|
Re: مقال : البطل على عبداللطيف و...1924 دلالات الرمز والثورة .... (Re: احمد الامين احمد)
|
ونواصل تفاصيل المقالة : ونرحب بكل الاقلام الموضوعية الهادفة مثل الاستاذ احمد الامين احمد وحارجع ليك :
ذن فلقد تكونت جمعية اللواء الأبيض عام 1923م، وقبل ذلك ووفق ما يذكر د. فرانسيس دينق في كتابه «صراع الرؤى» أنه في عام 1922م كتب علي عبد اللطيف مقالة بعنوان «مطالب الأمة السودانية»، بعث بها إلى محرر جريدة «حضارة السودان»، عبر فيها عن عدد من المظالم ضد الحكم البريطاني الاستعماري ونادى فيها بتقرير المصير، وبالرغم من أن المقالة لم تنشر أبداً إلا أنه تمت محاكمة علي عبد اللطيف وأدين وحكم عليه بالسجن لمدة عام، وعندما أطلق سراحه كان قد أصبح شخصية وطنية مرموقة. ولقد شكل ذلك الحدث منعطفاً في تطور القومية السودانية، إذ بدأ الاعتراف الواسع بعلي عبد اللطيف، مثالاً للقائد الوطني العلماني الحديث، ومتزامناً مع هذه النشاطات في السودان، اشتد أوار المقاومة الوطنية في مصر تحت قيادة الزعيم سعد زغلول، وفي السودان زادت مشاعر البغض ضد الإنجليز، وتأثرت الأوضاع بما يحدث في مصر، وبالأخص من وضع الأحزاب والتيارات الفكرية هناك، ولذا نجد أن التيارات الوطنية في السودان قد انقسمت إلى تيارين، فهناك تيار يساند الحركة الوطنية في مصر ضد بريطانيا، ويسعى لقيام اتحاد بين شطري وادي النيل لإكمال الاستقلال عن بريطانيا، وهذا تقوده مجموعة من المثقفين والخريجين، وهناك تيار آخر يدعو لاستقلال الدولة السودانية بعيداً عن أية وحدة مع أية دولة، وهذا التيار تقوده مجموعة الزعماء القبليون والقادة الدينيون. هذا مع وجود تداخلات من هنا وهناك، وتغيير للمواقف ومن ثم تدخل البيتان آل الميرغني وآل المهدي، وادي ذلك لانقسام حركة الخريجين كما حدث لاحقاً. ولكن في داخل القوى الاجتماعية المؤيدة للاتحاد مع مصر، حدث انقسام كان هو السبب في انهيار جمعية الاتحاد السوداني، وقد كان تيار الاتحاد مع مصر يؤيد رؤى الحزب الوطني في مصر، وهو الحزب الذي كان يريد أن تكون الدولة في السودان كما هي في مصر، «دولة عربية إسلامية»، ولكن ظهر سعد زغلول ومن ثم سقط الحزب الوطني ليحكم حزب الوفد الذي كان يؤيد التفاوض مع بريطانيا لحل المسألة السودانية، وفي ذات الوقت يؤيد القوى الاجتماعية الحديثة ممثلة في علي عبد اللطيف، وهذا هو السبب الذي جعل سليمان كشة يحس بالمرارة تجاه مصر. لقد كان لشخصية علي عبد اللطيف القدح المعلى في قيادة وتحريك القوى الاجتماعية بالسودان، وما حدث من ردة فعل من القوى التقليدية وبحكم تركيبته الاثنية «أم دينكاوية وأب نوباوي» أو العكس، وبإحساسه الفطري بانتمائه لهذا الوطن، وما يراه من عسف لأبناء جلدته، كانت سبباً قوياً لهذا التأييد الشعبي الذي وجده من المجموعات الحضرية في أم درمان والخرطوم بحري والخرطوم، وبما أنه كان من القوى المتعلمة وينتمي بحكم تخرجه إلى تجمعات الصفوة وطبقة الأفندية بالعاصمة، وبالتالي صار جسراً بين هذه المجموعات «دينكا ونوبة» ومجتمعات الصفوة المخملية والقوى الاجتماعية الحديثة، متفوقاً على رفيق دربه عبيد حاج الأمين في هذه الصفة، وكان علي عبد اللطيف رائداً لحركة الاتحاد، ليس مع مصر أو وحدة وادي النيل الشعار المعروف فقط، وإنما يدعو أولاً لاتحاد بين السودانيين أنفسهم، وكما تقول د. يوشيكو كورينا في كتابها «علي عبد اللطيف وثورة 1924م ترجمة مجدي النعيم»، فإن دور علي عبد اللطيف كان حاسماً في إبراز الطبيعة التقدمية للحركة، فقد كان ضابطاً في الجيش وانتمي في الوقت نفسه إلى مجموعة اجتماعية درج البريطانيون على تسميتها بالزنوج المنبتين قبلياً (de-tribalized people) لذا فقد كان طبيعياً أن يصر على أن الأمة السودانية يجب أن تمثلها قوى اجتماعية حديثة مثل «الأفندية» طالما كان الزعماء القبليون «العرب» والقادة الدينيون «المسلمون» لا يستطيعون تمثيل مناطق مثل جبال النوبة والجنوب، ولا الناس الذين ينحدرون من هذه المناطق ويعيشون في الشمال، باعتبار أن هؤلاء المنبتين كانوا رقيقاً سابقاً، ووصلوا الشمال كأرقاء، ولكن كيف جاز للبريطانيين هذه التسمية؟ وهم الذين ينادون بدولة أساسها حقوق المواطنة، وألا يكون التعامل حسب الألوان والأعراق، ونقلوا هذا المفهوم لأتباعهم من مجموعة القادة والزعماء!! كما نجد أن علي عبد اللطيف يصر على ألا يكون هناك تمييز بين السودانيين على أساس الانتماء القبلي أو الديني، ولهذا فلقد وبخ علي عبد اللطيف سليمان كشة عندما قال في احتفال المولد «أيها الشعب العربي الكريم» فقال له أنه ينبغي أن يقول «شعب سوداني كريم»، ومن هنا تتجلى أفكاره القائمة على السودانوية والهوية الوطنية.
|
|
|
|
|
|
|
|
|