صورة الحادث المروري لاستشهاد مولانا فتحي خليل ....

Quote: نعود للطريق الغريب العجيب المريب ، طريق سواكن ، هيا ، عطبرة ، بعد الميناء مباشرة تنطلق في طريق غريب ، حفريات متعددة ، لا ضير في ذلك ونفهم ضيق اليد ، ضيق وغير مفصول ، كل ذلك نفهمه ولكن طريق متاهة لا تدري كيف تسير فيه وفي اي إتجاه وهو المنفذ الوحيد من الميناء فهذا ما لا نستطيع فهمه ، الطريق يتفرع الي شمال وجنوب فقط عند مبارحتك للمنطقة المأهولة في سواكن . أهلنا في الشمال يضعون لافتة تحمل اسم المتوفي وتاريخ الوفاة عند كل قبر ، نهى الرسول الكريم عن الكتابة على القبور ، نعلم ان الدعاء للميت لا يحتاج لمعرفة قبره ، ولكنهم يفعلون ذلك . ليت القائمون على الطريق يضعون لافتات تدل على الطريق وإتجاهاته حتى لا نكون تحت رحمة من يعرف او لا يعرف ، حتى لا نسأل من لا نعرف ، لماذا لا يكون ضمن عقد تنفيذ الطريق وضع علامات عند كل مفرق يدل على الجهة المقصودة ، لا نريد معرفة المسافات المتبقية ولا المدن القادمة فذاك بعيد المنال فقط نريد ان نعرف في اي إتجاه نسير ، لماذا تترك هذه الأمور الحيوية للصدفة تلعب بمصائر الناس ، ما يكلف وضع لافتة صغيرة كعلامة ودليل ، لافتة يضعها اهلنا على قبور موتاهم ولا تستطيع الشركة المنفذة وضعها على الطريق ، لماذا لا يكون ضمن عقد تنفيذ الطريق وضع علامات عند كل مفرق يدل على الجهة المقصودة . إهمال غير مبرر في متاهة مجهولة العواقب !!! أنا قطعت معظم الطريق مستعينا بالله ثم بخرائط قوقل على الأقمار الصناعية ولم إعتمد على الإشارات الأرضية ، واوصي كل من يريد السفر عبر تلك المتاهة ان يجود خرط الأقمار الصناعية ، فكم تعين بعون الله . علامات الحياة على الطريق تتمثل في الخدمات واللافتات الدالة ، طريقنا ميت من هذه الناحية. الأسوء من هذا ممارسات سائقي الطريق ، خاصة أصحاب الشاحنات والعربات الثقيلة ، جلهم متعاونون يساعدونك على تجاوزهم ويمهدون لك ذلك ، ولكن توجد حفنة مستهترة قاتلة تفعل افعالا مميتة لولا عناية الله ، يتجاوز احدهم شاحنة بعدة مقطورات وهو يجر مقطورات اخري وبسرعة هائلة ويواجهك وجها لوجه والأنوار العالية على عينك لا تستطيع ان تحدد اين تسير، كل ما عليك هو التوكل على الله والإنحراف لأقصى اليمين ، نصف سيارتك على الأسفلت والنصف الآخر تحمله الملائكة وتسير برعاية الله ، أما بقوانين البشر فانت ومن معك في الدار الآخرة !!! المثلب الآخر هو إنعدام الخدمات تماما من سواكن وحتى عطبرة ، حيث توجد محطات للوقود والشاي والقهوة ، أما خدمة السيارات فعليك ببساطة ان تترك سيارتك المتعطلة ولو بسبب إطار وان تنجو بنفسك ومن معك ، اوصي كل المسافرين بحمل إطارين بدلا من واحد إحتياطي !!! أما الحفر والمطبات فحدث ولا حرج ولعلها وضعت عمدا لتمنع عنك النوم وتوقظك بين الفينة والأخرى ، فهي البديل السوداني لعيون القط . الأمر الآخر الغريب هو موضوع تلك الحجارة الحادة التى تتوسط الطريق وتجدها أمامك فجأة تنتظرك بمكروه لا يرده عنك سوى ملائكة الرحمة الذين يرسلهم الله تعالى لنجدتك وانت لا تدري سائقو الشاحنات يضعونها كعلامة لصيانة سياراتهم المتوقفة على الطريق ، ثم ينطلقون تاركين تلك القنبلة ليقع احدنا فريسة لها واقل تضحية هي ان تضحي بالإطار والخيارات الأخرى أقلها إنقلاب السيارة ، او النزول نحو الهاوية !!! إستهتار غريب بأرواح الناس ومصائهرهم في طريق لا خدمة فيه ولا دليل إلا من رجل المرور الذي يلقاك بعد كل مئة كيلو وعينه على حزام الأمان !!! الطريق كما ذكرت ضيق ، وتعتريه الكثير من الأتربة وكل ذلك مقبول ولكن من غير المقبول ان تسير من هيا الى عطبرة ولمسافة 300 كيلو ولا تجد مجرد فني كهرباء او ميكانيكي ولا ورشة لإطار السيارات ، إذا أحجم المستثمرون عن ذلك فكان من واجب إدارة الطرق سد ذلك الفراغ حيث يظل الحصول على الصيانة والوقود هاجسك الأول وأنت تعبر تلك المتاهة بعائلتك قادما من بلاد ما ذكرناه يعتبر من الأبجديات. الوقود متوفر ويتم التزويد به يدويا مع فارق بسيط في السعر حيث يوجد في تلك المحطات الصغيرة من يبيعك الوقود من البراميل والصفائح ، وبالطبع هناك شك في النقاوة من الأتربة ولكن لا بد من ذلك . الأمر المهول هو سعر البنزين والذي يعتبر خرافيا لمن يأتي من السعودية ، فسعره كما نعلم في السعودية نصف ريال وفي السودان 1.9 جنيه اي ما يعادل 2.2 ريالا لكل لتر ، الوقود والبترول أمره عجيب عندنا وسعره دائما الى صعود فهو كجبهة القذافي دائما تنظر الى السماء ولا تنزل لترى ما بالأرض . إذا إرتفع سعر الوقود عالميا ، عملت الدول المصدرة للنفط على زيادة الخدمات المقدمة للمواطن من خلال فائض الميزانية ، وحكومتنا تزيد سعر الوقود داخليا بحجة إرتفاع سعره عالميا ، كنت في الخرطوم وحضرت ذلك ، وإذا إنخفض سعره عالميا زاد قومنا سعر الوقود بحجة إنخفاض الميزانية بإنخفاض الأسعار ، فالزيادة هي الأصل والسبب مختلف . من عطبرة تتجه جنوبا نحو الخرطوم ، والطريق هنا أسوء وأقدم وقد حمل فوق طاقته حيث تحول ثقل الميناء من كسلا الى عطبرة مع الخط الجديد ، ولم ينل خط عطبرة الخرطوم اي نصيب من التأهيل مقبال هذا العبئ الإضافي ، الحفر والمطبات امر معتاد هنا ، أما ان يميل الطريق بكلياته وينحدر بكامله فتلك هي الخطورة الكالمة التي تتطلب مهارة عالية في القيادة خاصة لو كانت سيارتك محملة فوق ما تطيق كعادتنا في كل شئ . في الطريق الي عطبرة توجد الكثير من اللوحات الإرشادية وضع أغلبها أهل المنطقة كدليل على قراهم . كما توجد الكثير من المحطات الكبيرة والمطاعم عكس طريق هيا عطبرة. عند مدخل الخرطوم تقابلك زحمة سيارات وناقلات نفط ، علمت أنها ناقلات النفط من مصفاة الخرطوم ، الوضع الأمثل ان توضع المصفاة بعيدة عن الطريق السريع ومدخل العاصمة لا ان نحتقن في عنق الزجاجة !!!.