|
Re: الحاجة الماسة إلى سرير آمن (Re: عبد الحميد البرنس)
|
كأمثالها في مصر، ظلّ الأفق مسدودا أمامها. وليس ثمة من مخرج يلبي أفراحها الصغيرة، إلا بحدوث معجزة، كهبوطي الاضطراري ذات يوم على مدرج حياتها. كنت أسمعها تردد بين الحين والآخر قائلة "لو أن أبي وافق فقط يوم كان ممكنا أن يتجنس بالجنسية المصرية". كان أعقب ظهور تلك الأسرة، ظهورٌ آخر لعاشقين غريبين على الكازينو. كانا يتلفتان في جزع، كما لو أنهما على وشك مواجهة إحدى المشكلات الكبرى في الحياة، مثل شراء "مستلزمات عشّ الزوجية". بالنسبة لنا، أنا وحبيبتي وداد، لم يكن حتى ذلك العشّ موجودا هناك. وكنّا قد رأيناهما معا، وهما يعبراننا في صمت، ويجلسان على بعد خطوات قليلة إلى نفس المنضدة، التي ظللنا نرى الرجل البدين يجلس إليها على الدوام. لم يكن يستبدلها على مدار حضوره اليومي. وقد منحه حضوره المنتظم و سخاءُ يده ذلك النفوذ المتنامي بين العاملين داخل الكازينو. وهذا ما حدث كما توقعنا حدوثه بالفعل. أقبل نحوهما نادل بوجه مجدور. انحنى هامسا. بدا أنهما لم يفعلا شيئا حيال همسه سوى الابتسام. وقد انتقلا مكرهين إلى منضدة أخرى مواجهة لمدخل الكازينو. قلت لوداد معلقا على مجلسهما الجديد "لا أحد يحبّ الاستقرار على مفترق طرق القادمين". بنبرة مستفزة "يبدو أنهما يخططان لتفاصيل الزواج، حبيبي يوسف"!. أسررتُ مشاعر الغضب. كنت لاجئا سياسيا رسميّا على تلك الأوراق القابعة في أحد أدراج مكاتب السفارة الكندية، وقد تم تحويلها من قِبل مكتب الأمم المتحدة، إلى حين هدوء العاصفة الناشبة في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر على برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك. أذكر أنني ظللتُ أقول لها مع تقادم العهد بيني وبينها "هيا نفعلها يا وداد طالما عهدنا في المقام الأول أمام الله". كانت تقول في البداية بذعر مَن لا حيلة له "إذا ما وصلت أنت إلى هناك هكذا بلا عقد شرعيّ، سينتهي كل شيء بيننا، ستهجرني وسأفقدك إلى الأبد، ولن تعود حبيبي مرة أخرى، يا يوسف". أخذ يحدث ذلك بعد مرور نحو ثلاث سنوات من عمر العلاقة. كان القرب اليومي يُشعل غابات الرغبة المطمورة في دواخلنا. تظلّ تشتعل في أعقاب كل لقاء. إلى أن تموت من تلقاء نفسها مفسحة المجال لحريق غابات أخرى في سلسلة تلك الحرائق الأكثر مدعاة للأسى. هكذا، تبدأ تلك المشكلات الصغيرة مجددا في الظهور. ولم يكن البُعد في ظلّ قلة الحيلة وضيق ذات اليد سوى وقود لحريق محتمل آخر يعلم كلانا جيدا أنه لا يني يقضّ مضجع الجسد ليل نهار، دون رحمة. باختصار، كان التفكير في التواصل الملموس بيني وبينها يحتلّ مساحة في دماغينا بحجم مقاطعة البنجاب في الهند. كنّا نعتاش على مدى أشهر عديدة بقبلتين أوثلاث قُبلات (بالطبع) في الخفاء. "استغفر الله العظيم"، تلك عبارتها المعتادة عند تلك البدايات؛ لا سيما لحظة أن أقول لها متسائلا في ذروة اليأس "لماذا إذن يا وداد، ولأية غاية وُضعت هذه الجمرة المشتعلة بين ساقينا". هكذا، بدأتْ جهودي في البحث عن وظيفة مستحيلة للعيش تتركز في هدم جدران وداد الداخليّة الصلبة صلابة القيم العتيقة نفسها. للمفارقة، لم أكن أضع في الحسبان في أثناء كل تلك المحاولات أن لي كذلك جدران أشد سمكا وصلابة، قد لا تبدأ في الظهور علنا، إلا بعد إنطفاء تلك الحرائق بطريق لا يسلكها الناس منذ آلاف السنوات معا، وإلا تحمَّل المسؤولية فرد واحد منهما حتى الممات: الأنثى. وكان ذلك بعض أشباح تأنيب الضمير ظلّت تراودني على نحو غامض في أعقاب كل محاولة تصدر عني لهدم حصونها تلك. ولم ينقذني منها في الأخير سوى عملي على تحميل القدر نفسه مسؤولية ما سيحدث على الطريق من مخاطر. لكنّ الزمن الرحيم نفسه أخذ ينمّي في تربة وداد الآئلة إلى صحراء بذرة أن تنهار جدرانها المنيعة في ما بدا بلا مقاومة، وقد كان أن قبلتْ أخيرا بِرهانِ البدين والنحيل.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
الحاجة الماسة إلى سرير آمن | عبد الحميد البرنس | 12-29-12, 10:49 AM |
Re: الحاجة الماسة إلى سرير آمن | عبد الحميد البرنس | 12-29-12, 02:51 PM |
Re: الحاجة الماسة إلى سرير آمن | عبد الحميد البرنس | 12-29-12, 03:12 PM |
Re: الحاجة الماسة إلى سرير آمن | عبد الحميد البرنس | 12-29-12, 03:46 PM |
Re: الحاجة الماسة إلى سرير آمن | دينا خالد | 12-29-12, 04:12 PM |
Re: الحاجة الماسة إلى سرير آمن | عبدالله الشقليني | 12-29-12, 05:01 PM |
Re: الحاجة الماسة إلى سرير آمن | ابو جهينة | 12-29-12, 06:17 PM |
Re: الحاجة الماسة إلى سرير آمن | عبد الحميد البرنس | 12-29-12, 08:43 PM |
Re: الحاجة الماسة إلى سرير آمن | عبد الحميد البرنس | 12-29-12, 09:54 PM |
Re: الحاجة الماسة إلى سرير آمن | عبد الحميد البرنس | 12-29-12, 11:01 PM |
Re: الحاجة الماسة إلى سرير آمن | عبد الحميد البرنس | 12-30-12, 00:34 AM |
Re: الحاجة الماسة إلى سرير آمن | عبد الحميد البرنس | 12-30-12, 11:20 PM |
Re: الحاجة الماسة إلى سرير آمن | عبد الحميد البرنس | 01-01-13, 02:03 AM |
Re: الحاجة الماسة إلى سرير آمن | عبد الحميد البرنس | 01-01-13, 04:44 AM |
Re: الحاجة الماسة إلى سرير آمن | عبد الحميد البرنس | 01-01-13, 11:48 AM |
Re: الحاجة الماسة إلى سرير آمن | عبد الحميد البرنس | 01-01-13, 07:06 PM |
Re: الحاجة الماسة إلى سرير آمن | عبد الحميد البرنس | 01-02-13, 07:32 PM |
Re: الحاجة الماسة إلى سرير آمن | عبد الحميد البرنس | 01-03-13, 10:51 AM |
|
|
|