|
|
 Re: الصادق شامي : وجاء يوم شكرك معطرا لمدارج صعودك لمغفرة الرحمن (Re: نادرين عثمان رغيم)
|
بسم الله الرحمن الرحيم
وهــــكــــذا أفَــــلَ قـــمـــُر الشـــامـــابْ ... ! ! !
( ... ليتني ألقي رحيلاً مثل رحيله ... ! )
الطبيب الإنجليزي .
بقلم الاستاذ الشاعر سيدأحمد الجردلو شامي ( ابن عم الفقيد )
• كان الراحل المقيم الصادق الشامي (عليه رضوان الله ) وصديقنا الاستاذ / كمال الجزولي (حفظه الله ) ممثلين للاتهام في قضية محاكمة رموز مايو ، بينما كان المرحوم / عبد العزيز شدو (عليه رضوان الله ) وصديقنا الاستاذ / عبد الباسط سبدرات (حفظه الله ) ممثلين للدفاع ، في تلك المحكمة الشهيرة التي التأمت بعد انتفاضة السادس من ابريل عام 1985، وكنت قد عدت ادراجي الي عملي بالسفارة في تونس بعد مشاركتي في الانتفاضة ثم أمسية شعرية وغنائية شهيرة في الميدان الشرقي بجامعة الخرطوم ، شاركني فيها الشاعر الكبير المرحوم / صلاح أحمد ابراهيم ( عليه رضوان الله ) والفنان الكبير / محمد وردي (رعاهـ الله ) .. لكن تلك قصة أخري !! .
• تواترت الأنباء عليٌ من الخرطوم تفيد بأن مولانا الشامي قد أصيب بنكسة صحية وأنه أدخل مشفي الخرطوم ثم هو الان في طريقه الي لندن في معية شقيقه الدكتور / أحمد الشامي فأتصلت علي الفور بالزملاء في سفارتنا بلندن ألتمس أخبارهـ ورقم هاتفه واتصلت بهما في مكان اقامتها وجاءني صوت الدكتور أحمد واثقاً ومطمئناً ، ثم جاءني صوت الصادق بذات الثقة والطمأنينة وعلمت أنها (ذبحة ) عدت بسلام . وظللت هكذا أتواصل معهما كل مساء وحين قررا العودة للخرطوم عرضت عليهما زيارتي بتونس الخضراء في طريقهما للخرطوم ، وكان الصادق يعرفها ويستريح لها ، فقد زارني قبل ذلك مرتين ، الأولي في صحبة السيدة الفضلي حرمه ، والثانية والأخيرة كانت في اكتوبر 1984، حين انعقد مؤتمر المحامين العرب في سوسه ، ذلك المنتجع السياحي الجميل ، لكنهما اعتذرا بأنه لابد من العودة للخرطوم حالاً لمواصلة ماانقطع من مسار المحكمة .
• -- 2 --
• ظل الشامي يزور لندن منذ ذلك كل عام لمراجعة طبيب (ثمانينيٌ ) من أكبر الأخصائيين في القلب ، ونشأت بينهما صداقة حميمة . يغادر الخرطوم دائماً في نفس التاريخ والموعد ، دائماً فجر الخامس من أغسطس ودائماً يتوقف في القاهرة ليومين ، يزور مكتباتها ليقتني الجديد في السياسة والأدب ، ثم يشحنها للخرطوم قبيل أن يواصل رحلته الي لندن . كان عاشقاً للقراءة خاصة في القانون والسياسة والأدب ، أعتقد أن مكتبته في المكتب والبيت تحوي أكثر من أربعين ألف كتاب .
• كانت السيدة الفضلي حرمه ترافقه في السنوات الأولي في رحلته الحولية الي لندن ثم انضم اليهما ابنه الوحيد المحام خالد ، ثم صار يصحبه في هذه الرحلة صديقاهـ الحميمان المحاميان سيد عيسي الذي يعمل في مسقط والطيب العباسي في الخرطوم وكان دائماً يسبقهما الي لندن وكان قبل سنوات قد استبدل يوليو بأغسطس موعداً لسفرهـ لاقتراب شهر رمضان الذي يحتفي خلاله بموقعة بدر الكبري في السابع عشر منه . ومن عجب أنه طلب من صديقيه أن يسبقاهـ هذا العام الي لندن ، ولم يكن حريصاً للسفر هذا العام ولأول مرة تأخرت (الفيزا) ووصلت ظهر الاثنين ، لكن ابنه خالد استطاع أن يكمل اجراءات التذاكر والحجز في بضع ساعات ، وهكذا غادر فجر الثلاثاء الخامس من يوليو ولأول مرة دون زيارة للقاهرة ومكتباتها ، فوصل لندن ظهراً وانضم الي صديقيه في ذات الشقة التي يسكن فيها كل عام .
• -- 3 --
• كنت أنوي الكتابة بعد انتهاء مراسم الدفن مباشرة ، خاصة وأن وصول جثمان الفقيد العزيز قد تأخر كثيراً فوصل فجر الجمعة التالية لجمعة الرحيل وفي فجرها الذي تزامن مع لحظة رحيله الفاجع في لندن ، غير أن الصديق العزيز مولانا الطيب العباسي طلب مني تأجيل الكتابة حتي أسمع منه ومن الصديق العزيز سيد عيسي تفاصيل اليومين الاخيرين خاصة وأن هنالك أشياء ( تكاد تشبه الكرامات ) حدثت من ( أبي الروحي ) كما قال ويسميه العباسي . وطال انتظاري لهما بسبب مشاغل سيد عيسي الذي كان يتسوق بعض (الرمضانيات ) ليأخذها الي مسقط . فطلبت من العباسي أن يترك سيد لمشاغله المقدرة . واعتذرت للصديق سيد الذي اتصل معتذراً .
• -- 4 --
• قام ثلاثتهم بزيارة صديقهم أحمد عثمان في مكتبه نهار الأربعاء ، والذي دعاهم لتناول الافطار صباح الجمعة التالية ، وعادوا لشقتهم بعد أن تناولوا الغداء في أحد المطاعم . سألهم المرحوم الشامي عن موعد حجزهم للعودة لمسقط والخرطوم ، وكان حجز سيد يوم 20 يوليو ، والعباسي يوم 26 ، بينما هو يوم 27 يوليو ، فأصر عليهما بضرورة أن يلغيا حجزهم ليغادر ثلاثتهم في السابع والعشرين ، وحين علم أنه ستكون هنالك غرامات عليهما أصر علي دفع نصف تلك الغرامات ( لاحظ أنه أصر علي أن يسبقاهـ الي لندن – لأول مرة ثم أن يغادروا في نفس اليوم ليكون هو في رفقة العباسي ) .
• زارهم مساء الخميس الجراح الشهير أحمد عباس أبو الشام ، وأشتكي له المرحوم الشامي عن ( عدم توازن يشعر به أثناء السير ) بسبب رقبته التي سبق أن أجريت لها عملية باشراف أبوالشام في لندن ، وكان أبوالشام في طريقه لحضور مؤتمر في باريس ، وحين وعدهـ بإجراء فحوصات علي الرقبة بعد عودته من باريس وأنه قد يحتاج لعملية أخري كان رد الصادق هكذا ( أنا بلغت السبعين وحأعيش لحد متين !! مافي لزوم لعملية تانية !! )
• ولما شارفت الساعة الحادية عشر ليلاً استاذن الشامي بأن موعد ( الراتب ثم تلاوة القران حتي ساعات الفجر ) قد أزف . مضيفاً ( أنني أفعل ذلك كل ليلة خميس) وذهب لغرفته ووارب الباب خلفه .
• قضي الجراح أبوالشام الليلة في شقتهم وغادر الي باريس في التاسعة صباح الجمعة .
• كانت الساعة تقترب من موعد افطارهم عند الاستاذ أحمد عثمان ، فنقر سيد عيسي علي باب الصادق ، وحين لم يتلق رداً ، هرع اليه العباسي ودفعا الباب وهما يناديان ( الصادق .. الصادق .. الصادق ) وكان راقداً علي سريرهـ واضعاً يدهـ علي خدهـ كمن يستغرق في نوم عميق . يقول العباسي ( وضعت يدي علي يدهـ فاذا بيدهـ باردة كالثلج . ) فجلسا علي الأرض ينتحبان ولا يصدقان أن ( الأب الروحي قد رحل الي رحاب الله ) .
• ثم هرعا للهاتف يطلبان الاسعاف الذي وصل حالاً وقام الطبيب بالكشف عليه وكتب ( إنه رحل بهدوء وسلام أثناء النوم ) ثم أضاف ( ليتني ألقي رحيلاً مثل رحيله ) .
• ثم ذهب الصديقان التجاني الكارب والطيب العباسي الي المشفي ليلقيا النظرة الأخيرة علي الجثمان ، فقام مسئول بالمشفي بفتح الصندوق من الجزء المواجه للوجه ، فاذا بهما ( أمام وجه مشرق ووضيئ تعلوهـ ابتسامة راضية مرضية فانحنيا يطبعان قبلة الوداع الأخير علي جبهته ) .
• وأقول نيابة عن أسرته شكراً للأجلاء سيد عيسي والطيب العباسي والجراح أحمد عباس أبوالشام والتجاني الكارب وعمر عبد العاطي والسفير فاروق عبدالرحمن وسفير السودان بلندن وأركان سفارته خاصة عثمان سفارة ، بل جميع اولئك الأجلاء والجليلات في لندن .
• -- 5 --
• أشهد أمام الله والناس والوطن ( أنه كان عفيف القلب واليد واللسان ، وكان محسناً ورحيماً بالأيتام ، لا تعرف يسراهـ ماقدمت يمناهـ ) فسجاياهـ كانت الحسن والاحسان والحسني ) وكفي ! .
• وأشهد أنه كان من أقرب الناس الي قلبي وعقلي فكرياً ، فأنا مثلاً وبعد الجامعة أصبحت أؤمن بالوطنية السودانية وصرت مواطناً قومياً ، وصار هو كذلك قومياً سودانياً ، الي جانب اهتمام مشترك بيننا بما يجري عربياً وافريقياً وانسانياً . وأعتقل وسجن كل منا ثلاث مرات في عهود مختلفة ، وإن كان هو قد عاني الأهوال من سجانيه ، وبسماحته المعهودة عفا عنهم وحاول أن يجد لهم المعاذير !!!
• بل هو كان مدافعاً جسوراً عن حقوق الانسان من خلال المنظمة السودانية والمرصد الانساني ونقابة المحامين .
• أما ماطفح من كيل كذوب – بعد رحيله الفاجع فهو ( عمل غير صالح ) لا يطفح إلا من ( عمل غير صالح ) وكفي !!! .
• ومن عجب أن يوم 17 رمضان القادم وهو يوم احتفاله السنوي بذكري موقعة بدر الكبري ... يتوافق مع أربعينية رحيله ، وأتمني من أولئك العشرات ( ربما المئات ) الذين كان يدعوهم الي دارته العامرة لمشاركته ذلك الاحتفال العظيم أن يتداعوا لاقامة ليلة تأبين تليق بمكانة الرجل الكبير .
• اللهم .. ياذا الجلال والاكرام – هاهو عبدك التقي الورع .. في رحابك راضياً .. مرضياً – فأجعل الفردوس الأعلي مقامه مع الأنبياء والأولياء والصديقين والشهداء .. اّمين يارحمن يارحيم .
• أركـــويــت 5 رمضان 1432هـ الموافق 5 أغسطس 2011م
|
|
 
|
|
|
|
|
| العنوان |
الكاتب |
Date |
| الصادق شامي : وجاء يوم شكرك معطرا لمدارج صعودك لمغفرة الرحمن | osman righeem | 08-19-11, 01:32 PM |
| Re: الصادق شامي : وجاء يوم شكرك معطرا لمدارج صعودك لمغفرة الرحمن | abas | 08-19-11, 01:52 PM |
| Re: الصادق شامي : وجاء يوم شكرك معطرا لمدارج صعودك لمغفرة الرحمن | osman righeem | 08-19-11, 01:57 PM |
| Re: الصادق شامي : وجاء يوم شكرك معطرا لمدارج صعودك لمغفرة الرحمن | معاوية كرفس | 08-19-11, 02:52 PM |
| Re: الصادق شامي : وجاء يوم شكرك معطرا لمدارج صعودك لمغفرة الرحمن | osman righeem | 08-21-11, 01:18 PM |
| Re: الصادق شامي : وجاء يوم شكرك معطرا لمدارج صعودك لمغفرة الرحمن | osman righeem | 08-21-11, 12:23 PM |
| Re: الصادق شامي : وجاء يوم شكرك معطرا لمدارج صعودك لمغفرة الرحمن | خالد الأيوبي | 08-19-11, 02:10 PM |
| Re: الصادق شامي : وجاء يوم شكرك معطرا لمدارج صعودك لمغفرة الرحمن | osman righeem | 08-19-11, 02:14 PM |
| Re: الصادق شامي : وجاء يوم شكرك معطرا لمدارج صعودك لمغفرة الرحمن | osman righeem | 08-19-11, 02:17 PM |
| Re: الصادق شامي : وجاء يوم شكرك معطرا لمدارج صعودك لمغفرة الرحمن | خالد الأيوبي | 08-19-11, 02:17 PM |
| Re: الصادق شامي : وجاء يوم شكرك معطرا لمدارج صعودك لمغفرة الرحمن | osman righeem | 08-19-11, 02:28 PM |
| Re: الصادق شامي : وجاء يوم شكرك معطرا لمدارج صعودك لمغفرة الرحمن | الطيب شيقوق | 08-19-11, 02:35 PM |
| Re: الصادق شامي : وجاء يوم شكرك معطرا لمدارج صعودك لمغفرة الرحمن | نادرين عثمان رغيم | 08-19-11, 10:20 PM |
| Re: الصادق شامي : وجاء يوم شكرك معطرا لمدارج صعودك لمغفرة الرحمن | osman righeem | 08-20-11, 08:47 AM |
| Re: الصادق شامي : وجاء يوم شكرك معطرا لمدارج صعودك لمغفرة الرحمن | abdulhalim altilib | 08-20-11, 10:23 AM |
| Re: الصادق شامي : وجاء يوم شكرك معطرا لمدارج صعودك لمغفرة الرحمن | omer osman | 08-20-11, 10:50 AM |
| Re: الصادق شامي : وجاء يوم شكرك معطرا لمدارج صعودك لمغفرة الرحمن | Asma Abdel Halim | 08-21-11, 02:23 PM |
| Re: الصادق شامي : وجاء يوم شكرك معطرا لمدارج صعودك لمغفرة الرحمن | الطيب شيقوق | 08-21-11, 02:31 PM |
| Re: الصادق شامي : وجاء يوم شكرك معطرا لمدارج صعودك لمغفرة الرحمن | حسام يوسف | 08-21-11, 11:55 PM |
| Re: الصادق شامي : وجاء يوم شكرك معطرا لمدارج صعودك لمغفرة الرحمن | osman righeem | 08-27-11, 10:56 AM |
| Re: الصادق شامي : وجاء يوم شكرك معطرا لمدارج صعودك لمغفرة الرحمن | Mahassin Ibrahim | 08-27-11, 11:59 AM |
| Re: الصادق شامي : وجاء يوم شكرك معطرا لمدارج صعودك لمغفرة الرحمن | osman righeem | 09-16-11, 08:46 AM |
| Re: الصادق شامي : وجاء يوم شكرك معطرا لمدارج صعودك لمغفرة الرحمن | يحي ابن عوف | 09-17-11, 02:29 AM |
| Re: الصادق شامي : وجاء يوم شكرك معطرا لمدارج صعودك لمغفرة الرحمن | Magdi Ahmed Elsheikh | 09-17-11, 02:47 AM |
| Re: الصادق شامي : وجاء يوم شكرك معطرا لمدارج صعودك لمغفرة الرحمن | omar altom | 09-17-11, 03:43 AM |
|
| |
osman righeem
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست