لطالماً دار الوضع السياسي في السودان حول هذه الكلمات:
دولار .. ريال .. شيك سياحي / سكر .. بنزين
فكلمة (سكر) هذه هي الكلمة السحرية التي كان يخشاها النميري، لأن أي زيادة في السكر كانت تكفي لأن يهجر التلاميذ أدراجهم الدراسية حيناً من الدهر يعانون فيه من أثر البنبان بينما يعاني كودار النظام وعسسه سهر الليالي وإزاحة الإطارات المحترقة من الشوارع.
ثم جاءت الديمقراطية.. قتحول كوادر الاتجاه الاسلامي الحالمون بالسلطة إلى ترديد هذه الكلمات السحرية:
دولار .. ريال .. شيك سياحي / سكر .. بنزين
حتى تم لهم ما أرادوا .. ولو بليل: تحت غفلة السادة رضوان الله عليهم.
ساعتها أول ما سعى له النظام صباح ال30 من يونيو عام 1989م كان هو أن يغطي على هذه الكلمات السحرية حتى تغيب عن البال العام.
وأول ما قامت به الحكومة لحظة استيلائها على السلطة هي محاربة الاحتكارات للدولار والريال والسكر ليس بهدف تحقيق العدالة في توزيع الثروة وإنما بهدف المكاوشة عليها وتحقيق أمن النظام من خطر المعارضة والحرب الاقتصادية التي مارستها الجبهة على النظام الديمقراطي قبل العام 1989.
وقد حققت ذلك خاصةً بعد مشهد اعدام مجدي وما تلاه من إرهاب للسوق. ثم تلى ذلك السيطرة على السوق بتمليك كوادر الجبهة لمفاتيح الاقتصاد السوداني بالقوة والمال و(المعلومات) و(القرار) والسلطة الفاسدة والمفسدة.
وقد لاحظ الجميع - بأسى بالغ - توجه الدولارات والريالات والسكر والبنزين من الراسمالية التقليدية إلى كوادر الجبهة الاسلامية
وفي تلك الفترة انهارت أسر سودانية كانت تمثل (الغنى التقليدي السوداني: الغنى مع التواضع ومخافة الله) لتحل محلها رأسمالية أقل ما توصف به هو (التجرد من الإنسانية). وقد كان وما يزال هذا هو الصياغ العام. وغيره استثناء.
هذا المشهد يزيل اللبس عن أسئلة تطرح نفسها الآن:
لماذا انخفضت قيمة الدولار والريال مقابل الجنيه؟
كان السؤال الإستراتيجي الذي يؤرق منام النظام هو لمن ستؤول الدولارات والريالات بعد تطبيق اتفاقية السلام:
راهن الكثيرين ووضع الكثير من المتفائلين أملهم على عودة المعارضين و(المغتربين) محملين بالدولارات والريالات ليحدثوا التغيير الذي ينتظره الجميع ويخشاه النظام
بقلب معادلة
دولار ريال شيك سياحي
لكن الحكومة - بذكاء غبي - سحبت هذا البساط من تحت الأقدام
بقيامها بدعم الجنيه مقابل الدولار والريال وتحتاج - الآن - لتغطي هذا دعمها للدولار والريال.. لسحب الدعم عن قطاعات أخرى أهمها السكر والبنزين
لكن ما غاب عن ذهن الحكومة
أنها تضطر الآن
لفتح نافذة لطالما أضاعت الأنظمة السابقة
هي كوة
السكر والبنزين
فهل تراهن حكومة الخرطوم على سنوات حكمها ومحاولات تجدينها لشعب السودان
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة