حتى لا ننسى.. الاختــراق والانســلاخ في حــزب الأمــة القـــومي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-25-2024, 10:00 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2012م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-27-2012, 08:37 PM

عمر عبد الله فضل المولى
<aعمر عبد الله فضل المولى
تاريخ التسجيل: 04-13-2009
مجموع المشاركات: 12113

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حتى لا ننسى.. الاختــراق والانســلاخ في حــزب الأمــة القـــومي (Re: عمر عبد الله فضل المولى)

    خاتمة
    يــا قاصد الخراب شوفلك غرابا جزّو
    والجبل الأصم شفتو الهبوب بتــهزو؟
    محمد صالح سليمان- الحديبة
    لقد أوهم المنسلخون السلطة أن أغلبية حزب الأمة معهم وهو ما ظهر زيفه، كما أوهموا الذين ساروا معهم أن الحكومة ومصر وأمريكا في جيبهم، ولكن لم يحضر تجمعهم ولا سفير واحد مع أنهم وجهوا دعوات فاخرة لكل السفارات بالخرطوم. ليس ذلك فحسب، بل لقد نشرت جريدة البيان الإماراتية بتاريخ 31 يوليو 2002م بعنوان "القاهرة تنصح مجموعة الفاضل بإنهاء الانشقاق" الآتي: "تحطمت آمال مجموعة مبارك عبد الله الفاضل المنشق من حزب الأمة المعارض الذي يتزعمه الصادق المهدي، رئيس الوزراء السابق، في تسويق انشقاقها من الحزب عالميا، بعد أن نصحت القاهرة، التي تعتبر مفتاح القوى السياسية السودانية نحو العالم، المنشقين بالعودة إلى صفوف الحزب من جديد والعمل على تماسكه ووحدته باعتبار أن وحدة القوى والتنظيمات الشمالية وتماسكها خلال الفترة الحالية ضرورة ملحة تضمن وحدة التراب السوداني".
    كما أوهم المنسلخون الناس أن المشاركة هي للفاعلية وصنع القرار – وقد بينا فاعلية الحزب بدون المشاركة. ورفعوا شعارات الإصلاح والتجديد والمؤسسية، شعارات حق أريد بها باطل كما أثبتنا. وكالوا على الحزب الاتهامات في تنظيماته وفي قيادته وفي دوره الوطني بعد أن أبى الانقياد كالأعمى وراءهم، وقد بينا الحقائق في كل تلك التهم.. وبالرغم من ذلك فإن ما ناله الحزب جراء ذلك هو مزيد من التألق:
    وإذا أراد الله نشر فضيلة طويت أتــــــــــــــــاح لها لســان حسود
    لــولا اشتعال النار فيما جاورت ما كـــان يعرف طيب عرف العود
    والآن..
    ربما عن لأحد السؤال: لماذا لم يتحرك الحزب لاحتواء هذه الجماعة المخربة قبل الآن، ولماذا صبر عليها حتى تهاوت كالأوراق اليابسة، رغم ما قامت به من تخريب من قبل، ورغم اتضاح سوء نيتها منذ زمن بعيد؟. هذا السؤال ظل يتكرر في الصحف ولدى بعض عضوية الحزب، ولدى العامة، وهو له منطقه ومشروعيته، ولكن التبريرات الموضوعية التي أدت لهذا المد هي:
    أولا: النهج الديمقراطي: حزب الأمة حزب ديمقراطي، والجماعة المنسلخة ممثلة في أجهزته. مثل هذه المؤسسات لا يمكن التعامل فيها بالمشرط، ويجب أن تناقش فيها كل خطوات الإقصاء بصورة تقبلها المؤسسة وتجيزها. لقد كون الحزب لتفادي مثل هذه الزلات بين قياداته لجنة لضبط الأداء، ولكن العمل الحزبي السوداني لم يستطع هضم آلية الضبط بعد، مما جعل معظم تحركات اللجنة تثير ضجة لدى الرأي العام. علاوة على ذلك، فإن اللجنة وإن كانت لها صلاحيات لبحث الأعمال الخارجة عن المؤسسة لم تكن لها آلية للتحري والإثبات. وبالرغم من ذلك فقد تحرك بعض القياديين والكوادر في عملية للتحري ولتوثيق تجاوزات تلك المجموعة. تلك العملية كانت تسير ببطء تتطلبه الدقة والأمانة في تتبع تجاوزات الجماعة المذكورة، وإثباتها لدى آلية المحاسبة المعتمدة.
    ثانيا: البيان بالعمل: كان من المفيد إتاحة فرصة للجماعة لعرض أفكارها داخل الحزب وخارجه، لقياس مدى صدقية ادعاءاتها. لقد ادعت الجماعة أنها تمثل أغلبية القيادة والقاعدة، ورفعت شعارات للتجديد واعتبرت مبارك ألفين صادق الستينيات.. كل تلك الادعاءات كان لا بد لها أن تصل حتى "ميسها" ليقتنع الناس داخل الحزب وخارجه بالمبررات الحقيقية لكل تلك الضجة، ألا وهي الانخراط في السلطة القائمة، بلا أي محتوى فكري أو وطني أو إصلاحي.
    ثالثا: الرأي العام: إن الرأي العام دوما ما يتعاطف مع الفرق المستضعفة. صحيح أن السيد مبارك لا يجد تعاطفا داخل الرأي العام السوداني عموما، ولكن استعجال البطش به وبمجموعته ربما جر له تعاطف غير موضوعي. لذلك كان من المناسب أن يمد له حتى يظهر جليا للرأي العام السوداني أبعاد أطروحاته "التجديدية" و"المشاركية"، وحتى ينجلي عمق صيحاته تلك، فيدرج مع سابقيه من الأحياء والأموات الذين لم يصبروا على مرارة النضال وفرطوا في المبدأ من أجل المنفعة.
    لقد أطلقنا في مقدمة هذا الكتاب وعدا بإصدار جزء ثان من الكتاب يحمل الأدب الرصين الذي نشر حول تجمع سوبا في الصحف الوطنية، والخطابات والمذكرات التي أتت من شتى بقاع البلاد ومن كل جهات العالم حول ذلك التجمع، ونحن على ذلك الوعد نعمل أن يتحقق قريبا.
    إن تجمع سوبا لن يضير الحزب شيئا- بل لقد تسبب في التخلص من جماعة لم ترض بقرارات الحزب الديمقراطية المؤسسية فانقلبت عليها- إن السند الحكومي قوى أو ضعف لتلك الجماعة لن يؤثر على صلابة عضوية الحزب وموقفها تجاه أجهزتها القيادية- ولكن الحزب سيسعى بكل ما أوتي من قوة في البناء الذاتي- وفي مساندة اتفاقية السلام عبر دعم بروتوكول ماشاكوس وغيره من مجهودات الحلول السلمية أكانت عبر المبادرة المشتركة أم المجهودات الداخلية المختلفة والتي تسعى للاتفاق حول ميثاق قومي لحل سلمي لمشاكل البلاد تشترك فيه كل القوى والمنظمات السياسية بما فيها الحكومة.
    إن حزب الأمة يسير في طريقه لا يعبأ بعراقيل هنا وهناك، يسأله البعض عن جماعة فصمت عروة الجماعة وانخرطت في "الإنقاذ"، فيردد "مدحة" شادي الحزب والكيان المجيد "زين العابدين أحمد عبد القادر" ويقول:
    المولى الحنين.. ندعوك يا سلام
    عام ألفين واتنين.. يبقى عام سلام
    في ناس طبالين..
    وفي ناس مطبلين..
    ماشين طين في طين .. داخلين في ظلام
    الدروس المستفادة
    الدرس الأول: الحاجة للإبداع: لقد تسلمت رسالة من الأخ محمد دقة وقد وقع على حلقة من الكتاب، فأرسل لي عبر البريد الإلكتروني يقول: "إن المثال الحالي (الانسلاخ) لا يحتاج إلى اجتهاد كبير في الرد على حججه وأهدافه وأفكاره (إن وجدت). النقطة التي اعتبرها على قدر عال من الأهمية لابد من التقديم لها بالتالي : الأفعال يمكن تقسيمها إلى فعل سلب وفعل إيجاب على اعتبار انهما الاثنين ردود أفعال(فعل ورد فعل عبارة تعنى بالضرورة أن الأفعال مترابطة وغير منتهية أي هي حلقات و بالضرورة أن يؤثر الفعل على الأقل في اتجاهين) والفعل السلب هو الذي ينبني على تحديد خيارات فرضت مسبقاً أما الفعل الإيجاب هو أشبه بالخلق أي بمعنى إضافة خيار للموجود بفعل الظرف المعين أو فتح باب جديد.. الشيء الذي كان واضحاً لي (عن بعد) أن الأجسام المادية- الهياكل التنظيمية- التي تم تكوينها –بالحزب- تنقصها أفعال الإيجاب لتواكب خط الحزب ولكن هذا الانسلاخ هو خير دليل ليس فقط لبرهان أن القدرة على إنتاج فعل الإيجاب مفقودة حتى على مستوى قيادات بل أنها غير قادرة على تلقيها والدليل على ذلك أن ما كانت تبشر به هو السبب الأساسي لانسلاخها ( ذكر مبارك الفاضل في مرة أن الحزب لا دخل الحكومة ولا بقى في المعارضة لتبرير انسلاخه) أي انه لم يستطع تحمل الدفاع عن فعل الإيجاب الذي كان واضحا انه مقتنع به والمهم هنا انه يعتبر أن الاختيار بين الموجود أصلا مبرر كاف لنعت أي محاولة لأي جديد بالسلبية. ولكن السؤال الذي يجب أن يفتح حوله الحوار، ما هو السبيل لكادر له القدرة على فعل الإيجاب أي اعتبار الخط العام للحزب كمحرض لفعل الإيجاب في مجاله؟..
    لقد أوردت هذه الأسطر من الرسالة المذكورة لأنها تقودنا للحديث عن أول درس نخرج به من حادثة الانسلاخ، وهو أنه لو كان صادقا في مبرراته فالدرس المستفاد من ذلك (الصدق) هو السقوط في مقياس الإبداعية.. إن مقام الإبداعية في بناء الشعوب مقام عال، وضرورة دعم الإبداعية في جميع مجالات الحياة ملحة: السياسية – الاجتماعية- الفنية- التكنولوجية.. الخ. إن الفشل في تقبل الحديث عن طريق جديد (خارج عن الحكومة والمعارضة) هو فشل في لفظ التقليد، وفشل في مقياس الإبداعية.. رسالة دقة تقودنا لهذه النتيجة. وهو ناتج عن فشل في تفهم أطروحة "الطريق الثالث" وليس عن إشكالية في الأطروحة نفسها، رحم الله أبا الطيب المتنبي القائل:
    وكم من عائب قولا صحيحا وآفتــه من الفهم السقيم
    ولكن تأخذ الألبـــاب منـــــه على قدر القرائـح والفهوم
    الدرس الثاني: ربط الوسائل بالغايات: إن الدرس الأول المشار له يجدي في حديثنا عن جماعة "تصدق" في مبرراتها، فماذا إذا لم تكن كذلك؟ وماذا إذا كانت تلك الجماعة تظهر مبررا وتخفي آخرا؟ هل يمكن أن تنجح هذه الخطة؟ وللرد على هذا السؤال فإنني استحضر ما نشر في صحيفة الشرق الأوسط هذا الشهر –أغسطس 2002م- من أن الجبهة الإسلامية القومية تعترف بذنبيها التاريخيين: المشاركة في الحكم المايوي الأوتقراطي- والقيام بانقلاب يونيو 1989م، وتطلب الغفران.. هذه التصريحات تؤكد أن ذلك الدرس –التفرقة بين الوسائل والغايات- قد مر على الحركة السياسية السودانية وأن نهايته ندم وطلب للغفران. هذا الدرس مر كثيرا على آخرين في حزب الأمة وغيره من الأحزاب السياسية الشعبية والعقائدية ومن المستقلين الذين لم تخل منهم قائمة من قوائم الحكومات الأوتقراطية، منهم من وعى الدرس وعبر عن تجربته مثل مذكرات السيد مرتضى أحمد إبراهيم "مذكرات وزير سابق" ومنهم من أخذته العزة بالإثم. هذا يعني أن الوسيلة يجب أن تكون من قبيل الغاية، وهو ما يقود "لاتفاق القول".. لقد كان السيد مبارك المهدي في زمان مضى من الملتزمين بخط الحزب المنافحين عنه، الرافضين للخروج عن خط الحزب ومبادئه. وفي 2 أغسطس 1991م أجرى السيد فتحي الضو حوارا معه في صحيفة الوطن الكويتية وسأله عن المخالفين الذين انضموا للإنقاذ فقال: "أي عنصر خالف هذا التوجه يكون موقفه شخصيا خاضعا للسقوط من المسيرة وهذا ما حدث لبعض الأفراد وذلك شيء طبيعي في أي مؤسسة هناك من يضعف ولا يستطيع تحمل ظروف النضال وله قابلية في الاستجابة للإغراءات وبالتالي تنتهي صلتهم بالتنظيم ". هذا على صعيد الأفراد، فما هو الموقف من الجماعات التي تخرج عن الجماعة وتدعي الشرعية؟ لقد أشرنا في معرض حديثنا عن التنظيم بالخارج للجماعات التي نظمت نفسها في خطوط خارجة عن التنظيم بقيادة السيد مبارك –والذي كان يستند لتفويض القيادة بالداخل- فماذا قال عن أولئك السيد مبارك؟ قال:" لم تكن هذه المسيرة الطويلة بدون عقبات أو مشاكل أو تحديات، فكانت أول هذه المشاكل على المستوى التنظيمي قيام جماعات كان على رأسها للأسف قيادات في الحزب تارة باسم جماعة الإصلاح، وتارة أخرى باسم القيادة الجماعية، لم يكن لديها هدف غير التشويش على الحزب وعرقلة المسيرة لمصالح وطموحات شخصية -قصيرة النظر- قدم فيها أصحابها مصالحهم الشخصية ونزواتهم على المصلحة الوطنية، لقد خرجت هذه الجماعات على خط الحزب" إلى أن قال: " أما من وقف من القيادات ضد خط الحزب وخرج عليه علنا، وعمل على تعويق المسيرة في هذا المنعطف الخطير من تاريخ بلادنا وتاريخ مسيرتنا السياسية .. فلابد من أن يُسال ويُحاسب حتى نستن سنة حميدة تُؤسس لنا تنظيما سويا معافى في المستقبل. ".. لقد كان يذم الاستجابة للطموحات الشخصية والإغراءات المادية والخروج عن الجماعة وما إليه.. ولكنه الآن يسقط في نفس الخانة التي سقط فيها أولئك الضائقون ذرعا بمسيرة استرجاع الديمقراطية وقسوتها أو طول مدتها. ولهذا فقد بدا الآن كأنه لم يكن ما كانه بالأمس، وقد عبر عن حسرة هذا الموقف ببلاغته المعهودة الشاعر محمد المكي إبراهيم فقال عن حادثة سوبا 2002م: "ولذلك يقول البعض أن ما جري حقيقة هو أن دما فاسدا أراد الخروج فتركه المهدى يخرج موفراً على نفسه أجرة الحجامة. وعلى ما في هذا التعبير من القسوة فإنه قريب للواقع . ووجه القسوة فيه أن الرجال القائمين على الإنشقاق لم يأتوا من بيوتهم وإنما عادوا من المنافي. وبعضهم جاء من جبهات القتال وليس بينهم من لم يضح بماله أو بعياله أو بمستقبله في سبيل الديمقراطية وخروجهم على المهدى لا يجردهم من تواريخهم كمناضلين ورجال ذوي شمم وأباء وفرسان مهدويين على بندقية الديمقراطية . ولكنه ظلم السياسة الشنيع أن لا تعبا بسالف ولا سابقة ولا يهمها إلا الحاضر وتلك شيمة فيها أصيلة . وإذا أراد المرء أن يسلم من أذاها فإن أمامه طريقة وحيدة هي الاعتزال. فلو أن هذا النفر من الأماثل اعتزل العمل السياسي بهدوء ومضي يحتطب ليكسب قوته وقوت عياله لما كان عليهم من تثريب، ولكنهم غيروا جلودهم السياسية وهاجموا القلعة التي كانوا ضمن المدافعين عنها، فصار عليهم أن يتوقعوا الأذى السياسي من الملايين التي لازالت تؤمن بالصادق المهدى كزعيم تاريخي مؤهل تأهيلا رفيعا لقيادة السودان نحو القرن الحادي والعشرين ." الملايين التي عبر عنها من قبل شاعر المؤتمر حين قال بمناسبة تخليد ذكرى الإمام الصديق بمؤتمر الخريجين:
    يا صـــــــــادق السودان إنك لم تـــــزل أمـــلا ترجيــــــــــه البلاد دوامــــــا
    هذي بلادك صــــــــورة مهــــزوزة أضحت يحيـــــر شكلها الرسامـا
    ولأنت قائـــــدها ومنقــــــذ شعبــــها إن جن ليل النائبــــات ظلامـــــــا
    سر في طريـــقك إن شعبك مؤمــــن بك قائـــــــــــدا ومعلمـــــا قوامــا
    ما زال يأمل في الخلاص على يدي بطل كمثلك صادقــــــــا مقدامــــا
    الشاهد، إن درس الفشل في ربط الوسائل بالغايات مرتبط بدرس "اتفاق القول" وهو ما ذكرته المهدية من ضمن ما أضافت للتراث الصوفي فيها .. ففك الارتباط بين الوسائل والغايات هو أول باب "لاختلاف القول".. هذا الدرس من أهم دروس الأديان، ولكن الأمر لا يقف عند هذا الحد الذي يمهله الخالق لعباده حتى أجلهم وبعثهم، فلا يلتفت إليه إلا طالب الآخرة، بل إنه أيضا مرتبط بالحياة الدنيا ولدى المشتغلين بالسياسة بكسب مباشر لا يقاس بالدنانير، ولكن يقاس بما يرتبط في مخيلة رجل الشارع العادي عن ساسته وصدقيتهم.. ولا يزدري ذلك من يكون حزبه ديمقراطي التكوين والتوجه.. هذا الدرس ربما يفوت على الكثيرين ممن يرون السياسة لعبة قذرة ويحبون لعبها على تلك الأصول.
    الدرس الثالث: الوعي التاريخي: إن ثقافتنا المشتملة على كل تجاربنا الحياتية ترفد من التاريخ الكثير من الأقوال والأحداث والأفكار على سبيل العظة.. إن القراءة الواعية للتاريخ تجنب الوقوع في المساقط.. لا يغير شخص الحقيقة بالأقاويل والشائعات، وهي من أساليب سوبا 2002م المفضلة كما بينا، فحتى لو نجحت في إقناع البعض بها فإنك لن تقنع التاريخ، ولن تغير بهذه الطريقة مجراه كما تريد.. يجب أن تنبني خطواتنا على قراءة عميقة فعلا للتاريخ والحاضر.. إن سقوط سوبا 2002م دليل فاجع على ما يمكن أن تؤدي له القراءات المتعجلة أو الفطيرة للتراث –سواء كان المهدوي أو الحزبي- والقراءة العرجاء للتاريخ- في الستينات أو الحديث جدا في التسعينيات،. والدرس التاريخي الذي ينبغي أن تتلقاه جماهير حزب الأمة مما أشاعوه حول الانشقاق الحزبي في الستينيات، هو ضرورة التوثيق ونشر المعلومة عن كل الخطوات حتى لا يتم التشويش في فترة لاحقة.
    صحيح أن العماء التاريخي كان أحد أسباب السقوط، ولكن عضده أيضا عماء جماهيري ظهر في خطل الاعتقاد الفطير أنك بتكرار بعض التهم والأقاويل الزور تغير من الحقيقة، وهي أساليب أتقنتها النظم الشمولية القديمة والحديثة فلم تجن منها كسبا.. هذا درس أضافت سوبا 2002م له مثلا حيا، فهم ينعقون من ناحية وقلوب أهل السودان وعقولها تعي الحديث المقصود من ناحية، وهم لم يجهدوا كثيرا في جعل مقاصدهم أقل سفورا.. إن حزب الأمة لو أنفق ما في الأرض كي يقنع جماهيره أن جماعة سوبا خرجت عن الجماعة ولحنت قولها وبدلت جلدها لما استطاعوا إقناعهم بمثل ما أقنعتهم اللقطات التي بثت من تجمع سوبا عبر أجهزة الإعلام الرسمية. ولو أنفق ما في الأرض لما استطاع أن يوصل القارئ السوداني لمرحلة الغثيان من هذه الجماعة، كمثل ما فعل تصريح الدكتور علي حسن تاج الدين عشية انضمامه لهم حين قال: "جذبني بريق السلطة"!، ولا حين حاول تبرير حديثه ذلك بقوله: كنت أمزح!!.. هذه دروس مجانية في الساحة السياسية السودانية عامة ولحزب الأمة وجماهيره خاصة.
    الدرس الرابع: ديمقراطية كافة الحلقات: لقد كان لأسلوب التفويض في العمل الخارجي مبررات أمنية معينة. ولكن الثمن الذي دفعه الحزب بتكوين جسم لا يبالي بالتشاور والتكوين الديمقراطي ويستند بشكل أساسي على التفويض هو إصابته بضررين بالغين: الأول أنه سمح لذلك الجسم بالتمدد بدون الضوابط الديمقراطية والشكل المؤسسي، والتعامل بمشرط الإقصاء مع مخالفيه، والثاني أنه شكل مدرسة سيئة لمن قاموا عليه فلم يستطع مسئول العمل الخارجي اتباع المؤسسية واحترام الديمقراطية حتى بعد عودته للداخل.. والرأي عندي أن ذلك كان أحد الأخطاء التي يجب أن يتعلم الحزب منها درسا مفيدا: أن قضية الديمقراطية والمؤسسية لا تتجزأ ولا يجب أن تخضع لعقلية الطوارئ. لقد خاطب أحد قيادات الحزب بتندلتي رئيس الحزب لائما إياه في أنه رشح لهم السيد مبارك المهدي إبان الديمقراطية فكان منه ما كان باسمهم، وقد اعتذر السيد الصادق في خطابه لجماهير تندلتي في سبتمبر 2002م. ولكن الاعتذار الأكبر هو حق للكوادر الصلبة التي وقفت مع السيد مبارك بالخارج باعتباره حامي المؤسسية وقدمت كل عطائها وجهادها تحت رئاسته فجنى أعمالهم ثمارا تغذى عليها اسمه ولمع، وها هو يتحدث باسم النضال من الخارج وكأنه كان فارسه الوحيد!. لقد حاولت قيادة الحزب بالداخل في مرحلة ما تدارك لا مؤسسية الجسم القائم بالخارج كما أوردنا في رد رئيس الحزب على جماعة الإصلاح والمؤسسية، ولكن ذلك لم يتم تنفيذه إلا بعد خروج الرئيس في تهتدون. صحيح تم تدارك المؤسسة بالخارج، ولكن لم يمكن لأحد تدارك ما ألقي في ذهن السيد مبارك عن أساليب العمل الحزبي الديمقراطي، وعن المؤسسية!.
    الدرس الخامس التربية التنظيمية: وضرورة أن يكون الكادر الحزبي معد بصورة يمثل فيها فكر الحزب ومبادئه فلا يكون عرضة للاختراق الفكري والسياسي بهذه الصورة وفي أعلى المستويات. لقد جاء الخطاب الفكري في سوبا مسخا شائها مقتاتا على فتات أفكار الشمولية. مما يدل على سوء التربية التنظيمية مهما كانت الأسباب التي ذكرنا من مواجهة الديكتاتوريات وأعباء التصدي والملاحقات وغيرها. إنه لا يجدي حديثنا عن تربية ديمقراطية وأقلمة وغيرها من الشعارات إذا كانت بعض الأوعية التي تحمل هذه الشعارات لا تعي حقيقة ما تحتويه، ويمكن أن يخرج منها قيادي من قمة الهرم يكشف كل هذا الخواء الفكري.. قيل في ذلك:
    بلحك ناشف السوســـة بتخـش تضـارى وإن كانت رطب فســـدت تعادي الجارة
    خلي صفوفك المرصوصة ما خرخــارة لا يجيك اليخرقك لا جبــــان يتـــــوارى
    كثيرون يدركون مدى الجهد الذي تبذله قيادة الحزب في هذا الصدد، ووجود قيادات واعية ومطلعة وصلدة، وآلاف الكوادر الذين يهضمون فكر الحزب ويخرجونه ثمرات تتكشف في إبداعاتهم وفي سكناتهم.. ولكن خروج جماعة سوبا يجب أن يجعلنا ندق أجراس الخطر.. فكيف يصل من ذلك شأنه الفكري والمبدئي إلى ما كان وصل إليه؟!.. أم كما يقول بعض أهلنا "الإنسان بخلق مرتين"!.. أو ما جاء في الحديث عن الرسول  " إِنَّ الْقُلُوبَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ " .
    .. وندعو أن يا مقلب القلوب، ثبت قلوبنا على طريق الحق، وجنبنا اتباع الهوى، وارفع هذه البلاد وانفعها بالثابتين على العهد.. آمين.

    المحتويات
    الموضوع رقم الصفحة
    إهداء
    تصدير بقلم الأستاذ محمد عبد السيد 4
    مقدمة المؤلفة 5
    الفصل الأول: مسلسل الاختراق: الحلقات الأولى 8
    ردود الفعل على قرار المشاركة 18 فبراير 2001م 9
    المذكرة الأربعينية مايو 2001م 10
    الحملة الصحفية ديسمبر 2001م 11
    مذكرة رئيس القطاع السياسي مارس 2002م 13
    لجنة تقويم الأداء ومراجعة قرار المشاركة 15
    الفصل الثاني: الحلقة الأخيرة.. تجمع سوبا. 17
    من الناحية التنظيمية 19
    من الناحية اللوجستية 20
    أدبيات سوبا 20
    كلمة اللجنة المنظمة 20
    ورقة مبارك المهدي 20
    ورقة نجيب الخير 25
    ورقة قضايا البيئة 26
    ورقة البترول 26
    ورقة الزهاوي 26
    ورقة الخدمات 26
    ورقة الهيكل التنظيمي 26
    البيان الختامي 26
    شعارات "المؤتمر" 29
    الشعر في "المؤتمر" 30
    الأثر على الجماهير 33
    الفصل الثالث: اتفاق سوبا وتحليله على ضوء مرجعيات حزب الأمة. 34
    خلاصة اتفاق سوبا 2002م مع المؤتمر الوطني 35
    مرجعيات حزب الأمة حول الاتفاق مع النظام 35
    نداء الوطن 35
    قرار 18 فبراير 2001م 36
    قرار 8 أبريل 2002م 37
    تحليل الاتفاق 37
    الفصل الرابع: المسألة التنظيمية. 40
    الباب الأول: التنظيم من 1945-1989م 41
    الباب الثاني: التنظيم منذ 1989 وحتى الآن 45
    التنظيم الاستثنائي (1989-2000) 45
    تنظيم الداخل 45
    تنظيم الخارج 46
    التنظيم الاستثنائي بالخارج 89-97 46
    التنظيم الاستثنائي بالخارج 1997-2000 51
    التنظيم المرحلي (2000-2003) 53
    لجنة التنظيم وتوسعة التشاور 53
    اجتماعات الداخل والخارج في فبراير 2000م 53
    ورشة التنظيم التخصصية 2 يوليو 2000م 54
    اجتماعات يوليو أغسطس 2000م 54
    منشور البيان السياسي لمرحلة التحول 56
    العودة تفلحون نوفمبر 2000م 59
    المؤتمر العام المزمع في يناير 2003م 59
    الفصل الخامس: مرجعية الستينيات والتسعينيات 61
    ضلال التشبه بانشقاق 1966م 63
    ضلال التشبه بانقسام المؤتمر الوطني 65
    حساب الانسلاخيين 66
    حسابات حزب الأمة 67
    الفصل السادس: حجج سوبا 2002م والرد عليها: 69
    الحجة الأولى: تطوير لا تنظير. 71
    الحجة الثانية: الإصلاح 72
    الحجة الثالثة: التجديد الحزبي 76
    الحجة الرابعة: عدم فاعلية الحزب 77
    الحجة الخامسة: لا قداسة في السياسة 80
    الحجة السادسة: العجز المالي للحزب 81
    الحجة السابعة: المشاركة لخدمة الجماهير 82
    الحجة الثامنة: قرار لجنة الرقابة واحتجاجات السيد مبارك 82
    الحجة التاسعة: التحرك القومي 83
    الحجة العاشرة: رؤى حول إمامة الأنصار 84
    الحجة الحادية عشرة: ديكتاتورية الرئيس وأسريته 84
    خاتمة 87
    الدروس المستفادة 87
    المحتويات 90
    مراجع الكتاب 92
                  

العنوان الكاتب Date
حتى لا ننسى.. الاختــراق والانســلاخ في حــزب الأمــة القـــومي عمر عبد الله فضل المولى08-27-12, 08:17 PM
  Re: حتى لا ننسى.. الاختــراق والانســلاخ في حــزب الأمــة القـــومي عمر عبد الله فضل المولى08-27-12, 08:19 PM
    Re: حتى لا ننسى.. الاختــراق والانســلاخ في حــزب الأمــة القـــومي عمر عبد الله فضل المولى08-27-12, 08:21 PM
      Re: حتى لا ننسى.. الاختــراق والانســلاخ في حــزب الأمــة القـــومي عمر عبد الله فضل المولى08-27-12, 08:22 PM
        Re: حتى لا ننسى.. الاختــراق والانســلاخ في حــزب الأمــة القـــومي عمر عبد الله فضل المولى08-27-12, 08:24 PM
          Re: حتى لا ننسى.. الاختــراق والانســلاخ في حــزب الأمــة القـــومي عمر عبد الله فضل المولى08-27-12, 08:26 PM
            Re: حتى لا ننسى.. الاختــراق والانســلاخ في حــزب الأمــة القـــومي عمر عبد الله فضل المولى08-27-12, 08:30 PM
              Re: حتى لا ننسى.. الاختــراق والانســلاخ في حــزب الأمــة القـــومي عمر عبد الله فضل المولى08-27-12, 08:32 PM
                Re: حتى لا ننسى.. الاختــراق والانســلاخ في حــزب الأمــة القـــومي عمر عبد الله فضل المولى08-27-12, 08:34 PM
                  Re: حتى لا ننسى.. الاختــراق والانســلاخ في حــزب الأمــة القـــومي عمر عبد الله فضل المولى08-27-12, 08:37 PM
                    Re: حتى لا ننسى.. الاختــراق والانســلاخ في حــزب الأمــة القـــومي عمر عبد الله فضل المولى08-27-12, 08:41 PM
                      Re: حتى لا ننسى.. الاختــراق والانســلاخ في حــزب الأمــة القـــومي عمر عبد الله فضل المولى08-28-12, 07:19 AM
                        Re: حتى لا ننسى.. الاختــراق والانســلاخ في حــزب الأمــة القـــومي ahmed haneen08-28-12, 08:10 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de