا الإكتشاف خطوة بالإتجاه , بإدراك أن المشكلة في الثقافة التقليدية, وتوظيف الإسلامويين والطائفية لهذه الثقافة التقليدية.
    وبإدراك ذلك ندرك المشتركات بيننا, وندرك حقيقة مصالحنا ومصيرنا المشترك، وحاجتنا لبناء سودان موحد يعي عناصر التنوع والخصوصية في ذاته.. والغاية هنا ربط الثقافة السودانية في مركز السودان وأطرافه ببعضها البعض.. جعل آخرها زمنا لا زيلا لبدايتها.. بل تجاوزا لها وتدشينا لبداية جديدة, تمنح المركز تأريخا قوميا, نقيضا لتاريخ الهيمنة والإستعلاء, أما من ناحية الجغرافيا فدارفور وجبال النوبة والشرق والشمال وجنوب النيل الأزرق وطن واحد, في كل شبر منه نجد جنوب وشمال وشرق وغرب ومركز, فالخصوصية في كل هذه الثقافات, إنما تمنحها التميز والغنى والقوة والمنعة (16).. وليس العكس, بمعنى أن الخصوصية تضعفها, بالتالي لابد من الدمج القسري والهيمنة الثقافية, اللتان وسمتا تاريخ العلاقة بين المركز والأطراف, وأدتا عن طريق آليتي "التعريب والأسلمة" في خاتمة مطاف العلاقة بالجنوب إلى الإنفصال.
    *صحيح أن للمؤتمر الوطني جماهيره من المنتفعين, لكن الصحيح أيضا أن الجبهة الثورية, والقوى الديموقراطية الجديدة, بإمكانها أن تتحول إلى حركات وقوى أكثر جماهيرية, إذا اندرجت ضمن الكتلة التاريخية بتوصيفنا السابق, كتنظيم سياسي ديموقراطي قومي, فحين تكون الجماهير في الأطراف والمركز تغلي, مثل هذا الغليان الإثني (والذي هو ناتج السياسات العنصرية لنظام الحركة الإسلاموية) لا يكون من الصعب الإطاحة بتقابل ثنائي تبسيطي (الذات/الآخر), كالتقابل بين الجبهة الثورية والمؤتمر الوطني, أو المثقفين والديمقراطيين(كآخر) وقوى السودان القديم, التي هي (ذات) بالنسبة لهذه القوى. هذا التقابل الثنائي الذي ينسحب على سؤال الهوية الوطنية, كسؤال ينطوي على الذات وآخرها, فيما عرف بالمركز والهامش.
    *هذه الذات التي في واحدة من "تجلياتها" بلغ فعلها الآيديولوجي الإجرامي, حد قتل أبناء الشعب الواحد بإعتبارهم "آخرا" وأهدار كرامة النساء تحت لواء نفس المنطق, وتعذيب وقتل وأغتصاب وتشريد المعارضين, وأحتكارت السلطة والثروة بالمنطق نفسه! في الحقيقة هي ليست "ذات" بقدر ما هي أحد مونات عقل مركزي, تتجلى سلوكياته بمستويات مختلفة في القوى المكونة له (الإسلامويون والطائفيون والإثنيون), فإذا كانت الحركة الإسلاموية هي مجرد مكون واحد من مكوناته, فهي المكون الأكثر تطرفا, لإعتمادها على أسوأ عناصر الثقافة التقليدية الحاضرة في وعي الشعب في المركز والأطراف!
    * لا أحد بإمكانه أن ينكر, أن ليس ثمة فساد إجتماعي وسقوط أخلاقي, مثل فساد نظام الحركة الإسلاموية حتى الآن, إلا فساد العهد المهدوي؟! و(الصادق المهدي يدرك ذلك تماما) ويعرف أكثر منا الكلفة الإنسانية الباهظة التي دفعها شعب السودان في العهد الإسلاموي المهدوي– والعهد الإسلاموي الإنقاذي, بل أن الإنقاذ هي المهدية الثانية – ولذلك أنه كحزب أمة (فهو الحزب للأمة – وفقا لتصوره عن نفسه- بعد أن ضاعت منه الدولة) يدعم نظاما فاسدا يغش في كل شيء حتى المقدسات!. معرفة الطائفية لذاتها "بدلا عن أن تجعلها جزء من "حل المشكلة", أصبحت جزء من المشكلة ذات نفسها- مثلما هو حال الطائفية دائما- فالمهدي بإدراكه لتعبير الثقافة التقليدية عن مصالح الطائفية, وحمايتها لهذه المصالح, مثلما هي تحمي مصالح القوى الإسلاموية والسلفية الأخرى وتعبر عنها! ظل كما أشرنا سابقا – حزب الأمة والطائفية والإسلامويون والسلفيون عموما- جزء من أزمة السودان ومشاكله المزمنة!
    *قدرة القوى القديمة على تغيير هذا النظام –إذا كانت مبدئية ولديها أخلاق عمل سياسي مشترك- تنبع على وجه التحديد من كونها تلعب دورا مركزيا فيه, كنظام.. لذلك الأكثر جدوى من كل ذلك هو نهوض تحالف ديموقراطي ثوري لا يشملها, فتحالف بهذا المعنى بإمكانه تقعيد المفاهيم, فيما يخص الكتلة التي بإمكانها أن تصنع واقعا جديدا فعليا, وهكذا الكتلة التاريخية –كتعبير عن الشعب في الأطراف- وكمصطلح يفرضه واقع فهم الهامش أخيرا لشروطه الظالمة, التي شرع في تغييرها, سواء بالحركات الثورية أو القوى المدنية, و تغيير المفاهيم التي لازمت عملية بناء و إدارة السودان, وأدت إلى إفشاله كدولة.
    ولكي يحقق هذا الهامش تحرره وشراكته في السودان الكبير, لابد له من فهم النحو الذي يتداخل به وضعه الخاص كأنساق, مع نسق آخر هو المركز, بحيث لا يعود هناك مركز أو هامش, بل الوطن القومي لجميع السودانيين.
    *تحالف الديمقراطيين والقوى الجديدة والشباب والمرأة وقوى المجتمع المدني,مع الجبهة الثورية ليس بحاجة إلى نظرية معقدة, كيما تدرك الأطراف المختلفة, أن الكرة في ملعبها لو توحدت, وأن الواقع الراهن بائس, بالقدر الذي يقتضي أن تعمل هذه الكيانات متحدة على تغييره.
    وهذا التغيير أحد شروطه بالطبع, الحاجة التي تحسها القوى القديمة ذاتها, لإعادة صياغة عقائدها النظرية ورغباتها السياسية, إذ لم يعد السودان بحدوده المعروفة الآن كما في السابق, عندما كانت تهيمن عليه وتديره "على كيفها"..
    بالتالي نشؤ تحالف قوى الإجماع والجبهة الثورية, ربما يسهم بفعالية في إعادة الصياغة هذه –إذا آمنت القوى القديمة بالديموقراطية فعلا، و بالضرورات الملحة؛ التي تفرض عليها إصلاحا حزبيا واسعا، يطال الفكر والآيديولوجيا السياسية ونظرية التنظيم..
    *غني عن القول أن توقيع القوى القديمة (على وثيقة الفجر الجديد)على أن الشعب هو مصدر السلطات, بالتالي الحاكمية له. وفصل الدين عن الدولة. أن ذلك يسهم في إعادة بنائها لنفسها على أساس برامجي غير ديني, ويحفزها على الإصلاح الحزبي.. بالتالي قطع الطريق على مشاريع الدولة الدينية, التي تورط فيها المصريون الآن رغم خبراتهم العتيدة معها, خلال السلاطين الذين كان حتى المؤذنون في السودان, لا يتورعون عن ذكر أسماءهم كلازمة لآذان الصلاة.
    * ونحن نقترب من ختام ورقتنا، التي قد لا تروق أفكارها للكثيرون, لا يفوتنا التأكيد على أنه لولا ضغط الهامش، الذي ما كان ليحس بحاجة للثورة, وما كانت ثورته لتنجح ما لم تكن قائمة على هذا الوعي بالذات وبالآخر: (القوى القديمة) وما لم تكن– قوى الهامش - مسلحة بأهداف محددة, ومتطابقة مع ذاتها بما يكفي لتحقيق هذه الأهداف, لولا كل هذه الأمور, لما كان هذا الحوار عن وحدة السودان أساسا، ولما كان هذا الحوار عن إعادة التأسيس والبناء. وهذا لا يعني بحال من الأحوال، الإنغماس في إثنية شاملة, كرد فعل لممارسات المؤتمر الوطني المضادة للإنسان كإنسان.
    *إن الإسلام السياسي الذي شيد السودان القديم في اللحظات الفارقة من تاريخه (سنار – المهدية "إذا جاز لنا التعبير") ما حفز –الإسلام السياسي- كعنصر كامن في رحم الثقافة التقليدية, بعد الإستقلال, إلى الصراع في البرلمان حول الجمهورية الإسلامية والدستور الإسلامي في الديمقراطية الثانية ", ليتجدد في – تجربة 83- 1985- ليتبلور بصورة كاملة في تجربة (89 – حتى الآن)يجب أن يتم النظر إليه على أنه ينتمي إلى نظام تفكير القوى القديمة, التي يجب أن تكون ممتنة للقوى الجديدة, التي ظلت تحفز بنقدها المتواصل, وضرورة صياغة قوانين لتأسيس وتسجيل الأحزاب, على أسس مدنية وديموقراطية وبرامجية، بالتالي ضرورة الإصلاح الحزبي، وإعادة صياغة هذه الأحزاب لعقائدها ونظمها, بأن تكف عن توظيف الدين في السياسة، بل أن سلوكيات من هذا النوع، يجب أن تضعها تحت طائلة المسائلات القانونية المدنية .
    السودان – في تقديري الخاص– لن يجد خلاصه إلا في تحالف المثقفين مع القوى الديمقراطية الجديدة والجبهة الثورية,إلخ.. فعندها فقط تتغير الموازين, وربما ينزاح عن كاهل الإسلامويين والطائفيين عبء قناعاتهم, بمكاسبهم الاسلاربوية ولذاتهم الدنيوية, ويشعرون بأنهم أحرار فعلا في الحديث عن الموسيقى والنحت واللون والسينما والمسرح والشعر والغناء والقصة والرواية،إلخ...
    هذه أشياء جميلة فعلا، لا علاقة لها ب"الدبابين والجنجويد". أو"صيف العبور والفجر المبين" أو الضبابي.. بالطبع لن يروق هذا الحديث للكثيرين من عشاق فقهاء الظلام. فالإختلاف هو حال البشر، ما يعني أن ما من حال محدد على الإطلاق, وإذا ما كنا سنتمكن من القبض على هذه الحقيقة، ما أن نسلخ عنا عبء مفاهيمنا, التي تضفي التجانس والتماثل -على خلفية نظرية الدمج القسري والقفز من الوصف إلى الوصفة- ونطرح ما لدينا من سرديات كبرى منذ عصر الفونج والمهدية، إلا ونجد عندها سبيلا للتوصل، إلى الحال الذي ينبغي أن نعيش عليه, بدلا عن الحال الذي وجدنا عليه الأشياء في هذه البلاد التي كانت كبيرة ذات يوم! التي حالها الآن يقتضي – خاصة بعد إنفصال الجنوب- الإحتفاء السياسي بالإختلاف والتعدد والتنوع, في إطار ما تبقى منها كجغرافيا.
    *لقد كان الإصغاء المرهف إلى السياق التاريخي، وإلى دور الثقافة الإسلاموعربية في صياغة الذات السودانية، وإلى أخفت أصوات التراث (الإسلامي العربي) مقررا إجباريا على كل السودانيين في المركز والأطراف. الآن السودانيين المهشمين يصغون إلى أخفت أصوات تراثهم (هم) بكل ما تتسم به خصوصية واقعهم المحلي من قوّة.
    أنهم يستمعون الآن إلى سردية مختلفة عن السر ديات المركزية.. ويستمعون إلى جانبها إلى سردية تقول: "كان يا ما كان في سالف العصر والأوان, مرّت على السودان حقب الطائفية والعسكر والحركة الإسلاموية, التي وظفت الإسلام الكريم، لخدمة أهدافها الدنيوية المنحطة, وسلوكياتها السياسية العنيفة. وكانت هذه الحركة الإسلاموية ترى أنه من الممكن أن تسوغ أفعالها الطفيلية, عن طريق حجج عقلانية حينا وخزعبلات حينا آخر, إذ أفسدت الحياة لدرجة أن ضباط الجيش الإسلامويون المنشقون عنها، الذين يرغبون في الإنقلاب عليها يستعينون "بالفُكيا"، فيذبحون الدجاج أسود الريش لإنجاح إنقلاباتهم- مثلما يذبح الموالون الثيران السود لتقسيم البلاد, إلى دويلات هي الأسوأ من دويلات ملوك الطوائف الإسلامويين"حيث تضوع رائحة المسك في ركام الخراب والدّم؟ وكانت –الحركة الإسلاموية- لديها معايير معينة ومشتركة للوصف والتقويم، تستخلص منها مبرراتها للحرب والقمع وتصدير الإرهاب و "الثورة الإسلامية", وفقه الاغتيالات والإبادة والإغتصابات, الذي لا يقل أهمية عن فقه النِّكاح.. والتهميش, إلخ .. وبنجاحها في دمج تنظيمها في جهاز الدولة, تمكنت من إستعمار البلاد والعباد! ولم تكتف بذلك، إذ عملت على أثننه الشعب القومي التوجهات, ووظفت مكوناته ضد بعضها البعض, وكان ذلك هو كل ما يفهمه فقهائها حول مسألة جهاز الدولة وتقسيم العمل, وكل ذل حدث لأن أحدهم "يسمى الترابي" يتميز بذكاء إجرامي, بمعنى أنه شخصية سايكوباتية, بمعنى شخصية مضادة للمجتمع..و, و."، إلخ القصة.
    *الحديث عن سودان الديمقراطية الليبرالية, كمخرج وحيد لأزمتنا, يستتبعه بالضرورة حديث عن الليبرالية الديمقراطية, التي استطاعت أن تخلق أعظم تراكم في القوى المنتجة شهده التاريخ. إذ جعلت الإنسان لأول مرة يحلم بنظام اجتماعي خال من الحاجة والكدح, بوصفها – الليبرالية الديموقراطية- أول أسلوب عالمي للحياة وللإنتاج يجتث من الجذور, كل العقبات ذات الأفق الضيق، خصوصا ما يقف بوجه التواصل الإنسانى.
    بل وهيئت – الليبرالية الديموقراطية- الشروط اللازمة للسلام والتنمية والحرِّية والعدالة وتكافؤ الفرص، ولذلك تظل الديمقراطية الليبرالية, شرطا أساسيا لتحقيق السودان الديموقراطي الموحد، المؤسس على قيم الخير والحق والجمال.
    السودان بمجتمعة الحر.. المجتمع الذي لا مكان فيه للإسلام السياسي أو العنصرية أو المستغلين والطفيليين، وهذا لايعنى أن يتم تعليق كل هؤلاء المرضى من كواحلهم, على مآذن المساجد أو أبراج الكنائس, أو إرسالهم إلى "الكجور" لمعاقبتهم بقدراته الروحية. فالديموقراطية تنهض في سلطة القانون المدني أولا وآخيرا.
    وهذا القانون (كي يكون)في المجتمع المتنوع والتعددى مثل السودان, لايمكن أن يتكرّس في الدولة إلا بمواقف حازمة، تجاه الطائفية والإسلامويون والسلفيون، والفشل في إدراك ذلك يعنى الإكتفاء ب"المثاقفة", والإسقاطات الذهنية للمستقبل الديموقراطي التعددى,على الحاضر المتصارع عليه وفقا لمبدأ (المنزلة بين المنزلتين) والتوفيق والتلفيق النظري, على طريقة الصادق المهدي –إذ لا ندري مدى الفرق حتى الآن بين الدولة العلمانية، التي يرفضها والدولة المدنية التي يروج لها- بالتالي تعريض هذا المستقبل إلى خطر الحصار والإنسداد التام, مثل كل مرة إثر كل سقوط لنظام عسكري ديكتاتوري!
    *إن أحد الأسباب التي تستدعى تكوين كتلة تاريخية، من قوى الجبهة الثورية وقوى الهامش عموما، تشمل الشمال: ذلك لأن هذه الكتلة المنفتحة على كل المجموعات السودانية، تمثل أحد الضمانات الأكيدة، لعدم تحول الأطراف إلى مركزيات إثنية.
    ومن جهة أخرى هذا النوع من التفكير، يطرح ضرورة العمل على بناء ثقافة مشتركة, بمعنى الإسهام الفعلي للهامش في هذه الثقافة المركزية الإسلامية العربية, عبر مؤسسات الديمقراطية, فثمرة ذلك ثقافة أكثر غنى.. ثقافة قوامها الرؤية المشتركة للعالم.
    ويجب ألا نخشى من تعددية القيم وأشكال الحياة، التي من المحتمل، أن تواجه عمليات بناء مثل هذا النوع من الثقافة المشتركة، فلطالما كان مزعجا للهامش، أنه مصاغ ومقولّب، من قبل قوى المركز العربي الإسلامي، التي تعمل على تحديد هويته دون هوادة, إن لم يكن بالحرب المنظمة مثلما في كردفان وجنوب النيل الأزرق ودارفورالآن، أو مثلما كان الحال مع الجنوب. عن طريق عمليات التعريب والأسلمة, التي يستخدم فيها الجيش كقوى إقسار وقهر. أو غيرها من الطرق.التي ظلت تمارسها الدولة السودانية، بسياساتها الآيديولوجية الموجهة.
    أي السياسات التي ظلت تدفع الأطاف للشعور بالخوف على تاريخها المحلي وثقافتها وتراثها وأرضها وثرواتها.. إذن نحن نتحدث أيضا، وبصورة غير مباشرة عن النسبية الثقافية. بما هي تصور أن للثقافات المختلفة، مشروعيتها الذاتية الكاملة، لكن ذلك لايعنى أنها غير قابلة للقياس، بأى وحدات مشتركة، فهناك نوع من العقلانية، المشتركة بين ثقافات السودان، ومن الواجب دعمها كأساس مشترك.
    فعلى سبيل المثال، أن الواحد منا، عندما يصادف سوداني آخر، ينتمي لثقافة أخرى، لا يجد صعوبة في التعامل معه، بالقدر ذاته؛ الذي لا نجد فيه صعوبة في التعامل مع الآخرين، في أي مكان من العالم!
    لذلك يجب أن تكف الثقافة التي لطالما كانت مركزية، عن غطرستها الإمبريالية بإصدار أحكام "قيمية" و"مسبقة" و"معممة" على أية ثقافة أخرى, وهو الوضع ذاته الذي ينطبق على الثقافات الأخرى، وهذا لايعنى أن نكف عن القول لهم ويكفوا عن القول لنا، فما هو مطلوب، هو أنه يجب: أن نتفهم ثقافاتنا المختلفة، لأنها المدخل لمناهضة المركزيات الإثنية، سواء كانت في الأطراف أو الوسط والشمال.
    وحتى لا نفكك دون وعى، بعض الأفكار التي يمكن أن تكون مفيدة للجميع، فيما كان مركز أو هامش، مثل فكرة المصير المشترك والمصالح المشتركة والوحدة الوطنية. خاصة أن الصراع بين المركز والهامش، الجوهري فيه، هو السعي للتقاسم العادل للسلطة والثروة، وفي خضم ذلك يتم إستغلال الإثنيات والدين والتاريخ والعرق والثقافة,الخ.
    عدا ذلك فإن كل القوى الجديدة، لاتزال مجابهة بخطر الإسلام السياسي. كيف تواجه ذلك؟.. لاشك أن أطروحاتها الخصبة، حول الديموقراطية والعلمانية والليبرالية، والمدنية والتنوع, إلى جانب التبصرات العميقة، في مكر القوة المسلحة وخبثها، الذي لا يقل خطورة عن الطائفية والإسلام السياسي، إذا لم يتم تقييدها بضمانات إستخداماتها المرحلية المؤقتة.. ا هذا النوع من التفكير، في تقديري ستكون قيمته أكبر، عندما يقترن بأفكار التضامن والتنظيم الديموقراطي القومي الموحد المنضبط، وأفكار الوحدة الوطنية, وتعميق وتكريس "أخلاق عمل سياسي وتقاليد سياسية"، بالضرورة تنعكس على التحالفات وأشكالها وطبيعتها وجديتها وإلتزامها. بمعنى إستناد العمل السياسي المنظم، على نظرية واقعية وليس على أفكار مثالية حالمة ومهومة وغير واقعية، كالأفكار التي ترفض إستخدام السلاح في إسقاط هذا النظام، وتتصور أنه من الممكن أن يسقط فقط بالنضال الجماهيري السلمي؟!
    القوى الجديدة الآن بحاجة أكثر من أى وقت مضى (لمواجهة خصومها التاريخيون: الطائفية والإسلامويون والسلفيون والعقائديون والشموليون) وفقا لأسس معنوية فكرية متينة، حيث لا شيء أقل من ذلك؛ يمكن أن يوفر لها الموارد السياسية الدعائية، التي تحتاجها؛ في تبيان صدقية مشروعيتها، كقوى تطمح لتأسيس سودان العدل والحقوق والخير والجمال والتنوير والحداثة والديموقراطية والمدنية والمساوة، إلخ.. تماما كرحلة جلجامش في اللا- نهاية بحثا عن القيم الإنسانية النبيلة.
    خاتمة:

    (عدل بواسطة احمد ضحية on 01-26-2013, 02:05 PM)

                  

العنوان الكاتب Date
تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائرها احمد ضحية01-12-13, 08:49 PM
  Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-12-13, 08:50 PM
    Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-12-13, 08:51 PM
      Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-12-13, 08:53 PM
        Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-12-13, 08:54 PM
          Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-12-13, 08:55 PM
            Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-12-13, 08:56 PM
              Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-12-13, 08:58 PM
                Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-12-13, 09:00 PM
                  Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-13-13, 00:22 AM
                    Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-13-13, 06:12 AM
                      Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-13-13, 05:15 PM
                        Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-13-13, 05:16 PM
                          Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-13-13, 05:17 PM
                            Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-13-13, 05:18 PM
                              Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-13-13, 05:20 PM
                                Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-13-13, 05:22 PM
                                  Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-13-13, 05:24 PM
                                    Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-13-13, 05:25 PM
                              Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ Elmoiz Abunura01-13-13, 05:49 PM
                                Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-13-13, 10:10 PM
                                  Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-24-13, 10:15 PM
                                    Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-24-13, 10:18 PM
                                      Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-24-13, 10:20 PM
                                        Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-25-13, 04:45 AM
                                          Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-25-13, 02:47 PM
                                Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ mustafa bashar01-25-13, 03:44 PM
                                  Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-25-13, 11:06 PM
                                    Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-26-13, 11:47 AM
                                      Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-26-13, 02:07 PM
                                        Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-26-13, 07:03 PM
                                          Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-27-13, 06:05 AM
                                            Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-27-13, 06:18 AM
                                              Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-27-13, 06:22 AM
                                                Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-27-13, 09:07 AM
                                                  Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية02-15-13, 03:34 AM
                                                    Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية02-15-13, 05:04 AM
                                                      Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية02-15-13, 05:30 AM
                                                        Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية02-15-13, 06:07 AM
                                                          Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية02-15-13, 02:26 PM
                                                            Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية02-15-13, 08:35 PM
                                                              Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية02-16-13, 02:00 AM
                                        Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية02-16-13, 04:50 PM
                                        Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ Elmoiz Abunura02-17-13, 02:59 AM
                                          Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية02-17-13, 03:24 PM
                                        Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية02-18-13, 08:00 PM
                                          Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية03-25-13, 04:36 PM
                                            Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية03-27-13, 01:57 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de