دارفور - ما بين إيدز أفريقيا و أرز الوطن العربي

Quote: عدم الاستقرار السياسي في دول الجوار : يرى بعض المحللين السياسيين أن للموقع الجغرافي لولايات دارفور ومجاورتها لثلاث دول لم تذق بعضها طعم الاستقرار السياسي لعدة عقود أثراً بالغاً في الانفلات الأمني في ولاية دارفور ويعتقدون أن من أهم أسباب تأجيج الصراعات القبلية وعدم الاستقرار في هذه المنطقة هو هذا البعد الخارجي. فقد تركت الصراعات في دول الجوار كصراع الفصائل التشادية فيما بينها منذ عهد الرئيس تمبلباي مروراً بمالوم ، قوكوني عويدي ، حسين هبرى وأنتهاءاً بالحركة الوطنية للأنقاذ بقيادة الرئيس الحالي الجنرال ال ادريس دب ، والصراع التشادي الليبي ودخول قوات الفليق الإسلامي إلى تخوم دارفور والصراع الليبي السوداني في عهد الرئيس النميري والذي وصل ذروته بدخول قوات الجبهة الوطنية المعارضة التي سمت وقتها بالمرتزقة إلى السودان من ليبيا عبر دارفور حيث أصبح مسرحاً للاقتتال والتناحر بين العديد من الفصائل والقوات الأجنبية التي اتخذت من أعماق دارفور ملاجئ ومخابئ لقواتها. وقد أشارت التقارير إلى أن بعض هذه الفصائل بدأت تعتمد على سلاحها للحصول على القوات كما أن بعضها بدأت في تسريب السلاح إلى المواطنين السودانيين عن طريق البيع أو الرهن أو الهبة. ليس هذا فحسب ، بل أن بعض الجماعات التشادية بدأت تهاجر إلى السودان بانتظام خلال العقود الماضية ، فقد عبرت هذه الكيانات القبلية المسلحة الحدود السودانية بحثاً عن مواطن جديد تكون أكثر استقراراً ، ساعدهم في ذلك عدم وجود موانع طبيعية بين تشاد والسودان ، والأهم من ذلك كله وهو وجود بطون لنفس هذه القبائل في السودان ، وهي على استعداد تام لتقدم لها الدعم النفسي واللوجستى لأنها بمثابة العضد والدعم لها لوقوفها في قضايا الأرض والحواكير في وجود اتهامات متبادلة بين قبائل المنطقة ، كل يريد استئصال الأخر أو إحلاله في أرضه ومساكنه. لقد وردت من خلال مداولات مؤتمرات الصلح السابقة خاصة كتم 1994م ، الجنينة 1996م ، ومن تقارير اللجان الشعبية عقب اندلاع الحرب بين الفور والقبائل العربية في العام 1989م اتهامات صريحة بان البطون المستضافة في القبائل الحدودية وراء الكثير من حالات الانفلات الأمني ونسف الاستقرار في ولاية دارفور الكبرى ، إذ أن هذه البطون التشادية المستضافة لا تتقيد بقيم وأعراف المجتمع الذي تدخل فيه ولا تحترم زعماء الإدارات الأهلية أو السلطات المحلية لأنها لم تتعلم العيش تحت سلطة مركزية رادعة ، ولذلك فأنها غالباً ما لا تعترف بأية سلطة سوي سلطة البندقية. وبالطبع فأن هذا السلوك العدائي الغريب على إنسان دارفور تسبب في كثير من الأحيان في جر المجتمع بأسره للعنف والعنف المضاد الذي قد يتطور تدريجياً إلي تكريس ثقافة العنف وصراع قبلي لا تنتهي أثاره عند المجموعات المتحاربة فقط بل تمتد لتطال كل قبائل دارفور الكبرى عن طريق التحالفات والتكتلات العرقية التي بدأت تتمحور في تحالفي (الزرقة) والعرب وهي نهاية مؤسفة.