تداعيات ـ اللافتــة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-03-2024, 07:27 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة الشاعر يحي فضل الله(Yahya Fadlalla)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-09-2004, 01:07 AM

Yahya Fadlalla
<aYahya Fadlalla
تاريخ التسجيل: 06-09-2002
مجموع المشاركات: 699

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
تداعيات ـ اللافتــة

    تداعيات
    ــــــــــ
    يحيي فضل الله
    ـــــــــــــ
    اللافتــة
    ــــــــــــــ




    صباح لا يراهن إلا على التعاسة ، هكذا كان هذا الصباح بخطوات تحاول أن تجد لها مبرراً من الذهاب في الاتجاه الذي سجنه الملل وافقده التكرار معنى أن يتجدد ، بهذه الخطوات المرغمة جداً على فعل متكرر خرج " يوسف " من المنزل متجهاً إلي حيث يعمل ، على شارع متسع وفي ركن يتميز بحسن تجاري يوجد كشك الجرائد الذي يديره شراكه مع صديق قديم لم يفعل شيئاً سوى أنه تخلى عن جزء من ماله كي يكون " يوسف " سجيناً مثالياً لهذا الكشك الذي أعلن عن نفسه بلافتة متواضعة تقول " مكتبة الأمل " . اكثر ما يغيظ يوسف هو اختياره هذا الاسم .

    عادة ما يضحك " يوسف " ضحكة مكتومة كل صباح حين يفتح الكشك وتلقائياً تقع نظراته على هذه اللافتة ، يضحك تلك الضحكة المكتومة لانه يتذوق بلسانه حروف كلمة "الأمل" بينما تتذوق دواخله اليائسة تناقضها مع هذا المعنى المشرق ، يفكر " يوسف " في أنه ستتبدل كلمة " الأمل " بكلمة أخرى تعمل على الأقل على نفي هذا العكس وتذوقه الداخلي لمعنى النقيض .

    لم ينس " يوسف " أن يضحك ضحكته المكتومة تلك وهو يفتح باب الكشك هذا الصباح ، ألقى نظرة عميقة على اللافتة الجديدة التي تقع في زاوية من زوايا الكشك بالداخل ، رتب بعض الترتيبات ، نفض الغبار ، رفع باب الكشك . وثبت عليه القوائم بحيث تسلل الضوء إلي الداخل ، أعاد مرة أخرى نفض الغبار تلك العملية التي فعلها من قبل كعملية سابقة لأوانها مستسلماً إلى مهمته الصباحية المعتادة ، رفع اللافتة الجديدة ونظر إليها ملياً وكأنه يتحسس خروجه المنفلت من سجن ذلك المعنى ، معنى الأمل الذي فقد الرغبة في أن يتالف معه ، ارتاحت نظراته على اللون الأخضر الذى سيطر على اللافتة الجديدة ، أشعل سيجارة " برنجي " اشتراها بـ "150" جنيهاً ، إنها سيجارته الوحيدة خلال اليوم وهذا ليس اقتناعاً بتلك الحكمة الصحية التي تقول أن التدخين ضار جداً بالصحة ولكن لأسباب تتعلق بضيق ذات اليد ، تلك التي فقدت مساماتها روح الاحتفاء بالحياة ، هكذا تخلص " يوسف " من إدمانه الممتع للتدخين واكتفى بسيجارته الصباحية المكلفة جداً ، ومن بين فتحة أنفه يخرج دخان " البر نجي " متمهلاً حذراً من مغبة أن تضيع منه متعته المختزلة كلها في سيجارة واحدة فقط

    في اليوم ، عادة ما يحس " يوسف " حين يطفئ هذه السيجارة أنه سيواجه صداعه الخاص بالحرمان حتى يأتي صباح جديد بسيجارة جديدة .

    زحمة قراء الصحف الرياضية على باب الكشك ، عادة ما تتواري الصحف السياسية خجلاً أمام الصحف الرياضية خاصة حين يكون الدوري في حرارة التنافس

    · " أخبار الرياضة لو سمحت "

    · " الشبكة من فضلك "

    · " احجز لي نجوم الرياضة بمر عليك بعدين "

    · " حوار كاريكا نزل لو سمحت "

    زحمة لا تفعل في دواخله سوى الغثيان ولا يملك إزائها إلا وضع ابتسامة زائفة على فمه لزوم مواجهة " الزبائن "، من بين زحمة هذا الصباح لمحه " يوسف " بزيه الكاكي على كتفيه علامة تعلن عن رتبة " صول " في البوليس ، وجه وقور تدل ملامحه على تجاوزه الخمسين ، يقف بعيداً عن الزحمة بصرامة عسكرية معروفة ، حاول " يوسف " ان يخصه باحترام خاص :

    · " أيوة يا حضرة الصول "

    · " معليش يا بني مش الناس ديل "

    · " ما في مشكلة ينتظروا "

    · " أنا عايزك أنت "

    ورجع " يوسف " إلي زحمة الطلبيات بينما ازدحم عقله بالتساؤلات تلك التي تحاول ان تفسر أن يقف صول في البوليس ويطلب شخصاً بعينه وسط زحمة المشترين في هذا الصباح وان يكون هو ذلك الشخص ، كان يلبي طلبات الزبائن بالية مألوفة ذهنه يمارس شروده الذي يتحد مع الخوف من حالة كونه مطلوبا من البوليس ، تتقاطع أصوات المشترين مع تساؤلات " يوسف " الداخلية

    · " النجوم لو سمحت "

    · " يا ربي في مشكلة ولا شنوا ؟ "

    · " خليك معاي بقولك الكورة "

    · في زول اشتكاني للبوليس "

    · يابني آدم بقولك الهدف تديني ألوان ؟ "

    · " أكون عامل مشكلة وما عارف ؟ "

    · " خفف يدك يا ابن العم نجوم الرياضة "

    · " معقول بس ، بوليس عديل كدة "

    · أنا ما عايز الأنباء ، أديني القون ، القون يا راجل "

    · " منو الممكن يشتكيني للبوليس ؟ "

    · " ما تفوتني يا أخوي ، أي الكورة "

    وتختلط الطلبات ويفقد يوسف " تركيزه والصول لا يزال يقف هناك محرضاً " يوسف على التساؤلات الداخلية التي أورثته هذا الشرود ، ينظر "يوسف " خلسة إلي وقفته العسكرية الصارمة ، ويلاحظ أن الصول يحمل في يده اليمنى ملفاً يعلن عن ضخامته فيزداد شعوره بالخوف من أن يكون ملفا للقضايا ، يحاول " يوسف " مرة أخري أن يخرج حضرة الصول من جمود هذا الانتظار المخيف .

    · " طلباتك يا حضرة الصول "

    · " معليش عايزك براك "

    وتضج دواخل " يوسف " بالخوف ويتصبب منه العرق ، ترتجف أصابعه وهو يناول الزبائن ما يريدون ، يستسلم لفكرة واحدة وهي أنه مطلوب للذهاب إلى القسم ، تعزيه رغبته في معرفة أسباب ذهابه إلي هناك . حين بدأت الزحمة

    في التلاشي ، لم يبق أمام " يوسف " سوى ثلاثة أشخاص ، حاول يوسف الصول مرة أخرى كي يخرج عن هذا الانتظار المخيف .

    · " وقفت كثير يا حضرة الصول "

    · " ما في مشكلة ، أنا عايزك براك "

    ألان لم يعد هناك أحد أمام الكشك ، نظر " يوسف " إلي حضرة الصول نظرة لم تستطع التخلص عن معان متعددة للخوف والتساؤلات ، اقترب الصول بهدوء نحو " يوسف " حاول أن يتكلم لاذ بصمت مريب لبرهة قليلة " يوسف " يتكثف الخوف في دواخله كنتيجة حتمية لهذا الصمت ، الصول ينظر إلى " يوسف " وتتراجع نظراته عنه بطريقة غريبة .

    · " أبوة طلباتك يا حضرة الصول "

    · " معليش يا أبني بس "

    · " ما في مشكلة . عايز حاجة "

    · " بس الحقيقة يا أبني أنا "

    · " عايزني في القسم ولا حاجة "

    · " لا أبدا .. بس لو سمحت يعني . لو ممكن بس .. أنا عايز .. معليش ب أنت عارف الظروف .. أنا يعني .. عايز ..

    آسف للإزعاج يا ابني ، لكن .. أنا .. محتاج .. بس معليش أوع أكون أزعجتك ؟ "

    · " ما في إزعاج أبدا ما في إزعاج "

    · " شكرا يا أبني . الحقيقة أنا انقطعت وعايز لو ممكن يعني .. ألف جنيه "

    · " جداً ما في مشكلة "

    ببقية ارتجاف في اليدين ناول "يوسف " حضرة الصول ورقة من فئة الألف جنيه ، وتبدد ذلك الخوف الغريب ليحتل مكانه وبكثافة متناهية وممتدة ذلك الأسى

    العميق ، نظر "يوسف " إلي حضرة الصول وهو يذهب متباعدا ويتلاشى في تقاطع ذلك الشارع البائس بؤس هذا الصباح ، طاقة غريبة تلك التي دفعت بـ يوسف كي ينزع تلك اللافتة التي تقول " مكتبة الأمل " وبطاقة أزيد وتقترب من الحماقة يعلق في مكانها لافتة تقول " مكتبة الشتات "

    في صباح البوم التالي استطاع " يوسف " أن يتخلص من ضحكته تلك المكتومة وذلك حين مر به أحد الأصدقاء ، لاحظ الصديق اللافتة الجديدة وضحك بمتعة وصرخ في وجه " يوسف " بنفس تلك المتعة قائلاً :"-

    * " شتات يا فردة "







                  

العنوان الكاتب Date
تداعيات ـ اللافتــة Yahya Fadlalla04-09-04, 01:07 AM
  Re: تداعيات ـ اللافتــة zumrawi04-09-04, 01:54 AM
    Re: تداعيات ـ اللافتــة Yahya Fadlalla04-10-04, 07:46 PM
      Re: تداعيات ـ اللافتــة WALEED YASSIN04-10-04, 08:49 PM
        Re: تداعيات ـ اللافتــة ابو جهينة04-11-04, 09:19 AM
  Re: تداعيات ـ اللافتــة omer almahi04-11-04, 11:19 AM
  Re: تداعيات ـ اللافتــة الجندرية04-11-04, 05:47 PM
    Re: تداعيات ـ اللافتــة ود شندي04-11-04, 06:57 PM
  Re: تداعيات ـ اللافتــة mustafa mudathir04-11-04, 06:20 PM
    Re: تداعيات ـ اللافتــة Yahya Fadlalla04-13-04, 08:05 PM
      Re: تداعيات ـ اللافتــة Yahya Fadlalla04-14-04, 08:07 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de