|
Re: الحاجة الماسة إلى سرير آمن (Re: عبد الحميد البرنس)
|
كانت أعيننا مسمّرة على مدخل الكازينو. عنقي أصابه تيبس طفيف. والذباب ما ينفك يطوِّف حول الأكواب الفارغة على المائدة. كان الرجل البدين أصلع قصير. يرتدي على الدوام نظارة سوداء. يلعق فمه بين ثانية وأخرى. كان يجلس في مكان تظلله شجرة توت عتيقة. ما إن يستقر به المقام، حتى يحضر له النادل، على فترات متعاقبة، ما أخذت تلاحظه وداد في تلك المرة، قائلة بتهكم "سلسلة أكواب الحلبة المغليّة، لعناية السيد البدين". قلت لها وقتها بينما أتابع النظر إلى كرش البدين المنتفخ كبطن امرأة في نهاية حمل "لعله يشكو من تعفن في المعدة". هكذا، عند بداية عهدي بالمكان، كان يخيل لي، حين تحمل الريح رائحة الأعشاب والأشياء الأخرى الطافحة العطنة من حواف القناة المارة بمحاذاة سور الكازينو الداخلي، أن مصدرها ولا بد ذلك الشيء القابع داخل كرش البدين، مثل داء عضال، بينما يحاول غسله يوميا بلا جدوى عبر أكواب الحلبة المتعاقبة. فجأة، تناهى صوتها، متسائلا "ألا تلاحظ أننا، حبيبي يوسف، لا نكاد نقول شيئا، حبيبي، عن مستقبلنا، عدا ملاحظة رواد الكازينو، والتعليق بسخرية على الدائمين منهم والعابرين"؟!. كنت مقتما لتأخر النحيل. وكان الرجل البدين نفسه قد تأخر على غير العادة في الحضور. كما لو أن القدر يمارس بدوره لعبة النحس القديمة في حرق أعصابي. حتى فاتني في قمة سخطي ملاحظة قول وداد الغامض "للحياة حلول بديلة". كان أخذ يتركز في نفسي، كلُ هذا الكون الفسيح، بمجراته وكواكبه وبحاره وشعوبه، في أيهما سيدلف عبر بوابة الكازينو أولا، هل سيكون الرجل البدين، أم الرجل النحيل؟!. في هذا الصباح، أمكنني رؤية الشعرات البيضاء على رأسي بوضوح لأول مرة، بينما أقف قبالة مرآة الحمام أعلى حوض الغسيل، وتلك الغضون التي تعلو الآن حاجبي وداد المقرونيين لم تكن موجودة هناك لسبع سنوات خلت، عندما بدأت علاقتنا وغرد طائر الحبّ، وقد كَفتْ جوعَه القُبلات القليلة المسترقة، إلى الحين. كان للرجل النحيل هيئة شاعر حالم بذقن دائريّة مهملة. كان دائما يدلف إلى الكازينو متأبطا كتابا وأوراقا وعلى جيب قميصه قلم أحمر جاف. ما إن يجلس مستقبلا مياه القناة، حتى يبدأ في تأمّل الأمواج الصغيرة الجارية، ويشرع بعدها في كتابة شيء ما، أويتابع القراءة بكلياته، بينما لا يكاد صدره يكف احتراقا بسجائر "بلومونت" الرخيصة. لقد كان حتى يوم أمس يحضر إلى الكازينو كساعة طبيعية، فلِمَ تأخر الآن، يا ترى؟!.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
الحاجة الماسة إلى سرير آمن | عبد الحميد البرنس | 12-29-12, 10:49 AM |
Re: الحاجة الماسة إلى سرير آمن | عبد الحميد البرنس | 12-29-12, 02:51 PM |
Re: الحاجة الماسة إلى سرير آمن | عبد الحميد البرنس | 12-29-12, 03:12 PM |
Re: الحاجة الماسة إلى سرير آمن | عبد الحميد البرنس | 12-29-12, 03:46 PM |
Re: الحاجة الماسة إلى سرير آمن | دينا خالد | 12-29-12, 04:12 PM |
Re: الحاجة الماسة إلى سرير آمن | عبدالله الشقليني | 12-29-12, 05:01 PM |
Re: الحاجة الماسة إلى سرير آمن | ابو جهينة | 12-29-12, 06:17 PM |
Re: الحاجة الماسة إلى سرير آمن | عبد الحميد البرنس | 12-29-12, 08:43 PM |
Re: الحاجة الماسة إلى سرير آمن | عبد الحميد البرنس | 12-29-12, 09:54 PM |
Re: الحاجة الماسة إلى سرير آمن | عبد الحميد البرنس | 12-29-12, 11:01 PM |
Re: الحاجة الماسة إلى سرير آمن | عبد الحميد البرنس | 12-30-12, 00:34 AM |
Re: الحاجة الماسة إلى سرير آمن | عبد الحميد البرنس | 12-30-12, 11:20 PM |
Re: الحاجة الماسة إلى سرير آمن | عبد الحميد البرنس | 01-01-13, 02:03 AM |
Re: الحاجة الماسة إلى سرير آمن | عبد الحميد البرنس | 01-01-13, 04:44 AM |
Re: الحاجة الماسة إلى سرير آمن | عبد الحميد البرنس | 01-01-13, 11:48 AM |
Re: الحاجة الماسة إلى سرير آمن | عبد الحميد البرنس | 01-01-13, 07:06 PM |
Re: الحاجة الماسة إلى سرير آمن | عبد الحميد البرنس | 01-02-13, 07:32 PM |
Re: الحاجة الماسة إلى سرير آمن | عبد الحميد البرنس | 01-03-13, 10:51 AM |
|
|
|