طائر فضيّ يعبر نهر صالحين

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-07-2024, 09:04 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2012م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-29-2012, 01:47 AM

عبد الحميد البرنس
<aعبد الحميد البرنس
تاريخ التسجيل: 02-14-2005
مجموع المشاركات: 7114

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طائر فضيّ يعبر نهر صالحين (Re: عبداللطيف خليل محمد على)

    أشكرك، أخي عبداللطيف، وذلك مجرد حكي أحببت أن أتشاركه وأصدقائي وصديقاتي هنا، لا سيما الذين طلبوا مني في بوست أحمد عبدالمكرم أن أبقى بينهم قليلا. محبتي.


    لاحقا، حين الريح لا تزال تعوي رطبة كأصابع تحيّة باردة بين صديقين قديمين لم يعد يجمع بينهما في الحاضر شيء، مشبعة بنداوة تلك الأوقات، متلويّة فوق عتمة الطريق الضيقة إلى المسجد مثيرة شيئا من الغبار وذرات الروث الجاف المفتت ومزق الصُّحف المكتظة بأخبار الحكّام في تلك المدينة النائيّة التي تدعى الخرطوم؛ أضاف أبي يعقوب مخاطبا إياي بذلك الصوت الراعش المتهدج من زمهرير بدا مصدره الحمّى أكثر منه غوائل الطقس، قائلا "في حياتي، في حياتي المديدة، يا ولدي يوسف، لم يطرق أذنيّ مثل ذلك الصوت الهادر قطّ. كان يتناهى إلى مسامعي في لحظة واحدة من جهات الدنيا الست.. من أعلى جبال العاديات، من نهر صالحين، من بيوت المدينة الهاجعة، من خُوطٍ نبت في قلب ساق شجرة جافة، من غابة الهشاب، من مسام الطين، ومما لا يعلمه في الأخير سوى الله سبحانه وتعالى". ولم يخرج بعدها من صمته الجبليّ المطبق ذاك. إلا كيما ينغمس في دهاليز حلمه الأكثر غرابة من نوعه ثانية. ما إن عاد أبي يعقوب أدراجه، ممسكا بمقبض السيف الذي كان يعدو بدوره أثناء فرار أبي ودائما قاب قوسين أوأدنى من عنقه، حتى أُضيئت على حين غرة أسقف المنازل الطينية المتلاصقة بنور رائق كثيف لم يكن مصدره شمس أوقمر أوبرق أوكهرباء قال أحد أجدادي لحظة دخولها إلى بيوت المدينة في زمان سحيق لأول مرة إنها حتما من علامات "قيام الساعة"، وقد أخرجه من طوره وقتها أن تلك الجدّة تركت كل واجباتها وتفرغت لمعاينة تلك المعجزة التي تسمّى الكهرباء ليل نهار، قائلة لجاراتها بين الحين والحين "الله أعلم بحقيقة هذا الشيء". وقد كانت لذهولها تدعو ضيوفها ممن لم يحظّ برؤية هذا الوافد الجديد بعد إلى مشاهدة النور أكثر مما تدعوهم إلى كوب ماء في نهار قائظ. وكان ذلك الجدّ الذي أخذ يتصالح نوعا ما مع الكهرباء يتعجب من سلوكها ذاك قائلا لها في لحظات الصفاء القليلة النادرة "تالله لم يتبقَ لكِ شيء في هذه الحياة الزائلة لتفعلينه سوى بيع مشاهدة الكهرباء للناس". هكذا، صحا أبي يعقوب من نومه للمرة الثانية مرتعد الفرائص واجف القلب كما لو أنه لم يكن من سلالة أولئك المحاربين ممن قاتلوا في الصفوف الأولى لجيش المهدي حائرا منقوعا بالعرق، قائلا بحلق جاف تماما "اللهم اجعله خير". ولم يستطع أبي يعقوب العودة إلى النوم بعدها على الرغم من تفاقم إحساسه الثقيل بالرهق. هناك، داخل ظلام الحجرة الدامس، أخذ أبي يعقوب يتحسس خفيفا بطن أمّي المنتفخ، قائلا وسط تلك الظلمة الأشد حلكة لليل "سبحان الذي يعلم ما لم نكن نعلم". كان لا يزال يحدق في الظلمة، ويحاول جاهدا تفسير الحلم وفك رموز تلك الرؤيا، ولا يدري كم مر عليه من وقت في سهاده ذاك، عندما أخذت أجفانه تثقل، وشيئا بعد شيء انتظمت أنفاسه، ورأى في المنام مجددا نفس تلك التفاصيل والمشاهد. وإن قال أبي يعقوب بحيرةِ تلك الأيام "هذه المرة، يا ولدي يوسف، لم يصبني رعب، لكنّ الطائر سقط وسط دوامات الماء، التي أخذت تلف عنقه، وتدفع بريشه الفضيّ الجميل صوب الأغوار السحيقة لنهر صالحين". وقال مرددا ذات العبارة "اللهم اجعله خير". وضغط على مفتاح النور الذي لم يعد مدهشا. على الرغم من أن مؤذن المسجد لا يزال يستمسك برأي قديم قدم وجود الجدّة "كاشفة" نفسه مفاده أن نور الكهرباء هبة لا تليق سوى ببيوت الله وأن استخدامها في بيوت الناس علامة على غياب التواضع. هكذا، سقط ظلّ رأس أبي يعقوب على بطن أمّي زليخاء. ثم سألها أخيرا بصوت مختنق بدا كما لو أنه ينتمّي إلى شخص آخر قائلا "ما بكِ، يا أمّ يوسف". كان نادرا ما ينادي أمّي باسمها. وكان أبي يعقوب قد اسيقظ دفعة واحدة، هذه المرة، على صوت آذان صلاة الفجر المتناهي من غير مكان، وعلى صوت توجعاتها المتلاحق. قالت "ركلات الجنين" بنبرة واهنة لامرأة بدا أنها تجاوزت للتو إحدى لحظات الطلق، نبرة كادت أن تفسِّر لأبي يعقوب أبعاد الرؤيا الماثلة في ذهنه كتساؤل لا إجابة له، فيما أخذت تمسح قطرات العرق المتكونة أعلى جبينها. فجأة، في هدأة ذلك السكون الذي أعقب آذان صلاة الفجر، ندت عن أمّي زليخاء صرخة أخرى لكنّها أعلى نبرة وأعمق ألما من سابقتها. لم تمضِ ثانية حتى اقتحمت الحجرة جدتي لأمّي، وأخذت تلقي على أمّي بضعة تساؤلات فاحصة، وهي بالكاد تسند طولها. كانت جدّتي هذه تقول بلا مناسبة إنها لم تخرج من الحياة سوى بأمّي زليخاء. وحين أخذت أمّي تضحك على غير المتوقع من مرأى جدتي التي هرولت، بقامتها القصيرة، وظهرت لأول مرة أمام أبي هكذا، مكشوفة الرأس؛ أخذت العجوز تظهر سخطها بينما تنسحب مسرعة من داخل الحجرة كفتاة تمّ ضبطها عارية في مكان عام، قائلة "ما هذا المزاح السّمج، يا بنتي"؟!.


    يتبع:
                  

العنوان الكاتب Date
طائر فضيّ يعبر نهر صالحين عبد الحميد البرنس11-28-12, 07:23 PM
  Re: طائر فضيّ يعبر نهر صالحين عبداللطيف خليل محمد على11-28-12, 07:32 PM
  Re: طائر فضيّ يعبر نهر صالحين عبداللطيف خليل محمد على11-28-12, 07:33 PM
    Re: طائر فضيّ يعبر نهر صالحين عبد الحميد البرنس11-29-12, 01:47 AM
      Re: طائر فضيّ يعبر نهر صالحين سيف النصر محي الدين11-29-12, 02:32 AM
        Re: طائر فضيّ يعبر نهر صالحين عبد الحميد البرنس11-29-12, 06:33 PM
          Re: طائر فضيّ يعبر نهر صالحين عبد الحميد البرنس11-30-12, 06:45 PM
            Re: طائر فضيّ يعبر نهر صالحين بله محمد الفاضل12-01-12, 09:06 AM
              Re: طائر فضيّ يعبر نهر صالحين عبد الحميد البرنس12-02-12, 01:02 AM
                Re: طائر فضيّ يعبر نهر صالحين احمد ضحية12-02-12, 06:28 AM
                  Re: طائر فضيّ يعبر نهر صالحين عبد الحميد البرنس12-02-12, 09:04 PM
                    Re: طائر فضيّ يعبر نهر صالحين عبد الحميد البرنس12-03-12, 04:27 AM
                      Re: طائر فضيّ يعبر نهر صالحين الرفاعي عبدالعاطي حجر12-03-12, 06:48 AM
                        Re: طائر فضيّ يعبر نهر صالحين عبد الحميد البرنس12-03-12, 09:52 PM
                          Re: طائر فضيّ يعبر نهر صالحين عبد الحميد البرنس12-05-12, 05:39 AM
                            Re: طائر فضيّ يعبر نهر صالحين احمد ضحية12-05-12, 07:40 AM
                              Re: طائر فضيّ يعبر نهر صالحين عبد الحميد البرنس12-06-12, 11:44 AM
                                Re: طائر فضيّ يعبر نهر صالحين عبد الحميد البرنس12-07-12, 06:38 PM
                                  Re: طائر فضيّ يعبر نهر صالحين عبد الحميد البرنس12-08-12, 11:12 PM
                                    Re: طائر فضيّ يعبر نهر صالحين عبد الحميد البرنس12-16-12, 06:51 PM
                                      Re: طائر فضيّ يعبر نهر صالحين عبد الحميد البرنس12-18-12, 06:19 PM
                                        Re: طائر فضيّ يعبر نهر صالحين Mohamed E. Seliaman12-18-12, 06:23 PM
                                          Re: طائر فضيّ يعبر نهر صالحين عبد الحميد البرنس12-18-12, 06:49 PM
                                            Re: طائر فضيّ يعبر نهر صالحين عبد الحميد البرنس12-19-12, 09:05 AM
                                              Re: طائر فضيّ يعبر نهر صالحين عبد الحميد البرنس12-19-12, 06:36 PM
                                                Re: طائر فضيّ يعبر نهر صالحين Muna Khugali12-19-12, 07:05 PM
                                                  Re: طائر فضيّ يعبر نهر صالحين عبد الحميد البرنس12-20-12, 04:00 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de