|
المداد اليابس: سبعة عشر عاما من الرحيل ياأبي
|
هاأنذا أفتقدك كما لو كنت غضا ..أشتاق الي كنفك الدافي كأني الامس الحرير في ليلة قارسة. أخزن بين طيات ذاكرتي "نحنحة" صوتك عند البكور :" سلام قولا من رب رحيم" ..معلنا شارة البدء الي يوم طويل حد التثاؤب.. ثم تجلس ارضا عند ذاك المكان المعهود تصب الشاي كما تشاء ..وتتذوق كل الكبابي ضريبة التوزيع .. وكنت ابي أعذرني تحمر عيناي وانت تتذوق كوبي..دون الاخرين..بعدها يعطر مسامعنا رشفك الي الشاي بشفتيك الرقيقتين محدثا صوتا لازالت موسيقاه معي كالتميمة.. نحاول جاهدين مجاراتك فنفشل وكم من فم شوي وكم من شاي اندلف علي الجلباب الواحد.. ونسمع صهيل المفاتيح "للكنتين" الصغير عند كورنة أعرق حي امدرماني فنعرف أن الصبح أكمل التنفس والشمس تتنهدت كالطفل ..لانطلاقة جديدة .. فيمر أهل الحي كشارة البدء : عم حسين سلام : امي قالت ليك... فتشمر ساعدك هكذا حتي لايملأ من الخشب الذي طلاه الزيت أدمة لاصقة أكمامك..ومع حرصك علي نصاعة ثيابك .. يكسوها تارة الفحم السمين واخري الجبن النحيل وثالثة رزاز "القدرة" فيشكل ذلك لوحة الحلال والبلال التي بكل فرح نشأنا بها وعلي عفتها نسير الان. حق لي أفتقدك في هذا اليوم من كل عام.. فخيالك معي وياله من احساس وأنا بجوارك تلتفح العمامة والشال وتحمل الكيزة –نوع من العصي- ترفعها يمينا ويسارا ونحم ذهاب للسوق في حركة لها وقع في نفسي فأمشي كالطاؤؤس مقلدا .. والقي التحايا كما تلقيها وكأني أنت بين أقراني..تمازحنا عن أحداث طفولتنا وعن بلاد الجنوب الحبيب والغرب المعطاء وكأن بلاد العجائب مرت من هنا وعن الباباي والفافاي والهباباي وعن "امتقلقل" و"ام مديكة" وعن دجاج الوادي والغزلان .. انت تحكي والكل سكون.. كنت وقبل سبعة عشر ربيعا أنتظر شوفتك.. حينما قررت تجديد وثيقة سفرك فجأة ونفضت الغبار من الجواز العتيق وشديت رحالك الي العمرة التي لم تكمل شعائرها لان الكلي أنهكت جسمك الذي اضناه التسفار جلبا للرزق النظيف.. وسكت العم حسين ولم يكلم الناس الا رمزا أوكتابة حتي أصيح عند مليك مقتدر..أدعوا لك واغريك السلام أنا واخوتي وأخواتي .. رنين صوتك وأنا طرير ومافتئت تردد : جيتك بامتثال صاحبي المتمم كيفي إبراهيم ثبات عقلي ودرقتي وسيفي مطمورة غلاي، مونة خريفي وصيفي سترة حالي في جاري ونساي وضيفي أحفظ هذة القلائد وصايا علي صدري ويحفظها كلما جار الزمان وأرجف المرجفون نرضع من ثدي هذة "اللجاية " كلما عطش الفؤاد أوزاغ البصر .. ابراهيم حسين 10- سبتمبر- 2012
|
|
|
|
|
|
|
|
|