|
Re: مقال : البطل على عبداللطيف و...1924 دلالات الرمز والثورة .... (Re: صابر عابدين)
|
ونزاصل عرض المقال ونرجو من الجميع المشاركة لاثراء النقاش والحوار :
ذن ما هي أسباب الاختلاف بين الاتحاد السوداني وجمعية اللواء الأبيض؟ وأسباب الاختلاف بين الأفندية أنفسهم مثل علي عبد اللطيف وسليمان كشة؟ ترجع د. يوشيكو الخلاف إلى عاملي الطبقة والعنصر في ثورة 1924م، وتقول إن الراحل محمد عمر بشير عبر عن اعتقاده بأن المسألة الاثنية لم تكن ذات أهمية في تلك المرحلة، وتقول إن الراحل خالد الكد كان على خلاف ذلك باعتبار أن المسألة الاثنية كانت قضية مركزية من 1924م، وعندما ربطت بين العنصر والطبقة، ذكرت أن الكد انتقدها لوضع العامل الاقتصادي فقط، كما أوردت في ذات السياق رأياً للراحل فيليب عباس غبوش بأن ثورة 1924م «كانت في الأساس ثورة قادتها العناصر السوداء في المجتمع السوداني». وتعزو بوشيكو أسباب فشل الثورة إلى أن قادتها هم من البرجوازية الصغيرة، ولكنها تعترف بأنها كانت ثورة شعبية شارك فيها الخياطون والنجارون وأولاد الشوارع. وبالرغم من أن علي عبد اللطيف كان يركز على أنه سوداني وحدوي، ولم يرجع البتة إلى مرجعيته الاثنية، ولكنه كان مشهوداً له الوقوف ضد مجموعة الزعماء القبليين والقادة الدينيين، باعتبار أنهم سبب أزمة الأمة السودانية، ولكن ما هي أسباب الاختلاف بين القوي الحديثة وطبقة الأفندية؟ تقول في ذلك د. عفاف أبو حسبو 1918ــ 1948م. Facational movement in the Sudanese nationalist 1918-1948 «التكالب الطائفي وما مثله من ضغط على حركة الطلاب ومؤتمر الخريجين ومن بعد كان له الدور الكبير في انقسام حركة المثقفين بين البيتين الكبيرين: آل المهدي وآل الميرغني». وكذلك الدور البريطاني والدور المصري، وبانقسام حركة الخريجين كل لمعسكر في إحد البيتين، ومعروف أن ولاء علي الميرغني كان لمصر، وولاء المهدي والاستقلاليين كان لبريطانيا، وإذا علمنا أن حركة الأشقاء كانت محصلة لجمعية أبو روف الثقافية والحركة الاستقلالية كانت محصلة لمدرسة الهاشماب الثقافية، ومعروف رؤية هاتين الجهتين من أمر المجموعات المهمشة أو الأصيلة الانتماء كالدينكا والنوبة، وبالتالي فإن هذا الرأي كان هو رأي مجموعة الزعماء القبليين والدينيين وصحيفتهم «الحضارة» ضد جمعية اللواء الأبيض، ومجاميع المثقفين والخريجين الذين كانوا يعارضون دوراً تلعبه هذه القيادات وإذا أخذنا «سليمان كشة التاجر الغني» المؤيد للاتحاد مع مصر وضد هذه القيادات الزعماء القبليون والقادة المدنيون، فلماذا اختلف مع علي عبد اللطيف ولم ينضم لحركة اللواء الأبيض؟ لقد كانت مواقف سليمان كشة ومعه آخرون مثل إسماعيل الأزهري وآخرون يؤيدون مواقف الحزب الوطني بمصر الذي كان يؤيد قيام دولة «عربية إسلامية في السودان»، ولكن بعد قيام ثورة 1919م بقيادة سعد زغلول، وفقد الحزب الوطني للحكم في مصر، نجد أن حزب الوفد معروف بالمواقف العلمانية والوطنية، وكما تقول يوشيكو: فإن سليمان كشة قد عبر عن شيء من المشاعر المريرة تجاه مصر ومواقفها من السودان، وذلك لأن حزب الوفد قد أيد التفاوض مع بريطانيا فيما كان يرفضه الحزب الوطني، وبينما الوفد أيد أن يمثل السودان القوى الاجتماعية الحديثة. لقد كان لرأي الزعماء القبليين والقادة الدينيين السلبي نحو علي عبد اللطيف، أثر سلبي في نفسه، وكذلك المجموعة التي يمثلها، وما حدث بعد ذلك لأبناء عشري الصديق، وتداعيات تكوين الكتلة السوداء، وهذه كلها إفرازات ما أوردته د. يوشيكو كورينا في كتابها «علي عبد اللطيف وثورة 1924م»، إذ تقول إن علي عبد اللطيف كان يمثل «الأفندية» والطبقات الدنيا في مجتمع المركز، ولذا فإنه من أول يوم لاجتماعات جمعية اللواء الأبيض قال علي عبد اللطيف «نحن ناس برضو عندنا رأي في الحكاية دي»، وكان يقصد الزعماء الدينيين والتقليديين عندما قال «الذين لا يعبرون إلا عن أشخاصهم»، ولذا فقد ظهر مقال في صحيفة «حضارة السودان» مباشرة بعد مظاهرة 23 يونيو 1924م، وفي هذا المقال هاجم الكاتب «أولاد الشوارع» بعنف قائلاً: «أهينت البلاد لما تظاهر أصغر وأوضع رجالها دون أن يكون لهم مركز في المجتمع بأنهم المعبرون عن رأي الأمة». «إن الشعب ينقسم إلى قبائل وبطون وعشائر، ولكل منها رئيس أو زعيم أو شيخ، وهؤلاء هم أصحاب الحق في الحديث عن البلاد». «ومن هو علي عبد اللطيف الذي أصبح مشهوراً وإلى أية قبيلة ينتمي»؟! وبهذا الفهم والإحساس وقفوا ضد علي عبد اللطيف وحركته وساندوا المستعمر، ووقف معهم بعض المثقفين، وكما يقول د. محمد سعيد القدال في تصديره للكتاب، إن سليمان كشة قد اشاع بين أعضاء جمعية الاتحاد السوداني أنه قد أفشى أخبار الجمعية إلى المخابرات، مما جعل توفيق صالح جبريل يهجوه قائلاً: سليمان كان بديع الزمان هوى لا يعي ببساط الريح فباع الضمير بفلس «لولس» ٭٭٭ معانيه ساحرة ساخرة وحطم مرآته الساحرة إلا أين ذمتك الطاهرة وما وجده علي عبد اللطيف ورفاقه عندما سألهم الضابط الإنجليزي عن جنسهم؟ فقالوا انهم سودانيون!! فانهالوا عليهم ضرباً وتعذيباً، اذ كيف يقولون أنهم سودانيون وهم «الزنوج المنبتون قبلياً» وفق زعماء الأمة. وثم الدور الذي لعبه هؤلاء القادة القبليون والدينيون في إفشال ثورة 1924م، وبعد سجن قادته، هذا الصمت المريب تجاه مطالب الأمة السودانية، وبسحب علي عبد اللطيف انتهت ثورة 1924م، وهذا التحالف الخفي والتآمر ضد القوى الحديثة وتكالب الطائفية عليها بعد ذلك، ومن ثم نجد أن أحدهم قد اعتدى على الرمز علي عبد اللطيف وقد أثرت عليه هذه الحادثة، ليقول عنه الإنجليز بأنه «أصبح مختلاً عقلياً» وبعد إحساسه بالخيبة والمرارة والغبن طالب أن يبعد إلى جبال النوبة مسقط رأسه حيث «قبيلة الميري»، ولكن حاكم كردفان أرسل لهم محذراً لأن قبيلة الميري معروفة بميولها السياسية، ويمكن بوصول علي عبد اللطيف أن يفجر الثورة كما كانت ثورة السلطان عجبنا وابنته مندي. ولذا وعند الغسق دارت عجلات القطار ميمماً شمالاً وفي داخله رمز الثورة السودانية، ومفجر الإحساس بالقومية والانتماء، ولم تكن أيامه في مصر بأحسن حالاً عن حاله بسجون السودان، وبعد هذه السنوات العجاف في السجن ممكن حدوث أي شيء، وعادى أن يصاب الإنسان بالفصام أو غيره، ولذا وبعيداً عن اية مؤثرات، فإن ثورة 1924م بقيادة علي عبد اللطيف، هي حركة وطنية تقدمية، دعت إلى قيم ومبادئ سودانية رفيعة، وحرياً أن يكرَّم قادتها ويضعوا في المكانة التي تناسبهم، وأن يتم تأبينهم كما ينبغي، وأن تقام الاحتفالات الرسمية والشعبية على شرفهم وفي ذكرى ثورتهم المجيدة.
|
|
|
|
|
|
|
|
|