تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائرها

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-16-2024, 01:05 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2013م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-25-2013, 02:47 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ (Re: احمد ضحية)

    (2-3): المثقف والسلطة والإعلام والتنوع:

    *مثل كل العالم النامي, إرتبطت نشأة المثقف في السودان, بعاملين متداخلين, أحدهما له طابع فوقي, يرتبط بحركة التحرر الوطني ضد الإستعمار, والسعي نحو بناء الدولة الوطنية. والآخر نتيجة عملية بناء وتوطين جهاز الدولة (12).. ولأن الانتلجنسيا في السودان المعاصر تأثرت, بالانتلجنسيا التقليدية (علماء الدين), إلا أنها تأثرت أيضا بالمعارف والعلوم الحديثة, والأفكار الجديدة. يشير دكتور حيدر إبراهيم هنا, إلى أن أحد الباحثين, يرى ثمة توهم بأن "المثقف خارج السلطة", ولكنه بداخلها, بمعنى وجود معارضة داخل السلطة لا خارجها, حين يبحث "المثقف المسيس", عن بديل داخل النسق السياسي القائم!.
    كما أن هناك حالات "المثقف داخل السلطة وخارجها" في آن واحد, وذلك لأنه ينتمي إلى مؤسسة تديرها السلطة الحاكمة, ولكن على مستوى المبادرة الفكرية هو خارج هذه السلطة, وهذا لا يعني عدم وجود قلة, تحاول أن تكون خارج السلطة, أو خارج كتلتها التاريخية (المؤسسة العسكرية, تيارات الفكر الأساسية) متناقضين فكريا معها, وينشطون سياسيا بهدف تغييرها, وقد يكون هؤلاء عاملين داخل أجهزة الدولة نفسها, لأن تحديد داخل/ خارج السلطة, يتم حسب الموقف الفكري والسياسي, أي بحالة الوعي وليس بحالة الوجود (13).. ومن هنا ينطلق دكتور حيدر, لدحض فكرة "التجسير" بين المثقف والسلطة, مشيرا إلى أن محاولات البعض, تعميم فكرة التجسير, بالقول أنها موجودة فعلا في المجتمعات الغربية, وهي التي تجنب تلك المجتمعات التوترات, فذلك لأن المثقف هناك ليس بعيدا عن السياسة ومراكز إتخاذ القرار, ودوره مؤثر من خلال توعية الرأي العام, أو تقديم النصح والمشورة, للنخبة الحاكمة, في الإقتصاد والإستراتيجيا والعلوم والفنون. كما يقوم بمهام عديدة, ذات صلة بالعمل السياسي, مثل العلاقات العامة, كما تظهر في الحملات الإنتخابية وقياس إتجاهات الرأي العام, حيث يمثل المتخصصون والمثقفون مجموعات "مراكز تفكير"
    تساعد في وضع القرار, وإيجاد المبررات والتوضيحات, وتقديم الحلول العملية, أي الإستشارة السياسية المتكاملة, إلى جانب الأدوار التي تلعبها مجموعات الضغط, في التأثير على القرار. ومثل هذه العلاقة ممكنة في مجتمعات ديموقراطية وتعددية ليبرالية تكفل حق الإختلاف (14).. لكن في مجتمعات إستبدادية مثل حالة السودان, الذي يقسم رئيسه ب"الطلاق" في شئون الحكم والسياسة, كأنه يفاوض على سعر"بعير" في "سوق الناقة" بأم درمان. فذلك غير ممكن؟!..
    من الصعب أن يشرك طواعية مثل هذا الحاكم المستبد, في سلطته المطلقة المثقفين, إذا لم يشكلوا قوة ضغط مؤثرة ومنظمة, لذلك يتم نسف فكرة التجسير هنا من أساسها (15) فالأمر لا يحتاج إلى جسور أو توفيق لوجهات النظر, بل تغيير جذري, بتغويض نظام حكم المؤتمر الوطني الإسلاموي الفاسد – الذي هو إمتداد للنظم المتعاقبة- وتأسيس نظام ديموقراطي على أنقاضه.
    *لقد وصلت أزمة المثقف والسلطة, إلى ذروتها خلال عصر الإنقاذ, فقد هزم المثقف هزيمة ساحقة, وماحقة لدوره الطليعي , فالدينامية الإجتماعية التي رافقت الفترة من العشرينيات حتى السبعينيات, إنتقلت إلى فئة المثقفين البيروقراطيين, وبالتالي ضمر مركز الأحزاب والتنظيمات السياسية, وانتقل إلى جهاز الدولة, فقد صعدت البيروقراطية والعقائدية والعسكرية, عدة مرات من خلال الإنقلابات في (1958 – 1969 – 1989 ) على حطام النخبة المثقفة, وكان ثمن هذا الصعود, هيمنة العسكر أو العقائدية, أو هيمنتهما معا كما في حالة الإنقاذ ( يونيو 1989), بالتالي التهميش الدائم والعزل المنظم. بل التشريد المتواصل للمثقف, ومنعه لعب أي دور مستقل في الحياة السياسية والإجتماعية, وهو ما يفسر أيضا – إلى جانب عوامل أخرى أشرنا إليها فيما سبق– إغتراب وهجرة الآلاف من العلماء والمهندسين والمفكرين والأدباء والفنانين, إلى الخليج واليمن وليبيا وأميركا وأوروبا وكندا واستراليا, إلخ..
    *ما هي الأسباب التي دفعت بالعبدلاب والعنج, لبناء دولة واحدة مركزها سنار, وما هي الأسباب التي دفعت بالفور والعرب لبناء دولة واحدة مركزها الفاشر, وما هي الأسباب التي حركت الفاشر وسنار لبناء مركز جديد في أم درمان, كحاضنة مركزية لتنوع السودان الكبير, بكل ما أنطوى عليه هذا الإحتضان "المركزي" من جرائم وجرائر!.. قد تتلخص الأسباب في كلمة واحدة هي "السلطة".
    وفي ظني الخاص يمكن قراءة ذلك أيضا بطريقة مختلفة عما هو سائد – بعيدا عن مفهوم "الفرن" أو الدمج القسري إو "إعادة الانتاج" وما يرافق هذا المفهوم, من أحاسيس بالقسر والإضطهاد التاريخي والتدني, أوعدم التقدير للذات, أو(أيضا) التقدير المبالغ فيه للذات سواء في المركز أو الهامش – نعم يمكن قراءته بطريق مختلفة, إذا أعدنا قراءة الوعي السوداني, للكشف عن التصور الوحدوي في سنار والفاشر وأم درمان.
    فإعادة قراءة التجربة السنارية والتحالفات التي نهضت عليها, وإعادة قراءة سلطنة الفور – بل وحتى مملكة المسبعات في كردفان التي شملت "مهمشي"جبال النوبة - نلاحظ أن كل هذه الممالك أو السلطنات, نهضت في تحالفات شبيهة بتحالف سنار بطريقة أو أخرى. وأن أهم ما يمكننا الخروج به منها, هو الحراك الإجتماعي الضخم الذي أحدثته, فالمهدية – مثلا – تمكنت من تحريك الشعوب السودانية بمختلف إثنياتها, من أنحاء السودان المختلفة, إلى مركزها في وسط السودان في أم درمان.
    من شأن مثل هذه المراجعات أن تثمر جدلا واعيا, حول تقويم التاريخ والتراث السوداني – الذي ليس كله سلبيا, فهو لا يخلو من إيجابيات عديدة – وتوظيف هذه الإيجابيات في فهم الهوية الوطنية بصورة إيجابية, لأن أي مشروع نهضوي لا يمكن أن ينطلق, إلا من فهم صحيح للهوية. بالتالي الافادة من ذلك-الفهم الصحيح- لتصحيح وتقويم الحاضر, بدرجة أو أخرى, لإستشراف المستقبل المثمر للسودان.
    فالتراث عموما يصبح تاريخا يدرس ويُدرس, دونما حاجة للتشبث به, لا لشيء إلا لأن العصر تجاوزه, وإلا سيصبح التشبث بالتراث, خاصة ما هو غير مفيد أو ضار, وإجتراره. عائقا أمام الوحدة والتقدم, وهذا يعني ضرورة إعادة بناء الثقافة الوطنية التقليدية, لتساهم مع الثقافة الحديثة في تكوين ثقافة وطنية ثورية, يعاد تأسيس السودان بموجبها.
    فإذا كانت الطائفة هي مرحلة متقدمة على القبيلة والإثنية, والحزب السياسي مرحلة متقدمة على كل ذلك, فإننا بحاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى, إلى الإنتقال إلى مرحلة "المجتمع المدني", بتغيير الواقع الإجتماعي, بأن تكون لنا أحزاب حقيقية غير مؤسسة على الإسلام السياسي(ذات برامج مدنية).. أحزاب لا تعتمد على الولاء القبلي أو الطائفي أو الإنتماء الديني في نفوذها.. أحزاب لا تستمد قوتها من آيديولوجيا عقائدية شمولية, جاوبت سلفا على كل أسئلة الكون والحياة, منذ الميلاد حتى الممات, وأن تكون لدينا تحالفات مبدئية كبيرة (شبكة مؤسسات مجتمع مدني – جبهة ثقافية – فدرالية القوى الجديدة- جبهة الحراك المدني والشبابي,إلخ..)وهذا لا يعني أننا نطمح إلى الإكتفاء بتغيير الواقع الإجتماعي فقط, بل يعني أيضا أننا نعمل على تغيير المفاهيم المتصلة بالثقافة الوطنية, وأبنيتها ومناهجها وتصوراتها للعالم, وقيمتها في أعادة تأسيس السودان.
    وإلا فإن التبريرات الدعائية الطائفية والإسلاموية والإثنية, ستودي بهذه الثقافة للحفاظ على تقليديتها – سواء كان ذلك في المركز أو الهامش – والتي سرعان ما ستستعمل, ضد المصلحة العامة , سواء كما تتصورها الكتلة التاريخية (أطراف السودان) أو القوى الديموقراطية والعقلانية في المركز.
    فليس للجميع من حل سوى التحالف والعمل سويا,في سبيل إعادة تأسيس الدولة السودانية, فالمكونات التقليدية في الثقافة السائدة التي إستهدفت بها الإنقاذ منذ مجيئها, مثل البرامج الدينية التراثية ك"روح وريحان" و"المنتدى الفقهي" و "وجه النهار", إلخ.. و الإسلاموية مثل"العلم والإيمان", الخ.. من برامج محلية ومستوردة من العالم العربي الإسلامي, تم ويتم توظيفها, وبإسم الإسلام, كمعاول هدم لمشروع التنوير والتحديث,هذه المكونات في الثقافة التقليدية السائدة, التي عجت بها برامج المنوعات التلفزيونية –مثلا- هي في الحقيقة تكرس وعيا إسلامويا زائفا مضادا للتغيير الإجتماعي– خصوصا أن الإنقاذ حوّلت تلفزيون السودان من جهاز يفترض أنه قومي وهو قطعا ليس كذلك, إلى أداة آيديولوجية لأثننة المجتمع وتزييف وتغبيش الوعي العام, وتصفية الحقائق الموضوعية عن الواقع الإجتماعي والثقافي للسودان الكبير.
    وفي هذا السياق أذكر على سبيل المثال, قبل عدة سنوات, إستضافة المك ناصر وحاشيته من قبيلة الجموعية, في أحد برامج المنوعات التلفيزيونية(2005 على ما أذكر), للتفاخر بأنهم – أي قبيلة الجموعية – "أصحاب البلد" وأنهم تكرموا وتفضلو على السودان بقطعة الأرض التي سيشيد عليها مطار الخرطوم الجديد – التي في الواقع –هذه الأرض- تقع داخل الحدود الوطنية للبلاد, كما أنها مملوكة لحكومة السودان, وفقا لقانون الأراضي منذ كانت مؤسسة, الأراضي ضمن مسئوليات الجيش- والذي كان من المفترض- أي المطار الجديد- أن يطلق عليه إسم "مطارالجموعية" أو يسمى ب"مطار المك ناصر",إلخ..
    إعتراضنا هنا ليس على أن يسمى بإسم "مك الجموعية" أو "سلطان الشلك", فمثل هذه الأمور ليست بيت القصيد, ولكن بيت القصيد هو أن المؤسسات المملوكة للدول بمعنى جموع الشعب, عندما تُسمى بأسماء أفراد, فذلك لأن الأفراد أصحاب التسمية, لعبوا دورا إيجابيا فارقا في تاريخ أوطانهم, وهذا ما لا يتوفر في هذه الحالة.
    وهو شيء مماثل لتمجيد "النحاس" في وقتنا الحالي, لا كتراث بل كقيمة مُرحلّة إلى حاضرنا, في زمن الإنترنت والإعلام الجديد وعائلة طائرات الإف والإي 10, ما يسهم في تشكيل الوعي العام, بالإتجاهات الخاطئة. وظهور نظريات فطيرة للمسئولين كنظرية –زرقاء اليمامة- حسب فهم وزير دفاعنا "أعني نظرية الدفاع بالنظر" عندما سئل, عن لماذ ليس لدينا رادارات, تكشف الإختراق الإسرائيلي لأجوائنا, قبل أن يتم قصفنا, كما حدث قبل فترة, لمصنع اليرموك بمنطقة الشجرة, في تكرار يتصل بالقصف الإسرائيلي المتكرر لشرق السودان.
    يجب أن يفهم كل ما سبق في إطار توظيف الإعلام الرسمي بطريقة إيجابية مدروسة, لصالح الوعي القومي والوطني.. طريقة تسهم في تكريس "الهوية السودانية ككل" وليس"الإنتماء القبلي" والإدعاءات والأكاذيب.. بحيث تضيف إلى رصيد وحدة السودان, لا أن تخصم من هذا الرصيد الفقير.
    ما أعنيه بالضبط, أن تراعي هذه البرامج, عدم إثارة النعرات العرقية, فهز السيف (على طريقة يا بلد نحنا برانا رجالك.. ونقعد نقوم على كيفنا, وفوق رقاب الناس مجرب سيفنا), إلخ من ترهات بإسم الفنون والتراث.. هذه الطريقة البائسة, تجعل من القائمين على أمر جهاز التلفزيون, أكثر عناصر أزمة السودان خطورة, سواء فعلوا ما يفعلون عن وعي بحقيقة وطبيعة الدور "القومي" للتلفزيون, أو دون وعي. فالتراث والفنون عموما قيمتها الحقيقية وجوهرها في إلهامنا القيم الإيجابية, لأجل تكريث مباديء الخير والحرية والحق والجمال, وليس الإستعلاء والعنجهية والصلف ضد بعضنا البعض, فأي تراث لا يغذي المكون القومي فينا, يعتبر تراثا غريبا عنا ولسنا بحاجة له.
    خصوصا أن جهاو التلفزيون كجهاز متورط منذ 1989 في أثننة المجتمع, ظل يرفع شعار (التنوع في إطار الوحدة). هذا التنوع الذي لا يفهم منه الإسلامويين العنيفون القائمون على أمر التلفزيون سوى "الكسوك", و "الكمبلا",إلخ .. فبنظرهم أنهم عندما يعرضون تراث الهامش في الرقص والغناء, بعد أسلمته وفقا لفهمهم للإسلام –أي بعد تشويه هذا التراث- إنما يحققون الشعار المذكور.
    فكل ما يفهمونه عن التنوع يتلخص في الرقصات والغناء فقط – وهنا تجدر بنا الإشارة إلى "موقعة العجكو" في ستينيات القرن الماضي*وهو دون شك تفريغ للشعار المذكور. خصوصا أن نظام الحركة الإسلاموية, اعتاد تفريغ الشعارات من مضامينها النبيلة, فقد فرغ شعار الفدرالية من محتواه من قبل. كما فرغ غيره من الشعارات.
    إن قضية التنوع أكبر من هز السيوف و العجيزات. أنها باختصار تتلخص في كيف يسهم الهامش مع المركز, في صياغة المعنى الإجتماعي العام لكل السودان, بمعنى إعادة تأسيس السودان "من أول وجديد". لا في الرقص والغناء فحسب. ما يطرح الحاجة لتلفزيون جديد في برامجه الحيّة, يطرح – على نحو خاص– ما هو جوهري في قضايا التنوع الثقافي والتباين العقدي والإثني, ونقاط الإلتقاء أو المشترك بيننا جميعا, كسودانيين. والعمل على تقوية وتمتين هذه المشتركات.
    وهو أمر يقتضي إعادة بناء كل الأجهزة الإعلامية والثقافية. وهذا لن تحققه إلا سياسات جديدة للثقافة والإعلام.. سياسات ترمي لتعميق نقاط الإلتقاء بين السودانيين في أطراف الجغرافيا المختلفة.. سياسات تفهم معنى أن يكون لك "شركاء أصيلين" في الوطن, من حقهم أن يروا أنفسهم "ذاتا" فاعلة لا "موضوعا"من موقع الآخر الذي يجابه "الذات "المركزية .منذ 1956.
    ما نرمي إليه, أنه يجب أن نعمل على معالجة الثقافة التقليدية, في كافة مستوياتها, بتفريغها من هذه العتمّة التي تعتمل داخلها. وإحتواء مراكز الخطورة فيها, حتى لا يبث التلفزيون الذي يفترض أنه قومي, أغنيات عنصرية بائسة ك: "شرابنا موية نار ولحم الأسود مزتنا... فرش البيت حرير ترقد عليه فرختنا", رغم أننا تعرضنا مؤخرا عند قصف مصنع اليرموك –بشهادة قصيدة هاشم صديق في رائعته: "طيارة جات بفوق", التي صوّر فيها ما حدث للسكان لحظة القصف: إطاقشت عربات و اتفرتقت (قعدات) واتكسّرت (كاسات). السُرّة (بت تمانين) في (الجكّة) (بت عشرين)- وهو تصوير نقيض تماما للإدعاء العنصري, الذي عبرت عنه الأغنية التي أشرنا إليها, فالخوف غريزة طبيعة في البشر في كل مكان وزمان. ومن الخطورة بمكان التقدير المبالغ للذات, في مواجهة أبناء جلدتنا, الآخرين.
    إذن ومنذ مجيء الإنقاذ, ينتهج التلفزيون السوداني, خطا إعلاميا خطيرا, على مشاريع الوحدة الوطنية وقيم التنوير والحداثة, فدون تغيير كل ذلك, لن يكون لدينا مجتمع مدني حقيقي, ولا مؤسسات مجتمع مدني حقيقية, ولا أجهزة قومية حقيقية. في المحصلة النهائية: لا وطن حقيقي أو دولة حقيقية, بين دول العالم الواسع, الذي نشعر بالخجل عندما نتجول فيه, ونرى حجم الهوّة, التي تفصلنا عنه.
    *ما تقدم لن يتم إلا بضغط من الكتلة التاريخية (الكتلة التاريخية المقصودة هنا: هي قوى الهامش الموحدة إلى جانب الحركة الشعبية قطاع الشمال, والمثقفين الديموقراطيين) التي لا يجب أن تكون هنا هي ذاتها مجرد مرحلة لتغيير موازنات السياسة وسياسات الدولة. إذ يجب أن تبنى وتشيد على أساس أنها تنظيم ينهض في العقلانية والديموقراطية, وتعدد المنابر داخله. والممارسة التحررية الوطنية والتنموية والوحدوية..
    والكتلة التاريخية بهذا المعنى ليست مجرد مفهوم, فهي تحالف قابل للتطبيق, وجدير بأن نفكر فيه كفكرة مركزية, لمجابهة تحديات هذه المرحلة الحرجة, من تاريخنا, فهي ممكن أمثل, يتوافق مع معطيات تاريخنا, الذي لطالما نهضت دوله في التحالفات, بالتالي يمكننا تحقيق الشيء نفسه الآن لكن بطريقة إيجابية, فالتاريخ لا تغيره ذكريات "نحاس" الجموعية في أم درمان, ولا ذاكرة الفروسية لدى "بني جرار" – فقد كانت الميرم "تاجا" أخت علي دينار تساوي لوحدها عشرة فرسان أشداء, وقيل في رواية إثنية أكثر راديكالية مائة, وكان طبل علي دينار "المنصورة" لا يقرع إلا لأمر جلل.. وكان يا ما كان في سالف العصر والآوان.. ثم ماذا بعد كل هذا ؟!..
    كل ذلك ليس له قيمة الآن, ولا يسهم إيجابيا في تعميق الوعي القومي على حساب الإثني, خصوصا بعد أن أثننت الحركة الإسلاموية المجتمع والسياسة والثقافة.
    ما الذي يعنيه كل ذلك للحاضر؟؟ التاريخ تغيره حسابات الحاضر, وموازين القوى في هذا الحاضر.. ولأن الإعلام القومي – مجازا – لا يزال إعلام إسلاموي عروبوي لن يتم تصحيح مساراته, لإستيعاب الشركاء الآخرين في الوطن, إلا بتقويض حكومة (الحركة الإسلاموية) المؤتمر الوطني من أساسها, وتشييعها نهائيا إلى مزبلة التاريخ, إلى غير رجعة..
    ليبدأ عهد التأسيس الحقيقي للدولة السودانية الوطنية, التي نأمل أن يكون "لجبهة الحراك المدني والشبابي" دور حقيقي فيها.. حتى يخرج فعلا من ركام الماضي, وذكرياتنا الحزينة, سودان يلبي تطلعات الجميع دون إستثناء.
    *صحيح نحن في السودان الكبير, لسنا متطابقون الشبه كتؤام, فليس شرط التوائم التطابق. و ذلك لن ينفي أننا أخوة, وهو ما يجب أن نركز عليه كمثقفين وديموقراطيين, يؤمنون بمشروع السودان الموحد بإرادة موحدة, تعمل على بلورة نظرية, تعتمد عليها كل القوى الجديدة "الموحدة" بهدف مقاربة مفهوم "فدراليتها" على الأقل. كبرنامج للعمل الوطني. وعدم الإكتفاء بتجارب الصواب والخطأ, التي يمكن أن تقع فيها الجبهة الثورية لو ظلت منكفئة على ذاتها, بعيدا عن التنسيق أو التحالف مع المثقفين والديموقراطيين وكل القوى الجديدة. ومسألة الإرادة الواحدة لن يحققها إلا هذا التحالف "الكتلة التاريخية" فدون هذا التنظيم لن يتمكن المثقفون والقوى الجديدة ولا قوى الجبهة الثورية من إعادة تأسيس السودان (وليس هيكلته).
    (3-3): المثقف والسلطة والفجر الجديد و المركزيات الإثنية:

    (عدل بواسطة احمد ضحية on 01-26-2013, 02:04 AM)

                  

العنوان الكاتب Date
تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائرها احمد ضحية01-12-13, 08:49 PM
  Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-12-13, 08:50 PM
    Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-12-13, 08:51 PM
      Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-12-13, 08:53 PM
        Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-12-13, 08:54 PM
          Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-12-13, 08:55 PM
            Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-12-13, 08:56 PM
              Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-12-13, 08:58 PM
                Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-12-13, 09:00 PM
                  Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-13-13, 00:22 AM
                    Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-13-13, 06:12 AM
                      Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-13-13, 05:15 PM
                        Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-13-13, 05:16 PM
                          Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-13-13, 05:17 PM
                            Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-13-13, 05:18 PM
                              Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-13-13, 05:20 PM
                                Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-13-13, 05:22 PM
                                  Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-13-13, 05:24 PM
                                    Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-13-13, 05:25 PM
                              Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ Elmoiz Abunura01-13-13, 05:49 PM
                                Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-13-13, 10:10 PM
                                  Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-24-13, 10:15 PM
                                    Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-24-13, 10:18 PM
                                      Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-24-13, 10:20 PM
                                        Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-25-13, 04:45 AM
                                          Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-25-13, 02:47 PM
                                Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ mustafa bashar01-25-13, 03:44 PM
                                  Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-25-13, 11:06 PM
                                    Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-26-13, 11:47 AM
                                      Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-26-13, 02:07 PM
                                        Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-26-13, 07:03 PM
                                          Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-27-13, 06:05 AM
                                            Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-27-13, 06:18 AM
                                              Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-27-13, 06:22 AM
                                                Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية01-27-13, 09:07 AM
                                                  Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية02-15-13, 03:34 AM
                                                    Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية02-15-13, 05:04 AM
                                                      Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية02-15-13, 05:30 AM
                                                        Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية02-15-13, 06:07 AM
                                                          Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية02-15-13, 02:26 PM
                                                            Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية02-15-13, 08:35 PM
                                                              Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية02-16-13, 02:00 AM
                                        Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية02-16-13, 04:50 PM
                                        Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ Elmoiz Abunura02-17-13, 02:59 AM
                                          Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية02-17-13, 03:24 PM
                                        Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية02-18-13, 08:00 PM
                                          Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية03-25-13, 04:36 PM
                                            Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ احمد ضحية03-27-13, 01:57 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de