الفاتح جبرا .. في ذمة الله
نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب د. الفاتح يوسف جبرا فى رحمه الله
|
لا أعتقد أن فينا من يريد أن يكون السودان مكاناً للمواجهة ..
|
لم يكن السودان في يوم من الأيام وعبر تاريخه الطويل أرضاً للمواجهة أو مكاناً لتصفيات الحساب بين شعوب المنطقة ، بل كان له من القادة أصحاب الدراية والحكمة في السياسة الخارجية وحنكة في الدبلوماسية التي يعرفون كيف يديرون دفتها من أجل كسب الأصدقاء من خلال حكوماتهم ، السودان وزعماؤه كانوا يعرفون إمكاناتهم الاقتصادية والحربية ويعرفون مدي تواصلهم الإستخبارى والوقوف على المعلومة وتفكير الغير قبل أن يلجوا متاهات الكيد وحبك المؤامرات ضد بلادهم ، وما يمارسونه من أطر السياسة والتوجه في عالم متغير بتغير المصالح والتحالفات وعدم الاستقرار في المنطقة بأثرها وفق تاريخ استقلالها عبر الحكومات المتعاقبة في انقلاباتها عبر الكثير من الأقطار الأفريقية ، ووجوده في قلب القارة مما يجعله هدفاً غير مستبعد في لجوء معارضي بلادهم إليه ، ومن ثم ينقلب صديق الأمس إلى عدو اليوم بعد وصوله للسلطة ، وغير ذلك كثير في دنيا شيطان السياسة ، .. ما يمر به الوطن حالياً من تقلبات أضرت به كثيراً وأثرت في سياساته الرمادية تارة والمتراجعة تارة أخرى مما أدخله في نفق ، ما أن يخرج منه إلا وهو في نفق آخر تحت ذريعة المقولة الشهيرة ( إبتلاءآت ) وفى الآية : (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) وفي آية أخرى : يقول سبحانه : {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} [النساء: 79]، ويقول عز وجل: { وَلَوْلا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ...} [القصص: 47].
كثيراً ما أقف واسترجع تاريخ حنكة الأوائل في الزعامة السياسية وكيفية إدارتها .. ، ففي الماضي بعضٌ من الشواهد ، فهل فطن قادتنا وتعلم من الحراك العالمي في الموازنة والالتفات إلى مصالح البلاد والعباد بنظرة وطنية متجردة عن السلطة أو العقلية الحزبية الضيقة التي كانت وبالاً وخراباً على الأمة ، .. نحن ليس بدولةٍ تفتح أراضيها وأجوائها من أجل المزاودة أو الوكالة في الحرب بدلاً عن آخرين وليس بنحن أكثر عروبة وإسلاماً وتوجها من غيرنا ، ربما نفعل ذلك ولكن بقوتنا ومددنا وعتادنا وإمكاناتنا التي تصحبنا ونقف عليها بالخبرة والتواصل مع الكبار لا بالخطب والعنتريات والتصريح الأجوف ، أعتقد حان الوقت في إعادة حساباتنا ، ومراجعة مقدراتنا على جميع الأصعدة ، ولا نريد أن ينطبق معنى المثل جينا نعين ووجدنا أنفسا أحوج بالإعانة ، ... مالنا بمشاكل غيرنا ومالنا بحروب غيرنا ، فمن وقف معنا حين كانت الأرض تهتز تحت أقدام الأنصار في كرري ولحظة النداء ( سدو الفَرقة ..!!) بفتح الفاء ، وأين مساعدة من تساندوهم اليوم حين كان عبد الفضيل الماظ ممسكاً بمدفعه على أسطح مستشفى العيون على شارع النيل صامدا أمام جحافل الإنجليز .. إن مصلحة البلاد الآن تقتضي عمق الفكر والنظر والتدبر الحكيم .. نعم .. محمد مختار جعفر
|
|
|
|
|
|
|
|
|